مئذنة مسجد باريس الكبرى لا تثير اعتراض احد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
باريس: بينما يثير الموضوع جدلا في سويسرا واوروبا، ترتفع في باريس منذ ما يناهز مئة عام مئذنة على شكل برج مربع يبلغ ارتفاعه 33 مترا منسجمة مع محيطها في حي راق في قلب العاصمة الفرنسية.
ويقول باسكال (50 عاما) "المسجد؟ لقد كان دائما هنا مع حديقة النباتات وحلبات باريس الرومانية" معددا الاماكن السياحية لهذا الحي الواقع في الدائرة الخامسة.
وعلى مرمى حجر من الحي اللاتيني، ملتقى المفكرين والمثقفين الباريسيين منذ فترة طويلة، تبدو التوترات التي تسود بعض الضواحي المحرومة حيث يعيش عدد كبير من المسلمين، بعيدة تماما عن هذا المكان شانها شان التراشقات السياسية الساخنة او الجدل الواسع الذي اطلقته الحكومة بشان الهوية الوطنية.
ويوضح سليمان نادور مسؤول الاتصال والاعلام في مسجد باريس ان "هذا المسجد ولد من رغبة سياسية قوية: رغبة فرنسا في تمجيد كل الجنود المسلمين الذين سقطوا في الحرب العالمية الاولى".
ففي 19 تشرين الاول/اكتوبر 1922 دشن المارشال اوبير ليوتي الخبير الاستراتيجي العسكري والوجه الذي يعتبر رمزا للاستعمار الفرنسي للمغرب، رسميا ورشة بناء ما سمي لاحقا مؤسسة مسجد باريس.
وقال المارشال "عندما تعلو المئذنة التي ستشيدونها في السماء ستنظر اليها بعين الغيرة الابراج الكاثوليكية لكنيسة النوتردام".
وفي اليوم نفسه وباسم نواب العاصمة اشاد مستشار باريس بول فلورو بمولد "نصب تذكاري شيد تخليدا لذكرى الجنود المسلمين الذين سقطوا من اجل فرنسا".
ويتداخل المسجد مع المباني الباريسية القديمة المجاورة بحيث يصعب على سكان الحي تخيل انه يحتل مساحة هكتار من الاراضي بقاعات الصلاة والمكتبة وصالون الشاي وحدائقه الاندلسية الطراز.
ويؤكد سليمان نادور ان مسجد باريس الكبير مصنف "اثرا تاريخيا" وانه لم يكن في اي يوم من الايام موضوع شكوى من جيرانه "حتى في ايام الاعياد".
واوضح ان المسجد هو مكان للصلاة يمكن ان يستوعب "حتى عشرة الاف شخص" لكنه ايضا ملتقى لتبادل الاراء كما يستقبل يوميا العديد من طلبة المدارس ومن السياح المهتمين بالتاريخ الاسلامي. ويضاهي عدد المصلين المؤمنين عدد السياح العلمانيين المولعين بالحضارة الشرقية.
واذا كان مسجد باريس التاريخي في منأى عن الجدل السويسري فان مديره دليل بوبكر يرى في الاستفتاء الشعبي السويسري ضد المآذن "رسالة قلق وخوف" تدعو للتساؤل عن "الطريقة التي ينظر بها الى الاسلام في الدول الاوروبية" ومن بينها فرنسا التي تضم ما بين 5 الى 6 ملايين مسلم.
ونظرا لانه بني قبل موجات الهجرة الكبرى لم يكن مسجد باريس بالتاكيد موضعا للنقاشات المحتدمة التي يمكن ان تنشب احيانا حول اقامة قاعة للصلاة في بعض المدن او الضواحي الفرنسية.
ويقول انطوان كوريل (74 سنة) وهو من سكان الحي "المهم ليس المئذنة وانما الرسالة التي توجهها" مؤكدا معارضته "لاي تطرف ديني".
ويعرب هذا الفرنسي الارجنتيني الاصل عن الاسف "لقصر نظر المجتمع".
وفي شارع خلفي يقول روبير (82 سنة) انه لا يؤيد بناء مسجد جديد في الحي لكنه لا يتمنى "على الاطلاق" زوال هذا المسجد.
ويروي هذا الموظف القديم "منذ سنوات رايت من جديد فرنسيا يهوديا من رجال المقاومة كان قد اختبأ في المسجد خلال الحرب (1939-1945) فكتبت له النجاة". ويضيف "هنا ايضا تاريخنا المشترك. وهي اشياء لا نتحدث عنها بالشكل الكافي".