لم يستخدم الجيش الإسرائيلي نيراناً بهذه الكثافة من قبل
في الصحافة: "قاتلت في غزة وأعرف أن القوة لن تجلب السلام"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
نشرت صحيفة "الغارديان" في عددها الصادر الاثنين مقالا لأرييل برنستين، الذي خدم في الجيش الإسرائيلي وقت اجتياح غزة عام 2014 يحمل العنوان التالي "قاتلت في غزة وأعرف أن القوة لن تجلب السلام" .
يستهل الكاتب مقاله: "أكتب هذه الكلمات بعد 23 يوما من ذلك السبت المشؤوم، حيث قتل عدة مئات من أبناء شعبي، وبعد تسع سنوات من إرسالي لقتال حماس داخل غزة، في عام 2014 كنا نعرف القليل عن غزة ولم يكن لدينا تصور عن حياة الناس فيها".
ويتابع أن القتال في غزة كان مختلفا عن أي شيء عمله قبل ذلك، وأنه لم ير الجيش الإسرائيلي يستخدم هذه النيران المكثفة قبل ذلك، حيث منذ إصدار الجيش الأوامر للمدنيين بمغادرة المنطقة، "أي شخص بقي هناك قيل لنا إنه إما من عناصر حماس أو من داعميهم، ولذلك فهو هدف مشروع. لم أشكك في ذلك، لأنني كنت مشغولا بكيفية العودة من هناك حيا".
ويتابع الكاتب "لقد احتللنا بيوتا فارغة نزح عنها سكانها تاركين بقايا ملامح حياة عادية، كصور أفراد العائلة والكتب المدرسية. وجدنا جثة امرأة عجوز بين الركام، وقد شوه وجهها. إحدى الفرق وجدت عائلة فلسطينية مكونة من عشرة أفراد، لم يكن أي منهم إرهابيا. تدريجيا بدا صعبا التصديق بأننا في ساحة معركة."
ويقول الكاتب إن تجربته في غزة أوصلته إلى نتيجة مفادها "أن علينا الدفع باتجاه التوصل إلى اتفاقية مع الفلسطينيين تضع حدا للاحتلال وحصار غزة. الحياة في غزة لا يمكن أن تستمر هكذا لقد أذهلني أن شعبنا يرفض التأمل في الأوضاع في غزة".
"كيف سينظر أطفال غزة الناجون من هذا الهجوم العنيف إلى من سمحوا بارتكابه؟" - الغارديان
ويتابع قائلا: "لقد كذب قادتنا علينا قائلين إن بإمكاننا السيطرة على الأوضاع دون الاضطرار لحل النزاع. لهذا انخرطت في النشاط السياسي، بعد أن رأيت بوضوح أن غزة قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار".
ولا يشكك الكاتب فيما يصفه "بحق إسرائيل ومسؤوليتها في الدفاع عن مواطنيها" لكنه لا يرى أن ذلك يمنح إسرائيل الحق في "استخدام القوة العسكرية للانتقام" بل يرى أن الهدف يجب أن يكون مهاجمة الأهداف العسكرية والإبقاء على "الخسائر الجانبية" المتعلقة بالمدنيين في الحد الأدنى .
ويشكك الكاتب في قدرة التوغل البري في قطاع غزة على حل المشكلة بشكل جذري ويتساءل "ألم نجرب ذلك من قبل؟"، ويقول إن تسع سنوات تخللتها خمس حملات عسكرية منذ مغادرة الجيش ولا زالت الأخطاء تكرر. ويشدد على أن الخيار العسكري لن يحل المشكلة.
ويقول إن التضامن مع الفلسطينيين والاحتفاظ برؤية للسلام والحياة المشتركة ينظر إليه في إسرائيل هذه الأيام على أنه "سذاجة" في أحسن الأحوال و"خيانة" في أسوأ الحالات.
ويختم مقاله بالقول "أريد أن أكون صوت العقل للجنود الذين يرسلون الآن إلى حرب أخرى: القوة العسكرية لن تحل المشكلة إذا لم يكن هناك حل سياسي يقدم الأمل لكلا الفلسطينيين والإسرائيليين.
وفي صحيفة جيروزاليم بوست تكتب سوزان هاتيس روليف مقالا عنوانه "إلى أي مدى نحن متحدون ؟"
تقول الكاتبة إن المجتمع الإسرائيلي متحد خلف الجيش بكامل الأطياف، اليمين ومعظم المتدينين ويسار الوسط وغالبية العلمانيين "لأننا جميعا نعاني من تداعيات الوضع، النفسية والاقتصادية والمادية، ولاقى استدعاء الجيش لعدد بلغ 300 ألف عسكري من الاحتياط للالتحاق بالعمليات استحسانا، حتى من الطيارين الذين استنكفوا عن الالتحاق بدورات التدريب احتجاجا على التغييرات الدستورية التي اقترحتها الحكومة".
وتلاحظ الكاتبة أنه بالنسبة للمواطنين العرب فإن الوضع أكثر هشاشة، مع أنهم حتى الآن احتفظوا بضبط النفس بشكل غير متوقع.
المنظومة الصحية في غزة "على شفا كارثة" ومخاوف من تفشي الأوبئة
إلى ذلك، فإن الكاتبة تقول في الفقرة التالية إن الوضع في أوساط اليهود ليس بالمثالية التي يرغب البعض بجعلهم يعتقدونها، فهي ترى مشكلة في الشعار القائل "لا يسار ولا يمين، لن يكون هناك انقسام مرة أخرى"، حيث ترى أن اليسار واليمين في المجتمع سيكونان حاضرين دائما ومعبرين عن ديمقراطية حيوية، لكن المطلوب العيش بدرجة أكبر من التناغم وعدم تجريد الآخر من الشرعية.
ثم تنتقل الكاتبة للحديث عن سخرية البعض من اليسار على شكل رسائل نصية تلقتها واتهامات بالخيانة في بعض القنوات التلفزيونية.
وردا على مقولة إنه بعد اتفاق أوسلو قتل ألفا إسرائيلي تقول الكاتبة " إنه لا أحد يتساءل كم كان سيكون عدد القتلى لو لم نوقع الاتفاقية".
وتضيف أن من قتلوا في الأحداث الأخيرة لم يقتلوا بسبب اتفاقية أوسلو بل بسبب "عجرفة وإهمال حكومتنا الحالية المكونة من أحزاب اليمين فقط"، كما تقول.
وترى الكاتبة أن قضيتين تقفان في وجه "الوحدة الوطنية" ، أولاهما أنه كان يجب أن تكون لقضية الأسرى الإسرائيليين لدى حماس الأولوية، كما ترى عائلاتهم، أم أنه يجب المضي قدما في العملية العسكرية من أجل تحقيق الهدف الاستراتيجي الأساسي وهو القضاء على حماس قبل أن تتدخل أطراف بينها من يريدون مصلحة إسرائيل لإيقافها.
والثانية تتعلق بمسؤولية القيادة الأمنية والسياسية عما حدث.
أما جوش فريدمان فيختار العنوان "إسرائيل تخسر معركة الدبلوماسية الجماهيرية" لمقاله المنشور في يديعوت أحرونوت.
يقول في مقاله "آخر شيء أتوقعه من المجتمع الدولي كيهودي أسترالي هو التعاطف مع دولة إسرائيل. فمع أن هناك العديد في الغرب الذين يتعاطفون مع إسرائيل، فإنه لا يمكن تجنب التحيز ضدها في وسائل الإعلام التي تغطي النزاع".
بالصور: كيف كانت غزة قبل الحرب وكيف تبدو الآن؟
كيف يواجه الصحفيون وعائلاتهم ظروف حرب غزة؟
ويتابع "حين بدأنا نشاهد اللقطات التي تصور مسلحي حماس في السابع من أكتوبر، حصلت إسرائيل ومن يدعمها على أداة جديدة في حربنا السردية، أداة كنا نتمنى لو أننا لم نحصل عليها".
كان المنطق بسيطا : إذا عرضنا الانتهاكات، وما فعل مسلحو حماس ضد الجدات والأطفال الرضع، سيفهم العالم لماذا على إسرائيل القضاء على حماس.
وربما ظن بعضنا أنه، ومع "مشاهد شر حماس" على الشاشات، سيدعم الرأي العام العالمي إسرائيل، يتابع الكاتب.
لكن، "وعندما بدأت إسرائيل بالرد في قطاع غزة، وحين بدأ عدد القتلى الفلسطينيين يعد بالآلاف، تبخرت آمالنا بسرعة. مرة أخرى كان علينا أن نواجه عالما مستعدا لقبول صورة إسرائيل كدولة قمعية".
ويرى كاتب المقال أن المشاهد الدموية للفلسطينيين تؤثر بشكل كبير على موقف المشاهدين، ويساعد في تعزيز ذلك ما وصفه "بالتزام الصحفيين بسردية مفادها أن الإسرائيليين يقمعون والفلسطينيين دائما ضحايا".
ويتطرق الكاتب إلى المشاهد الدموية التي يراها المشاهدون على الشاشات في غزة وغياب مشاهد شبيهة في الجانب الإسرائيلي فينسب إلى أيالون ليفي المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية قوله في تفسير ذلك إن المشاهد "من الفظاعة بحيث لا ترغب إسرائيل في عرضها".
ويرى الكاتب أن الكثيرين "لا يكترثون بالحقيقة" وهؤلاء "الذين يصدقون بكل سرور أن إسرائيل قصفت مستشفى لا يصدقون أن حماس قطعت رؤوس أطفال ويطالبون بأدلة".
وفي بحثه عن السبب يرى الكاتب أنه "ليس عدم وجود أصدقاء لإسرائيل في الخارج، فالكثيرون يدعمون إسرائيل في الغرب".
ولكن، يستنتج كاتب المقال في نهايته ما ركز عليه في أكثر من مكان، وهو أن ما يسميه " تحميل هؤلاء لليهود المسؤولية عن مشاكل العالم" وهذا "يلعب دورا في رد فعل المواطن الغربي على تفاصيل المعركة الدائرة بين إسرائيل وحماس"، حسب كاتب المقال.