ترفيه

ضمن فعاليات مهرجان الفجيرة الدولي للفنون بدورته الأولى

مرثية الوتر الخامس مونودراما إماراتيّة تستحضر زرياب في وجه العنف

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

إستمتع جمهور "دِبا الفجيرة" مساء أمس بعرض مونودراما إماراتيّ مميّز بعنوان "مرثيّة الوتر الخامس" على مسرح جمعيّة دبا الفجيرة للثقافة والفنون والمسرح، بحضور عدد من أهل الثقافة والإعلام، ونجوم التمثيل وأبرزهم ضيوف المهرجان هاني رمزي، وسامح الصريطي، وسميّة الخشاب، والممثّليْن السورييْن أسعد فضّة، ورشيد عسّاف، والممثّلة اللبنانيّة ندى أبو فرحات، والمسرحية اللبنانيّة جورجيت جبارة.

&سعيد حريري من الفجيرة: إستحضار التاريخ وإسقاطه على الواقع هو أبرز ما ميّز عرض المونودراما الإماراتي "مرثيّة الوتر الخامس" مساء أمس. هذا العمل من إنتاج هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، ومن تأليف الكاتب الأردني مفلح العدوان، وتمثيل الممثّل الإماراتي عبد الله مسعود، أمّا التأليف الموسيقيّ فهو لعامر محمّد.

مقياس الزمن يتجلّى في هذا العرض من خلال شخصيّة النادل زرياب المهتمّ بالموسيقى، وبفنّ الإتيكيت في هندامه، ومأكله، ومشربه، حتّى أنّه يحضّر نفسه كلّ مساء لإستقبال روّاد الملهى الذين لن يأتوا، ومع ذلك فهو يستعدّ لملقاهم ويبدأ بإيجاد المبرّرات لعدم مجيئهم: هل تكون المشكلة فيهم، أم فيه هو شخصياً؟ يتعمّق زرياب النادل في أوجاعه الشخصيّة التي ربّما تكون ناتجة عن العنف في بغداد الصاخبة بأصوات القنابل والصواريخ، وربّما نتجت عن عنف قوى الظلام التكفيريّة التي تهاجم شتّى مجالات الفنّ والموسيقى والحياة الجميلة.

يستحضر كاتب العمل شخصيّة زرياب الموسيقيّ والمطرب ذات الصوت العذب الذي عاش في بلاد الرافديْن في العصر العبّاسي& أيّام الخليفة هارون الرشيد، ويسرد الممثّل الإماراتي تفاصيل حياة زرياب الذي مُنح هذا اللقب نظرا لبشرته الداكنة، وصوته العذب، وهو إسم طائر الشحرور الأسود اللون، والعذب الصوت.

زرياب الذي غنّى أمام الخليفة هارون الرشيد بفضل معلّمه إسحق الموصلي، ينال إعجاب الخليفة، ولكنّه في الوقت نفسه يلقى الحقد في عيون معلّمه المليئة بالشرّ، وكأنّ الأخير أصدر فتوى بقتله، حتّى يطلب منه جهراً أن يترك بغداد التي لم تعد تتسّع لهما هما الإثنيْن، ويُعاقب زرياب بين أهله العبّاسيين، فيرتحل بين البلاد والمدن، حتّى يستقرّ في الأندلس التي إشتهر فيها بإضافة الوتر الخامس إلى العود، الذي كان يحتوى على أربعة أوتار فقط، كما عُرف أيضاً بإسهاماته المميّزة في فنّ الغناء، والموشّحات والمقامات.&

&وكانت الموسيقى حاضرة بقوّة في العرض عزفاً وغناءً، وقُدمت الموشّحات على المسرح وأبرزها موشّح "جادك الغيث" الشهير، كما كان حضور رمزيّ معبّر للسلالم على المسرح في إشارة للسلالم الموسيقيّة التي كانت يعتليها زرياب صعوداً، ونزولاً في محاولة للبحث عن حقيقته التي شوّهها الكثيرون.

زرياب الذي أخرجه المؤلّف من قبره ليجسّد ذاكرة تبحث عن راية توحّدها، وليكون رسالة قويّة في وجه العنف والنبذ الذي تعانيه الأمّة العربيّة جرّاء أفعال الظلاميين والتكفييرين الذين قطعوا كلّ أوتار الحياة مقابل مجانيّة الموت. زرياب الذي يأبى تشويه صورته ويصرّ على وصل كلّ الأوتار، بما فيها "وتره الخامس" لتبقى الحياة وتستمرّ.&

وهكذا فإنّ مرثيّة الوتر الخامس مونودراما رائعة نجحت في إستقطاب جمهور كبير مساء أمس، ولا بدّ من التنويه بنصّ المؤلّف مفلح العدوان الذي فاز بالمركز الأوّل في مسابقة النصوص المسرحيّة في دورتها الرابعة في العام 2015، وبالإخراج المسرحيّ الرائع للمخرج الأردني فراس المصريّ، وخصوصاً لعبة الإضاءة الناجحة جداً في تعقّب حركة الممثّل على خشبة المسرح، وفي بلورة الأحداث الدراميّة، ولعلّ أجملها المشهد الأخير الذي رسم فيه المخرج بالإضاءة أوتار العود الخمسة، وسط خطاب زرياب عن إصراره بوصل كلّ أوتار الحياة في مواجهة العنف والدمار.
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف