الطلب الصيني على العاج يهدد أفيال افريقيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تحظر التجارة في العاج منذ 1989 بعد عقود من الصيد الجائر الذي أدى الى انخفاض عدد افيال افريقيا الى النصف اذ بلغ عددها 600 الف فقط في 1997 وفقا لتقديرات جماعات حماية البيئة.
نيروبي: داخل مبنى قذر في مدينة قوانغتشو تعكف مجموعة صغيرة من العمال الصينيين المهرة على تقطيع أنياب من العاج بالازاميل وتحويلها الى منحوتات دقيقة مثل التي كان يقدرها أباطرة الصين.
وكان عشق التحف المصنوعة من العاج وراء ابادة القسم الاكبر من الافيال الافريقية والاسيوية حتى عام 1989 عندما تم حظر تجارة العاج. واليوم زاد الطلب على العاج الافريقي مع نمو الاقتصاد الصيني وما صاحبه من شهية نهمة على ما يبدو من جانب طبقة الاغنياء الجدد لاقتناء رموز تدل على المنزلة الرفيعة.
وتبدو البصمة الصينية جلية ومتنامية في جيوب نائية بافريقيا مثل منطقة تسافو ايست في كينيا حيث تهيم زرافة بتكاسل فوق مادة لتعبيد الطرق وضعها عمال صينيون لتوهم وفي بلدات تجارية مزدحمة على ضفاف نهر النيل في السودان حيث يقايض الصينيون على العاج ويشترونه علانية.
وقال ايسموند مارتن أحد الناشطين في مجال حماية البيئة والذي يراقب التورط الصيني في السوق السوداء لتجارة العاج "ينتشر الصينيون في كافة أنحاء افريقيا ويشترون العاج سواء كان منحوتا أو في صورته الاولية."
ويتابع "في اخر مرة كنت فيها في الخرطوم أو أم درمان وجدت أن الصينيين اشتروا نحو 75 في المئة من كل العاج المباع."
وفي تقرير صدر عام 2007 ذكرت معاهدة التجارة الدولية في الانواع المهددة بالانقراض التي تراقب التجارة العالمية في الحياة البرية ان الصين تواجه "تحديا رئيسيا" فيما تستمر في وضعها "كأهم مقصد في العالم للعاج غير المشروع" وهو ما يتفاقم جزئيا بسبب تمدد نفوذ بكين وعلاقاتها مع افريقيا.
وتقول وكالة التحقيقات البيئية ومقرها لندن انه ألقي القبض على مواطنين صينيين وأدينوا بتهريب العاج في افريقيا كما أن عصابات الجريمة المنظمة ضالعة في جلب كميات هائلة من العاج بصورة غير مشروعة الى الصين.
وفي محاولة مثيرة للجدل لوقف الصيد الجائر سمحت معاهدة التجارة الدولية في الانواع المهددة بالانقراض العام الماضي بتصدير 62 طنا من انياب الافيال الى الصين بطريقة قانونية. واستورد الشحنة تجار صينيون عن طريق مزادات.
وفي ذاك الوقت عبر الان ثورنتون من وكالة التحقيقات البيئية عن القلق من أن الصفقة ستغذي اقبالا كبيرا على العاج في الصين. وأبلغ صحيفة تلجراف "في دولة عدد سكانها 1.3 مليار نسمة سيكون حجم الطلب على العاج من واحد في المئة من السكان هائلا."
وأشارت الامانة العامة لمعاهدة التجارة الدولية في الانواع المهددة بالانقراض في جنيف الى تورط رعايا صينيين يعيشون في افريقيا منذ أمد طويل في هذه التجارة على نحو كبير فيما كان عدد كبير من مهربي العاج الذين ألقي القبض عليهم مؤخرا من سكان الصين الام.
وبينما تنفذ معظم الدول الحظر على العاج سمح للصين واليابان مؤخرا بشراء العاج من أفيال لم تتعرض للصيد الجائر في عدة بلدان افريقية في خطوة استهدفت جمع أموال لحماية البيئة والحد من عمليات الصيد الجائر بهدف الحصول على العاج مع تدفق مطرد لانياب بأسعار أرخص.
وداخل الصين قال مسؤولون ينظمون تجارة العاج المحلية انه لم تحدث زيادة واضحة في استهلاك العاج في ضوء القوانين والضوابط الصارمة التي تقصر بيع العاج وتصنيعه على نحو 130 موقعا في أنحاء البلاد.
ومع هذا تمت الموافقة هذا العام وحده على افتتاح 37 متجرا اخر كمنافذ رسمية لبيع العاج.
كما أن هناك مؤشرات موحية على أرض الواقع.
ففي سوق التحف بقوانغتشو يبيع عدد كبير من المحال الصغيرة علانية العاج غير المشروع في صورة حلي أو أنياب منقوشة.
وقالت احدى التاجرات ولقبها وو طلبت 8000 يوان (1172 دولارا) مقابل رأس صغير من العاج على شكل بوذا "يمكنني أن أحضر لك ما تشاء. لتأت في وقت لاحق بعد الظهر."
وقال وان تسيمينج مدير ادارة تطبيق القانون والتدريب في معاهدة التجارة الدولية في الانواع المهددة بالانقراض بالصين "هناك علاقات اقتصادية وثيقة خاصة تربط قوانغتشو بافريقيا وينتشر عشرات الالاف من التجار الافارقة هنا وبالتالي لا يمكننا ان نستبعد احتمال انهم يجلبون العاج معهم."
وأضاف وان "أصبحت قوانغتشو مركزا لتهريب العاج."
وترفض المعاهدة مزاعم الجماعات الحقوقية بان السيطرة على مبيعات العاج فاقمت التجارة غير المشروعة وتقول بدلا من ذلك أن مستويات الصيد الجائر ترتبط أكثر بمشكلات الحوكمة وعدم الاستقرار السياسي في المناطق الافريقية.
ولكن البروفسور تشو هونجفا المدير الصيني لشبكة مراقبة التجارة في الحياة البرية قال ان هناك حاجة لتحسين انفاذ القوانين في أنحاء الصين مع وجود أدلة على تسرب عاج مهرب عبر الصين الى أماكن بعيدة مثل التبت.
في الوقت نفسه يأمل النحاتون الصينيون المتعطشون منذ سنوات للحصول على عاج افريقي جديد في أن يبقي توفر العاج مؤخرا على حرفتهم القديمة.
وقال لي دينجنينج (77 عاما) الذي رأى صناعة العاج التي ازدهرت يوما في قوانغتشو تتوارى بحيث لم يعد يمارسها سوى 100 نحات كان هو احدهم " سيساعدنا هذا على البقاء.
"فقط لو حصلت على المواد الخام سيتعلم الناس (نحت العاج). واذا لم تحصل عليه سيبحث الجميع عن حرفة أخرى".