بيئة

المسرح الأخضر في الجزائر: مدرسة البيئة الديناميكية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

برز في الجزائر خلال السنوات التسع الأخيرة نوع خاص من المسرح البيئي الذي يقوم من خلال مدارسه المفتوحة بتلقين مبادئ حماية البيئة، ويسعى عبر لوحاته لتمرير رسائل تنافح عن الطبيعة وتكرّس الوعي لدى الصغار كما الكبار بحتمية تحصين الكوكب الأرضي ضدّ ما يتهدده من تدهور وأخطار وممارسات سلبية مضرة بتوازناته.

كامل الشيرازي من الجزائر:
في جولة لـ"إيلاف" إلى الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، كانت كبرى ورش المسرح البيئي هناك، ويتعلق الأمر بالجمعية المسرحية "أشبال عين البنيان" أين يواظب 30 برعما على تقمص أدوار بيئية تحت قيادة المشرف العام "مصطفى علوان" والمدير الفني "محمد إسلام عباس".

ويشير علوان إلى أنّ فرقة أشبال عين البنيان أنتجت أربع مسرحيات اعتنت بمقاربة أمهات المشكلات البيئية، ويتعلق الأمر بـ"أطفال وألوان الطبيعة" المتمحورة حول مبادئ التعاطي الإيجابي للناشئة مع ارتسامات الكون ومظاهره المناخية، "صبيان ولكن" التي جرى فيها انتقاد التصنيع الفوضوي وتلويثه للمحيط فضلا عن العمران الغير مدروس والتهامه للمساحات الخضراء وما يترتب عن ذلك من إفرازات، "روضة النور" التي تعرضت إلى عالم الحيوانات.

وتسنى لـ"إيلاف" معايشة حيثيات البروفة الأخيرة لمسرحية "الفصول الأربعة" وهي نتاج جديد سيتم إطلاقه رسميا في الثلث الأول من العام 2011، ويشرح المخرج "محمد إسلام عباس" أنّ هذا العمل الذي كتب نصه "عمر شتيوي" ويشارك فيه عشرات الممثلين من الأطفال والمراهقين، يتطرق من خلال عرض استعراضي غنائي راقص إلى حركية فصول الشتاء والربيع والصيف والخريف.

ويظهر الممثلون بشكل تجريدي في العمل، إذ يتمظهرون كأشجار وشموس وغيم وتلال وفسائل، بالتزامن مع انخراطهم كجوقة طفولية تتغنى بفضائل وحكم الفصول، وتعنى المسرحية باطلاع المتلقين على الخصوصيات المناخية والجمالية لكل فصل وما ينطوي عليه من مميزات، وسط أجواء حوارية بديعة بين الشمس والأشجار، الرعد والبرق، الأطفال والصيف ليُختتم العرض بأغنية "الأربعة فصول" الداعية لإحياء الكون والتملي في أيقوناته.

ويشدد كل من علوان وعباس على أنّ المسرح البيئي مُجدي أكثر من التقليد القائم على التحسيس المسطّح وإلقاء المحاضرات الجافة وتلقين الدروس الكلاسيكية حول البيئة وأهمية تأمينها، ويقدر علوان وعباس أنّ هذا النوع من الإبداع يسمح لطلائع الجيل الجديد بالاستمتاع واكتساب ثقافة بيئية، تماما مثل إتاحته للكبار فرصة مراجعة سلوكياتهم تجاه البيئة وطرح تساؤلات منتجة.

بدوره، يؤكد "حكيم شنان" مدير الفرقة المسرحية المتنقلة "المسرح الصغير"، على أنّ المسرح في ميدان التربية البيئية له من التأثير والوقع النفسي على الأطفال، ما يؤهله لأن يكون وسيلة تربوية قادرة على إبلاغ الرسالة البيئية، بشكل أفضل من الأقسام الدراسية ودور المطالعة.

ويتصور شنان أنّ المسرح البيئي مدعو إلى مواكبة الديناميكية التي تعرفها الجزائر في ميدان التربية البيئية لا سيما بعد تعميم التربية البيئية في الوسط المدرسي، والرسالة البيئية بحسب شنان، لا تحتاج سوى إلى تشجيع الأطفال على حضور هذه العروض لأنّ الرسالة بسيطة في عرضها بليغة في تأثيرها، وتدعم مسار المسرح الأخضر وما اصطلح عليه "التكوينات البيئية".

من جهته، يثمّن "جمال قرمي" ظاهرة "المسرح البيئي"، واصفا إياها بـ"الحاسمة" على صعيد نقل رسائل مكمّلة للتلقين البيئي العادي، ناهيك عما يتيحه المسرح المذكور من تواصل وتبادل للأفكار بين طلائع الجيل الجديد.

ويبرز الممثل "عبد الباسط بن خليفة" الذي شارك في مسرحيات بيئية للأطفال أنّ الأخيرة تنمي الحس البيئي لدى الأطفال وتدفعهم للإسهام في الحفاظ على الموارد الطبيعية وحماية التوازن الإيكولوجي ورعاية العناصر المشكلة للكون كالإنسان والحيوان والبيئة.

بينما يورد "عبد الغني شنتوف" أنّ المسرح البيئي الذي يرفع شعار "رعاية البيئة بين أيديكم بالأمس واليوم وغدا"، يسهم في غرس أخلاقيات نبيلة لإيقاف ما تتعرض له البيئة المحلية من استنزاف لمكنوناتها الحية، كما تشيد أمينة، عايدة وآمال التلميذات بالطور الدراسي الثاني، أنّ مشاهداتهنّ لمسرحيات بيئية مكنهنّ رفقة الكثير من زملائهنّ وزميلاتهنّ من تعلّم كيفيات حفظ التربة وصيانتها والاعتناء بالتشجير وإعادة غرس الأصناف الأصيلة وحماية الموجود منها.

ويتطلع "حسان بعداش" إلى توسيع موضوعاتية المسرح البيئي، عبر تناوله علوم الفلك وتقنيات الفضاء على درب نشر الثقافة العلمية الفلكية في المجتمع، ويحث بعداش على تزاوج مثمر بين مسرح البيئة ومئات النوادي الخضراء المنتشرة في البلاد، وأصبحت بدورها أداة دعم فعالة في مجال التحسيس بالرهانات البيئية وغرس حس المواطنة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف