ترفيه

عانى أمراض الشيخوخة والإهمال الرسمي واشتهر بأغنية نازل يا قطار الشوك

الفن العراقي يودع الفنان الريفي عبد الزهرة مناتي

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

&نعت الأوساط الفنية والثقافية العراقية الفنان الريفي عبد الزهرة مناتي، الذي فارق الحياة ظهر يوم&الإثنين، في منزله عن عمر ناهز الـ80 عاماً،&وكان قد اشتهر بأغنية "نازل يا قطار الشوك".

مناتي في جلسة غنائية

&& بغداد: بكى أهل الفن العراقي رحيل الفنان العراقي الريفي الكبير عبد الزهرة مناتي، الذي وافته المنية في منزله بمدينة الصدر- شرقي بغداد، بعد صراعٍ طويل مع المرض، وأغدقوا عليه بالثناء والرحمات.
والراحل من مواليد محافظة ميسان "جنوبي العراق"، ذاع صيته في فترة الستينيات حيث كانت الأغنية الريفية رائجة وعشاقها يتزايدون، ومن ثم اشتهر أكثر مع أغنيته الشهيرة "نازل يا قطار الشوك" التي نالت نصيبها من الشهرة في المجتمع العراقي الريفي والمدني في السبعينيات.

وفي كلام الفن، يُعد مناتي من مجددي الأغنية الريفية بين السبعينيات والثمانينيات، وقد غنى لأبرز الملحنين في تلك الفترة. وعُرِفَ عنه زهده بالشهرة وتواضعه وتفضيله بساطة العيش والإبتعاد عن الأضواء، ثم قرر الإعتزال بعد عام 2003 ومن ثم داهمه المرض. وللراحل العشرات من الأغاني الجميلة، أشهرها: مو كلها مني، يا غايب الروح، لا تزعل، نازل يا قطار الشوك، عودوا يا غياب، يا وليدي، سنين العمر.

كلام في عطاء الراحل:
الفنان مقداد عبد الرضا: أصفى القلوب وأنبلها
واعتبر الفنان مقداد عبد الرضا يوم رحيل "مناتي" يوماً حزيناً، وقال: حزن قاتل ينتابني مع نهاية كل عام. يحدث هذا لي منذ مراهقتي وانتباهتي الأولى، وأحتار لمعرفة السبب، واليوم جاءني نعي واحد من أصفى القلوب وأنبلها، عبدالزهرة مناتي، يا للحزن! انا أبكيه الآن حقاً. أعرفه، وسنوات فرح وغناء وبهجة ومسرات جمعتنا. كان كل من حولي يغني، عبدالزهرة مناتي، حسين السعدي، جاسم الخياط، كل شيء كان يغني ببهجة لاتضاهى. يا إلهي، الحزن يسكننا أرفق بنا. لك الرحمة أيها القلب الطيب والصديق العذب، ولأهلك ومحبيك الصبر.
الموسيقار سامي نسيم: طير شادي
ووصف الموسيقار سامي نسيم "الراحل" بأنه& صوت الروح، وقال: "ودع البردي والقصب طيره الشادي وصوته المدوف بأسى الجنوب. وحلقت أناته وأشجانه بعيداً خلف نهاراتنا المثقلة بالحزن وانتظارات لا طائل منها سوى عقم ويباس عرش بأرواحنا".&&وأضاف: "رحل عبد الزهرة مناتي دون إكليل ورد أو دمعة خالطت كحل أو خطى حزينة رافقت نعشه لمن كانت تستحم أرواحهم العاشقة بماء صوته فتعود الى سالف طهرها وسجيتها الأولى. حصد منجل الزمن سنبل بذاره ونسي المسافر حقيبة روحه المودعة بعربة قطار ظل محطته الأخيرة فأوغل بظلامٍ طويل لا إياب له".
الروائي عبد الأمير المجر: شجن بسعة العراق كله
&وبعد تنهيدة، استذكر الروائي عبد الأمير المجر بحزن اسم أغنيته متأوهاً: "عبدالزهرة مناتي .... ياوسفة ظني"!، وأضاف: "تعرفت عليه قبل عدة عقود منذ كنت صغيراً أعبث العشب والطين في قريتي في المجر الكبير، حين كان يأتينا صوته مثل رذاذ الندى في أيام القيظ، عبر "الراديو". فهو حين كان يغني يجعل الرؤوس تطوح في الفضاء، ويُغرق الجميع بأحلام يقظة، فيضج المكان بصور الجمال التي يبثها الصوت الشجي القادم عبر الأثير من بغداد!" .
&وتابع: عبد الزهرة مناتي، هو الفنان الذي توزعت أيامه وسنينه على مساحة العراق التي ساح فيها كادحاً في السنين الخوالي، فصار بعذوبة هذا الصوت وما يبثه من شجن بسعة العراق كله. عرفه الجميع مغنياً مبدعاً اسمه عبد الزهرة مناتي الذي التقيته قبل نحو عشر سنوات حين أصبحت بالمصادفة جاراً له في منطقة الشعب. وتعرفت عليه عن كثب إنساناً طيباً ومحباً ترك الزمن في قلبه النقي كميةً كبيرة من الحزن بسبب فقدانه لابنه البكر"خالد" في حرب الثمانينيات. ولقد حدثني عنه وعن أيامه السابقة واللاحقة ليغدو صديقاً لي. فصرنا نلتقي باستمرار ونتحدث ليعيدني لإيامٍ جميلة مضت ولن تعود. إلا أنني بعد بضعة سنين انتقلت من المنطقة وابتعدنا عن بعضنا، ولم نلتق منذ مدة. وكنت أسال عنه وعن صحته وأردت اللقاء به مجدداً إلا أن الموت سبقني إليه وترك في نفسي غصةً وشعوراً بالتقصير تجاهه، لأنني لم أزره. فعذراً ياصديقي العزيز، وإلى روحك الرحمة أيها الإنسان الجميل.
الفنان مهدي السيد: صوت مليء عذوبة&
&وقال الفنان مهدي السيد: "ذكر لي أحد الموسيقيين القدامى أنه عندما تقدم عبد الزهرة مناتي للإختبار ليكون مطرباً معتمداً في الإذاعة- كما يسمونها سابقاً، وكانت لجنة الاختبار برئاسة وديع خوندة وأساتذة آخرين. سجل "خوندة" سابقة استغربها الأساتذة معه في اللجنة، حيث أنه& عندما تكلم المرحوم "مناتي" مع اللجنة قبل أن يغني، قال له "خوندة" أنت مجاز كمطرب، فاستغرب الأساتذة موقفه، فرد عليهم: عندما تكلم خرجت بكلماته زخارف وعرب فكيف إذا غنى. وعندما طلبوا منه الغناء أذهل الأساتذة بصوته وأجيزَ كمطرب" .
الصحافي قحطان جواد جاسم:
من جانبه قال الصحافي قحطان جواد جاسم : أتذكر هذا الفنان المبدع حين خدمت العسكرية كمكلف في المسرح العسكري وكان مديرنا الفنان الراحل راسم الجميلي. وكان "مناتي" برتبة رئيس عرفاء وقد جمعتنا صداقة كبيرة وحميمة لان أخي الكبير التشكيلي الرائد رافع جاسم كان مصمماً في الإذاعة وكنت أتوسط لمناتي كي يبثوا أغنياته لاسيما أغنية "نازل ياقطار الشوك" ألحان الفنان عبد الجبار الدراجي. وقد غناها أيضا الفنان إسماعيل شبانة شقيق عبدالحليم حافظ.&وأضاف: كنت اتوسط له أسبوعيا وكان "مناتي" يدفع صحن التمن والمرق في المطعم المجاور للمسرح العسكري قرب جامع عادلة خاتون قرب الجسر الحديدي في عام 1971، ويقول جملته المأثورة "أول جندي ينام براس رئيس عرفات" بعد أن كان المتعارف عليه أن الجندي هو الذي يغدي رئيس عرفات لاعتباراتٍ يعرفها من خدم العسكرية. وأذكر أنه كان معنا الفنان الراحل رياض أحمد والفنان الراحل حسين اللامي والفنان الكوميدي عماد بدن والفنان العريف عكلة علي. ألف رحمة على هذا الفنان الطيب القلب.
الناقد الموسيقي محمود موسى: علامة فارقة&
&أما الناقد الموسيقي محمود موسى، فقال: يُعتبر الفنان عبد الزهرة مناتي واحداً من أهم عمالقة الأغنية الريفية في العراق. فقد تميز بأسلوبٍ خاص به، وهو أحد المحدّثين للغناء الريفي العراقي، بحيث منحه "مدينية واضحة" فجعل من أغنياته الريفية علامةً فارقة في الغناء العراقي، وذلك من خلال اعتماده على ملحنين كبار أمثال كمال السيد ومحمد نوشي وعبد الحسين السماوي .

وأضاف: من أشهر أغنياته: "ياوسفه ظني" و"الرسائل" من كلمات الشاعر كريم راضي العماري وألحان محمد نوشى، وكذلك أغنية "الك يومين شايل غيض بعيونك"، "سنة وچفوفكم ادگت الباب"، "هاك روحي "، "بالي الناس بلوى"، "نسمات المحبة"، "انه المانسيتك يوم"، "أم رمش الذهب"، "مدللين"، "اعبري بيّه سنين الولايات"، "خليني ابات ويه الرمش" و"حنيّه ورحم ماكو بگلبكم "، وهي من ألحان الفنان كمال السيد الذي لحن له أغنية أخرى هي "گضت ياغايب الروح"، والتي كان يغنيها مستذكراً نجله البكر "خالد" الذي استشهد في مطلع الثمانينيات في الحرب مع إيران .

&وتابع: في رصيد عبد الزهرة مناتي أكثر من ثمانين أغنية إنفرادية ويعتبر هذا رقماً كبيراً إذا ما عرفنا أنه لم يكن متفرغاً للغناء. فقد تطوع في الجيش العراقي برتبة نائب ضابط وكان يعيل عائلته أيضا من خلال عمله كسائق سيارة أجرة(تاكسي) في أوقات فراغه. وأضاف: لقد كنت على تواصل معه في السنوات الأخيرة، حيث كنت أزوره في منزله الكائن في نهاية منطقة الشعب "شرق بغداد". ولقد عانى من أمراض الشيخوخة، وكذلك الإهمال الذي لاقاه من قبل المؤسسات الرسمية ماعدا التكريم الذي حظي به من قبل مؤسسة المدى الثقافية.
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف