طريق صعب نحو التعافي بعد الفيضانات في باكستان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مظفر جاره: بعد ثمانية أشهر على إجبار الفيضانات لسليم الله عديل وأسرته على ترك منزلهم في مدينة مظفرجاره بإقليم البنجاب في جنوب باكستان، ثبت أن الطريق إلى التعافي ما يزال صعباً بالنسبة لهذا المزارع الذي لا يملك أرضاً.
القمح الذي كان يزرعه على 10 أفدنة (أربعة هكتارات) مستأجرة من أحد ملاك الأراضي الكبار مقابل مبلغ سنوي قدره 118 دولاراً للفدان الواحد (0.4 هكتار) بحالة جيدة، ويأمل سليم الله في جمع محصول جيد لأن أحوال الطقس جيدة حتى الآن. وبالقرب من منزله، الذي تم إصلاحه جزئياً، يوجد صفوف منظمة من الخضروات، وبضعة دجاجات تأكل في الفناء، ولكنه لا يملك أي شيء آخر يدخل السرور إلى قلبه.
وقال سليم الله لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "اشتريت بذور القمح والأسمدة بعد بيع المجوهرات التي كنا قد اشتريناها لزفاف ابنتي الكبرى، الذي كان مقرراً هذا الشهر. أما الآن فقد تم تأجيل [الزفاف] بعد أن استنفذت جميع مدخراتي، وابناي اللذان كانا يعملان في مزارع سمكية فقدا وظيفتيهما كذلك".
وقد دمرت الفيضانات التي ضربت البلاد في يوليو وسبتمبر 2010 مئات المزارع السمكية في منطقة مظفرجاره، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام، تاركة العديد من الأشخاص مثل ابني سليم الله دون عمل.
لكن مشاكل سليم الله لا تنتهي عند هذا الحد. فهذا المزارع لم يكن يملك الأرض التي يزرعها، ولذلك لم يحصل على تعويض من قبل الحكومة المحلية، التي أعطت ملاك الأراضي البذور والأسمدة. وأوضح قائلاً: "ادعى مالك الأرض الذي نستأجرها منه أنه بحاجة إلى البذور والأسمدة لأرضه".
تدمير محصول القطن
وطالت المعاناة الكثير من الأشخاص كذلك مثل إحسان أختار، البالغ من العمر 30 عاماً. فهذا العام لم تتم الاستعانة بزوجته لجني القطن، حيث قال: "لم أكسب أية نقود لشهور بسبب تدمير محصول القطن، والمصانع التي تسحق بذور القطن لاستخراج الزيت لم توظفنا هذه المرة كما تفعل عادة".
وقد واصل الناس في جميع أنحاء البلاد التعايش مع الخسائر التي تكبدوها خلال الفيضانات، حتى أثناء محاولة التعافي، ولكن ثبُت أن هذا من الصعوبة بمكان. وقالت سانوبير بيبي، البالغة من العمر 25 عاماً: "أصغر أطفالي، البالغ من العمر ستة أشهر، يعاني من الإسهال منذ شهر تقريباً، والعاملون الصحيون الذين اعتادوا على زيارتنا بعد الفيضانات مباشرة لم يعودوا يأتون إلينا، أما الدواء الذي قدمته القابلة المحلية لم يُفد طفلي على الاطلاق." ولا توجد عيادة في قرية سانوبير.
وأشارت نيفا خان، المدير القطري لمنظمة أوكسفام الخيرية البريطانية، في 6 أبريل بأصابع الإتهام إلى الحكومة، وقالت للصحافيين إن تأخير الحكومة في تقديم "استراتيجية إعادة الإعمار" أدى إلى تعطيل إعادة البناء العاجلة وأعمال التعافي الاقتصادي، مضيفة أنه في بعض الحالات، لم "تكد تبدأ هذه الأعمال بعد مرور ثمانية أشهر على وقوع الكارثة".
ولكن مسؤول في الحكومة فند هذا الإدعاء، حيث قال كمال أحمد، المتحدث باسم الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "مرحلة التأهيل بدأت قبل بضعة أشهر". وقال مسؤول في حكومة السند، فضل عدم ذكر اسمه، أن "عدم توافر الأموال" يعطل جهود التعافي في الإقليم، ولكن "يتم إحراز تقدم بطيء" على هذا الصعيد.
نقص المأوى ومياه الشرب
وفي العام الماضي، تم تغيير القانون لإسناد العديد من المهام التي كان يتم تنفيذها مركزياً، إلى الأقاليم ولكن عمال الإغاثة أفادوا أن هذا الإجراء أدى إلى تعقيد عمليات التخطيط لإعادة التعمير. فعلى سبيل المثال، لا يزال الناس يفتقرون إلى المأوى في العديد من المناطق التي ضربتها الفيضانات في أقاليم خيبر بختون خوا والسند وبلوشستان.
ووفقاً لمسح أجرته منظمة غير حكومية باكستانية تسمى "شبكة الانتخابات الحرة والنزيهة" لصالح منظمة أوكسفام، يسعى 70 بالمائة من السكان المتضررين من الفيضانات إلى الحصول على وظائف. وقالت خان أن "الناس يريدون وظائف، وليس صدقات".
وفي 31 مارس، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن الفيضانات ألحقت أضراراً بأكثر من 18 مليون شخص قد خلفت وراءها موجة من المرض والدمار لم تنحسر بعد، حتى بعد أن جفت المياه. وأفاد تقرير أصدره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أنه لا تزال هناك حاجة إلى المأوى ومياه الشرب النظيفة ولا يزال العديد من الأشخاص يعانون من الأمراض أيضاً.
وفي الكثير من المناطق التي ضربتها الفيضانات، تحولت برك المياه في المناطق المنخفضة إلى مقالب قمامة. وقالت الطبيبة رافيا علي أن "ذلك يضيف إلى انتشار الأمراض، والمياه القذرة في بعض الأحيان تلوث إمدادات المياه النظيفة المستخدمة لأغراض الشرب".
وأضافت أن "الحديث عن الفيضانات اختفى من شاشات التلفاز ولا تصل سوى كميات محدودة من المساعدات إلى الناجين، ولكن لا يزال الخراب الناجم عن واحدة من أكبر الكوارث الطبيعية في تاريخ البلاد مستمراً، ولا تلوح نهاية لهذا الوضع في الأفق".
وشاطرها الرأي إبراهيم مغل، رئيس مجلس الزراعة في باكستان، الذي أخبر شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "الخسائر الزراعية الناجمة عن الفيضانات كانت مدمرة، والتعافي سيستغرق وقتاً طويلاً".