أخصائية نفسية تكتب وترسم.. وتغني
المطربة المغربية سمية عبد العزيز تروي سيرتها الذاتية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من الرباط: قليلة جدا هي الكتب التي تروي سير الفنانين والفنانات في المغرب، وتعد على رؤوس أصابع اليد الواحدة، ويبدو أن هذا ما دفع المطربة المغربية سمية عبد العزيز، إلى اقتحام المجال بإصدارها لكتاب عن حياتها العائلية والفنية.
في هذا الكتاب المعنون بـ"الفصول الخائنة"، المكتوب باللغة الفرنسية، وعلى امتداد 312 صفحة من الحجم المتوسط، تعود سمية عبد العزيز، بأسلوب يفيض بالحنين، إلى ظروف نشأتها، ومراتع صباها، في كل مدينتي الرباط وسلا، اللتين يفصل بينهما نهر طالما تغنى به الشعراء والمغنون، هو نهر ابي رقراق.
ثمة قول شعبي يتردد بين سكان ضفتي الوادي، مفاده أنه حتى ولو تحولت مياهه إلى حليب، ورماله إلى زبيب، فإنه من المستحيل أن يتحول سلاوي صديقا لرباطي، لكن سمية تسخر بين سطور كتابها من ذلك الطرح، مستدلة على ذلك بالعيش المشترك بين أبيها الرباطي وأمها السلاوية، اللذين أنجبا بنين وبنات، وعاشا في ثبات، متفاهمين، يجمعهما الود والاحترام.
الشهرة
فتحت سمية بن مومن، وهذا هو اسمها الحقيقي، عينيها على بيت تتردد في أركانه نغمات الموسيقى، اعتبارا لكون أسرتها كانت ترتبط بصداقات مع عدد من نجوم الطرب في ذلك الوقت، لعل أشهرهم المرحوم المعطي بنقاسم، المعروف بأغنيته الذائعة الصيت" بنت المدينة"، التي تؤرخ لظهور البوادر الأولى للأغنية المغربية في شكلها العصري.
في خطواتها الأولى على درب الحياة، وهي في عمر الزهور، سوف تطرق سمية عبد العزيز، باب الغناء، في وقت كانت فيه الساحة الغنائية تعرف تنافسا بين نجمات كن في قمة التألق، يكفي أن تكون من بينهن سميرة سعيد وعزيزة جلال ونعيمة سميح، وسواهن من الأصوات النسوية التي سكنت ذاكرة المعجبين.
من بين أشهر أغنيات سمية التي استطاعت من خلالها أن تجد لنفسها موقع قدم تحت شمس الشهرة، أغنية "غدا"، أو "عودة إلى الماضي"، التي تولت وضع تصميم فني لها، لإخراجها ضمن "فيديو كليب"، في تلك المرحلة، استطاعت به دار الإذاعة والتلفزيون المغربية أن تحصد الجائزة الثانية لمهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون.
بموازاة مع ذلك، لم تفرط سمية أبدا في دراستها، بحثا عن أفق أوسع لمداركها العلمية، ضمن تخصصها في علم النفس، الذي مارسته بعد تخرجها من خلال اشتغالها في وزارة الشباب والرياضة، واضعة خبرتها في خدمة شباب بلدها لمساعدتهم على مواجهة إشكاليات الحياة وتعقيداتها.
إحباط
أغانيها، وبعضها باللغة الفرنسية، التي تجيد الكتابة والغناء بها أيضا، ترتبط بقضايا الإنسان في كل مكان، عن الفقر والمجاعة والهجرة السرية عبر قوارب الموت، التي غالبا ما تنتهي بركابها من الشباب في قاع البحر، في رحلة البحث المستحيل عن واقع أفضل في الضفة الأخرى.
هذا لا يعني تخليها عن هويتها كعربية، فقد أنتجت من قبل شريطا غنائيا، حاولت من خلاله تقديم أغنيات المطرب العراقي ناظم الغزالي، وفق توزيع موسيقي جديد، اقتناعا منها أن هذا الفنان العربي، لم يأخذ حقه من الاعتبار، وقد أدى بها الأمر إلى السفر إلى الشرق العربي من أجل تسجيل هذا العمل الفني، وقد لاحظت كيف أن الناس هناك استغربوا لفنانة مغربية تسعى إلى اعادة تسجيل أشهر مطرب في بغداد على مر التاريخ.
لكنها، وفي غمرة الحماس الفني، تعرضت ذات مرة لما يشبه الإحباط، ما أدى بها إلى التواري عن الأضواء، فيما يقترب من الاعتزال، كشكل من أشكال الاحتجاج على بعض الممارسات التي تسود الميدان الفني والإعلام العمومي، حيث يكدح الفنان وينتج أعماله على حسابه الخاص، وفي نهاية المطاف، يجهد نفسه للدفع من أجل المرور عبر برامج التنشيط الإذاعي والتلفزيوني في المغرب.
بالإضافة إلى كل ذلك، فإن سمية عبد العزيز شعلة من النشاط الفني، فهي تكتب السيناريو، وترسم اللوحات، وتنشط في العمل الجمعوي والحقوقي، في حملات محاربة "الإيدز" وسط الشباب، وفي استغلال البنات الصغيرات كخادمات في البيوت، وغيرها من القضايا.