ترفيه

يتذكرون لحظات فارقة غيّرت مسيرتهم المهنية 2/2

نجوم الإعلام العرب كيف وصلوا الى الشهرة؟

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

مع بداية البث الفضائي وإنفتاح الكرة الأرضية على بعضها إعلامياً، سقطت الكثير من التابوهات في العالم العربي، الذي شهد بدوره حرية إعلامية أوسع، وحجزت البرامج الحوارية مكاناً بارزاً في صدارة المشهد، وباتت تستقطب جمهوراً كبيراً عندما أخذت تناقش وتعري كل ما كان مسكوتاً عنه من قبل، وخرجت عن نمطيتها المعتادة.
وكلما كنت أجرأ، كلما كنت ألأشهر وألأكثر متابعة، خصوصاً ان كنت تتحدث في السياسة و الدين و الجنس، فأفرزت هذه النوعية من البرامج نجوماً لا تقل أهميتهم، وشهرتهم، وأجورهم أحياناً، عن نجوم الفن والغناء.
كيف دخل هؤلاء مجال الإعلام، ووصلوا إلى الشهرة؟ وماهي اللحظة المهنية الفارقة التي غيّرت حياتهم ووضعتهم أمام الدرجة الأولى من سلم النجومية؟
أسئلة نطرحها ويجيب عليها في هذا التحقيق، عدد من نجوم الحوار، يسردون من خلاله قصص نجاحهم، وتجاربهم الشخصية.

زافين قيومجيان (قناة المستقبل)
بدأ زافين قيومجيان كمتدرب في تلفزيون لبنان، تدرج من مراسل عادي، الى مراسل حربي ومذيع أخبار، ثم تحول الى برامج الحوار ذات الطبيعة الساخنة، تاب عن السياسة بعد إيقافه على تلفزيون لبنان، وانتقل الى محطة المستقبل وبقي فيها عمراً كاملاً .
يتذكر زافين البدايات، ويقول عن تلك المرحلة: "كان عمري 22 عاماً ولكن شكلي يوحي بأني في السادسة عشرة، بالإضافة الى كوني أرمنياً، والفكرة السائدة كانت آنذاك أن الأرمن لا يتحدثون اللغة العربية بشكل سليم، وبالتالي كان شكلي غريباً وإسمي غريباً، ولا أوحي بالثقة بأن لغتي العربية سليمة، زائد انني كنت خريج جامعة ال LAU وهي مشهورة بأنها لا تخرج طلاباً يجيدون العربية، لأن منهاجها أميركي، فكانت مهمتي في إقتحام المشهد الإعلامي صعبة جداً".
ويعترف بأنه إستعان بواسطة قوية ليحصل على فرصته كمتدرب في تلفزيون لبنان، وتم قبول واسطته على مضض على اعتبار أنه لن يكمل شهراً في المحطة، وسينهي فترة تدريبه ويذهب لحال سبيله.

ويقول ضاحكاً: " مع علمي بأنها فرصتي الوحيدة كان لا بد من أن أثبت لهم بأني ذكي، وموهوب، ونشيط، كانوا يكلفونني بالمواضيع الصغيرة الإجتماعية أو المنوعة، أو الانشطة مثلاً، والتي تأتي في آخر النشرة، ولا تتجاوز مدة التقرير دقيقة أو دقيقتين.

زافين عندما كان مراسلاً بتلفزيون لبنان فيأوائل التسعينات

عودة الحريري
ويرى زافين أن نقطة التحول الأول في حياته المهنية كانت قدوم رفيق الحريري الى لبنان، وبدء مرحلة إعادة الإعمار، فمن ضمن المؤسسات التي شملها إعادة النهوض كان تلفزيون لبنان الرسمي، ولم يكن هناك قانون إعلام في حينها، فجميع المحطات الأخرى كانت تعتبر غير شرعية وتعمل دون ترخيص.

"عثرة" حظ
يكمل زافين قصة صعوده للشهرة قائلاً: "جاء شخص يدعى فؤاد نعيم وإستلم ادارة المحطة،وكان مكلفاً بتقوية تلفزيون لبنان وإعادته لمجده السابق، وأول قراراته كان كسر الصورة النمطية (الكليشيه) لتلفزيون الدولة بأنه كلاسيكي، شاخ وضعف، بمقابل التلفزيونات الأخرى التي كانت في أوج تألقها كالمستقبل ، وال MTV، وغيرها.
وأراد وجها شاباً لحملة التغيير، ومن غيري يتعثر بنفسه وهو ينزل الدرج، وشكله واسمه غريبان، و"شعراته واقفين"، ( ويقسم ممازحاً بأن شعره كان كثيفاً في حينها) ، ويكمل متسائلاً: "من غيري يصلح لحملة كهذه؟".
ويستعيد ظروف لقائه الأول بالمدير الجديد: " لقاءنا الاول كان وأنا أتعثر أمامه على الدرج وأقع مصطدماً به، نظر الي وقال "هذا هو"، وقاموا بحملة إعلانية كبيرة، وأًصبحت وجه تلفزيون لبنان بحلته الجديدة، ومنحوني وقتها دوراً واسعاً، فبدأت بقراءة الأخبار، وأخذت أرافق الرئيس الحريري في رحلاته الخارجية، وأصبحت مراسل التلفزيون في القصر الجمهوري وفي الحكومة، ووجدت نفسي أنا الشاب الغر الصغير بين كبار رؤساء التحرير من وسائل الإعلام الأخرى.
وهذا منحني الفرصة للتواجد بقوة بجانب كبار مذيعي الأخبار في حينها مثل عرفات حجازي وسعاد العشي وغيرهم، ولأنني كنت أختلف عنهم بالشكل والعمر كانت فرصتي للبروز وبسرعة قياسية.

مذبحة قانا
ويعتبر مرحلة التسعينات انتقالية بلبنان ومليئة بالأحداث الكبرى، والسبق الصحافي كان متكرراً وحاضراً في مسيرته كمراسل لأنه كان يغطي الخبر الأول في النشرة في حينها، ولكن ربما القصة الأبرز والتي كرسته كصحافي جدي، ومراسل حربي هي إنفراده بالتغطية المباشرة لمذبحة قانا في نيسان 1996 أيام عناقيد الغضب.
يقول عن هذه التجربة القاسية: "كان تلفزيون لبنان قد استعاد مجده وشكل فريق عمل شاب، وكان ينافس ال LBC على الموقع الأول في حينها، كنا نتواجد في الجنوب لتغطية مباشرة للعدوان الاسرائيلي على لبنان، وكنت اعمل مع زميلتي زاهرة حرب يومها، وحصلت المجزرة أمام أعيننا وغطيناها مباشرة، بالصوت والصورة، ما شكل صدمة كبيرة للعالم، خصوصاً وأن إسرائيل كانت تقصف لبنان لمدة ستة أيام دون أن يهتم أحد، حتى حصلت هذه المجزرة ونقلناها للعالم مباشرة، وكان تلفزيون لبنان قد بدأ بثه الفضائي، وشاهد العالم كله صور هذه المجزرة البشعة، ونقلت الفضائيات حول العالمما صورناه، وكنت أبكي خلال التغطية، ما شكل عنصراً إضافياً للتعاطف الدولي، وأجبرت هذه المجزرة واشنطن على التدخل بثقلها الكامل لإيقاف الحرب، ومن بعدها بتنا الثنائي الأشهر على الشاشة أنا وزاهرة".

النصر الإعلامي العربي الأول على إسرائيل
ويكمل زافين روايته: "زاهرة إنتقلت الى لندن، وهي تتواجد حالياً هناك، وقدمت رسالة دكتوراه حول تغطية مجزرة قانا ومن ضمن النتائج التي خلصت اليها دراستها ان هذا كان اول انتصار اعلامي عربي على إسرائيل ، أجبر العالم على التعاطف مع العرب وليس العكس.

إميل لحود و 5/7
اما كيف تحول من مراسل حربي الى البرامج الحوارية، يقول: "مع عملي كمراسل كنت بدأت بتقديم برنامج 5/7 وكان برنامجا سياسيا إجتماعيا، وحققت حلقات كثيرة جدلاً واسعاً منها حلقة استضفت فيها حسن نصرالله، وكانت اول مرة يظهر فيها على التلفزيون بمقابلة مباشرة، بالاضافة لأول استضافة لهيفاء وهبي واول تعريف للناس بها، وقصص اخرى كبيرة، وفي شباط من عام 1999 قدمت حلقة عن الفقر والبطالة بلبنان، وكان اميل لحود قد استلم الرئاسة حديثاُ، وكانت هناك خطة لايقاف البرامج الحوارية على التلفزيونات، وكنت الضحية الاولى ومن بعدي ماجي فرح، وسمير قصير".

سيرة وإنفتحت
يقول زافين: "كانت بداية مرحلة جديدة من السياسة اللبنانية وتعرف "بالنظام الأمني اللبناني السوري"، بقيت موقوفاً لمدة ثلاثة الى اربعة اشهر والوعود والمماطلة مستمرة، ثم فقدت الأمل، ووقتها تلقيت عرضين الاول من المستقبل والثاني من قناة الجزيرة وكانت في بدايتها، وقررت الذهاب الى تلفزيون المستقبل،ومنذ ذلك الحين قررت الابتعاد عن السياسة فكان برنامج "سيرة وانفتحت" ذو طابع اجتماعي بحت، ويناقش قضايا أنية ساخنة وإكتسب شهرة واسعة.
وحول سبب تراجع تأثير التلفزيون في المرحلة الحالية، يرى زافين أن فترة التسعينات كانت غنية تلفزيونياً لأن "السوشيال ميديا" لم تكن حاضرة في المشهد، فالفضائيات كانت وسيلة الناس لمعرفة ما يحصل من حولهم، بينما الآن اختلف الوضع، والتلفزيون لم يعد المصدر الرئيس للخبر، لانك بت تعرفين بالحدث وهو يحصل قبل ان يصل الى الشاشة.

طوني خليفة (الجديد - القاهرة والناس)
بدأ طوني خليفة بدراسة الحقوق لكنه سرعان ما تحول إلى العلوم السياسية، ودخل مجال الإعلام بالصدفة والتي لعبت دوراً متكرراً في حياته المهنية.
يتذكر طوني تلك المرحلة قائلاً: "بدأت عملي في مجال الإعلام خلال الحرب اللبنانية عبر إذاعة "لبنان الحر" كمحرر ومذيع أخبار، وكان الأمر وليد الصدفة والظروف، حيث نقلت الإذاعة مقرها بسبب الأحداث بالقرب من منزلي، وتعذر وصول بعض مذيعيها السابقين الى مبنى الإذاعة الجديد بسبب الحرب، فتطوعت للعمل فيها، وأثبت نفسي وبقيت معهم بعد عودتهم إلى مقرهم الأصلي لاحقاً".

الإعلامي اللبناني طوني خليفة

من الإذاعة للتلفزيون بضربة حظ أخرى
وفي عام 1992 عندما أعيد فتح المناطق اللبنانية على بعضها، ولم تعد مقسمة إلى شرقية وغربية، أجريت أول إنتخابات نيابية بعد الحرب، وكانت محطة LBC تستعد لتغطية الإنتخابات، وفريق عملهم بحاجة لمراسلين إضافيين، فإستعانوا ببعض الإعلاميين العاملين في إذاعة "لبنان الحر" التابعة للمؤسسة نفسها، وتم إختياري من بينهم، فتحولت من العمل الإذاعي الى العمل التلفزيوني كمراسل، وإستمريت كذلك حتى عام 1995. ثم عملت كمذيع نشرة لغاية عام 1997.

خلاف بين حلاق ومذيعة نقله من مراسل لقارئ نشرة
لعبت الصدفة مجدداً دوراً في تحوله الى مذيع وقارئ نشرة والسبب خلاف بين مصفف الشعر ومذيعة شهيرة تسبب بغضبها ومغادرتها المحطة قبل ساعة من موعد النشرة، وكان ليلتها المراسل الليلي المناوب في المحطة، وعرض عليه ان يقدم النشرة بدلاً منها إنقاذاً للموقف بما أنه قارئ نشرة في الإذاعة.
يقول طوني: "سئلت اذا كانت لدي الجرأة للظهور على الهواء وقراءة النشرة، وكان قراراً خطيراً، صحيح أن الصدفة كانت موجودة بإستمرار في حياتي لكن "القرار المغامرة" كان ما يثبت هذه الصدفة ويدفعني للأمام، ورغم وجود زملاء آخرين كانوا يتدربون بالفعل على قراءة النشرة، إلا أن أياً منهم لم يجرؤ على تقديمها، وأنا الذي لم يخضع لأي دورة تدريبية في هذا المجال، غامرت ووافقت، وأدى ذلك الى تثبيتي كمذيع وتحققت نقلة مهنية جديدة في حياتي.

بتخسر إذا ما بتلعب
في رمضان عام 1997 بالصدفة أيضاً إستمع إلي الشيخ بيار الضاهر عبر إذاعة لبنان الحر، وكنت أقدم في حينها برنامج منوعات ليلي، وكانت ال LBC في بداية مرحلة بثها الفضائي، والزميل ميشيل قزي يقدم برنامجاً على قناة المستقبل لاقى نجاحاً كبيراً ، خصوصاً في منطقة الخليج، و ال LBC تريد إنتاج برنامج ينافسه، لذا عندما سمعني بيار الضاهر على الإذاعة، لم يكن يعرف بأنني أنا طوني مذيع الأخبار في المحطة هو نفسه مقدم البرنامج الإذاعي الذي أعجبه، وعندما سأل وعرف، ارسل ورائي فذهبت للقائه، وطلب مني تقديم برنامج منوعات في رمضان، ووافقت لكنني إشترطت عليه أن أعود بعدها كمذيع أخبار، ووافق، وقدمت في حينها برنامجاً بعنوان "بتخسر إذا ما بتلعب" وحقق نجاحاً كبيراً، وعندما حاولت العودة كمذيع أخبار بعد إنتهاء شهر رمضان رفض، وقال لدي مذيعي أخبار كثر، ولكن ليس لدي غيرك ليقدم هذه النوعية من البرامج، وعرض علي مبلغاً كبيراً من المال للإستمرار بتقديم برامج المنوعات، وكان المبلغ المعروض عشرة أَضعاف راتبي كمذيع، وهذه كانت نقطة التحول التي حققت لي الشهرة عربياً.

ساعة بقرب الحبيب
أما كيف تحول من تقديم برامج ألعاب ومنوعات، الى البرامج الحوارية الفنية، يقول: شعرت بالرغبة في التغيير، فأنا من النوع الذي يرفض القولبة، ولم أحصر حالي في شكل معين من البرامج مطلقاً، حتى لو إنطوى ذلك على المغامرة، لذا قدمت لهم فكرة برنامج "ساعة بقرب الحبيب" وأعجبتهم، لكن المخرج سيمون أسمر إعترض على تقديمي له، لأنه كان يرى أن برنامجاً كهذا يجب أن تقدمه إمرأة شهيرة، فأتى بمادلين طبر في حينها لتقديمه، لكنني ناضلت لأجل فكرتي وهددت بمقاضاتهم لأنها كانت مسجلة بإسمي وأمتلك حقوقها، فإستعدت البرنامج وقدمته، وكان نقطة تحول جديدة في حياتي.

لمن يجرؤ فقط
لكن وبرأي طوني فإن "لمن يجرؤ فقط" هو البرنامج الذي توج مسيرته الإعلامية وخلق له أسلوباً خاصاً به يختلف عن السائد، والذي إشتهر به سواء كان يعتبره البعض إستفزازياً أو جريئاً.
يقول عن خلافه مع المخرج الشهير: "إصطدمت وقتها بمدرسة سيمون أسمر في تلميع الضيوف، كما إعترف هو بعظمة لسانه بأنه صنع أكاذيب وصدقها الناس، وكان سبب الخلاف بيني وبينه أنني في برامجي كنت أظهر الوجه الآخر الحقيقي لهؤلاء النجوم، وهو الأمر الذي لم يتقبله آنذاك، فكل من دهنهم هو بطلاء الذهب جئت أنا وقشرتهم له، وأظهرت معدنهم الحقيقي.
وتعرضت لهجوم شديد من قبل الجميع، وكرهني الجميع، ولكن بما أنني كنت محاربا فهذا كان يعني أنني موجود، ولم أنم على أمجاد، وكنت دوماً أشعر بضرورة حدوث نقلة أفضل، فاللحظة التي تتوقف فيها عن التقدم والعطاء سيخونك تاريخك ولن يخدمك في هذه المهنة، لأن هناك دوماً من ينتظر الفرصة ليأخذ مكانك.

مصر التحدي الأكبر
ويعتبر نجاحه في مصر هو التحدي الأكبر في مسيرته الإعلامية، لأنه دخل بلداً لا يفقه شيئاً في سياسته أو زواريبه، وكانت قمة المغامرة والمخاطرة، لكنه تمكن من منافسة أكبر إعلامييه، وأثبت نفسه بينهم. وتفوق على بعضهم، ونال جوائز عديدة، والمسيرة لا تزال مستمرة.

نادين البدير (روتانا خليجية)
تروي نادين البدير حكايتها بطريقتها فتقول: "نقطة التحول الأولى في حياتي أني ولدت أنثى. لم اكن أعلم أني سأواجه مجتمعا ذكوريا. وعائلتي لم تكن تعلم أن ابنة مشاغبة في طريقها إليهم. لكنه القدر.
لم أكن صامتة كنت متمردة ودائما أسأل : لماذا ؟
هذا السؤال يزعج الأذن العربية كثيرا. أذكر في سن الثانية عشرة قالت لي إحدى سيدات العائلة : البنت إذا تمردت (تندعس) حتى تخمد ثورتها. لحظتها قلت في نفسي : ما كل هذا العنف؟ وهذا الخوف من تمرد بنت مشكلتها في الحياة أنها تريد طريقاً مختلفاً. الغريب أني كنت أحلم أحلاماً مستحيلة رغم علمي بأنها ممنوعة. كنت أريد أن أصبح رائدة فضاء، وأكرر على مسمع أهلي دائما هذا الأمر. أشتري موسوعات عن الفضاء أكسبتني معلومات قيمة الآن، وأتخيل أني سأصل للكواكب وأتنقل بينها. وفي الثانوية أصبحت أهوى السياسة وأكرر ذلك لعائلتي، ربما لذلك فكرت إحداهن (بدعسي). الآن أضحك كلما تذكرت هذه الحادثة لأن أحداً لم يتمكن من إخماد صوتي الذي تعدى العائلة ووصل للملايين.

الإعلامية السعودية نادين البدير

الكتابة كانت المتنفس الأول
حين كبرت أحاطتني الممنوعات من كل حدب في عائلة محافظة. وكان التمييز (وحتى اليوم) يضرب كل مجالات الحياة وصولاً للتعليم لذا لم أتمكن من دراسة السياسة التي أحبها، ولم أدرس الإعلام، بل حصلت على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة الملك عبد العزيز. أوقات فراغي كانت مكرسة للقراءة فقط منذ طفولتي لأني ممنوعة من زيارة الصديقات ومن رحلات المدرسة...الخ، القراءة في أيام العزلة كان لها فضل كبير لا أستطيع وصفه حتى الممات، دخلت كل العوالم وأنا في غرفتي، وهكذا دخلت الإعلام عن طريق الكتابة أولا لأني كنت أشعر بالعزلة، والكبت، والقهر، والسجن، وأنا امرأة خلقت حرة ورغبت بأن يسمع العالم صوتها.

أول مقال لي كان مجرد هواية. لكني فوجئت بنشره وكنت لا زلت أدرس، حين نشرته الصحيفة أخذت أقلب اسمي من جميع الزوايا بفخر وفكرت بسذاجة مبتدئة "كم أني كاتبة شهيرة جداً من مجرد مقال".
أبي الذي لم تكن تعنيه آرائي كثيراً هاتفه أصدقاؤه يخبرونه عن اسم ابنته في الجريدة. كانت صدمة، لكنه بعدها أصبح يحترم رأيي ويستمع إليه بإنصات. وتوالت الكتابات ومقالات الرأي، وتوالت هجمات تريد أن تخرس صوتي، وهجمات لا تريد أن تصدق بأن شابة سعودية هي التي تكتب.

لم أعد أخجل
الكتابة كانت متنفسا لي ولبنات جيلي ، لم أترك موضوعاً إلا وطرقته، وشعاري كان - بعنوان إحدى المقالات التي لم تعجب المتشددين أبداً - (لم أعد أخجل)
ظهرت صورتي في البداية. قبل سنوات قليلة لم يكن ذلك أمرًا عادياً وكانت الصورة وحدها تكفي لإثارة الشغب والشتائم. أغربها من بنات جنسي ومن كاتبات سعوديات.
وتكمل نادين سرد حكايتها وتقف عند نقطة التحول الثالثة في حياتها المهنية وتقول: "كانت من خلال ظهوري كضيفة في برنامج (المجلس) للصحافي الكويتي القدير محمد الجاسم، كان منعطف تحول كبير في حياتي، اشتهرت الحلقة على نطاق واسع وتحولت لحديث المجتمع، كنت أول امرأة تتهم المؤسسة الدينية بتخلف الأوضاع في السعودية.


مساواة
بعدها عرضت عليها قناة الحرة تقديم برنامج. وبسرعة قدمت لهم فكرة لبرنامج يدافع عن قضايا المرأة بجرأة لم يقدمها أحد من قبل. تقول نادين:"أسميناه مساواة. وفي اعتقادي كان نقطة تحول للمرأة السعودية أيضاً. كسرت فيه كل الحواجز وكل التقاليد والأعراف المخالفة لحقوق الإنسان والمرأة . وسافرت كثيرا لبلدان عربية وأجنبية وإلى أمريكا وأجريت حوارات مع وزيرات، وناشطات، وصحافيات أميركيات وعربيات وخليجيات. واكتشفت "أن المرأة تعاني في كل مكان ولو اختلفت النسبة".

كنت أطرح اسئلة استفزازية جداً. تسألها أي طفلة صغيرة ولا تجد لها إجابة، فتجبر على الإنقياد الأعمى وتتحول لحلقة من حلقات سلسلة التخلف.

جازي
من أجمل الأحداث في حياتي. كان في أحد مقاهي ميلانو حيث كنت أجلس مع أصدقاء. تأتي طفلة عمرها 11 عاما لن أنساها أبدا اسمها جازي. وتقبلني قائلة: أنا مثلك أرفض الخضوع، ولا أريد ارتداء الحجاب، وضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأتابع كل حلقاتك.. تفاجأت من سنها الصغير ونظرت خلفها كانت أمها وأبوها ينظران إليها مبتسمين. دمعت عيني وقتها ، أخيراً هذه أحلى نتيجة يمكن أن أخلص إليها. التأثير في الأجيال الصغيرة، وجازي كانت صغيرة جدا لكنها تمثل الجيل الذكي الجديد.

روتانا خليجية والإثارة الإيجابية

نقطة التحول الرابعة : انتقالي لروتانا خليجية. صرت أقدم برنامجا أبرزني أكثر وأظهر قدرتي على تجاوز قضايا المرأة. منذ ثلاث سنوات وهو يحاكي قضايا سياسية، ومجتمعية، ودينية، تمس المحظورات والمسكوت عنه. حلقاته جدلية وبين مختلف التيارات.ما زلت أطرح الأسئلة التي يصفونها بالاستفزازية فأمور كثيرة غيرت معالم المنطقة العربية وحولتها لـ(خرابة) بفعل فتاوى بجحة، وتقاليد جديدة مستحدثة، وفتن وطائفية ومذهبية وعرقية. ألا تستأهل كل هذه الأمور المستفزة أسئلة تجاريها بالاستفزاز ؟

استضفت أهم شخصيات الفكر والدين. لا أحب المواضيع العادية وأكره تلك المواضيع الروتينية التي تملأ أوراق الصحافة كالبطالة وغيرها ، أحب المواضيع الشائكة التي لم يتطرق لها أحد قبلي.
أهوى وأنتشي لمناقشة المحظور والممنوع، وأتوق لسماع الحقيقة، وتصيبني نشوة عارمة لدى توصلي إلى معلومة أو معرفة جديدة. كنت الوحيدة في الإعلام السعودي التي ناقشت أحداث القطيف وتظاهرات الشيعة. والآن كنت أول من تطرق لموضوع الإخوان في السعودية ونسبتهم وتأثيرهم المخيف على مجالات الحياة المختلفة، خاصة إذا ما علمنا أن لهم الدور الكبير في تخلفنا وتأخرنا.
هذه الحلقة عرضت مؤخراً وستشكل علامة فارقة في مهنتي من الآن فصاعداً، فعدا عن كونها انتشرت بشكل كبير وكتبت عنها الصحافة بعدة بلدان عربية، فهي كشفت عن أوضاع مخيفة علينا جميعا المشاركة بالتخلص منها والتركيز عليها.

وترد نادين على منتقديها قائلة: "يدعون أني أهوى الإثارة وأقول الإعلامي الذي لا يثير (بإيجابية طبعا) الأفضل له العودة إلى منزله".

أنا وأزواجي الأربعة
تقول نادين أن ما يكسبها الشهرة أمور بديهية لا تفهم لماذا يتوقف عندها الآخرون: "وتختار مقال "أنا وأزواجي الأربعة" كنقطة تحول هامة في مسيرتها ككاتبة. لأنه تحول للعالمية. فقد أذيع بنشرة الأخبار في تركيا ونشرته وناقشته صحف إيطاليه وهولندية وفرنسية وأميركية وسويدية وكردية وغالبية الصحف العربية. وترجم كثيرا ولا زال يترجم ويعاد.
حتى اليوم لا أعلم ما الذي أغضب المجتمع بالمقال. كلها تساؤلات مشروعة. لكننا في مجتمع يهوى الصمت والاستسلام، وثقافة القطعان هي التي تحركنا.

معارك مع الإسلاميين
ليست لدي معارك. إلا مع نفسي. أحب التحديات وأحب مواجهة المجهول والمغامرات تستهويني. لا أعادي أحدا لأني أحب الجميع، أما من يعاديني فلا أفكر بهم، التيارات الإسلامية تعتبرني عدوها اللدود. لكني لا آبه ولا أكترث.
هؤلاء منصرفون عن الدين لمراقبة البشر وخاصة النساء . قبل فترة كان لي حوار مع إيلاف، قلت فيه الإسلاميون في نقدهم لي لا مهمة لهم سوى مراقبة تنانيري وكتابة مقالات في جسدي. ثم يوقع الكاتب باسم رجل ملتح. أي اسلام هذا الذي يعتقدونه. الإسلام منهم بريء.

عملي الإعلامي عمل وطني بالدرجة الأولى
مهنتي ليست مخيفة لكنها مقلقه، إلا أنه قلق ممتع، تأخذ كل وقتي حتى في ساعات الليل أفكر بها. لأنها مرتبطة بمشاكل الوطن، الإعلام يمكنه فعل المعجزات. ومؤثر جدا. وأنا أعيش في وطن تتخاطفه تيارات مرعبة بعضها يريد إخضاعنا لسلطة تنظيم دولي. لذا فعملي الإعلامي وطني بالدرجة الأولى. وجزء من نجاحي أني لا أؤمن بالإعلام المحايد مئة بالمئة. هذه حقيقة لا أحد يريد تصديقها. بالنسبة لي الحياد أمام الخيانة الوطنية، وأمام الفساد، وأمام الجريمة نفاق إعلامي. هناك حدود للحياد الإعلامي. لكن الأنظمة تشدقت بالحياد الإعلامي لتخرس الإعلاميين. واليوم تتشدق التيارات الإسلامية بالحياد والديمقراطية لتخرس الجميع. وأنا لا أحايد أمام قضايا تتعلق بأمن الوطن أو حقوق الإنسان.

وفاء الكيلاني (MBC - MBC Masr)
إعلان في الجريدة لمحطة ART تطلب فيه مذيعين، كان بوابة دخول خريجة العلوم السياسية وفاء الكيلاني الى عالم الإعلام المرئي، فبعد إصرار من بعض أقاربها ممن شاهدوا الإعلان في الجريدة، توجهت وفاء لإستوديو الهرم وخضعت للإختبار مع مئات المتقدمين، ومن سافر إلىإيطاليا من بين كل هؤلاء كانت هي فقط، بالإضافة الى شخصين كانا بالأساس يعملان في ART مصر، وهما طارق علي وإنجي أنور. وصلت وفاء الى ايطاليا في 15 ديسمبر 1997، وظهرت على الهواء في يناير 1998.
تقول لم أمتلك خبرة حينها، ووجدت نفسي فجأة أمام الجمهور في بث مباشر، وهو موقف مخيف لمبتدئ لم يستعد للأمر جيداً، وربما هذا ما كان يميز قناة ال ART الإعتماد على عفوية المذيع والعلاقة الإنسانية التي يبنيها مع الجمهور مباشرة، فيرتبطون به ويرتبط بهم وتسود الأجواء الفة كبيرة.

الإعلامية المصرية وفاء الكيلاني

الفرصة الأولى
وتتذكر وفاء أن المخرج ميلاد بسادة هو من أجرى لها الإختبار في مصر، ومن ساعدها على تجاوز صعوبات لاحقة في ايطاليا كادت تنهي مسيرتها قبل ان تبدأ، أما الفضل في إختيارها للسفر إلى إيطاليا فكان للشيخ صالح كامل الذي منحها الفرصة الأولى بعدما شاهد شريط الإختبار الخاص بها، لم تكن تعرفه في حينها ولم تلتق به من قبل لكن قراره غير حياتها،أما من تبنتها مهنياً فكانت الفنانة صفاء أبو السعود التي تدين لها بالفضل في تعليمها الف باء الإعلام.
تتذكر وفاء قائلة: "أول ظهور مباشر كان في "ستوديو الهوا" وشاهدتني الفنانة صفاء أبو السعود وأعجبها إدائي، فأصرت على إنتقالي لقناة الإفلام التي كانت تشرف عليها، وآمنت بي جداً، وتعلمت على يدها أسس المهنة".

روتانا
بعد أن أثبتت نفسها في ال ART لفتت اليها الأنظار، وجاءها عرض من روتانا، وكانت في حينها في مرحلة تشعر بأنها بحاجة للتغيير وتطوير نفسها، وكانت ال ART قد باعت بعض محطاتها للأمير الوليد بن طلال، الذي كان بدأ في بناء أمبراطورية روتانا الإعلامية. فوافقت وإنتقلت وفاء الى لبنان للعمل في المحطة الجديدة، حيث قدمت برنامج "غنيلي" على روتانا طرب، ثم إنتقلت الى روتانا موسيقى وكانت هذه النقلة بمثابة ترقية لها، وقدمت عليها برنامج منوعات حقق نجاحاً لافتاً وكان بعنوان "فيها إيه" ركزت فيه على عقد النجوم، ومخاوفهم، وخاضت في ماضيهم وحاضرهم وأسرارهم الصغيرة، ومن خلاله بلورت أسلوباً مختلفاً خاصاً بها.

ضد التيار نقطة التحول الأولى
وتعتبر أن النقلة المهنية الأهم كانت في برنامج "ضد التيار" الذي رسخ نجوميتها وزاد من شهرتها، وتدين بالفضل للأمير الوليد بن طلال الذي منحها نقطة التحول الكبرى في مسيرتها المهنية، لأنه وافق على أن يتطرق برنامجها لقضايا إجتماعية جدلية، ويستقبل ضيوفا من تخصصات مختلفة، ومنحها الفرصة لإظهار قدرتها الكاملة كمحاورة شاملة، ولم يحصرها في نطاق الفن فقط، رغم أنه أمر كان يتعارض مع قناة متخصصة بالموسيقى، لكنه شجعها ومنحها هذا الإستثناء، وكانت على قدر التوقع، فقدمت حلقات جدلية تميزت بجرأة الطرح: كالتحول الجنسي، والمثليين، وبيع الإعضاء، وتأجير الأرحام، وغيرها.
كما إستضافت شخصيات ثقافية ودينية كالدكتورة نوال السعداوي، والشيخ جمال البنا، والشاعر أحمد فؤاد نجم وآخرين.
تقول وفاء: "هو آمن بموهبتي، وأحب أن يمنحني الفرصة، وأنا ساظل ممتنة له طول العمر، فلولا ذلك ربما كنت بقيت محصورة في ذات الإطار.
وحول سبب تحولها من تقديم برامج المنوعات الى تقديم البرامج الإجتماعية تقول: كنت أود أن أكون مثل "الدنيا" بمليون وجه، فحياتنا فيها الفن، وفيها الثقافة، وفيها المشاكل الإجتماعية، والضعف البشري، وألا يقتصر تفكيري في الأغاني والموسيقى فقط، فهذا جانب واحد من جوانب عديدة أخرى حلوة ومرة، أردت التطرق اليها، وودت أن أكون حقيقية، وأقترب من كافة القضايا التي تشغل المشاهد.

بدون رقابة

ونجح البرنامج وإستمر لثلاثة مواسم، قبل أن تنتقل الى محطة LBC ولكن تحت مظلة روتانا، بعد الشراكة التي حصلت حينها بين الوليد بن طلال والشيخ بيار الضاهر.
توجت وفاء مسيرتها المهنية ببرنامج "بدون رقابة" على المحطة اللبنانية، ووصلت الى جمهور أوسع، ورفعت سقف المواضيع وجرأتها وجدليتها، واستمرت في تقديم البرنامج لموسمين، لحين إنتهاء عقدها مع المحطة.

نورت MBC
ومع إنتهاء عقدها مع قناة روتانا/LBC إنهالت عليها العروض وكان العرض الأبرز بالنسبة لها من محطة MBC فإنتقلت إليها، وبإنتظار إفتتاح قناة أم بي سي مصر، قدمت برنامج "نورت" على أم بي سي الأولى،وهي تقريباً المرة الأولى التي تخرج فيها وفاء عن إطار الضيف الواحد، بإستثناء بعض الحلقات الإجتماعية التي قدمتها في السابق.

قصر الكلام
ونجح البرنامج وحقق نسب مشاهدة مرتفعة وإستمرت به لموسمين قبل أن تتوقف بقرار منها، وتنتقل الى أم بي سي مصر ببرنامجها الجديد "قصر الكلام" وعادت من خلاله الى اسلوبها الاقرب الى شخصيتها.
ورغم تعثر البرنامج بسبب التغيرات السياسية في مصر، وتأجيل عرضه من رمضان الى ما بعد العيد، وتعرض بعض حلقاته للمونتاج بسبب عزل مرسي بعد ثورة 30 يونيو، الا ان البرنامج حقق كذلك نسب مشاهدة عالية، وقررت المحطة اعادة عرضه على ام بي سي الاولى رغم أن هذا لم يكن مقرراً بداية، مستفيدين من كون وفاء تجمع بين الجمهورين المصري والخليجي في آن واحد.

لا للظهور اليومي المباشر في هذه المرحلة
ورغم تلقيها عروضاً عديدة لتقديم برنامج حواري سياسي يومي مباشر، من بعض المحطات المصرية أو المحطات الموجهة لمصر، إلا أنها إعتذرت عنها بسبب ظروفها العائلية التي لاتسمح لها بالإنتقال الى مصر بشكل دائم، أو توزيع وقتها بين مصر ولبنان.
لا تشعر وفاء بأنها تضحي مهنياً بسبب أسرتها،برفضها ما قد يعتبره البعض التتويج المهني لمسيرة المحاور التلفزيوني في مصر،في أن يظهر يومياً في وقت الذروة على الهواء مباشر، لأنها لا ترى ضرورة في ان تتواجد على الشاشة بهذا الشكل ليكون لها تاثير في الراي العام، او نجومية كبيرة،فتجربتها أثبتت لها بأن جودة الطرح، والاسلوب القوي، والإختيار الجيد للمواضيع في حلقة تذاع اسبوعياً قد يحقق ذات النتيجة، وهي خطوتها القادمة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف