الباعة المتجولون يقتلون جمال جامعة الفقراء في مصر
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الباعة المتجولون يقتلون جمال جامعة الفقراء في مصر
أشرف أبوجلالة من القاهرة: سور الأزبكية ، الذي يقع بحي العتبة في وسط القاهرة ، يأتي علي رأس المحاور الثقافية المصرية ويعد أقدم وأشهر سوق للكتب في القاهرة ، برغم بساطته الشديدة في أسلوب بيع وشراء وعرض مئات الآلاف من الكتب أمام عشاق الثقافة والفكر من المواطنين المصريين بمختلف أعمارهم وطبقاتهم الاجتماعية. كما يعد السور مقصداً لجميع الباحثين عن الكتب القديمة التى لم تعد تطبع الآن ، وكذلك للراغبين في شراء الكتب بثمن زهيد والأطفال الراغبين في شراء مجلات التسلية دون أن يرهقوا كاهل أسرهم بمزيد من المصروفات. وقد بدأ هذا المكان كسوق للكتب القديمة والتراثية حتي أضحى مع مرور الوقت واحدًا من أهم المعارض المفتوحة لبيع الكتب في مصر.
"إيلاف " قامت مؤخرا ًبتفقد المكان ، الذي أطلق عليه الأديب "سليمان فياض" في برنامجه الإذاعي "من سور الأزبكية" قبل 20 عاما اسم " جامعة الفقراء "، بعد التغييرات الكبيرة التي بدلت تفاصيله كلية ً علي مدار الـ 45 يوما ً الماضية ، نتيجة أعمال الحفر والبناء الحكومية التي تتم إلي جوار السور مباشرة ً وهي الأعمال الخاصة بإنشاء خط مترو الأنفاق الثالث والذي سيمتد من مطار القاهرة الدولي وصولا إلى منطقة إمبابة بطول يبلغ حوالي ٣٠ كيلومتر ومن المتوقع افتتاحه في 6 أكتوبر 2011 .
يقول عم خميس حمدان أحمد ، واحد من ابرز الباعة الموجودين هناك ، أن السور بكل ما يتميز به من خصوصيات ثقافية وأدبية ، بات يتعرض لموجة غير مسبوقة من المشكلات التي تهدد بقتل جمال أحد معالم القاهرة الثقافية ، ليس لما يقدمه من كتب ذات قيمة كبيرة بل للارتباط الوثيق الذي بات يربط بينه وبين كثير من هواة الفنون والأدب والعلوم.
ويضيف عم خميس ، كما يناديه أصحاب المحلات المجاورة له ، أن السور يمر الآن بمرحلة عصيبة برغم المحاولات المضنية التي يبذلونها مع مسؤولي حي الموسكي ومحافظة القاهرة منذ أربعة أشهر لاستكمال باقي الإنشاءات اللازمة لتوفير الحماية والخصوصية للسور خاصة ً بعد أن تم إزاحتهم من مكانهم مسافة تتراوح ما بين 35 إلي 45 متراً لتوفير مساحة كافية للأعمال الإنشائية الخاصة بخط المترو الجديد.
وأوضح عم خميس :" نحن لا نعترض علي مشروع إنشاء الخط الثالث لمترو الأنفاق ، فهو مشروع قومي وحضاري كبير ، وأبدا لن نتأخر في أن نقدم اليد العون له، إن طلب منا ذلك. لكن يجب أن نوفر الحماية لتلك المكتبات الجديدة المصنوعة من الخشب والارابيسك والزجاج والتي وفرتها لنا الحكومة وهم 133 مكتبة على الطراز الإسلامي تكلفتهم تصل إلى 3 مليون جنيه قيمة الواحدة منها تبلغ 23 ألف جنيه مصري، فالعوادم والأدخنة والحرارة التي تنبعث من المعدات الخاصة بإنشاء خط المترو كفيلة بإهدار جمال الشكل الخارجي للسور ، وإلا لما كان إنفاق كل هذه الأموال. ونحن لا نطالب إلا بتوفير مظلة كبيرة فوق المحلات الموجودة بالسور لحمايتها من تلك الإنبعاثات الضارة ".
وبسؤاله عن وجود معوقات أخري يعاني منها السور ، قال عم خميس " هناك مشكلة أخري تفوق في خطورتها الإنبعاثات الناتجة عن إنشاء خط مترو الأنفاق الجديد ألا وهي مشكلة الباعة المتجولين الذين يتراصون حول المحلات بشكل مكثف وبخاصة في المساء ، ما يؤدي لإحداث حالة شديدة من الزحام الأمر الذي ينتج عنه اصابة المارة بالضيق ويجعلهم أكثر رغبة في الخروج من تلك المنطقة المزدحمة بأسرع شكل ممكن كي يتنفسوا الصعداء ، حتي وان كانوا يرغبون في شراء الكتب ، أقولها صراحةً أن هؤلاء يقتلون جمال السور ويفقدونه رونقه ، رغم أني ألتمس لهم عذر "أكل العيش" ولهذا ننادي بإعادة هيكلة التنظيم داخل المنطقة".
كما ضرب عم خميس المثل بأن معارض أو أسواق الكتب بالخارج عادة ً ما تلقي معاملة أفضل ، ففي فرنسا هناك مكان مخصص لهذا المعرض وفي إنكلترا هناك معرض كتب شهير أمام مجلس العموم البريطاني ، ما يدلل - علي حد قوله - علي احترام الكلمة وقارئها. وأشار في الوقت ذاته إلي ان الطلب متزايد الآن علي الكتب الدينية بشكل أكبر بحكم أننا في شهر رمضان الكريم ، لكن هذا لا يمنع من أنها متداولة في باقي أعوام السنة وتأتي كتابات الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل والكتاب يوسف السباعي وعبد الوهاب المسيري وأنيس منصور علي رأس قائمة الكتب الأكثر مبيعاً .
وعن خطر سحب الكتب الإلكترونية للبساط من تحت أقدام الكتب الورقية ، أكد عم خميس علي أن هذا الأمر مستحيل الحدوث فمن وجهة نظره يري أن الفكر والتراث الحقيقي يبقي دائما في الورق المطبوع وليس في مجرد اسطوانة ، مذكرا ً بعدم جدوي تجربة تلك النوعية من الكتب في معرض القاهرة الدولي العام الماضي حيث لم تجذب الأنظار كما حدث مع الكتب الورقية من قبل رواد المعرض.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
حافظوا عليه
خالد جمال - القاهرة -ولمن لا يعرفه من المصريين وغير المصريين، فإن سور الأزبكيةالقديم كان أجمل وأمتع مكان يمكن للإنسان أن يقضي فيه عدة ساعات دون أن يشعر بالوقت. فالمتعة لا تقتصر على استعراض آلاف العناوين والإصدارات للمطبوعات القديمة والحديثة بمختلف أنواعها، بل تتأصل تلك المتعة بكون معظم هذه الكتب هي كتب مستعملة، تداولها ربما عدة أشخاص على مر عشرات أو مئات السنين، مما يطلق للخيال العنان عما فعل هذا الكتاب أو ذاك بمن استمتعوا قبلك بقراءته، وعما آل إليه حالهم اليوم. وغالباً ما ستجد في طيات تلك الرزم من الكتب ما يدق لك ناقوس الذكريات، إذ ربما تجد كتاباً مدرسياً أو مجلة كنت قد مررت بها أيام طفولتك. أرجو الحفاظ على سور الأزبكية في القاهرة بشتى السبل والوسائل، وعلى كل سور أزبكية في أية دولة عربية، فهي ليست فقط جامعات للفقراء، بل وللأثرياء أيضاً.