الولايات المتحدة وروسيا: معا إلى المريخ؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
موسكو: اقترح نائب رئيس إدارة برامج الرحلات المأهولة لوكالة "ناسا" في روسيا مارك بومان إرسال بعثة مأهولة إلى المريخ بالشراكة مع روسيا، وذلك أثناء المؤتمر الدولي للطيران الفضائي في موسكو. وأوضح المسؤول الأميركي أن "الرحلة المأهولة إلى المريخ تقتضي توظيف طاقم دولي والإنجازات العلمية التي تم تحقيقها في إطار مشروع المحطة الفضائية الدولية. وستقوم الوكالتان "ناسا" و"روس كوسموس" بالإشراف على التحليق، ولكن بمشاركة الوكالات الفضائية الأخرى".
إن قضايا استكشاف الفضاء مازالت تحظى بالأولوية في الميزانية الروسية، كما ظلت روسيا رائدة في صف الدول التي تقوم بأنشطة فضائية متعددة الاتجاهات. ومع ذلك هناك نوع من التباطؤ في تنمية الملاحة الكونية الوطنية وانخفاض القدرة التنافسية لقطاع الفضاء الروسي.
ويعتبر العديد من العلماء والخبراء إرسال الرحلة المأهولة إلى المريخ وإنشاء قاعدة دائمة على الكوكب من الاتجاهات الأساسية للنشاط الفضائي في العقود الأولى من القرن الـ21 الحالي. خاصة، وكان عدد المركبات الفضائية الأتوماتيكية التي أُرسلت إلى المريخ في ازدياد مستمر على مدى السنوات الأخيرة.
يذكر في هذا الصدد أن الكاشف الروسي الحساس للنيترونات المركب على مسبار الفضاء الأميركي "مارس أوديسي 2001" لم يؤكد وجود المياه على المريخ فحسب، بل واكتشف توفر احتياطات كبيرة منها. حسب الاستشعار الراداري الذي جرى بواسطة مركبة "مارس إكسبريس" التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، هناك احتياطات كبيرة من الثلوج في منطقة القطب الجنوبي للكوكب. في حالة ذوبان هذه الاحتياطات، فإن طبقة من المياه سمكها 11 مترا ستغطي كامل سطح الكوكب. ويبدو أن هذا المحيط كان سائلا منذ 100 ألف عام فقط. حياة البشر العاقلة قد بدأت على الأرض في ذلك الوقت.
وهناك اكتشاف آخر لا يقل أهمية قام به الباحثون الذين تعاملوا مع مركبة "مارس إكسبريس"، إذ عثروا بواسطة مقياس الطيف الفضائي "فوريه" - الذي شارك الخبراء الروس في تصميمه - على كميات هائلة من الميثان في الغلاف الجوي للمريخ. هذا الميثان - بالمناسبة - قد تكون له أصول بيولوجية.
تتضمن الخطط للسنوات القليلة المقبلة إنشاء شبكة من محطات الهبوط الصغيرة على سطح المريخ، وذلك من أجل إجراء القياسات المناخية ودراسة البنية الداخلية للكوكب بطرق سيزمية. البعثة من أجل الحصول على تربة المريخ قد تكون خطوة منطقية لاحقة.
رغم أن الظروف الطبيعية في هذا الكوكب تختلف بشكل جوهري عن خصائص الأرض، إلا أنها تعد الأقرب إليها مقارنة بباقي كواكب المنظومة الشمسية. يجوز اعتبار ذلك أمرا شبه مؤكد اليوم. المريخ - في الواقع - هو الكوكب الوحيد الذي قد يصل إليه الإنسان يوما ما، ولكن - على ما يبدو - ليس في المستقبل المنظور.
المشاكل الاقتصادية ليست العائق الوحيد، إذ أن إرسال البعثات إلى المريخ يحتاج إلى قفزة تكنولوجية، رغم أن تحقيقها - من حيث المبدأ - ليس أمرا مستحيلا. من وجهة نظر رئيس الأكاديمية الروسية لعلوم الفضاء الأكاديمي أناتولي كوروتييف، فإن المشكلة العلمية والفنية الأساسية لإنشاء المركبة للبعثة إلى المريخ هي تحقيق نقلة نوعية في مستوى المحركات ومعدات توليد الطاقة الخاصة بها من حيث معدلات الوزن والقدرة. وحاليا يجري النظر في الحلول البديلة، وهي محركات صاروخية تعمل بالوقود السائل ومحركات نووية نفاثة مجهزة بمولدات الطاقة الشمسية أو النووية عالية القوة. الطريقة الأخيرة هي الأفضل على ما يبدو.
ومع ذلك، فمن الواضح أن الإمكانيات الحالية لقطاع الصناعات الصاروخية الفضائية الوطني الروسي ليست كافية لإرسال الرحلة المأهولة إلى المريخ، بل وحتى لتحقيق برامج مأهولة واسعة النطاق لدراسة وغزو القمر. والمقصود بذلك بالطبع هو إنشاء قاعدة عاملة دائمة على سطح القمر، وليست رحلات قصيرة تستغرق عدة أيام يقضيها رواد الفضاء على سطحه. الوضع قد يتغير في حالة تحقيق إصلاحات هيكلية في قطاع الصناعات الصاروخية الفضائية الوطني التي أشار رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين إلى ضرورة الإسراع فيها مؤخرا.