بيئة

التلوث يهدد بتحجيم الثروة السمكية في الجزائر

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

التلوث أضر بالثروة السمكية وشوه الشواطيء في الجزائر

يقرع ناشطو قطاع الصيد البحري في الجزائر أجراس الإنذار إزاء ما صار يهدد الثروة السمكية الهشة في الجزائر بفعل رياح التلوث التي قلبت بحسب من سألتهم "إيلاف" وضع السواحل المحلية نحو الأسوأ، وجعلت السمك الطازج نادرا في مشهد غير مألوف هناك.

كامل الشيرازي من الجزائر: ينبّه ناشطو قطاع الصيد في الجزائر إلى أنّ ظاهرة التلوث صارت ترهن بشكل جدي توازنات الثروة السمكية في بلد يربو طول شريطه الساحلي عن 1284 كيلومترا، ويزخر بنحو ستة ملايين طن من الأسماك.

وبشهادات الصيادين "سيد علي بوبنة"، "جمال سماتي" و"فاتح لبادي"، فإنّ الهاجس الاخطر يكمن في تلويث البقع النفطية لسواحل البلاد، بجانب الكم الهائل من المياه القذرة التي تصب مباشرة في عرض البحار، ما جعل عدد الأسماك يتناقص وحصائل الصيد ضئيلة للغاية.
ويستدل الثلاثة باكتشاف أسماك ميتة مؤخرا غرب الجزائر، ما يرفع بمنظورهم احتمال تلوث السواحل، بهذا الشأن، يجزم لبادي صاحب ربع قرن من الخبرة بعالم البحار، إنّ الأسماك التي وُجدت ميتة من مختلف الأحجام والأنواع بضواحي ولاية تلمسان (520 كلم غرب)، تؤكد أنّ لا دخان بلا نار، خصوصا مع حديث مراجع مختصة عن مادة كميائية كانت سببا في موت تلك الأسماك.

من جهتها، تقرّ "ربيعة زروقي" وهي مسؤولة محلية للصيد البحري بأنّ السمك لم يعد متوفرا بالسواحل الجزائرية مثلما كان عليه الحال خلال السنوات الماضية، بيد أنّها تتحفظ بشأن انعكاسات التلويث، مشيرة إلى أنّ الفترة الحالية تتسم بكونها مرحلة تكاثر ويتعين على الصيادين الامتناع عن مطاردة السمك الصغير لتأمين بقائه.
بالمقابل، يشير الباحث "سفيان جفال" إلى كون التلوث النفطي يبقى أمرا محتملا بنسبة كبيرة، بحكم ما يترتب عن نقل مائة مليون طن من البترول سنويا عبر سواحل الجزائر، وما يزيد من حجم القلق أنّ عبور ذاك الكم من المحروقات لسواحل البلاد، أمر ليس بالمريح ويربك حياة الكائنات البحرية، خاصة وأنّ مياه السواحل الجزائرية على منوال نظيراتها المتوسطية لا تتجدد بحسب خبراء البيئة إلا مرة كل قرن.

وعليه، يشير "باديس بوزيد" إلى حتمية إسراع السلطات الجزائرية لتطويق مشكلة بيئية بدأت آثارها السلبية تبرز من خلال تسمم الكائنات البحرية وتشويه الشواطئ وارتفاع نسبة المواد الزيتية الضارة على سطح البحر.

بدوره، يشير "عبد الله خنافو" الوزير الجزائري للصيد البحري إلى تفاقم مشكلة تراكم الرمال بثلاثة مرافئ كبرى، ويتعلق الأمر بـ"المرسى"، "سيدي لخضر" (مستغانم) و"الجميلة" (الجزائر العاصمة)، إلى جانب سواحل بومرداس التي وصل تراكم الرمال بها إلى مستويات مثيرة للقلق.
وبجانب التلوث، يقول "حميد بن صبان" وهو مسؤول حكومي مكلف بحماية التنوع البيولوجي، و"سميرة ناتاش" المكلفة بحماية السواحل، إنّ 40 بالمائة من البحار تعاني جرّاء المياه القذرة، ما يقتضي تطهيرا استعجاليا، حتى لا تنقرض الأسماك.

إلى ذلك، يقول "أحمد ربّاح" إنّ بلاده تبدي عزما مضاعفا على محاربة التلوث البحري الناجم عن المحروقات، وهي مهمة تشترك في القيام بها وزارات الدفاع والداخلية والنقل والطاقة والبيئة، وتعنى هذه القطاعات الخمسة بحصر وتقييم مخاطر تدهور نوعية مياه السواحل على المديين القريب والبعيد، وتقديم التوقعات المتعلقة بالنتائج لإيجاد حلول مناسبة تساهم في الحفاظ على الوسط البحري والحيلولة دون تدهوره.

وجرى إسناد المهمة المذكورة إلى الشركة المتعددة الجنسيات "أويل سبيل ريسبونس كومباني" المكلفة بمكافحة تلوث مياه البحر بالمواد النفطية، علما أنّ هذه الشركة تأسست سنة 2007، وتتخذ من العاصمة الجزائرية مقرا لها، وتحوز هذه الشركة مركزا للتدخل مزودا بكل الوسائل الضرورية بغرب الجزائر، وهي مطالبة بالتدخل في حالة وقوع أي حالة تلوث بحري.

ولمواجهة مخاطر التلوث البحري، أعلنت وزارة البيئة الجزائرية على لسان مسؤولها الأول "شريف رحماني" عن شروعها في برنامج عاجل، تتبدى خطوطه الكبرى في تنظيم دورات رسكلة لكوادر القطاع وعموم فاعلي الأجهزة المختصة، وذلك بكل من المركز الاقليمي التابع للمنظمة البحرية العالمية بجزيرة مالطا، وبمركز البحث والتجارب للتلوث البحري بفرنسا، بالتنسيق مع برامج الأمم المتحدة.

وكان خبراء دعوا قبل أشهر بالحدّ من أخطار التلوث البحري وكذا تعميق أوجه التعاون للتصدي إلى تسربات ناقلات النفط، والوقاية عبر توخي نظام للإنذار المبكر مضادّ للتلوث.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف