عهد جديد مع الطاقة النظيفة بعد قرار إغلاق المفاعلات النووية الألمانية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
قرت المانيا إغلاق مفاعلاتها النووية عام 2022، فشرعت منذ الان بالاتجاه للطاقة النظيفة.
صلاح سليمان من ميونيخ: بسرعة وحسم وضعت ألمانيا ملفها النووي المثير للجدل طي التجميد، بعد الإتفاق التاريخي الذي وقعه ائتلاف الأحزاب الحاكمة وهي أحزاب الإتحاد الديمقراطي المسيحي والإتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الديمقراطي الحر وذلك بعد ساعات من المفاوضات التي انطلقت بعد تلك السلسلة المتواصلة من المظاهرات الحاشدة في كافة أرجاء المانيا والتي اعقبت انفجار مفاعل فوكوشيما الياباني، كانت تلك المظاهرات الحاشدة قد اندلعت في 21 مدينة ألمانية غطت جميع الولايات.
الشئ الملفت في تلك المظاهرات هو تأثرها بمظاهرات الثورات العربية إذ إلتف المتظاهرون حول مطلب واحد وهو الشعب يريد تعطيل المفاعلات النووية. هذا المطلب الذي تكاتف جميع الألمان من أجله وطالبوا كذلك بإلغاء كافة البرامج النووية المهددة للبيئة وصحة الإنسان ومن ثم إغلاق كافة المفاعلات النووية العاملة في المانيا والاعتماد بشكل كامل علي الطاقة النظيفة التي تتطور بمعدل سريع في المانيا.
الرضوخ لمطالب الشعب
هكذا رضخت الحكومة الالمانية لمطالب الشعب وإتفقت الأحزاب الألمانية علي اغلاق كافة المحطات النووية او علي الاقل معظمها بحلول عام 2021، وجاء هذا الإتفاق بعد مشاورات جدية وحاسمة كان الشعب رقيبا عليها وعنصر ضغط علي الإتفاق بشأنها، رغم أن النقاش تمخض تحديداً عن قرار بوقف تشغيل القسم الأكبر من المفاعلات الألمانية الـ 17 بحلول نهاية العام 2021، إلا أنه قد تقرر الإبقاء علي ثلاث محطات على سبيل الاحتياط يتم استخدامها لتوليد الكهرباء في حالة حدوث أي أعطال مفاجئة قد ينتج عنها تقلص في كمية الطاقة التي تحتاجها ألمانيا،غير أنه سيتم إغلاقها هي الأخري بعد ذلك بعام واحد، من جهته كان وزير البيئة الألماني نوربرت روتجن قد صرح تعقيباً علي هذا الإتفاق بأن المفاعلات الأحدث الثلاث سوف تستمر حتي نهاية العام 2022 وسوف يتم إغلاقها بعد ذلك التاريخ.
ألمانيا أكثر الدول إعتماداً علي الطاقة النووية
يعتبر المراقبون ان المانيا هي واحدة من أكثر دول العالم اعتماداً علي الطاقة النووية وهذا ما يفسر المخاوف المتزايدة من قبل الشعب الألماني تجاه مخاطر تلك الطاقة النووية، خاصة وأن ما حدث في مفاعل فوكيشيما الياباني لا تخطئه العين.
بالأرقام تعتبر ألمانيا هي الدولة الرابعة في العالم في مجال توليد الطاقة النووية،إذ يبلغ عدد المفاعلات النووية الموجودة فيها حاليا هي 17 مفاعلا تنتج كميية من الطاقة تبلغ 21% من احتياجات السوق اللمانية سنوياً.
تاريخ ألمانيا مع المفاعلات النووية يعود الي عام 1957 حيث انشئ في مدينة ميونيخ عاصمة ولاية بافاريا الجنوبية أول مفاعل نووي لتوليد الطاقة، وفي عام 1962 انشئ مفاعل آخر بمدينة كال الواقعة أيضا بولاية بافاريا. أما مفاعل "جارشينج" النووي الذي شيد في عام 1957 ويعتبر هو المفاعل الأقدم أصبح يثير مخاوف الناس علي الدوام من حدوث كارثة ربما يكون سببها زلزال أو شئ مماثل قد يهدد سلامة المفاعل مما قد يهدد بكارثة كبيرة، لكن مدير الجامعة التقتنية في ميونيخ التي تشرف علي المفاعل وفي محاولة لطمئنة الناس فهو يري ان المفاعل مخصص فقط للأبحاث العلمية والأغراض البحثية، وفي هذا الإطار يشرح البروفوسير "لوثر كوست " الذي عمل في المفاعل لفترة طويلة فلسفة العمل به ويقول إنه حول المنطقة المحيطة به من منطقة ريفية مهمشة الي مدينة علمية بامتياز تسابق الجميع علي العمل بها، فالكثير من مشاريع تخرج الطلاب لنيل الدبلوم او الماجيستير او الدكتوراه تمت هنا لقد الحقت بالمفاعل العديد من المعاهد العلمية ومراكز الأبحاث اتلأخري، فبجانب الجامعة التقنية اصبحت هناك أربعة معاهد هي ماكس بلانك بجانب المنظمة الأوروبية لعلوم الفلك ومركز لأبحاث ىشركة جنرال اليكتريك الألمانية التي تجري أبحاث في الكيمياء والبيولوجي والطب، وعن المخاوف التي تصيب سكان المناطق القريبة منه يقول لقد أجريت في 28 يوليو سنة 2000 أعمال تحديث وصيانة للمفاعل تكلفت 500 مليون يورو، وقد أعيد الي العمل مرة اخري في سنة 2004.
قانون لتحديد العمر الإفتراضي للمفاعلات النووية
طالب رجال أعمال مؤيدين لحكومة ميركل التي تنتمي إلى تيار يمين الوسط إلى توخي الحذر في هذه الخطوة، محذرين من أن النقص في الطاقة الكهربائية يمكن أن يشل الصناعة. إلا أن لجنة مؤلفة من 17 عضوا من الأساقفة والأكاديميين وقادة المجتمع قد أوصت ميركل بضرورة ان تتخلى ألمانيا عن الطاقة النووية في غضون عشر سنوات، وإغلاق ثمانية محطات الآن ومن ثم يتم جدولة إغلاق المحطات التسع الأخرى تدريجيا. غير أن الحكومة رأت ان يتم الإبقاء على 2000 ميجاواط من الطاقة، أي ما يعادل إنتاج محطتين نوويتين، كإجراء احتياطي بعد هذا التاريخ لاستخدامها في حالة الطوارئ،، وفي هذا الإطار يعود وزير البيئة الألماني لطمئنة الجميع مرة اخري قائلاً ً أن كل التدابير ستتخذ "لضمان تزويد المستهلكين" بالطاقة الكهربائية "من دون انقطاع.
كانت الحكومة الألمانية قد اصدرت في عام 1960 قانونا حدد بمقتضاه آليات عمل المفاعلات النووية والحماية من مخاطرها، وكان قد تم تعديله وتوسيعه عدة مرات في السنوات الأخيرة واشتهر هذا القانون بتحديد العمر الافتراضي لكل مفاعل نووي وحجم الطاقة المسموح بتوليدها منه حتى ينتهي أجله.
رغم ان المستشارة الألمانية كانت في عام 2009 قد أصدرت قانونا بمد عمل المفاعلات النووية المشيدة قبل عام 1989 ثمانية أعوام والمبنية بعد 1989 أربعة عشرة عاما.ووقع بالموافقة علي هذا القانون الرئيس الالماني الألماني كريستيان فولف في ديسمبرمن العام الماضي، الا ان الرفض الشعبي استمر بشكل قوي ومنظم وكانت قمة الغضب الشعبي قد تفجرت بعد حدوث كارثة مفاعل فوكوشيما الياباني، وبعدها مباشرة أوقفت حكومة ميركل العمل بسبعة من المفاعلات القديمة لحين اختبار إجراءات الأمان فيها بعد ما تبين حجم الكارثة التي يمكن ان تنتج عن المفاعلات النووية سواء كانت قديمة أو حديثة، وهذا مادفع ميركل بعد فترة قصيرة من انفجار مفاعل فوكيشيما من وقف العمل بقانون تمديد عمل المفاعلات النووية لمدة ثلاثة اشهر حتي تتضح الصورة ويتم التوصل التي نتيجة حاسمة بشان مستقبل المفاعلات النووية الالمانية.