الدراما المحلية في السعوديّة لا تعكس واقع المجتمع
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أظهرت دراسة سعودية حديثة ضرورة وجود معاهد اكاديمية مهمتها النهوض بمستوى الدراما المحلية، معتبرة أن ما يُقدم على شاشة التلفاز من دراما محلية لا تعكس واقع المجتمع السعودي.
الرياض: أوصت دراسة سعودية حديثة ضرورة وضع استراتيجية فكرية إعلامية في السعودية من شأنها أن ترقى بنوعية القضايا المطروحة درامياً منها، إنشاء معاهد اكاديمية مهمتها النهوض بمستوى الدراما المحلية وتخريج جيل واعي قادر على استقراء الواقع. ودعت الدراسة إلى التركيز على قضايا المرأة بألا يتم ظهورها بين نقيضين لا يعكسان ما وصلت إليه المرأة السعودية من معرفة وعلم وما حققته من نجاحات على كافة الأصعدة المحلية والدولية.
وأوضحت الدراسة التي أجرتها طالبة الماجستير بكلية الدعوة والإعلام بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية "ايمان الحصين" حول الدراما السعودية والتي تقدم على شاشة mbc الفضائية والقناة السعودية الأولى مستوى التعليم والجانب الأخلاقي والإقتصادي والسمات الشخصية ودرجة الإلتزام الديني بالإضافة إلى المظهر الخارجي للشخصية ومشاعرها وعلاقتها بالآخرين.
شملت عينة الدراسة اربعة مسلسلات، وهي: أيام السـراب، مسلسل اسـوار، مسلسل طاش ماطاش، مسلسل سُكـتم بُكـتم، حيث تم دراسة (88) شخصية درامية محورية ما بين كوميدية وتراجيدية والتعرف على أبرز ملامحها من خلال المحاور التالية.
مستوى التعليم
وفي الدراسة، احتلت الشخصية الأمية، فيما يتعلق بالتعليم، المرتبة الثانية بواقع (17) شخصية، بنسبة تصل إلى 19.3%، تليها الشخصية صاحبة التعليم المتوسط بنسبة 17%، وفي المرتبتين الأخيرتين، الشخصية ذات التعليم الجامعي بنسبة 12.5% ومن ثم الشخصية، صاحبة التعليم العالي، بنسبة 3,4 % ممثلة بثلاث شخصيات فقط.
وتساءلت الدراسة "حول أسباب ظهور نسبة مرتفعة لشخصيات لم تنل حظها من التعليم مقابل تدني نسبة الشخصيات ذات التعليم الجامعي والعالي في المسلسلات الدرامية المحلية لدولة بحجم المملكة النسبة الأكبر من الميزانية تذهب للتعليم فضلاً عن دورها الكبير في التصدي للأمية، إضافة إلى نسبة المبتعثين للدراسة في الخارج".
على الصعيد الإقتصادي
وظهر مستوى المعيشة بشكل واضح ما بين وسطين إجتماعيين عندما جاءت في المرتبة الثانية (29) شخصية شكلت ما نسبته 33 % ذات إقتصاد مرتفع يليها في المرتبة الثالثة (19) شخصية بنسبة 21.6% مستواها الإقتصادي منخفض.
وقالت الدراسة "هذا يعني أن المسلسلات الدرامية اتجهت بشكل كبير إلى تجسيد شخصيات في المجتمع إما أنها تتمتع بالثراء الفاحش كما لوحظ في أيام السراب وأسوار أو تمثيل شخصيات ذات دخل إقتصادي هزيل كما شوهدت في سُكتم بُكتم، مع تهميش الفئات ذات المستوى المعيشي المتوسط والذي تمثل بتسع شخصيات شكلت ما نسبته 10.2 % فقط".
وتصدرت الشخصية العاطلة عن العمل المرتبة الأولى بنسبة 19.3%، ولاحظت الدراسة ذلك في "مسلسلات الكوميديا أكثر من التراجيديا".
وفي المرتبة الثانية، وبفارق كبير جداً، جاءت الشخصيات التي تعمل في التجارة بنسبة 9.1 %، تليها الشخصيات التي تعمل في الإدارة وفي القطاع الحكومي تحديدا بنسبة 5.7 %، يضاف إلى ذلك الشخصيات العاملة في حقل التعليم بنسبة 4.5 % تقاسمتها المسلسلات الكوميدية، فيما جاءت ثلاث شخصيات فقط تعمل بالقطاع الصحي في مسلسل أيام السراب، وما يتعلق بوظيفة سائق فقد ظهرت من خلال شخصيتين إحداهما في مسلسل أسوار.
كما ظهرت 52.3 % من الشخصيات تعمل في مجالات أخرى وعلى رأسها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي طُرحت بكثرة في مسلسل طاش ما طاش، وبالنسبة للمرأة بدت في صورة ربة المنزل إذا افترضنا أنها وظيفة، أيضاً هناك إمام المسجد ومن يعمل في الدفاع المدني،روكذلك ترويج المخدرات ظهرت كمهنة تزاولها بعض الشخصيات في طاش ما طاش وأيام السراب وأسوار.
المظهر الخارجي
ظهور الشخصيات المحورية كانت النسبة الأعلى في الدراسة، بالنسبة لمن يتمتع بالمظهر البسيط بنسبة 48.9 %. أما الشخصيات التي ظهرت بمنظر الأنيق فقد جاءت بنسبة 14.8% بواقع (13) شخصية كانت غالباً في الأدوار الجادة وتحديداً في مسلسلي أيام السراب وأسوار وهذا بالتأكيد يتناسب مع الطبقة الإجتماعية التي كانوا يمثلونها .
وقالت الدراسة "يقابل ذلك ذات النسبة للشخصيات التي تبدو مثيرة للسخرية 14.8 % وغالباً ما تظهر في الأدوار الكوميدية تماماً كما تظهر فيها الشخصيات ذات الملابس الرثة حيث جاءت بنسبة 3.4 %, وهذا يعود ربما للإعتماد على كوميديا الشكل أكثر من كوميديا الموقف، أما الشخصيات الأخرى فقد ظهرت وهي ترتدي الملابس الرياضية بالنسبة للرجال بنسبة 14.8 %".
مستوى التدين
وفيما يتعلق بالجانب الديني، نوهت الدراسة إلى "الشخصية الغير ملتزمة بنسبة 14.8 % وكان النصيب الأكبر فيها لمسلسلي أيام السراب وأسوار وعدد من حلقات طاش ما طاش ,بينما ظهرت الشخصية الملتزمة بنسبة 11.4% كانت من نصيب الأمهات أو كبار السن في أدوار قد تبدو غير مؤثرة بالنسبة للمشاهدين".
وأشارت الدراسة إلى "الشخصية المتطرفة والتي جاءت بنسبة 8 %".
وقالت الدراسة "هذه النسبة قد تبدو ضيئلة لكن هذا لايعني أنها غير قابلة للزيادة فهناك مسلسلات أخرى تناولت هذا النوع من الشخصية بكثير من المبالغة والتضخيم".
الجانب الخُلقي
وفي الدراسة، جاءت السلوكيات الخلقية التي ظهرت من خلالها الشخصيات الدرامية بنسب متباينة فقد اتصفت 9.1% منها بالصدق، و8% من الشخصيات لا تنفك عن تعاطي المخدرات وشرب الخمور وهذا مُشاهد بكثرة في أسوار وأيام السراب، إذ ظهرت عدد من الشخصيات في حال إدمان رجالاً ونساء، إضافة إلى 4.5% من الشخصيات الدرامية ظهرت في مشاهد التدخين ،بينما تقاسمت الشخصيات الخائنة للأمانة والشخصيات الأمينة ما نسبته 3.4% في الأدوار الجادة تحديداً.
المشاعر والأحاسيس
وظهرت الشخصية السعودية في الدراسة، من خلال عينة المسلسلات المختارة وهي تحمل مشاعر التذمر والسخط والشكوى بالمرتبة الأولى بنسبة 13.6% بينما بدت 11.4% من الشخصيات بنوع من مشاعر الإستبداد والتسلط، تليها 10.2% من الشخصيات ذات مشاعر وأحاسيس قلقة.
وفي هذا السياق، "تبرز الإشكالية هنا في سياق الأحداث الذي لم يوضح السبب المقنع لهيمنة تلك الأحاسيس عليها فضلاً عن الأجواء المحيطة بها والتي تدفعها لمثل ذلك الشعور".
كما ظهرت الشخصية الباسمة المبتهجة بنسبة 10.2% أيضاً وغالباً ما نراها في ادوار الكوميديا ويُشاهد ذلك بوضوح في عدد كبير من شخصيات طاش ما طاش وسكتم بكتم ،وتأتي في المرتبة الأخيرة الشخصيات المسالمة الهادئة بنسبة 3.4 % .
السمات الشخصية
وفيما يتعلق بالسمات الشخصية للشخصية السعودية، فقد اتسمت ومن خلال الأعمال الدرامية المحلية وخاصة المسلسلات عينة الدراسة بـ (السلبية) بنسبة 13.6% وتبدو هذه الشخصية بشكل واضح لدى الأمهات والفتيات ،تليها في المرتبة الثانية وبنسبة 11,4% (الشخصية الحمقاء) والتي ظهرت بشكل ملفت في عدد كبير من حلقات طاش ما طاش ,وجاءت (الشخصية العدوانية) في المرتبة الثالثة بنسبة 10.2% من إجمالي الشخصيات وعدوانيتها ناتجة عن حبها للتملك وجمع الأموال وإصدار الأوامر والتعليمات.
العلاقة مع الآخرين
وتصدرت المرتبة الأولى الشخصيات التي تتصف علاقتها بـ (الخضوع) خاصة في علاقة الزوجة بزوجها والأبناء بوالديهم وبلغت ما نسبته 19.3%، لتأتي في المرتبة الثانية الشخصية (الغير مبالية) بنسبة 12.5 % وكانت تظهر بوضوح لدى الموظفين وكذلك الزوج الذي لا يهتم بأسرته ولا ينفق على ابنائه وكذلك الشباب و الفتيات في الأسر الغنية، بينما ظهرت 11.4% من الشخصيات علاقتها بالآخرين مبنية على المحبة والصدق يظهر ذلك في علاقة الأصدقاء والجيران ويبرز بشكل كبير في مسلسل سُكتم بُكتم.
وما يتعلق بالشخصية (القاسية) و (المتسلطة)، فقد تقاسمتا الأدوار بنسبة 10.2% ظهرت بشكل ملفت في شخصية الأب في كلا المسلسلين أيام السراب وأسوار .
النص
ورأت الباحثة أن غياب النص الذي يحمل في طياته الفكرة والهدف هو أحد أسباب فشل الدراما المحلية في صياغة صورة واضحة المعالم للمشاهدين عن طبيعة الشخصية السعودية
كما أن تكرار تناول الشخصية في عدة أعمال درامية يساهم في ترسيخ الصورة الذهنية وفقا للدراسة، فعلى سبيل المثال الشخصية التراجيدية ظهرت غالباً بصفتها تلك الشخصية الجشعة الباحثة عن المال مهما كانت الطرق غير مشروعة فضلاً، وهذا عكس ما يراه النقاد ويعتقدونه بأن البطل ليس بالضرورة أن يكون فاضلاً أو عادياً بالدرجة القصوى في المقابل لا يكون منغمساً في الرذيلة.
وأما مايتعلق بالشخصية الكوميدية فهي غالباً ما تظهر بشكل مثير للسخرية من خلال ربطها بأصحاب المهن الحرفية والطبقة الإجتماعية التي لم تنل حظها من التعليم ليكونوا فرصة سانحة للتندر، والكلام للدراسة.
الدراما والواقع
وكشفت الدراسة أن غالبية الأعمال المحلية لا تعبر عن واقع المجتمع السعودي!، وقالت "لعل غياب الكاتب السعودي له الدور الأكبر في ذلك فمعظم ما نشاهده من أعمال هي لكتاب عرب غير مشهورين يكتبون أعمالنا بروحغير سعودية حتى لو سُعودت اللهجة ،ويساهم في ذلك أيضاً الإستعانة بمخرجين عرب قدموا الدراما السعودية إما بروح الكاتب الحقيقي أو بمفهوم قاصر للروح المحلية".
ثقافة الممثلين
وجاء في المرتبة الرابعة للإشكاليات التي تعاني منها الدراما السعودية (فقدان العاملون في مجال الدراما للأرضية الثقافية الصلبة التي تدعمهم وتمكنهم من الإبداع) تليها في المرتبة الخامسة (إنخفاض مستوى آداء الممثلين)، بينما جاء في المرتبة ما قبل الأخيرة (زيادة أجور الفنانين رغم الأداء المتدني في تجسيدهم للشخصيات).
وحول الشخصيات السياسية، رأت الدراسة أن المملكة وعلى كافة الأصعدة تشهد حراك سياسي متعدد الأطياف وظهور عدد من الشخصيات السياسية في الدراما المحلية يحاكي جزء من الواقع.
واعتبرت الدراسة المرأة (إنسان مقهور ومغلوب على أمره).
وأضافت "هكذا تبدو صورتها في الدراما المحلية وهذا ما اتفق عليه المتابعين لتأتي (تفتقر في سلوكياتها للإنضباط العاطفي) وبأنها (تشغل دوراً هامشياً يقل عن دور الرجل في عملية التنمية الإنتاجية) و(سلبية في مواجهة المشكلات)"، وعلى نقيض ذلك، كانت شخصية الرجل (المتسلط) هي الصورة الدارجة في الدراما المحلية وجاءت في المرتبة الثالثة كما اتفق عليها المتابعين.
ولم يظهر الطفل السعودي في الدراما المحلية بأدوار ذات قيمة كشخصية محورية يقوم عليها بناء الأحداث عكس ما نشاهده في المسلسلات الأجنبية والتي قد يأخذ فيها الطفل دور البطولة المطلقة.
وأوصت الدراسة بأن تقوم وزارة الثقافة والإعلام برصد عدد من الجوائز المالية والتقديرية على مستوى المملكة لأفضل عمل درامي تظهر من خلاله الصورة المعتدلة للشخصية السعودية القيادية المؤثرة.