بيئة

بحيرات الأسماك بالعراق تصارع التلوث والملوحة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

وسيم باسم من بغداد: يوشك كريم الجبوري على إغلاق بحيرة الأسماك التي يعتبرها مشروع العمر، لانه لم يعد قادرا على مواكبة الصعوبات التي تحول دون اكثار الأسماك في البحيرة بسبب التكاليف المادية الباهظة التي يتطلبها إعادة تأهيلها.

وحين حاول الجبوري الحصول على قرض زراعي لتشييد قفص عائم في البحيرة لتحسين مردودها المادي، عن طريق إعادة حفرها وتوفير الأدوية والمستلزمات، اصطدم رفضه بشروط يعجز عن تحقيقها.

ويلجأ الكثير من أصحاب مزارع الأسماك فيالعراق اليوم إلى القفص العائم الذي يصنع محليا وبتكاليف مناسبة.
ويصف المزارع كامل ساجت في المسيب ( 80 كم جنوبي بغداد ) كيف انه قسّم بحيرة الأسماك في مزرعته الواسعة إلى أحواض عائمة من الخشب و ألواح الفلين و الحديد.
كما استعاض ساجت بنقص الأعلاف وارتفاع أسعارها، باستخدام أعلاف ماشية أو خلطات ( غير علمية ) مما ادى الى موت الكثير من الأسماك في الموسم السابق.
وتصنع كوادر عراقية هذه الأحواض من مواد محلية حيث تنتشر اليوم بكثرة في بحيرات الأسماك.

لكن ساجت يشترك مع الجبوري في الرأي من ان الجدوى الاقتصادية لمشاريع تربية الأسماك لن تكون ايجابية ما لم يحصل المزارعون على قروض لتأهيل بحيراتهم.
و يضيف: اغلب البحيرات عانت الإهمال في السنوات السابقة، حيث اجتاحتها الملوحة والطحالب والأتربة مما يتطلب تأهيلا لها يتطلب كلفاً عالية.

وتعاني اغلب بحيرات الأسماك في العراق بحسب الخبير الزراعي فوزي تركي من انخفاض المعدل الطبيعي من الأوكسجين، وغلاء الأغذية والأدوية الخاصة بالبحيرات.
وعلى رغم تكاثر بحيرات الأسماك شمال مدينة بابل(100 كم جنوبي بغداد) وعلى امتداد المزارع في مدينة الصويرة (55 كلم جنوبي بغداد) بمحاذاة نهر دجلة في مناطق محافظة واسط، فان هذه البحيرات لا توفر منتوجية عالية من الأسماك بسبب غياب المستلزمات المطلوبة إضافة إلى التلوث البيئي الذي يهدد الكثير من البحيرات.

ويتحدث مربي الأسماك سليم هجول عن موت اغلب الأسماك في البحيرة بسبب تلوث الماء الذي يُضخ من نهر دجلة، مما اضطره الى تجفيف البحيرة بالكامل وزيادة أعماقها وإنشاء أحواض متحركة، وهذا يتطلب منه عبئا ماديا لا يوفره المردود المادي القليل الذي يجنيه من البحيرة.

ويصف هجول التلوث بالمبيدات والكيماويات ومخلفات المعامل بأنها لا تهدد الأنهار فحسب بل البحيرات ايضا التي من المفروض ان تشكل دوائر مغلقة لا يصل إليها التلوث، لكن غياب (الفلاتر) المناسبة والمصفيات ذات التقنية العالية يجعل من البحيرات جزءا من الانهار الجارية الملوثة وبالتالي ينتقل ما موجود في الأنهر الى البحيرات نفسها.
ويعاني اغلب أصحاب البحيرات من الملوحة التي تحوَل مياه البحيرات العذبة الى مالحة تفسد بيئة الأسماك وتحول دون تكاثرها بالشكل المطلوب.

وفي جولة على ضفاف نهر دجلة في الصويرة يؤشر هجول بأصبعه الى مصادر مياه آسنة ومخلفات صناعية وينابيع لعمليات الصرف الصناعي والزراعي تتدفق على النهر..
وليست التهديدات البيئية وحدها التي تهدد بحيرات الأسماك بحسب هجول. ذلك ان ضغط المستورد من الأسماك، يحول دون تطوير البحيرات بسبب العائد القليل الذي يجنيه مربو الاسماك مما يحتم اتباع سياسية كمركية تحول دون منافسة الأسماك المستوردة، الطازجة والمجمدة، للمنتج المحلي.

وبحسب هجول فان الكثير من العاملين في بحيرات الأسماك أضحوا عاطلين عن العمل بسبب ذلك، في وقت كانت توفر هذه الأسماك فرص عمل كبيرة للعراقيين، ووصل الامر في ثمانينيات القرن الماضي الى الحد الذي استعان فيه مربو الأسماك بعمال مصريين لإدارة البحيرات مما يوضح حجم المردود المادي الذي كانت توفره تلك البحيرات.
ويوضح ابو ذياب صاحب بحيرتين للأسماك في منطقة المحاويل (70 كم جنوبي بغداد) عن ان البحيرات تحافظ على بقاء بعض أنواع الأسماك العراقية التي توشك على الانقراض، لاسيما اسماك البز والقطان.

وفي النهر الجاري الذي يسير بمحاذاة بحيرة ابو ذياب تبدو لك مظاهر تسريب للمواد البترولية وبقع زيت حيث ترمى مخلفات صناعية في النهر من قبل أصحاب ورش السيارات والمعامل الصغيرة المنتشرة هناك مما يسبب في نفوق الأسماك.

ويتابع : على رغم ان الأسماك العراقية، نهرية الطبع وتتأثر كثيرا بالملوثات البيئية مقارنة مع اسماك البحر الا انها تنجح بشكل كبير اذا ما توفر لها الماء العذب غير الملوث، ومكافحة الأمراض التي تصيبها، وتوفير الغذاء الصحي لها.

ونجح مزارعون عراقيون في واسط من إنتاج سُلالات سمكية سريعة النمو تتوافر على كمية لحوم جيدة منذ ثمانينيات القرن الماضي. rlm;
كما ادخل مربو اسماك الكثير من الانواع التي لم تعرفها البيئة العراقية من قبل، مثل اسماك الرنجة والسلامون، والفيليه بحسب المهندس الزراعي فوزي تركي.
و يوصي خبراء بينهم تركي بضرورة الاستزراع السمكي لسد الفجوة الغذائية التي يعاني منها العراق، في ظل طغيان الجفاف الذي يهدد الكثير من المراعي والبساتين، لاسيما وان العراق لا يطل على البحر، ولا تتوفر لديه مصائد بحرية تجعل منه مصدّرا كبيرا للأسماك. ولهذه الأسباب مجتمعة يتوجب تأهيل بحيرات القطاع الخاص.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف