بيئة

"ثافسوث" إحتفالية أمازيغية بنضوج الثمار في الجزائر

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يحييأمازيغ الجزائر طقس "ثافسوث" احتفالا بنضوج الثمار في الربيع، فيتم استغلال المناسبة في جمع الزهور والنباتات البرية.
إيــلاف واكبت هذه الاحتفالية التي يراها السكان المحليون تواصلا مع الطبيعة، ودلالة على عودة الصفاء وسطوع الشمس على كامل أرجاء البلاد.

كامل الشيرازي من الجزائر: يقول "أحمد موزارين" ابن ضاحية (معاتقة) قلب منطقة القبائل الكبرى (110 كلم شرق) إنّ تقليد "ثافسوث" يصادف سنويا 28 شباط/ فبراير الموافق للخامس عشر فورار بالتقويم الأمازيغي، لكن الاحتفال به ينطلق اعتبارا من 31 آذار/مارس من كل عام، ويستمر هذا الموعد أسبوعا كاملا، ويركّز موزارين على أنّ ثافسوث مستمدّ تاريخيا على الأرجح من عيد "شم النسيم" المصادف لبداية الربيع خلال حقبة الملك شيشنق الأمازيغي (950 - 929 قبل الميلاد).

يجري خلال أيام ثافسوث قطف الزرع على منوال "القرنينة" و"الخرشوف البري"، وكذا "التالمة" وهي عشبة تشبه البقدونس لكن أزهارها صفراء وتؤكل طازجة بعد غسلها، علما أنّ النباتات المذكورة تتكاثر في المواسم الماطرة كالشتاء المنقضي الذي شهدت خلاله الجزائر مستوى قياسيا من الأمطار والثلوج.

بهذا الشأن، يبدي المخضرمون ""رزقي"، "بلقاسم" و"الوناس" سعادة بـ"ثافسوث 2012"، سيما أنّه أتى ليتوّج فصلا ارتوت خلاله أراضي البلاد، ما جعلها تكتسي حلة بهية مطلع الربيع الحالي، وتلفت العجوز "الطاوس" إلى أنّ منطقة القبائل كما نظيرتها "الأوراس" تتجمّلان في "ثافسوث" بأفانين الطبيعة من خضرة الجبال التي لا تزال قمم بعضها تتلألأ بتيجان ثلجية بيضاء، وزرقة البحر في سلسلة يزركشها ديكور مترع بحنان الشمس الدافئة في تجانس يبث الطمأنينة والهدوء والرغبة في تأمل الحسن المتجلي حيث تختلط زرقة السماء والماء بخضرة الربيع والشجر وطيف العصافير ودفء أشعة الشمس.

وفيما ينصرف قطاع من الأمازيغ لممارسة هوايتهم المحبّبة "الصيد"، يحرص فريق من القدماء على استحضار العادات والتقاليد المتوارثة وخروج العوائل بشكل جماعي إلى الحقول والمروج الخضراء بحثا عن هواء عليل وممارسة لعبة "ثاكورث" (القوس) وهي لعبة شعبية تشبه إلى حد بعيد لعبة الهوكي الأمريكية، وتُستخدم فيها كرة مصنوعة من أغصان الحلفاء مع قليل من شمع العسل، ويعلّق "عبد المجيد" إنّ الغاية من ممارسة لعبة كهذه هو إطلاق العنان للفرح بانتهاء شتاء عادة ما يكون شديد البرودة بالمنطقة.

من جهتهم، يفضل سكان الشرق الجزائري استقبال فصل الربيع بلعبة "الكورة" التراثية، وهي لعبة محلية تستخدم فيها كرة صغيرة مصنوعة من جذوع أشجار "السدرة" المعروفة بإنتاج حبات "النقب" أو"النقيقب" كما يطلق عليه محليا.

واحتراما لمكانة فصل الربيع الزاهي الألوان الكثير الخضرة، تشهد دواوير ومشاتي منطقة ميلة الريفية الجبلية (400 كلم شرق العاصمة) أجواء يطبعها المرح المندمج جديا مع زهو الطبيعة الخلابة المحيطة، وسط حنين المتقدمين إلى لحظات حميمية في المجتمع الريفي القديم، ويتحدث العم أحمد (74 سنة):"الربيع مؤشر على الأفراح والتنزه في أحضان الطبيعة وجمع النباتات، إلى جانب قلع الحشائش الضارة وتزيين البساتين في حلقات تحضّر فيها أيضا نباتات برية غنية بالمكونات الغذائية الضرورية بينها الفيتامينات والأملاح المعدنية.

ويقترن أوج فصل الربيع في الجزائر ببروز الزهور الموسمية الشتوية كما الصيفية، حيث يتسنى للهائمين بتملي مئات الأنواع بينها أصناف نادرة وجديدة من فصيلة "الميموزا" ونباتات الزينة التي تشتهر بها المناطق الاستوائية وتنفرد بأسمائها الغريبة على غرار الورود التي يبقى الطلب عليها كثيرا والبتونية وما يُطلق عليها محليا "إبرة الراعي"، إضافة إلى شجيرات الزينة الصغيرة كالنخلة، وغيرها من الزهور الخلابة وروائحها العطرة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف