رغم الأزمة المالية.. برج دبي على أبواب الافتتاح

على الرغم من الأزمة المالية التي تمر بها إمارة دبي فإنه سيتم افتتاح أطول ناطحة سحاب في العالم في الإمارة قريبا. لكن السؤال يظل مطروحا: هل أن برجدبي تعبير عن قدر من أوهام العظمة أم عن صفة رؤية مدهشة يمتلكها الشيخ محمد بن راشد المكتوم؟

لندن: المشهد واضح، والهواء ناعم كالحرير وليس هناك سوى شريط سميك أحمر يفصل السماء والبحر عند الغروب. فالحدود ما بين الروعة والعادية تختلط هنا في منتصف الطريق قبل بلوغ قمة برج دبي.

وحسب صحيفة دير شبيغل فإن رائحة الطلاء والوارنيش والجلد الجديد ملموسة كما أن خطوات الزائرات خلال خطوهن فوق الرخام يعكس صدى قويا لكنه لا يوشك أن يختفي عند انتقالهن إلى سجادات ناعمة تغطي أرضية الطوابق في البرج. كذلك يمكن مشاهدة جزيرة اصطناعية في هيئة نخلة من الجانب الجنوبي الغربي ووراءها إلى الشمال هناك جزر مصنوعة بشريا وتظهر في هيئة خارطة للعالم.

لكننا إذا كنا نواجه أشياء حقيقية كالأثاث والسجاد والروائح والأصوات فإن البقية لا تعدو أن تكون وهما. فالزائر لا يحدق إلى الخليج من ارتفاع 400 متر بل هو واقف في طابق أرضي داخل قسم يقدم نموذجا مع جداريات عملاقة تمتد من قاعدة جدرانه إلى نوافذ السقف داخل بناء مغلق تماما عن العالم الخارجي.

ويقع المبنى الخاص بالنموذج داخل مكتب مؤسسة إعمار للعقارات التي أغلقت أبوابها أخيرا وتعد هذه الشركة القوة الفاعلة وراء بناء برج دبي كذلك فإنها وسعت نفسها كثيرا لتقوم بمشاريع بناء تمتد من الهند إلى المغرب وهي الآن تبيع بعضا من عقاراتها بأسعار تصل إلى نصف ما هو مطلوب في قوائم البيع بعد هبوط قيمة أسهمها بنسبة 32% ثم استرجعت 5% من قيمتها يوم الخميس ما قبل الماضي.

وشركة إعمار حالها حال المدينة بأكملها على حافة الهاوية ومع ذلك تتصرف وكأن شيئا لم يحدث. وترى الصحيفة الألمانية أن دبي التي لا تشبه أي مكان آخر في العالم تجسد "العولمةوالابتكار والتقدم المثير للدهشة" كما وصفها الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه الموجه للعالم الإسلامي في القاهرة خلال شهر حزيران الماضي، لكنها تعبر عن المبالغة التي ينقصها التفكير الحصيف. ففي دبي تبدو العوالم الطوبائية حقيقية أحيانا والواقع يبدو أحيانا أقرب إلى السراب.

يمكن القول إن البرج حقيقي، فمع طوابقه البالغ عددها 160 طابقا ويرتفع في السماء لـ 818 مترا. وعلى السياح أن يجلسوا على ركبهم إن هم أرادوا تصوير البرج كاملا. ويمكن للبدو أن يروا البرج من على مسافة 100 كيلومتر أما البحارة من سفنهم التي تبعد 50 ميلا في البحر عن دبي.

ويسمح ارتفاع البرج إلى هبوط درجة الحرارة في قمته بمقدار 8 درجات مئوية أقل مما هي عليه في الأرضية. وإذا فكر أحد بفتح الباب باستثناء الطابق الأعلى على الخارج فإن كل شيء في الغرفة سيتحطم حتى بلاطات الرخام الثقيلة. ويذكّر حراس الأمن أمام المبنى أي شخص يقترب من موقع بناء برج دبي بالكلمة المكتوبة "غير مسموح به". لكن ذلك التقنين سينتهي يوم 4 يناير 2010 حيث سيتم افتتاحه بعد عدة تأجيلات. ويأمل المسؤولون أن يكون ممكنا استخدام كيلومترين من الموقع لاستقبال السياح.

وخلال يوم الثلاثاء ما قبل الماضي هبطت أسعار البورصة 6% أما السندات الإسلامية "صكوك" التي أصدرتها شركة "نخيل" بمقدار 52%. من جانب آخر أهبطت وكالة "مودي" تقييم ست شركات مرتبطة بالحكومات من حيث مدى موثوقيتها في دفع الديون.

وليس هناك الكثير من الخبراء من يشك أن مجموعة دبي العالمية ستكون قادرة على دفع ما عليها من فوائد على ديونها البالغة 26 مليار دولار خلال ستة أشهر. ويتوقع بنك مورغان ستانلي زيادة هائلة في الديون نتيجة لإعادة هيكلتها بحيث ستصل إلى 47 مليار دولار.

وكتبت صحيفة انترناشونال هيرالد تريبيون أنه "خلال سنة واحدة انتقلت دبي من كونها أفضل سوق عقارات في العالم إلى واحدة من أسوأ ما هو قائم في العالم". ومن المفارقة أن صحيفة وول ستريت جورنال التي تعد ممثلة للرأسمالية المحافظة قد حذرتمن الغرور الأميركي والأوروبي لحذف منطقة الخليج والعالم الثالث بشكل عام. وقالت إن "المراكز القديمة ترى دبي وشنغهاي وريو نماذج مبنية على الرمل وعلى وشك الانهيار بينما الاسس التي تقوم عليها تلك المراكز القديمة قد اثبتت أنها ضعيفة".