فريال كريم: حبنا لفريد الأطرش حطمنا. .!

عبد الجبار العتابي من بغداد: بدأت في حديثي مع الفنانة العراقية فريال كريم بسؤال تقليدي عن الشيء الذي جذبها الى التمثيل او الفن بشكل عام ، وقد اجابت عن السؤال بشيء من التفصيل ، ولكن ما استوقفني في الجواب قولها .. ان والدها (ضربها) حين وجدها وهي الطفلة في الصف الثالث الابتدائي (في الثامنة من عمرها) تكتب على دفترها المدرسي كلمات اغنية للمطربة سميرة توفيق وطلب منها ان تكتب كلمات اغنية للمطرب فريد الاطرش!!
ومن هذا الاستغراب الذي انتابني وابتسمت له ، دخلت معها في حالة فضول ان اعرف لماذا منعها من كتابة اغنية لسميرة توفيق التي كان صوتها في ذلك الوقت مالئا الساحة ، ولماذا يريدها ان تكتب لفريد الاطرش لاسيما انها طفلة وتأثير اغنيات سميرة فيها اكثر من اغنيات فريد ، وحين رأت علامات اندهاشي راحت تشرح لي تفاصيل ما حدث والتي ادت الى اكتشاف سر علاقة عائلتها بالمطرب الراحل فريد الاطرش ، تقول فريال: في يوم وكنت تلميذة في الصف الثالث الابتدائي كنت استمع من الاذاعة الى اغنية لسميرة توفيق هي (صبوا هالقهوة وزيدوها هيل) وكنت اكتب كلمات هذه الاغنية على دفتري المدرسي ، ودخل والدي (الله يرحمه) ،ولكني استمريت في الاستماع وكتابة كلمات هذه الاغنية الجميلة ، وحين انتبه الي وشاهدني كذلك ، قام وضربني مانعا اياي من ذلك!! ، وقال لي اذا اردت ان تكتبي كلمات اغنية فأكتبي لفريد الاطرش ، ولانني صغيرة فلم اكن اهتم للامر وربما لا اعرف من هو الاطرش ، وتضيف فريال : وذات يوم طلبت مني المعلمة نشاطا مدرسيا فلجأت الى والدي ليساعدني فيه ، فكتب لي كلمات اغنية (يا جميل..يا جميل) لفريد الاطرش!! واستغربت ما فعل ، ولكنني لم اسأل .
وتستطرد في حديثها قائلة : ومرت السنين وكبرت وصرت افهم وعرفت السر في ذلك وقد وجدت العائلة كلها تعشق فريد الاطرش بشكل غريب ولا يصدق ، وبصراحة يمكن ان اقول ان حبنا لفريد الاطرش حطمنا وجعلنا مثاليين جدا ، وتأثرت بأفراد العائلة وصرت مثلهم لا اسمع سوى اغاني فريد ولا اشاهد الا افلامه ، وهو الذي دفعني الى التمثيل فيما بعد وقد جذبتني اليه مخيلتي التي تجعلني اتصور نفسي البطلة في افلامه ، وفي غرفتي اؤدي دور الممثلة التي معه واحفظ كل ما تقوله وما يقوله هو ، حتى انني كرهت ابي ذات يوم وتعاتبت مع الله بسببه ، فالذي يأتيني منه اذى يترك بصمة كره في قلبي ، ما عدا فريد الاطرش فانه المخلوق الوحيد الذي لا يشوب حبه اي شيء اخر من المشاعر، والمخلوق الوحيد الذي لم تمس حبه في قلبي اي مشاعر اخرى نهائيا فكنت اتألم لالمه واحزن لحزنه على البعد وابكي ، واخباره معنا من خلال المجلات المصرية التي كانت تدخل البيت من اجله ، حتى انني فسخت خطوبتي من احدهم لانه تحدث عن فريد الاطرش بشكل سيئ فبكيت فأنهيت الخطوبة ولم اعد اليه .
تقول فريال : سألت ابي ذات مرة لماذا نحب فريد فقال : بابا .. الفنان دون الرسل بدرجة وفوق الانسان بدرجة لانه شعلة تضيء للانسانية ، وقلت له : قد تضربني حينما ترى على مكتبي صورة شخص ما ، ولكن فريد لا ؟ ، قال : لان فريد الفنان .
لذلك انا فتحت عيوني على (فريد) ، اخي اسمه( فريد) واختي (فريدة) وحينما استشهد اخي فريد عام 1986 وجاءنا طفل اسميناه (فريد) ايضا ، وابنتي الفنانة (عبير) منحناها اسما فنيا فيه اسم فريد وهي الان معروفة (عبير فريد ) .
وتستذكر فريال: اول ما فطنت على الحياة كانت امي تقودنا ونحن صغار وتذهب الى دور السينما حتى لو استدانت (40) فلسا من عمتي لنذهب بها الى فيلم لفريد الاطرش وكانت سنوات الخمسينات عالم فريد الاطرش واذكر انه كان يقال اذا ما احد نسى احدا (ها..ألهاكم فريد الاطرش) كما اذكر كلمة قالها جندي عراقي في فلسطين لاهله الذين قلت رسائلهم اليه ، قالها بمشاكسة
(ها نسيتوني .. الهام فريد الاطرش عني) ، لقد امتلك فريد حياتنا ومازال وما زالت اغانيه تصدح في رحابنا ، وانني مع اول نغمة يمكن لي ان اقول لك اسم الاغنية او اعرف انها لفريد او لغيره ، وما زلنا نستذكر ذكرى رحيله عام 1975 ، وقد كان ذلك اليوم شيئا لايصدق لنا ، انه اصبح شيئا ملازما لنا ولا فكاك منه ابدا .
وفي ختام حديثها قالت : كنت قد حفظت شعرا للشاعرعبدالله الفيصل ، وانا ما زلت في الدراسة الابتدائية ومازال معي الى هذه اللحظة يقول فيه : (غنى الفريد فأحكم الاوزانا ، والعود فاض عواطفا وحنانا / فكأننا في ارض مكة سجدا / وكأنه وحي الاله اتانا ) .