تُمضي وقتها مع أحفادها ومنعها الطبيب من البكاء على إبنها
سليمة خضير لـ"إيلاف": أذهلنا الأمة العربية في "الثعلب والعنب" وحبي لسوريا كحبي للعراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
&أكدت الفنانة العراقية الكبيرة سليمة خضير أنها اعتزلت التمثيل لأنها وجدت نفسها عاجزة عن العمل ولشعورها أنها تقدمت في العمر خاصةً بعد وفاة ابنها، فيما استعرضت مع "إيلاف" مشوارها الفني منذ بدايته&حتى اعتزالها.&
&
بغداد: أعلنت الفنانة الكبيرة سليمة خضير اعتزالها التمثيل بسبب تراجع حالتها الصحية ووفاة ولدها (وسام) حيث شعرت أنها غير قادرة على الإستمرار بالعمل، مشيرةً إلى عشقها الكبير للمسرح الذي تتمنى أن تراه&عائداً لمكانته السابقة حين قدم الكثير من الأعمال الخالدة، وقالت في حوارٍ خاص مع "إيلاف" أنها لولا حبها للتمثيل لأصبحت نجمة في عالم الأدب أو صحافية كبيرة، وعبّرت عن اعتزازها بكل ما قدمته في سنوات عمرها الفني الذي بدأ من البصرة. المزيد من تصريحات "خضير" في الحوار التالي:
* كيف حالك وصحتك الآن؟
- فقدان إبني (وسام) جعلني أتغير كثيراً، فالظرف الذي مررت به خلال السنتين الماضيتين وبعض الأشهر تُعادل عمري كله، وقد أجريت عمليةً جراحية لعيني ومن المفارقات أن الطبيب منعني من البكاء الذي أحتاجه بعد رحيل إبني. ولأن عيوني ما عادت تساعدني على القراءة كما في السابق، فأنا اقضي يومي بغسل المواعين والطبخ لأحفادي وأتلذذ بلقاءاتي معهم. هذه حياتي الآن. وهي ليست حياةً بالمعنى الذي نريده، خاصةً نحن الذين لدينا الطموح والإرادة في صنع التغيير في البلد، ولكننا بالبرغم من أننا عملنا لبلدنا ، خسرنا خسارةً كبيرة من أعمارنا وما استفدنا.
* لنعد قليلا إلى الوراء، من اين بدأت مع التمثيل؟
- من فرقة هواة الفن في البصرة. هذه الفرقة هي التي وضعتني على سكة التمثيل. فقد كنت أتمنى أن اكون طبيبة أو صحفية، ولكن عبد الوهاب محمد ناجي رحمه الله& جاءني وطلب مني المشاركة في التمثيل، وبدأت خطوتي الأولى بمسرحية "كفاح في الجزائر" سنة 1958. الظروف جعلتني أعبد المسرح وقلت أكثر من مرة أنه معبدي. وكنت أقرأ في لحظة صعودي على خشبة المسرح آياتاً من القرآن الكريم. فرقة هواة الفن هي بدايتي، ولقد مثلت معها مسرحية "غراب" مع علي كاطع الأطرش، رحمه الله. لقد كان صديقي وزميلي، وكان مشجعاً وداعماً لي. فقد كنت آنذاك هاوية للمسرح، لكنهم جعلوني أنتمي له انتماءً كاملاً مع انتقالي من البصرة إلى بغداد حيث دخلت مع الفرقة القومية للتمثيل.
* هل تذكرين أول مسرحية لك في بغداد؟
- نعم. لقد كانت مسرحية "أنتيغونا" لجان آتوي مع سامي عبد الحميد، وكنت وقتها ما زلت أسكن في البصرة، ونلت تشجياً كبيراً لأن العنصر النسائي كان قليلاً جداً.
* وهل صحيح أن هذه المسرحية هي التي فتحت امامك أبواب الإذاعة والتلفزيون؟
- أذكر انني كنت أتمرن في مسرحية "أنتغونا" وجاء شاب، وقال لي: ست سليمة أرجو أن تأتي يوم غد إلى الاذاعة؟ فسألته: لماذا؟ أجاب: مدير الإذاعة والتلفزيون يريدك. فذهبت في اليوم التالي إلى الإذاعة والتقيت مدير الإذاعة والتلفزيون عبد الرحمن فوزي رحمه الله، فقال لي: إبنتي نحن سنقوم بتعيينك في الإذاعة، بدون أن نجري لك امتحاناً لان صوتك وإلقائك وطريقتك جيدة لكي تكوني مقدمة برامج، أما أمير الحلو، عندما كان مديراً للإذاعة،&أرادني أن أكون مذيعة، ولكني فضلت التمثيل على أي شيءٍ آخر.
* هل كان التمثيل رغبتك الأولى أم هناك موهبةً غيره؟
&- لو أنني استمريت بالكتابة ككاتبة أو صحافية لكنت اليوم نجمةً كبيرة في عالم الأدب، ولكن التمثيل أخذ جهدي ووقتي وكل حياتي، وبالذات التمثيل المسرحي، فأنا مثّلت في الإذاعة والتلفزيون وكتبت للإذاعة وللمسرح، فكانت هذه أشياءً ثانوية لا أساسية. لكنني خريجة آداب باللغة العربية. وكنت اقرأ كتب المسرح وما زالت في مكتبتي هناك مسرحيات لها أثرها الكبير في نفسي.
* انت إحدى مؤسسات الفرقة القومية للتمثيل هل تذكرين تاريخ انتماءك لها؟
- تأسست الفرقة القومية للتمثيل عام 1969، وأذكر حينها أنني كنت موظفة في الإذاعة. جاء الفنان وجيه عبد الغني رحمه الله، وقال لي : ست سليمة نحن نريد أن نؤسس الفرقة القومية للتمثيل ونريدك معنا لتكوني من المؤسسين. فكان وقتها محمد سعيد الصحاف مديراً عاماً لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون، فقاطعه قائلاً: أنا لا أستغني عن سليمة. فقد كنت بالفعل أحمل وزناً ثقيلاً في الإذاعة، فقال له: إذاً، فلنتفاهم. أعطونا أياها للفرقة القومية للتمثيل وتأتي بعد الظهر للإذاعة. واتفقنا على هذا، ولأنني كنت احب العمل فقد فرحت بالاتفاق بينهما.
* هل يترك تكرارك لكلمة "رحمه الله" حين تذكرين زملائك وقعاً خاصاً في نفسك؟
- حين أقول كلمة "رحمه الله" اتألم، لأنني أرى الحياة أحيانا أكذوبة. ولدي ملاحظة هنا. فيجب أن أذكر أنني لم ألمس في الأدباء والفنانين إلا الطيبة والنقاء.
* ماذا عن مذكراتك التي سمعنا انك تكتبينها؟
- كتبت الكثير من مذكراتي لكنها مبعثرة والسبب عدم الاستقرار في البلد. وأنا مررت بالكثير من الأمور المتعبة. فعلى سبيل المثال، بيتنا سُرِقَ واحترق عام 1988. كانت لدي مكتبة في غرفة قياسها 8 م × 5م، وفيها أرشيف منتظم، تلفزيوني، مسرحي ومقالات، فخسرت الكتب الجيدة التي أعتز بها، والمسرحيات التي مثلتها احترقت، وهذا الشيء أحدث عندي رد فعل، ومنذاك اليوم لم أنقطع عن الكتابة. كتبتُ أيام الحرب يوماً بعد يوم. وكتبت كل ما صار بها وما مررت به خلالها، وهي جزء من مذكراتي، لكنني لم أنظمها. ولست مستعدة اليوم أن لأنظم شيئاً بسبب وضعي الصحي والنفسي.
* عَملتِ لمدة طويلة في سوريا، فأي مشاعر وذكريات لك فيها؟
- لجأت إلى سوريا لظروفٍ معروفة ومرّ بها كثيرون. وأنا لا أعتبر فترة عيشي فيها غربة، بل إنها من أسعد الأوقات، لأن الناس فيها يحملون الطيبة في قلوبهم. هي بلد جميل جداً، ولكنني أقول: الله أكبر على الإستعمار، وعلى الظالمين الذين يضيّعون سوريا. فأنا أحبها جداً ، ثم أن علاقتي بسوريا ليست جديدة. وأذكر أنني كنت من أوائل الفنانين الذين يشاركون في مهرجانات فنية هناك، منذ عام 1969 إلى عام 1978. كنا في تواصل لعرض مسرحياتنا، مثل "الثعلب والعنب، البيك والسايق، الطوفان" وغيرها من المسرحيات التي عرضناها على مسرح الحمراء، وآخرها عمل من إخراج سنان العزاوي وهي مسرحية (قصائد شعرية) ومثلتها أنا والفنان الكبير محسن العزاوي وتبنتها الشاعرة أمل الجبوري، ولاقت نجاحاً كبيراً جداً. وهي آخر مسرحية مثلتها في سوريا وعلى مسرح القباني. فأنا أشعر بسوريا كما أشعر في العراق. وحبي لها مثل حبي للعراق، وعندما عُدت إلى العراق صرت أحنّ إلى سوريا. فقد كانت عودتي إلى العراق اضطرارية بسبب وفاة إبني وبقاء أولاده وحيدين. صدقني ما خفت على نفسي من سوريا حتى في ظروفها الصعبة هذه، ولكني لم أستطع أن أترك أولاد إبني لوحدهم فعدت. لديّ شقة في سورية إلى حد الآن وانتماءاتي النفسية هناك .
* هل انت متفائلة بواقع المسرح العراقي الآن؟
- التفاؤل لا يأتي بسهولة. الحمد لله، ولكنني أتمنى أن أرى المسرح مثلما كان وسؤالي الدائم هو "يا ترى هل سأراه كما كان عليه في السابق؟" لكني، لا أعتقد أنه سيكون بذلك المستوى ولا بتلك التضحية. ومن جملة الأشياء التي لا أنساها وتمثل حبي الكبير للمسرح، أذكر أنه عُرِضَ عليّ عمل من قبل المخرج ابراهيم عبد الجليل رحمه الله، في مسلسل، وفي الوقت نفسه جاء لنا الإيعاز لنسافر إلى سوريا للمشاركة في مهرجان مسرحي خلال 20 يوماً. فجاء سليم الجزائري، المخرج في الفرقة القومية، بنصٍ يحمل عنوان "الثعلب والعنب"، فاعتذرت من المشاركة في المسلسل التلفزيوني، وبقينا خلال عشرين يوماً في تمارين مستمرة، كانت تضحياتنا فيها أكثر من الجندي، فعملنا ليلاً ونهاراً، وحين قدمناها أذهلنا الأمة العربية بلا مبالغة، وكتبت عنها كل الصحف العربية كثيراً ولأيامٍ متتالية. وكنا عندما نسير في الشوارع يقول الناس عنا بإشارة إلينا "الثعلب والعنب" هذا مثل بسيط. فتضحياتنا كانت في مكانها وكانت الأعمال تترك أثرها، وبصماتها في الأمة العربية. فكنا عندما نذهب إلى مهرجان مسرحي يحسب الجميع لنا حساباً خاصاً، فيقولون: ستأتي الفرقة العراقية. لقد كانت فرقة ممتازة ورائعة ولديها برمجة.&وكنا نحضر أعمالنا قبل سنىة ونعرف ماذا سنقدم في السنة القادمة. ولقد نلت جائزة أفضل ممثلة عن دوري في مسرحية "الأشجار تموت واقفة" في العام 1977. بعدها كان عندي عمل بعنوان "كلهم أولادي" مع الفنان جاسم العبودي "رحمه الله". كنا في الشهر الثامن من كل سنة نسافر. فسافرت إلى لندن مع أبو وسام، فقلت لزوجي حمزة: هل يمكن أن تبحث لي عن هذه المسرحية؟ فوجدتها في كُتيِّب صغير، وقرأتها باللغة الإنكليزية ، وعندما أتينا للتمرين قلت لـ"العبودي": أنا أحضرت معي المسرحية بنسختها الإنكليزية من لندن، فسألني: لماذا؟ فأجبته: حين أقرأ المسرحية بلغتها أستطيع أن أفهم سايكولوجية المؤلف، وما الذي يريد التعبير عنه داخل الكلمات. وبدأنا نتمرن ومن الطبيعي أنني شعرت بالقلق- خاصةً لأنني نلت جائزة أفضل ممثلة عام 1977 أي في السنة السابقة، فكنت أذهب إلى الفنان شكري العقيدي وأحاول أن أبدد قلقي معه. لقد كنا حريصين على عملنا جداً.
* هل تعتقدين أن شركات الإنتاج خدمت الدراما العراقية؟
- لم تكن هنالك في العراق شركات إنتاج في السابق، واشتغلنا للتلفزيون أعمالاً جيدة مثل أعماق الرغبة الذي فتح الباب أمام دول الخليج لمشاهدة الأعمال العراقية، وكذلك الأعمال المشتركة. ولكننا في سوريا، وخلال السنوات الأخيرة، اشتغلنا ضمن إنتاجات شركات فنية. ومن الطبيعي أن المنتج حريص على أن يربح على حساب العمل الفني. وهناك مسائل نسبية لا أستطيع الحكم عليها. أي أن هناك منتج جيد وهناك منتج رديء وهناك منتج "وسط". فالإنتاج الأمثل يحتاج لدراسة عميقة، وأعتقد أنه من الصعب أن يكون كذلك بسبب التذبذب النفسي للناس وللفنانين وبسبب الظروف التي تجعل الإنسان لا يعرف أين طريقه. فأنا شخصيا ليس عني غد، ليس لديّ (باجر) عندي يومي فقط.
* ما قصة علاقتك بالفنانة المصرية الكبيرة الراحلة أمينة رزق؟
- كان اللقاء بها أشبه بالحلم الجميل. كنت وقتها في عمر المراهقة، وجاءت إلى البصرة فرقة مصرية ليوسف وهبي. أنا كنت حينها أحب المسرح والتقيت بهم. وإلى حد الآن لا زلت أحتفظ بالصور التي قدمها لي يوسف وهبي والست الكبيرة أمينة رزق كهدية. وهذا الأمر دفعني أكثر للإنتماء إلى المسرح. ثم التقيت بها عندما سافرت إلى القاهرة. فأقامت لنا الفنانة سميحة أيوب حفلةً في المسرح، وكان يوسف السباعي رحمه الله وزير الاعلام آنذاك، وفيما كنا منشغلين بالحفل، سمعت أمينة رزق تقول لي "يا سليمة يا بنتي، أنا فرحانة إنك كنت هايلة"، على قولتهم بكلامهم المصري الحلو. وأعربت عن سعادته، وقالت لي: "أنت من بناتي اللواتي احتضنوا المسرح بسببي أنا". كما التقيت بها فيما بعد أكثر من مرة وكانت أكثر من رائعة.& وأعتقد أنني تبنيت النفسية السايكولوجية من هذه الإنسانة المتواضعة اللطيفة والمؤمنة بقضية تقدمها وهي المسرح، الذي هو مدرسة. فقد كان انتماءنا للمسرح&ليس اعتباطاً بل ايماناً منا بخدمة القضايا في&البلد ، واعتقد أننا قدمنا ما يجعل ضميرنا مرتاحاً، وإلا فلم نكن لنحصل على نتائج ايجابية.
* كيف هي علاقاتك مع زملائك؟
- ما زلت أتواصل مع زملائي الفنانين عبر الهاتف، ما زلت أتصل بالفنان الكبير يوسف العاني ،هذا العملاق الذي للأسف تعرّض إلى كسر في رجله ولم يسأل عنه أحد، وكذلك مع الفنان الكبير محسن العزاوي ، وأيضا أتواصل مع&فوزية الشندي التي لها سنوات طويلة خارج العراق،&&وكذلك مديحة وجدي هذه الانسانة الطيبة، فليس بيننا سوى المحبة ، طه علوان الرجل الطيب والعظيم، وغيرهم، فأنا أحبهم كلهم مثل عائلتي، وأقسم أنني أحب كل الفنانين والأدباء الذين أعرفهم مثل أهلي ولا أشعر بأنهم غرباء عني أبداً .
&
التعليقات
صحه وعافيه
ام احمد -صحه وعافيه ست سليمه كنت ومازالت كالنخله شامخه بين انهار البصره الخالده رغم الجفاف والاهمال الذي لحق بكل ماهو جميل ومبدع فى بلدى طوله العمر ان شاء الله