بيئة

محميات جزر "حبيباس" في الجزائر: رئة متوسطية نادرة تحتاج لانبعاث

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


تثير جزر حبيباس الشهيرة الكثير من الجدل محليا في ظلّ الإهمال الذي طالها على مدار أعوام طويلة، رغم تأكيد بعثات علمية أوروبية زارت هذه الجزر على أنّها تشكّل موقعا بيئيا متنوعا نادرا في الحوض المتوسطي بكامله.

الجزائر: تمثل جزر حبيباس الواقعة على ضفاف مدينة وهران الجزائرية (430 كلم غرب العاصمة)، كنزا إيكولوجيا هائلا يعود تاريخه إلى آلاف السنين، وتحتوي هذه الجزر الخمس الصغيرة على كم كبير من النباتات والأسماك والحيوانات والطيور النادرة، ورغم استفادتها من مخطط ضخم لإعادة تأهيلها، إلاّ أنّ مراجع محلية تحدثت لـ"إيلاف" تؤكّد على حاجة هذه الجزر إلى تهيئة شاملة.

وتقع جزر حبيباس على بعد ثلاثة أميال في عرض البحر، وتمتد بجمالها واخضرارها المترامي على مساحة اجمالية بحدود 26.84 كلم2، تعلوها منارة يربو طولها عن المائة وعشرة أمتار، جرى بناؤها بحسب الباحثين العام 1873، وتتألق هذه الجزر التي تتوسط محافظتي وهران وعين تيموشنت، بغطاءها النباتي الاستثنائي الذي يستوعب عشرات الجبارات العملاقة وهي أشجار كبرى تضاهي تلك الموجودة بآسيا وأمريكا.

وإلى جانب "القرنفل" و"الأقحوان"، تتوفر جزر حبيباس على أنواع أخرى من نباتات الفارفان، البطم الأطلسي، الحور، الطرفاء العشبي، السنديان الأخضر، الزان، والصنوبر الحلبي، فضلا عن أسماك المرجان، الجمبري، السوندر، الشبوط الملكي بأنواعه الثلاثة، وكذا سمك البوري والمارو وغيرها، ناهيك عن الأصداف الحرية العملاقة (الباليت).
كما تشير بيانات المديرية الجهوية للبيئة إلى احتواء جزر حبيباس على أعداد من البط البري، اليمام، الحجل، دجاج الماء وبعض الحيوانات الغطاسة، مثلما يعيش داخلها عشرات الأصناف الحيوانية، أبرزها: الخنافيس، قردة الماغو، النسر الملكي، القط المتوحش، النمس، العناق، الشيهم، الجرذ السنجابي، البرخ والقطط المتوحشة، فضلا عن طيور الباز البربرية، الحسون "الكناري" الصغير المزركش، الشامين، النسر الذهبي، النحام الوردي، الشهرمان، النكات والكركري الرمادي.

ويبدي "محمد لكحل" الهائم بجزر حبيباس، استغرابا لكون سلطات بلاده لم تبالي بحسبه بقيمة تلك الجزر إلاّ قبل سنوات قليلة، إذ لم يتم تحويلها إلى محمية طبيعية سوى في 22 مارس/آذار 2003، بعدما ظلت هذه "الجزيرة الخضراء" منسية رغم تموقعها كواحدة من الرئات النادرة للجزائر.

ويعزو سعيد وفاتح وعمار وهم من أبناء المنطقة، ما يحصل قبل فترة ليست بالقصيرة، إلى إفراط مواطنيهم وطائفة من السياح الأوروبيين في الصيد الفوضوي للطيور والأسماك وسائر الحيوانات، لا سيما الأضرار التي سببها الصيد باستعمال المتفجرات، بجانب ما تعرضت له الجزر من سياحة فوضوية وعبث بمعالمها رغم تصنيفها كمحمية، ما أدى بحسب "أحمد بلمهدي" رئيس "جمعية أصدقاء البحر" إلى زوال قدر غير قليل من الغطاء النباتي للجزر الخمس، وانقراض أنواع حيوانية نادرة ظلت تمثل ثروة في هذا المكان الآسر.

وعن الوضع الراهن لجزر حبيباس ومخطط السلطات للنهوض بها، يفيد "قويدر شيباني" المفتش الجهوي على مستوى الساحل الشمالي الغربي بالجزائر، أنّ مصالح البيئة شرعت في مخطط ضخم لتغيير وجه الجزر الخمسة، ويقوم المخطط المذكور على مجموعة مشروعات بيئية سياحية وتكوين كوادر يتم تكليفها لاحقا بالإشراف على تسيير مختلف عمليات تأهيل المحيط وتحويله إلى فضاء سياحي إيكولوجي.

بهذا الشأن، استفادت الجزائر من هبة بقيمة ثلاثة ملايين يورو قدمها صندوق البيئة العالمية لأجل دفع سيرورة كافة الأشغال المتصلة بالمخطط السالف الذكر، ويقوم مكتب دراسات برتغالي حاليا بمعاينة الجزر لتحديد أفضل السبل الممكنة لدعم نمو جزر حبيباس وتمكينها من مشروعات اجتماعية اقتصادية تفعّل رصيدها البيئي وتنأى بتنوعها البيولوجي عما يتهددها من مخاطر.

ويلفت شيباني الذي يرأس القطب الشمالي الغربي للمحافظة الجزائرية للبيئة، إلى اهتمام الأخيرة بجعل جزر حبيباس محمية عالمية، وذلك لن يتأتى إلاّ عن طريق تأمين الموارد الطبيعية النادرة لجزر حبيباس، والعمل على تكاثر حيواناتها وطيورها وأسماكها، وتحصين شبكتها النباتية من خلال دعم نمو الثروات الحيوانية والسمكية.

ويتفق "محمد بوركابي" و"الهواري صايم" حول ضرورة تعاطي الحزم مع ظاهرة الصيد الغير شرعي لمكونات الجزر، وجعلها في منأى عن المتربصين بحيواناتها وأسماكها، واستبعاد القوارب التي تجوب محيط الجزر وتؤثر على تكاثر الأسماك هناك، وهو ما يفرض بمنظار "حميد طاهري" التحسيس بأهمية احترام الطبيعة، وإبراز الأهمية الايكولوجية لهذه المحمية.

ويتطلع عشاق جزر حبيباس لأن تصير لؤلؤة سياحية إذا ما تم الاهتمام بها أكثر، كما يمكن لهذه الجزر أن تكون مشتلة لتنمية الموروث الإيكولوجي، علما أنّه إلى جانب جزر "حبيباس"، هناك جزر "بلان" و"رشقون" الواقعة غرب الجزائر، والتي تنتظر هي الأخرى مزيدا من الاهتمام على غرار عموم الجزر الغير مأهولة بالبحر الأبيض المتوسط والتي يقدر عددها بنحو مئتي جزيرة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف