أسماء المناطق والشخصيات عكازة سهلة للنجاح في الدراما العراقية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بدأت الاعمال الدرامية العراقية تتجه بشكل كبير الى السير الذاتية للشخصية العراقية الشهيرة التي تركت آثارًا واضحة على مختلف الاصعدة، كما أخذت تتناول المناطق المعروفة وتدخل الى عوالمها البيئية، والى امكنتها التراثية وتبني الحكايات فيها ومن ثم يكون العنوان الكبير هو الاسم لهذه المدينة أو المنطقة أو المحلة البغدادية القديمة.
بغداد: أكد العديد من اهل الدراما العراقية أن اعتماد المؤلفين في الاونة الاخيرة على اسماء الشخصيات المشهورة والاماكن هو للتعكز عليها من اجل لفت الانظار الى اعمالهم هذه وبحثًا عن النجاح، لأن الاسماء جاهزة والكتابة عنها سهلة، مشيرين الى أن هذه المسلسلات لم تعطِ الشخصيات أو الامكنة حقها بل انها اساءت اليها من خلال سرد حكايات ليست لها علاقة بالوقائع التاريخية الحقيقية، وهذا ما يؤثر بشكل سلبي على الشباب الذين سيجعلون هذه المعلومات هي الأصح ويتعاملون معها على أنها التاريخ الحقيقي.
قال المخرج عزام: اصبح من اللافت للانتباه في السنوات الاخيرة قيام العديد من المؤلفين الدراميين بالاعتماد على الرموز العراقية سواء الاشخاص أو الاماكن وتقديمها على شكل مسلسلات تلفزيونية ويعتمدون عليهاكعناوين، وانا اعتبر هذا وباء لقتل كنوز واعلام العراق، وسعياً لتدمير التراث والتاريخ العراقي الذي هو حق كل العراقيين، من خلال تقديمه على شاشة التلفزيون بالشكل غير اللائق والمطلوب وليس بمستوى الانجاز الذي تم تقديمه الينا سواء من شخص او مكان.
وضرب عزام مثلاً قائلاً: خذ مسلسل عنوانه (الحيدرخانة)، ونحن نعرف أن الحيدرخانة هي منطقة مشهورة في قلب بغداد، وعاش فيها الكثير من الرموز، مثلما فيها شواهد تاريخية مثل جامع الحيدرخانة، وعندما ظهر كدراما تلفزيونية وصوّر في سوريا، لم تظهر البيئة والشخصيات بل انهم ادخلوا عليها اشياء مثل الفساد والسمسرة بعيدًا عن كل الاشياء القيمة التي من المفروض أن تظهر من هذه المنطقة، كما سد الطريق امام الآخرين الذين يرغبون في انتاج اعمال عن الحيدرخانة، وهذا اعزوه الى أن هناك نصوصًا تكتب وهي ضعيفة جدًا وتسمى بهذه الاسماء الكبيرة حتى تكبر معها، او مثلا باب الشيخ هذا النص في يوم من الايام كان عندي ويتحدث عن الانكليز من دون الاشارة الى باب الشيخ، تحول بالمصادفة أو قدرة قادر عندما استلمه منتج آخر الى قضية تحكي عن النظام السابق وسمي بهذا الاسم، يا ترى هل أن باب الشيخ ظهر بمستوى (باب الحارة) من ناحية العادات والتقاليد وحركة الشخصية واسلوبها وتفكيرها وبطولتها وما تعطيه كقيمة اخلاقية للمتلقي؟
واضاف: انا افضل ان تكون هنالك رقابة صارمة على هذه التسميات، ليس لتقييد حرية الرأي والكتابة، بل لأن الاسم يخصني أي عراقي، وليس من المعقول أن اقدم باب الشيخ من دون دراسة واعية ونضج فكري أو قيمة فنية أو بانتاجية ضعيفة بحيث يكون العمل مهلهلاً، والموضوع نفسه حين بدأ العمل على المطربات المعروفات على المستوى الفني والادبي، خذ مثلا عفيفة اسكندر التي كان لديها ملتقى ادبي يحضره السياسيون والمثقفون والادباء، هذا الشيء لم يظهر في المسلسل بل ظهرت عفيفة اسكندر بسيرة ذاتية بسيطة ليس لها تأثير في الواقع الاجتماعي والسياسي وتفكير الفرد والاسلوب والطموح، هناك تفاصيل كبيرة جدًا، فما قيمة الدراما ان لم تزرع عند المشاهد العراقي قيمة ترفعه الى مستوى اعلى من هذا المستوى، واعتقد أن لهذه المسلسلات تأثيراً سلبياً على المجتمع، فالشاب العراقي سيتعرف على الشخصيات من خلال التلفزيون وتبقى عالقة في ذهنه، لان العين تركز اكثر، وهذا يجعل المواطن يقتنع تمامًا أن ما قدمه المسلسل هو الحقيقة وأن غيرها غير صحيح، فنحن عرفنا التاريخ السوري كله من خلال المسلسلات السورية، وتركيا بدأت تصدر لنا اعمالها مثل السلاطين وغيرها، اما مصر فهي منذ زمن طويل تتناول تاريخ مصر وثوراتها وتراثها بحيث جعلتنا نعرف الرموز والشخصيات المصرية بشكل تفصيلي، ولكننا لا نعرف شيئًا عن تاريخنا.
وقال المؤلف والفنان باسل الشبيب: لماذا نعيب على مؤلفينا هذا الاستخدام للتسميات في كتاباتهم الدرامية، ولا يجب أن ننسى أن الدراما المصرية تطرقت الى ذلك وكذلك الروايات والادب العربي بشكل عام تطرق الى عناوين مباشرة جدًا، وعلى العكس فنحن حينما نسمي علمنا بباب الشيخ فنحن نتطرق الى منطقة باب الشيخ عام 1963 وهي نقطة مهمة في تاريخ العراق الحديث، وكذلك التسميات التي تشمل الامكنة،انما لديّ رأي آخر في موضوع الشخصيات الفنية، لماذا الآن نتطرق الى شخصيات فنية في الدراما العراقية بينما لدينا شخصيات عميقة من تلك الشخصيات.
واضاف: احيانًا يكون المؤلف بريئًا من تهمة التعكز على الاسم لأن الجهات المنتجة هي التي طلبت أن يكتب هذا الموضوع او ذاك بهذه التسمية او غيرها، وهناك من كتبت هذه المسلسلات برغبة من هذه القنوات التي لا اعرف الاسرار وراءها، وخذ مثلاً مسلسل المطربة سليمة مراد لا اعرف لماذا لجأ المؤلف او الجهة الانتاجية او الفضائية الى زاوية اليهود، فهل يريدون مثلاً أن نتعاطف معهم ونحن نعرفهم جيدًا؟ اعتقد أن ما تم تقديمه من خلال المسلسل هو اسلوب دعائي غير موضوعي أو علمي.
اما المخرج اكرم كامل فقال: لا اعتقد أن المؤلف يتعكز على الاسم إذا تطرق إلى حكاية من منطقة شعبية او راقية او تناول سيرة ذاتية، فالاسم وحده في التلفزيون ليس عكازة لان التلفزيون عبارة عن صورة، ولكن قل هل شاهدنا بيئة (الحيدرخانة) في مسلسل (الحيدر خانة)، وهل شاهدنا بيئة (باب الشيخ) في مسلسل (باب الشيخ) ، وانا اعتقد أن المؤلفين استخدموا الاسماء هذا بسبب نقص في عقولهم وللسهولة، فهو احتار في ايجاد اسم ومن ثم اختار الاسم الاسهل، فأنت حينما تقول انا ذاهب الى (الباب الشرقي) فلأنه نقطة دالة، فهو تعكز على الاسم كي يقول للناس كما يقول المثل (الكتاب بان من عنوانه).
واضاف: المؤلف العراقي حدود امكانيته 13 حلقة فقط، ولا يمكنه أن يفكر بأكثر من ذلك، لقد ربي على هذا العدد فقط، والدورات التلفزيونية في السابق كانت تعتمد كلها على اعمال من 13 حلقة، ولا يستطيع أن يطورها لانها نتاج 35 عامًا، شاهدت في رمضان الماضي مسلسلاً الحلقة الاولى والثانية والخامسة والخامسة والعشرون فيه نفسها.
وقال الفنان جمال الشاطي: اعتقد انها محاولات تسمية وليست محاولات كتاب وهذا مهم، في فترة ما بعد عام 2003 افرزت مجموعة كبيرة من الكتاب العراقيين المهمين، ولا اعتقد أن منطقة (باب الشيخ) تناولها مسلسل باب الشيخ، وانا ألتقيت بمجموعة من اهل باب الشيخ ، وقالوا ان هذه الاحداث لم تحدث عندنا، ومسلسل (سليمة مراد) لم يكن عن المطربة سليمة مراد حصرًا وانما عن الحقبة الزمنية التاريخية، والمؤلف اعتمد على الاسم كمحور للانطلاق الى الاحداث الاخرى، انا اعتقد أن التسمية ليست هي المهم بل المحتوى، لانني لا اعتقد أن نجاح العمل يتعكز على اسم، اما لماذا المؤلف اختار الاسم فهذا شأنه، وانا ارى انه بامكان مؤلف آخر أن يتناول حقبة أخرى عاشتها تلك المدن أو الشخصيات.
ومسك الختام كان حديث الصحافي قحطان جاسم جواد الذي قال: انا اعتقد أن الناس وخصوصًا اهل بغداد متعلقون بمناطقهم وتراثهم، لذلك يجد المؤلفون أنها خير مدخل لقلوب الناس أو التعكز عليها للترويج لاعمالهم، ولكن للاسف هذه المسلسلات لم تعطِ للامكنة والشخصيات حقها، وقد سمعت من اهل هذه المناطق أنهم يستغربون ما نقله المسلسل ويتساءلون من اين اتى المؤلفون بهذا الكلام، مثلا مسلسل (باب الشيخ) لم تظهر لنا باب الشيخ التي نعرفها، وهذه المنطقة فيها عادات وتقاليد تختلف عن المناطق الاخرى لا يعرفها الا البغدادي القح، وقد خرب المخرج العربي الذي أتوا به كل جيد موجود في المسلسل، كذلك بالنسبة للاعمال الأخرى التي تناولت الشخصيات الفنية مثل سليمة مراد وعفيفة اسكندر، وان كنت اجد في مسلسل (الدهانة) نوعًا ما اقرب الى المنطقة .
واضاف: اعتقد أن اغلب المؤلفين يختارون اسماء اماكن او شخصيات للاقتراب من الناس، فهم يتعكزون على تلك الاسماء ولا يعطونها حقها، فإلى حد الآن لم يظهر مسلسل يحكي عن سيرة ذاتية بشكل صحيح، واعتقد انهم يعتمدون مصادر غير موثوقة لأن الكاتب لا يمتلك الخبرة التي تؤهله، وانا اعرف أن بعض الشباب بدأوا يكتبون عن التاريخ، ونحن نعرف أن التاريخ يحتاج الى من عاش فيهوحفظه ودرسه، وبالتأكيد أن هذه الاعمال غير الجيدة تسيء الى الشخصيات، وعلى المؤلفين أن يقتدوا بالكاتب الكبير عادل كاظم الذي امضى عمره في كتابة التاريخ لكنه لم يضع عنوانًا ليتعكز عليه، وشتان ما بين اعماله والاعمال الأخرى.