بيئة

صفقات تجارية بالانبعاثات الغازية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بسبب تفاقم مشاكل التغييرات المناخية التي تسببها الانباعثات الغازية تقوم شركات بالتجارة بها لأجل التخلص منها في البلدان الفقيرة.

اعتدال سلامه من برلين: تقوممصانع كبيرة ومؤسسات دولية بتحويل نسب الانبعاثات السامة التي تلحق اكبر ضرر بالبيئة والانسان الى صفقات تجارية تعقدها مع بلدان فقيرة مقابل مبالغ ضخمة. والمشكلة الاكبر ان مثل هذه التجارة السهلة تجري على هامش بعض مؤتمرات حماية البيئة والحد من الغازات السامة، وكأن الامر لا يعنيها. فمندوبو هذه المصانع يلتقون هناك باكبر عدد من المسوؤلين من هذا البلد او ذاك دون مجهود كبير، ولو ان مسؤولي البلدان الفقيرة غير مستعدين لمثل هذه الصفقات لما اصبحت معروفة في اروقة مؤتمرات من هذا النوع.

الشعوب الققيرة ضحايا الغازات السامة

لا يخفي مارتين كولر، وهو احد الاعلاميين الالمان المهتمين بقضايا البيئة، حقيقة ان هذه المؤتمرات تصبح كسوق تعقد فيها اتفاقيات بين البلدان الصناعية والفقيرة. فحسب معاهدات حماية البيئة يسمح لكل بلد حسب كبره ونوع الصناعات فيه التسبب بنسبة معينة من الانبعاثات السامة. لكن ما لا تسمح به هو ان يبيع نسبة منها الى بلد لصالح قطاعه الصناعي، وعند تقديم هذا البلد الصناعي تقاريره يمكنه ان يبرهن بانه لم يتخط النسبة المحددة له التي يكون قد اضاف اليها النسبة التي اشتراها. والمشكلة في وجود اشخاص في المؤسسات التي تراقب مدى تخطى الدول نسبة التلوث المسموح بها لا يعطون لهذا النوع من الغش اي اعتبار.

والمشكلة الاخرى نقل مصانع جزء من انتاجها الى بلدان نامية مثل الصين والهند وبنغلادش نسبة التلوث عالية فيها لتزيد من ارتفاعها، بينما توفر على بلدانها هذا الوباء، وتستغل الفرصة لعدم وجود حسيب او رقيب يلاحق مسألة ارتفاع التلوث. ويضاف الى ذلك المكاسب التي تحققها المصانع الغربية من تسخيرها اليد العاملة الرخيصة.

وفي محاولة لحد انبعاث الغازات الدفيئة قرر الاتحاد الاوروبي عام 2005 التعامل مع الوضع بحزم وجدية ومنح شهادة او ما يسمى برسوم غازات ثاني اكسيد الكربون. ولقد اعتبر هذا الاجراء يومها نموذجا ممتازا يمكن لكل بلدان العالم ان تحتذي به من اجل محاربة ارتفاع درجة حرارة الارض. فهو يقطع، حسب الاعتقاد الذي ساد الطريق في وجه عقد صفقات الاحتيال وسرقة النسب، لانه يقضى بمنح كل مصنع او شركة شهادة لكل طن من غاز ثاني اكسيد الكربون الذي يسببه ويدفع رسوم بسيطة عليه، وهذا يشمل ايضا مصانع انتاج الطاقة من الفحم ومصانع الصلب والحديد والاسمنت. وكان من المنتطر ان يكون هناك اقبال كبير على الشهادات التي سوف تصدر وبان سعر الطن سوف يرتفع، لانه قد يدفع المصانع الى التفكير بخفض الانبعاثات لديها بدل دفع رسوم الشهادات وعند بداية الاجراء كان سعر الطن يتراوح ما بين 12 و15 يورو.

الا انه هذا الاجراء يواجه حاليا مشاكل كبيرة منها تزوير نسب الانبعاثات لعدم وجود مراقبين للتحقق من البيانات التي توضع عند التقدم بطلب الشهادة كما يقول تقرير منظمة حماية البيئة والطبيعة في برلين. ما جعل قلة الاقبال على شراء الشهادات تسبب في تراجع السعر الى سبعة يورو لكل طن من ثاني اكسيد الكربون وهو ادنى حد، وقلل من قلق مسببي الغازات الدفيئة من محاسبة احد لهم، واصبحوا غير مجبرين على شراء اجهزة او معدات لانتاجهم لتخفيض غاز ثاني اكسيد الكربون او غيرها.

ويقول تقرير منظمة حماية البيئة هذه السياسة لم تحقق هدفها المنشود، فاضافة الى الاسباب السابقة الذكر تراجع حجم الانتاج لدى بعض الشركات والمصانع ما جعل حجم الانبعاثات لديها اقل وزاد في تراجع ثمن الشهادات، لكن ما يجب التطرق اليه هو ان عددا لا بأس به منها انتقل بانتاجه الى بلدان نامية لا تهتم بنسبة الانبعاثات الغازية.

ووصل ثمن شهادة طن انبعاث ثاني اكسيد الكربون في نهاية الشهر المنصرم الى 6،9 يورو، وقد يصبح دون الثلاثة يورو مع بداية عام 2013، لذا على الاتحاد الاوروبي مواجهة هذا التطور لانه في النهاية يجني هو ارباحا الشهادات التي تصل سنويا الى 210 مليار يورو تقريبا ما يمكنّه من اقامة مشاريع تهدف الى حماية الطبعية والبيئة والانسان مثل دعم بناء محطات من الطاقة المتجددة او غيرها، فهو في النهاية يهدف الى تقليص نسبة الانبعاثات الحرارية الى 20 في المائة حتى عام 2020.

ورغم تراجع مبيعات شهادة الرسوم يتوقع الاتحاد الاوروبي اصدار 300 مليون شهادة حتى نهاية عام 2012 جزء من عائداتها سوف يخصص لدفن غاز ثاني اكسيد الكربون تحت الارض، لكن هذا المشروع بحد ذاته يواجه نقاشات وخلافات كبيرة لعدم صلاحيته بسبب الضرر الذي قد يلحقها بالتربة والمياه الجوفية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف