اسبانيا تطور عشوائيات منسية قرب مدريد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مدريد: لا كانادا ريال هي البلدة المنسية في اسبانيا. على بعد عشرين دقيقة من قلب العاصمة الاسبانية يعيش 40 الفا في مكان يركض فيه اطفال حفاة الاقدام بين الاكواخ ويحقن المدمنون أنفسهم بالمخدرات علنا في شوارع تملؤها القمامة فيما تمر من امامهم شاحنات ازالة القمامة حاملة مخلفات مدينة مدريد جارتهم القريبة.
ويقول مارو منينديث عضو الحزب الاشتراكي وهو يشير الى القمامة المتناثرة في أنحاء المكان الكئيب "هذا عار."
والان بعد مرور 40 عاما على تحويل مغاربة وغجر ومزارعين طريق رعي سابق الى موطن لهم قررت السلطات الاسبانية تنظيف ما يعتقد أنها اكبر مستوطنة غير شرعية في غرب أوروبا.
ويخشى كثير من السكان مما تخطط له الحكومة.
ويقول يوسف نجاح المغربي المولد (32 عاما) وهو ميكانيكي محركات يعيش في الجزء الذي يغلب على سكانه المسلمون من البلدة "لا نعرف شيئا عما ستفعله الحكومة هنا. اذا كانوا سيطردوننا ام لا."
وينبع خوفه من اتفاق أبرم في وقت سابق هذا الشهر بين المجالس المحلية لاعادة بناء لا كانادا وازالة اكثر أحيائها بؤسا.
وستدرج الشوارع الافضل في سجلات المجلس البلدي اما الاسوأ فستتم ازالتها بالجرافات لافساح الطريق لانشاء متنزه. وبموجب القوانين الحالية سيكون من حق الفقراء الذين يستطيعون اثبات أنهم عاشوا هناك في سلام لخمسة أعوام الحصول على منزل من المجلس.
ومستوطنة لا كانادا التي تنطق "كان يادا" هي زقاق اكثر منها بلدة حيث لا يتجاوز عرضها 72 مترا وهو العرض الذي كان مسموحا به بموجب مرسوم ملكي صدر قبل 700 عام قضى بانشاء ممرات متقاطعة للماشية طولها مئات الكيلومترات.
وتتراوح المنازل التي بنيت دون ترخيص على امتداد 14 كيلومترا قرب مدريد من الاكواخ المصنوعة من الورق المقوى الى الاكواخ الفاخرة وان كانت محلية الصنع الى فيلات بها أحواض سباحة.
الاب أجوستين رودريجيث الذي كان يعد عبوات من الاطعمة للاسر الفقيرة في كنيسته المكونة من طابق واحد قال ان عملية فحص المجالس لمنازل لا كانادا البالغ عددها 2000 منزل لتحديد من منها سيبقى ومن سيزال ستستغرق أعواما. والى ان يحدث سيظل السكان يعانون من أوضاع العالم الثالث.
لا توجد بالمنطقة مدارس او دور حضانة او مراكز صحية وهناك أجزاء لا توجد بها مياه جارية او صرف ولا يقوم المجلس بجمع القمامة او تنظيف الشوارع. ولم تعد الحافلة المحلية وهي وسيلة نقل ضرورية على الطريق السريع الى مدريد تتوقف هناك منذ أن بدأ يستخدمها مدمنو المخدرات في التعاطي.
وقال سلفادور الذي عاش في لا كانادا منذ عقود "يجب أن يخرجونا من هنا لانهم هنا لا يسمحون لنا بالحياة" مشيرا الى مجموعة من المدمنين امام منزله المبني من الطوب.
على مقربة حقن ملقاة على طريق الصعود الى كنيسة الاب اجوستين يركز حارس في الخارج نظره على رجلين نحيفين يرقدان تحت غطاء في الشمس الحارقة.
وقال أن الصليب الخاص بالكنيسة رسم بالطلاء على الحائط بعد أن سرق مدمنون اخر صليب خشبي لها واستخدموه لاشعال النار.
وقال القس (51 عاما) "الامور ساءت كثيرا في الاعوام الخمسة او الستة الماضية بسبب المخدرات.
"قد تجد هنا أشخاصا محاصرين ليس لديهم سبيل للخروج والحياة في مكان اخر."
وأشار الاب اجوستين الى ان كل الهيروين والكوكايين والحبوب غير المشروعة الاخرى تقريبا التي يجري تعاطيها في مدريد تأتي من لا كانادا وقدر عدد الصفقات التي تتم هناك كل يوم بنحو 12 الفا.
وهناك بعض المناطق الافضل.
ومنزل هدى اكريكيث مبني جيدا به هواء طيب ومياه جارية وكهرباء والى جواره يقع مسجد صغير ومركز ثقافي. غير ان المجتمع غاضب من المدمنين الذين يستغلون حدائقهم في حقن انفسهم بالمخدرات كما يشعرون بالاستياء من تخلي الدولة عنهم.
وقالت الام البالغة من العمر 21 عاما "يفترض أن القانون الاسباني ينص على أن يكون في كل حي مركز صحي لكن هنا لا يوجد اي منها ولا مدارس ولا دور حضانة."
ولا كانادا حالة متطرفة. غير أن فيكتور رينيس رئيس قسم الابحاث بمؤسسة كاريتاس الخيرية في اسبانيا يقول ان هذه المحنة تسلط الضوء على قضية الفقر الاوسع نطاقا في اسبانيا وخاصة نظام الرعاية الاجتماعية الذي لا يحمي الفقراء.
وقدرت كاريتاس ان نحو نصف مليون أسرة اسبانية لا تملك دخلا لا من العمل ولا من المزايا الحكومية وأن ما يصل الى 675 الف أسرة تعيش في فقر مدقع.
وقالت المؤسسة الخيرية انه بعد 15 عاما من النمو الذي بلغ متوسطه 3.2 في المئة في العام تراجع اقتصاد اسبانيا تراجعا حادا وأصبح واحد من كل ثلاثة أشخاص يعيشون على حد الكفاف وهم من يتقاضون أجورا منخفضة او العمال غير المهرة بعقود مؤقتة.
وفي حالة لا كانادا يقول رينيس انه يظن أن السلطات تعد ببذل مزيد من الجهد مع تسارع اتساع نطاق العاصمة لتلتحم مع المستوطنة العشوائية. وباتت ما كانت من قبل نقطة بعيدة منطقة على الجانب الاخر من قضبان السكك الحديدية.
وأضاف "تجد نفسك هنا حيث لا يزال من الممكن الاستقرار والحياة ...على الهامش حيث تتحملك المدينة...الى أن تصل المدينة وتصطدم بك ثم لا تعود مقبولا بعد ذلك."