السيارة الكهربائية تنطلق في باريس بمقومات متطورة

في تجربة يمكن أن تقلب المعادلة البيئية في أكبر المدن العالمية، أطلقت بلدية العاصمة الفرنسية وبتعاون مع شركة رائدة في صناعة السيارات الإيكولوجية ما يعرف بالسيارة الكهربائية للاستئجار وبأسعار مناسبة كمرحلة أولى، على أن تتطور في الأشهر المقبلة سواء من حيث العدد أو الانتشار.

باريس: على غرار ما يعرف في باريس "بفيلوليب"، التي لقيت نجاحا كبيرا، وهي دراجات عادية وضعت رهن إشارة الباريسيين قبل مدة في محاولة من السلطات المحلية للتخفيف من الاكتظاظ في شوارع العاصمة، والتقليل بذلك من كمية الغازات السامة التي تلقي بها السيارات في الهواء.

السيارة الكهربائية

على غرار ذلك،دخلت العاصمة الفرنسية في تجربة جديدة،لكن هذه المرة بسيارات كهربائية صغيرة الحجم،تعمل ببطاريات ضخمة، يراهن عليها المسؤولون الفرنسيون في تحسين الأجواء الباريسية والتخفيف من الأخطار البيئية التي تلحق بالمحيط البيئي.

و يقول أحد المختصين في صناعة السيارات،الدكتور هاشم الحدوثي،معرفا هذه السيارة "ليس هناك فرق كبير بين سيارة كهربائية مقارنة مع هاتف محمول ببطارية قابلة للشحن.سيارة كهربائية يعني لها محرك كهربائي تغذيه بطارية من حجم كبير و بتوتر عال...".

و يضيف الحدوثي،في حوار لإيلاف،"هذه الطريقة توجد منذ أربعين سنة، مهندسو سيارات "بي إم دابليو" حولوا بمناسبة الألعاب الأولمبية لسنة 1972، سيارة من نوع بي إم دبليو 1602 لسيارة إيكولوجية كهربائية رافقت منافسة الماراثون على مسافة 40 كلم...".

مضيفا أن هذا الامر "سيلبي حاجات سكان المدن الكبرى كباريس، سان بولو،طوكيو،ميكسيكو،شنغاي..."، موضحا أن "مفهوم السيارة الكهربائية عرف نهضة خلال حقبتنا، في وقت قلّت فيه مصادر الطاقة و ارتفع ثمنها إلى أعلى المستويات كما أن الاحتباس الحراري يزداد خطورة...".

السيارة الكهربائية من وجهة تقنية
يستعرض هذا المهندس المتخصص في صناعة السيارات مميزات السيارة الكهربائية بكونها لا تلقي بالغازات، و لها خصائص أخرى تميزها عن السيارة التقليدية من حيث الوزن كما أن محركها متطور تكنولوجيا...

و يتابع في السياق نفسه أن هذه السيارة طور لديها ما يعرف "بالإيروديناميك"،أي دراسة اندلاق الهواء عبر محيطها عندما تكون على الطريق، و ما يعرف ميكانيكيا "بالدفع المتناوب....".

و يؤكد الحدوثي، الذي يعمل لإحدى أكبر الشركات في صناعة السيارات في العالم،أن هذا التوجه الجديد في هذا القطاع يعتبر من "المفاهيم..." التي تعتمد اليوم لأجل "سيارة بتكنولوجيا جديدة تنظر إلى المستقبل و ستمكن راكبيها من التنقل بأكثر سلاسة...".

و أبرز النجاحات التي تحقق من خلال السيارة الكهربائية في فرنسا، بحسب مسؤول في الشركة المصنعة لها،هو "التوصل إلى تصنيع بطاريات بمقدورها أن تخزن طاقة تضاعف خمس مرات باقي منافسيها من خلال تكنولوجيا تسمى ب "إيل إم بي" (ليتيوم-ميثال-بوليمير)".

تجربة باريس مع السيارة الكهربائية
دخلت باريس تجريبيا في عملية إطلاق السيارة الكهربائية،الأحد الأخير، و التي ستدوم شهرين، وضعت لأجلها 66 سيارة تحمل اسم "بلوكار"، كما فتحت 66 محطة لكراء هذه السيارات.
و من المرتقب أن يرتفع عددها إلى 250 سيارة مع الانطلاقة الرسمية،على أن يزيد ارتفاعا كل شهر بحوالي 300 سيارة حتى شهر يونيو من 2012،ليصل في الأخير مجموع السيارات الموضوعة رهن إشارة سكان باريس و ضواحيها ثلاثة آلاف سيارة،و 6600 محطة لشحن بطارياتها.

و يمكن لهذه السيارة الكهربائية مئة بالمئة، و التي يجب في سائقها أن يتوفر على رخصة سياقة،أن تقطع 250 كلم قبل أن تشحن بطاريتها مرة أخرى،فيما تصل سرعتها القصوى إلى 130كلم في الساعة.

و استعمالها من طرف الباريسيين أو السياح يتطلب اشتراكا بمبلغ جد مناسب، حيث حدد الاشتراك السنوي في 144 يورو،و الأسبوعي في 15 يورو أما اليومي فهو بعشرة يوروات.

عمدة باريس و السيارة الكهربائية
لهذا المشروع مكانة خاصة لدى عمدة باريس برترون دولنوي،الذي يسير العاصمة الفرنسية كممثل للحزب الاشتراكي بتحالف مع مكونات أخرى لليسار من أبرزها الخضر.
وهي المكانة نفسها التي حظي بها مشروع الدراجات الهوائية لدى العمدة قبل أن تتحول باريس إلى إحدى العواصم العالمية التي توفر جميع الشروط الضرورية لركوب هذه الوسيلة القديمة للنقل.

و كان دولنوي اعتبرها نوعا من التصالح مع هذه الآلة المتنقلة نظرا للدور الذي لعبته الدراجة الهوائية في حياة الباريسيين حتى بداية الحرب العالمية الثانية،علما أنها كانت من اختراع فرنسيين،و كانت مدينة الجن والملائكة اشتهرت بسباقاتها الدولية في الدراجات منذ بدايات القرن الماضي.

و ستتابع باقي العواصم الكبرى هذه التجربة ببالغ الاهتمام،و نجاحها كما حصل مع تجربة الدراجات الهوائية التي تجاوب معها بشكل كبير الباريسيون،سينقلها إلى العالمية.
و هو ما يعني انفتاح أبواب الأسواق الدولية في وجه الشركة المصنعة لهذه السيارة،و التي لا يمكن لها، بحسب مسؤولها،أن تبدأ في جني أرباح من استثمارها هذا،إلا بعد مرور سبع سنوات من الإطلاق العملي للمشروع.