بيئة

ستار نباتي لتأمين المناطق الرطبة في الجزائر

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تتوفر الجزائر على تشكيلة متكاملة من المناطق الرطبة، بيد أنّ هذا الخزان البيئي الضخم موسوم بـ"الهش"، لذا يشدد باحثون وخبراء تحدثوا لـ"إيلاف" على ضرورة إعادة تأهيل المناطق الرطبة عبر منحها ستارا نباتيا لتجاوز ما يطبع هذه الرئة المفضلة عند عشاق الطبيعة وتموقعها كفضاء مفضل للطيور المهاجرة.

كامل الشيرازي من الجزائر: ينبه خبراء إلى حاجة المناطق الرطبة التي يزيد عددها عن 1451 منطقة منتشرة في ربوع الجزائر، إلى نمط مغاير يكفل الحفاظ على وعاء يربو عن الثلاثة ملايين هكتار، ويحمي تنوعها البيولوجي بما يجعلها أداة مساهمة في التنمية المستدامة.

وبحسب الباحث "ساسي بلقاط"، يتعيّن وضع ما يسميها "حكامة بيئية"، وتقوم الأخيرة على التهيئة المندمجة عبر تكثيف حملات التشجير وبشكل مستمر لدعم الرصيد البيولوجي والإيكولوجي للمناطق الرطبة، ويلفت بلقاط إلى حالات التدهور التي تشهدها هذه المناطق نظرا لهشاشة نظمها البيئية، وبقاء 47 منطقة فحسب مزوّدة بوسائل التسيير والتنمية المستدامة.

وتسجل المحافظة العامة للغابات تقلصا في تواجد أنواع الطيور والثروة النباتية بالمناطق الرطبة خلال السنوات الماضية بسبب بعض الظواهر الطبيعية كالحرائق والمفرغات الفوضوية والنفايات، إلى جانب الصيد الغير شرعي وضخ المياه المستعملة وإتلاف مواقع تعشيش الطيور.

وعليه، ينصح بلقاط بترسيخ المواطنة الفاعلة عبر دفع السكان المحليين إلى تطوير تربية الدواجن وتثبيت السكان بالمناطق الريفية و تحسين مداخليهم وتطوير الثروة الغابية، وما يتصل بها من أعمال تنظيف للشريط الطبيعي المحيط بالمناطق الرطبة، مع فتح المسالك وغرس أشجار الزيتون وسائر الأشجار المثمرة، فضلا عن بناء أحواض السقي وإنجاز وتنظيف قنوات صرف المياه الزائدة.

بدوره، يسجل "الوردي معاصم" ضرورة مخطط تسييري يراعي أدوار المناطق الرطبة الحامية لعدة أصناف من الطيور المائية والمهاجرة المهددة بالانقراض، على منوال منطقة بني بلعيد التابعة لولاية جيجل (400 كلم شرق) ومركز تربية المصيدات بالرغاية (30 كلم شرقي العاصمة)، حيث أنّ هذين الموقعين المصنفين ضمن قائمة رامسار للمناطق الرطبة ذات الأهمية الدولية، تتمتعان بخمس نظم بيئية مختلفة يعيش فيها مائتي صنف من الطيور المائية والمهاجرة، أربعة أصناف منها مهددة بالانقراض وهي مقيّدة على اللائحة الحمراء للمنظمة العالمية لحماية الطبيعة.

من جهته، يرافع "منصف بن جديد" لأجل انفتاح أكبر على المناطق الرطبة الكثيرة في شرق وجنوب الجزائر، على غرار بحيرات طونغا، أوبيرة، الملاح، الطيور، البحيرة الزرقاء والسوداء، إضافة إلى سهل مخدة الذي يزخر بالبحيرات التي لا يتجاوز عمقها ستة أمتار.
وتتميز هذه الأماكن - بحسب بن جديد - بأهمية بيئية، تبعا لكونها مواقع للتكاثر البيولوجي، حيث تتخذها الطيور المائية مشاتل لبناء أعشاشها، بينما تستخدمها ثلاثة أرباع الطيور المهاجرة كفضاءات للاستراحة من عناء رحلاتها الشتوية.

بهذا الشأن، يوضح "محمد خير الدين سايغي" أنّ المناطق الرطبة تعدّ الأكثر ملائمة لوضع بيض الطيور ونمو صغارها، وجرى إحصاء 6900 طائر يمثلون أنواعا مستقرة وأخرى قدمت من أوروبا لأجل الاستمتاع بمناخ المناطق الرطبة الجزائرية، بينها البط الأخضر العين، البط عريض المنقار، الغطاس الصغير، الغرة، مالك الحزين الرمادي، والبلشون.
وردا على الانتقادات الموجهة لتعاطي السلطات مع المناطق الرطبة، تكشف "غنية بصّاح" مسؤولة الحظائر والمجموعات النباتية الطبيعية بالمديرية العامة للغابات، عن إعداد 23 مخططا تسييريا مدمجا، وهو ما سيسمح بتزويد القائمين على المناطق الرطبة بوسائط تسييرية حديثة.

وتشير بصّاح إلى أنّ هذه الاستراتيجية تتضمن بناء أسيجة وإنجاز أبراج للمراقبة وآبار مائية وتطهير مئات الهكتارات من المياه العذبة والبحرية، وهو توجه من شأنه تنسيق تدخلات مختلف القطاعات قصد ضمان تسريع عمليات إعادة التأهيل.

وتخطط الجزائر لتشجير 1.2 مليون هكتار في أفق 2020، مع الإشارة إلى أنّ الفترة القليلة الماضية شهدت غرس 48 ألف شجرة عبر 15 هكتارا بالمناطق الرطبة مثل "ضاية أم غلاز" الواقعة غربي البلاد، في وقت يركّز "ساسي بلقاط" على وجود نباتات تنمو بصورة طبيعية في المناطق الرطبة، مثل نباتات القصيبة، الأثل، العقة، القرنة، حنة الإبل، الرتم والزيتة.

وتوجد منطقة رطبة جديدة في مرحلة التشكل منذ صيف 2010، بالموقع المسمى "سبخة سفيون" على بعد نحو 40 كلم عن مدينة ورقلة الجنوبية، وتغطي هذه المنطقة مساحة تربو عن الثمانية آلاف هكتار بينها 2500 هكتارا غمرتها المياه المستعملة التي يتم ضخها في إطار مشروع التطهير.

وتستقطب هذه السبخة ثروة من الطيور البرية المهاجرة مثل الغواص الوردي والبلشون الأبيض واللقلق الأبيض ومالك الحزين الرمادي والزقزاق الصغير، ويلفت مختصون إلى أنّ هذا الموقع الرطب بوسعه تثبيت تطوره إلى منطقة رطبة ذات أهمية بالنسبة للتنوع البيئي وتحويله إلى مكان لتعشيش الطيور المهاجرة وليس فقط منطقة عبور.
يُشار إلى أنّ الجزائر تتميّز بتنوع كبير في النظم البيئية لمناطقها الرطبة المتوزعة على مساحات مائية مترسبة وأخرى عذبة ومالحة، وتشتهر منها حظيرة تازا، سبخة الزمول، شط تيمرقانين وبحيرة بولهيلات شرق البلاد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف