بيئة

ما بعد فوكوشيما: آثار مدمِّرة وانتقال إشعاعي عبر الأمطار

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يقول العالم النووي والخبير في قضايا الفيزياء الدكتور انطون ضو لإيلاف إن الحادث النووي الخطر في مفاعل دايتشي في فوكوشيما- اليابان، من المحتم أنه قد أحدث خضة عنيفة في وكالات وشركات الطاقة النووية العالمية.

فماذا بعد الحادث النووي الخطر في مفاعل فوكوشيما في اليابان، ماهي سياسات الطاقة العالمية البديلة للحد من آثار المفاعل النووية؟ وهل صحيح ان اشعاعات فوكوشيما ستنتقل الى مختلف البلدان عن طريق الامطار، وهل اليوم البيئة مهددة في مختلف البلدان المجاورة لليابان؟.


بيروت: انكب السياسيون وصانعو القوانين والباحثون العلميون على دراسة ومراجعة صارمة لبرامجهم النووية، ولاسيما الأجزاء المتعلقة باساليب الحماية والتدخل السريع عند الخطر المحدق والمفاجئ والتحكم بسلامة النظام المتفاعل تحت اي ظرف.

على سبيل المثال، تمتلك الصين ثلاث عشرة مفاعل، يعملون بشكلٍ متواصل، وهي تبني حاليًا ثمانية وعشرين مفاعل اضافي. وبالرغم من ان الحكومة الصينية قد اكدت انها لن تعدل برامجها، ولكنها بدأت منذ آذار اعتماد مراجعة شاملة لكل منشآتها النووية.

اما في روسيا، فقد اقتصرت الاجراءات، على الاقل المعلنة منها، على طمأنة السكان القاطنين في المحافظات الشرقية. ولكن اللافت للنظر هو التريث في المشاريع المقبلة التي تتجاوز العشرة مليارات دولار، ريثما تتكون نظرة جديدة وخطط اكثر فاعلية لمكافحة الكوارث.

في ما يختص بالبلدان الآسيوية الأخرى، مثل كوريا الجنوبية، والهند، وايران، فقد اقتصرت ردود الفعل على بعض التدريبات الإضافية للعمال.لكن الجدير بالذكر أن هذه الدول تتبع السرية في ما يختص بالطاقة النووية.

على العموم، لم تتأثّر السياسات العالمية بشكلٍ جذري، لكن المأساة دعت بعض القادة إلى مراجعة الخطط، وقد يؤدي ذلك الى تصاميم افضل للمفاعل المستقبلية.

عن تداعيات هذه الكارثة على الاستراتيجيات والسياسات للطاقة العالمية، يقول ضو: "الوضع الحالي في مفاعل فوكوشيما لا يزال خطرًا بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولكن توجد ملامح للمعالجة في بعض المفاعل، كوحدة الطاقة الكهربائية، والمؤشرات الحارسة.

وقد ذكرت الوكالة اليابانية للطاقة والسلامة الصناعية (NISA)، أن شركة الطاقة اليابانية (TEPCO) قد بدأت بضخ المياه المبردة للمفاعلات للحدّ من الذوبان والحوادث المستقبلية. وبالرغم من نشرها بعض الأرقام المطمئنة من ناحية تعرض المناطق المحاذية للمفاعل إلى كميات اقل مما هو متوقع، لكن تداعيات هذه الحادثة لم تمر كليًا بعد، وستبين الأيام المقبلة كم هو شاسع نطاق التاثر طبيعيًا، بشريًا، وانتاجيًا، واستراتجيًا.

فقد نوهت العديد من الدول الأولى في نطاقي انتاج الطاقة والتسلح النووي، بما في ذلك الولايات المتحدة، وروسيا، ودول الإتحاد الأوروبي، بأهمية وضع استراتجيات جديدة تحدّ من الخسائر وتفعّل الإنتاج اكثر، وذلك من خلال:
- اعادة النظر في انظمة التحكم
- تطوير انظمة الإشارة والإنذار
- تجهيز المفاعلات بتكنولوجيا حديثة
- اعادة توزيع المفاعلات المستقبلية على المناطق غير الحساسة
- تمكين اجهزة مكافحة الإرهاب: وقد تبين أن الضعف في فوكوشيما كان من الممكن استغلاله في ضربة ارهابية لها العواقب نفسهاكالكوارث الطبيعية.

أما هل يمكن ايجاد طاقات بديلة اليوم عن الطاقة النووية؟ يجيب ضو: "تعددت أنواع الطاقات البديلة خلال العقدين المنصرمين، وقد نالت نصيبًا مهمًا من الدراسات العلمية والاهتمام السياسي، وهي بشكل عام تطورت ردًا على الخطر البيئي الرهيب الناتج من الطرق التقليدية لتوليد الطاقة عبر احتراق المشتقات البترولية والفحم.

من جملة الاساليب البديلة لإنتاج الطاقة، تعتبر المفاعلات العاملة على الإنشطار النووي الاقل كلفة في الإنتاج. وقد دفع ذلك دولاً، مثل فرنسا والسويد، إلى وضع خطة للإنتقال كاملاً لإنتاج الطاقة عبر الإنشطار الذري.

وتتنافس أساليب انتاج الطاقة البديلة على السوق العالمية، بحيث نجد تقارب في الكلفة بين الإنتاج عبر الغاز الطبيعي، الانشطار والانصهار النوويين، والطاقة الشمسية الحرارية، والطاقة الشمسية الكهربائية (Photovoltaic)، والهواء، والطاقة البيولوجية (Biomass)، والجيولوجية (Geothermal)، والهيدروجينية (Fuel cell).

لكن بالرغم من الدعم المادي والتقني الذي تحظى بهكل هذه الطرق البديلة، تبقى الطاقة النووية في المرتبة الاولى، بحيث تعدّ المفاعلات من الجيل الرابع القادرة على انتاج الكهرباء بكلفة اقل من نصف كلفة الوسائل الاخرى، وبكمية تغطي الطلب بوفرة، ما لا تستطيع فعله اي وسيلة أخرى.

الكلفة
ما هي الكلفة وحجم الدعم المطلوب من الدول الكبرى لانجاز ذلك؟ يقول ضو: "تتفاوت فرص توفير وسائل بديلة من المفاعلات النووية لانتاج الطاقة بين الدول بحسب وجودها الجغرافي وحساباتها الاقتصادية و السياسية ووضعها الاجتماعي والمالي. ولذلك لا تتوافر دراسة شاملة ومعتمدة لإستبدال الطاقة النووية بنوع آخر على الساحة الدولية. لا بل انمعظم الدول النامية والمتمكنة اقتصاديًا تسعى إلى أن تصبح دولاً نوويةً.

ويعتبر التزايد السكاني الهائل على صعيد الدول والإتحادات العالمية، كالقوة الأبرز في اختيار نوع إنتاج الطاقة المعتمد. وبالرغم من ان العديد من الدول الكبرى، على سبيل المثال الولايات المتحدة، تعتمد بشكل كبير على وسائل تقليدية لانتاج الطاقة (الفحم)، ولكنها تطمح كلها إلى أن تصبح اكثر إعتمادًا على المفاعلات النووية.

ما صحة ما يشاع بأن انفجار النووي في فوكوشيما ينتقل الى الدول من خلال الامطار؟ يجيب ضو: "ليس في الامرشائعة، فالمواد المشعة النووية المنبعثة من مكان الحادث تأخذ وقتًا معينًا، قبل أن تنتشر على سائر بلاد الارض.

والمهم في ذلك ليس وجود الاشعاعات ام لا، فالامر حقيقة علمية، ولكن كمية الاشعاعات المنتشرة، بخاصة حول البلاد المجاورة، واليابان نفسها. ومن الطبيعي ان تساعد الامطار، والرياح، وحركة التيارات البحرية، والتحرك البيولوجي (هجرة الطيور، نظام غذائي،...) في نفل الاشعاعات تباعًا خلال الأشهر والسنوات المقبلة حول الارض.

وتتفاوت الدراسات الخاصة مع الارقام الموضوعة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ويمكن قراءة هذه الارقام ومقارنتها عبر شبكة الانترنت في العديد من الدول العالمية. اما في الوضع المالي، فهناك بلاد مرتاحة، وتطمئن شعوبها إلى أن الخطر موجود، ولكنه ليس مهم نسبيًا، وهناك بلاد وجماعات غير مطمئنة، وتزعم بأن الإشارات والأرقام أكثر بكثير مما هو معترف به، وهناك دول تعتبر أنها في منأىء عن الخطر، وهي ليست على صواب.

ما مدى اذية البيئة من قبل انفجار فوكوشيما؟، يجيب ضو: "صنف حادث فوكوشيما من الدرجة السابعة وهو مرادف تقريبًا بالأهمية وتوقع الأثر الذري لحادثة تشيرنوبيل في القرن الفائت. وفي الساعات القليلة بعد الحادثة، إنتشرت الاشعاعات في الجو عبر البخار والغاز المنبعث من المفاعل. وكل الدراسات الأخرى القائمة على وجود اشعاعات في المياه،والمزروعات، والثروة الحيوانية، والبشر، هي نتيجة مباشرة لذلك الانبعاث الاول.

تقتصر الاذية للبيئة حاليًا حول دائرة قطرها حوالي المئة كيلومتر حول فوكوشيما، ولكن على الارجح ستثبت الايام المقبلة ان هذا الرقم غير دقيق. اما الانتشار الفعليّ، فقد سجل حول الارض، بخاصةً في الدول المجاورة كالصين، وروسيا، والولايات المتحدة. وقد رصدت على سبيل المثال ولايات شرق اميركا كماساشوتسيتس، آثار إشعاعات في مياهها. و في أسوأ الأحوال سوف نرى:
- إنخلاط المياه المشعة بالمحيط وضرب الثروة البحرية.
- ضرب شبكات مياه الشرب (على الاقل في اليابان).
- تسرب الاشعاعات الى الصناعات الغذائية والزراعية.
- نقل الأمطار للإشعاعات الى جهات بعيدة وضرب للبيئة ضمن آثار محدودة ولكن طويلة الامد.

عن الخطط البديلة لدى الدول للحد من مخاطر النووي فيها يفندها ضو بالآتي: "- رفع مستوى قوانين التشغيل والصيانة.
- استبدال المفاعل من الجيل الاول باخر اكثر تطورًا.
- اعادة نشر المفاعل المستقبلي في اماكن اقل حساسية.
- تفعيل اساليب انتاج الطاقة البديلة، بخاصة الطاقة الشمسية.
- تدريب افضل على معالجة المشاكل الطارئة والحالات الكارثية.
- التزود باساليب مكافحة ورصد افضل.

- رفع درجة الحراسة للحد من إمكانية الأعمال التخريبية التي قد تفوق خرابًا الكوارث الطبيعية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف