بيئة

غياب الوعي البيئي في العراق يعوق مشاريع تصنيف النفايات وتدويرها

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
غياب التثقيف البيئي كدّس النفايات بين الاحياء السكنية بغداد

تمثل مخلفات الحرب والنفايات التحدي الأكبر للبيئة في العراق، مع تزايد أكوامها على أطراف المدن الكبرى، وتجمعات القمامة المنزلية بين الأحياء.

وسيم باسم من بغداد: إذا كان العراق بحسب خبراء من اكبر منتجي النفايات غير المسترجعة في العالم، فأن بوادر وضع معالجات لهذه المشكلة بدأت تظهر على أرض الواقع لكنها بدت متأخرة وغير كافية.
ويؤكد المهندس عامر عبد الله وهو مدير بلدية، على تعبيره " اكبر منتج للنفايات غير المسترجعة "، فهناك بلدانا تفوق العراق في إنتاج النفايات لكنها فضلات تسترجع وتدور وتصنف.

ربع كيلو يوميا

وفي ظل غياب دراسة علمية، يتوقع عبد الله ان يكون معدل إنتاج الفرد العراقي من النفايات حوالي ربع كيلو يوميا على اقل تقدير، لا يسترجع ايا منها وفي ذلك هدر كبير للاقتصاد العراقي الذي يمكنه عبر مشاريع " الريسايكل " من تحويل الأوساخ والنفايات الى أموال.
وفي مدينة مثل مدينة الصدر يتوقع عبد الله أن يكون الإنتاج من النفايات المنزلية وحدها أكثر من ثلاثة أطنان يوميا على اقل تقدير.

وفي الوقت الذي تحاول فيه الدولة العراقية إنشاء مشاريع استرجاعية للنفايات في مدن العراق، فان عبد الله لا يرى نجاحا لتلك المشاريع اذا لم يتوفر الوعي البيئي.
ويضيف: استرجاع النفايات يبدأ من المنزل، وليس في مركز التدوير.

الخطوة الأولى
ومع تعدد أنواع النفايات مع تعدد صور الاستهلاك ودخول منتجات مصنعة جديدة، تبدا الخطوة الأولى في العزل والتصنيف من المنزل لتسهيل مهمة معامل تدوير النفايات.
يقول عبد الله : نحن شعب مستهلك بالدرجة الأولى وينقصنا الوعي بتقليل كلفة ما نستهلكه عبر إعادة تدوير المتبقي.
ويضيف : علبة الماء يفوق سعرها سعر الماء الذي تحتويه ويتوجب عدم رمي العلبة في الشارع لسببين، الأول الحفاظ على البيئة والثاني استرجاع كلفة العلبة بتدويرها وإعادة استخدامها.

ويمثل رمي العلب في الشوارع الظاهرة الأبرز في العراق، فاغلب حافات الشوارع تتجمع فيها العلب التي تقذف من وسائط النقل، لتتقاذفها الرياح هنا وهناك.
ومن ابرز مظاهر التلوث البيئي المتعمد، عند الذهاب للتسوق، حيث تشترى الحاجيات الموضوعة في أكياس بلاستيكية يتخلص منها المستهلك برميها في العراء من دون الانتباه الى خطورتها على البيئة.

ومع اكتمال اكبر مشروع للنفايات في الشرق الأوسط في بغداد صممته شركة (أفنان) التركية في الكرخ والرصافة، فان عبد الله يتوقع إمكانية تدوير إلفي طن من النفايات يوميا.
وتتحول النفايات عبر مشاريع التدوير الى أنواع أخرى من المنتجات القابلة للاستهلاك، مثل صناعة الحبيبات البلاستيكية والأسمدة.
لكن في مدينة ديناميكية مثل بغداد، متعددة الفعاليات الاقتصادية والبشرية، يتطلب الاهتمام ببيئتها وضعا خاصة لاسيما وأنها مازالت المركز العصبي للعراق، فاغلب مدن العراق مازالت ترتبط بها مركزيا على رغم ان الخطط الجديدة تسعى لفك الارتباط.

مشاريع مرتقبة
وعلميا فان النفايات على نوعين، النوع الأول قابل للتدوير والثاني نفايات ثابتة لا يمكن تحويلها.
واذا كانت المشاريع المرتقبة تركز على النوع الأول فأن النوع الثاني يحتاج الى أماكن طمر صحية بدلا من تركها في اطراف بغداد ومدن العراق الأخرى.
وفي منطقة عشوائية على أطراف مدينة الصدر، تعلو قمامة يتجول فيها بائعو القمامة من أطفال ونساء. وهذه الصورة واحدة
من صور التلوث البيئي في العراق.

ويمكن للمرء أن يجد كل ما يخطر في باله من أنواع القمامة من أكياس وعلب وبقايا معادن وأدوات احتياطية وبقايا حيوانية من كلاب ميتة وقطط، حيث تحول المكان الى مفرغة عمومية لبقايا ما يستهلك في الحياة اليومية.

وأخطر ما يعانيه المنتفعون من هذه الأكوام رائحة نتنة تنبعث من المكان، يزيد من قسوتها منظر الحيوانات الميتة.
ولا يرى أبو حسام الذي يقع منزله في الجهة المقابلة لكوم القمامة حيث تنتشر المنازل العشوائية أي فائدة من الحاويات من دون وعي مجتمعي يدرك أهمية استخدامها.

النجاحات البيئية
وأكثر النجاحات البيئية التي تحققت في العراق، هي في مركز المدن، حيث قلت الأوساخ وندرت اكوام القمامة، بفعل الرقابة المستمرة وتوفر الحاويات، وتحسن الخدمات.
لكن الأحياء السكنية في اغلب المدن مازالت تئن من وطئة النفايات ( الضالة ) بين شوارعها وتلول القمامة في اطرافها.
لكن الأخطر في تلول القمامة احتوائها على النفايات الصلبة لمخاطرها الصحية البيئية.

ويقول المهندس كامل تقي ان العراق يحتاج الى خبراء بيئة في البلديات يضعون الخطط اللازمة لاستيعاب تهديد التلوث البيئي.
ويتابع كامل: انواع القمامة التي يفرزها الاستهلاك اليومي العراقي يتمثل في النفايات المنزلية بالدرجة الاولى، والبقايا الصناعية من المعامل ومخلفات الفعاليات التجارية من الأسواق والمراكز التجارية.

ويلاحظ كامل ان المخلفات المنزلية كبيرة الحجم مثل الأثاث والآليات الكهربائية بدأت تبرز في العراق أيضا بعد ما انحسرت أيام فترة الحصار الاقتصادي لكنها تزداد اليوم مع تحسن الوضع الاقتصادي وزيادة القدرة الشرائية لشراء أثاث وأجهزة منزلية جديدة.
ويتابع : لا يعرف المواطن كيف يتصرف مع هذه المخلفات، وأول خطواته المعتادة بيعها الى المزادات أو دكاكين البضائع المستعملة وإذا فشل في ذلك يضطر إلى رميها أمام بيته في بعض الأحيان.

ويضيف.. انه منظر يومي ان ترى سيارة مركونة أمام بيت وقد علاها الصدأ وتنام الكلاب السائبة فيها.
ومن العادات البيئية السيئة في العراق المخلفات الناتجة عن ذبح المواشي التي لا تصلح للاستخدام الآدمي، حيث ترمى في أطراف الأحياء او في المزابل القريبة، لتصبح مرتعا للقطط والكلاب السائبة.

ويوضح المهندس عبد الله بعض ايجابيات الخطط البلدية الجديدة والتي تتمثل في وجود خطط سترى النور فيما يخص حماية البيئة. فكل البلديات في العراق شرعت في مشاريع تدوير القمامة والنفايات. وهناك خطط مراقبة ومعاقبة وتغريم التجاوز على البيئة بحسب عبد الله. وبدأت اغلب بلديات العراق بتوزيع حاويات بلاستيكية لجمع النفايات المنزلية، وهي خطوة متقدمة تحتاج الى وعي الاستخدام.

وفي بلدية الحلة جنوب بغداد شرعت شركة نمساوية بمشروع لتدوير النفايات. ويشمل المشروع تدوير الورق وعلب الألمنيوم والبلاستيك والزجاج والهواتف الخلوية.
والى ان تتحقق مشاريع التدوير فان البلديات تلجأ اليوم الى اسلوب مؤقت لكنه بدائي في التخلص من النفايات وهو اسلوب الطمر، و حرق أكوام النفايات. لكن ذلك يحدث في الغالب في الريف عند اطراف المدن وهذا يثير حفيظة السكان الذين يرفضون ان يكون محيطهم مرتعا لمخلفات المدينة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف