بيئة

أوربا تشتري زهرة الخشخاش وتتلفها

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

اعتدال سلامه من برلين: عندما قررت مؤسسة محاربة الجوع الالمانية اواخر عام 2003 اقناع المزارعين في افغانستان استبدال زراعتهم لزهرة الخشخاس التي يصنع منها الافيون بزراعة الورد الجوري، اعتبرت الفكرة يومها غير عقلانية، مع ان هدفها كان مكافحة زراعة الخشخاس وفي الوقت نفسه تأمين دخل بديل في نفس المستوى للمزارعين اضافة الحد من سيطرة امراء المخدرات على الوضع الاقتصادي ومنع تدفق المخدرات الى اوروبا.

بعدها طالب يورن تيزين البرلماني وخبير الشؤون الامنية في الاتحاد الاوروبي شراء كل محاصيل المزارعين الافغان من زهرة الخشخاش ويصل وزنها الى 6700 طن سنويا بسعر السوق واتلافها بسرعة، وتقديم عون وبدائل لمزارعي زهرة الخشخاش لكي لا يزرعوا بعد الان هذه الزهرة الخطيرة، اذ ان 90% من الوفيات التي تحدث في المانيا بسبب الادمان على المخدرات سببها المواد المستوردة من افغانستان.

وحسب تقدير الامم المتحدة يصل سعر طن المواد الخام من الافيون الى 120 الف يورو وعند شرائه في افغانستان الى 80 الف يورو، لذا واصل النائب الالماني مطالبته التعامل مع المزارعين مباشرة من اجل ايجاد حل لزراعة الخشخاش، عندها زادت اهمية فكرة استبدال زراعته بزراعة الورد الجوري ذي الاريج الفواح من اجل تصديره الى مصانع العطور في اوروبا. الا ان المانيا كانت البلد الوحيد بين بلدان الاتحاد الاوروبي الذي التزمت بالفكرة، وحجة البلدان الاخرى ان سعر الورد الجوري لا يضاهي سعر المخدرات، واليوم تحصد المانيا نتائج تبنيها لهذا الموقف عبر مشاريع تقيمها مؤسسة محاربة الجوع الالمانية.

وكما قال نوربرت بوركر القائم على برنامج اطلق عليه اسم" ورد في نانغارهار" لايلاف ان الورد الجوري من الازهار التي توفر العطور، وهي ايضا زهرة طبية شافية في افغانستان منذ مئات السنين، وماء الورد واريجه الفواح وجماله جزء لا يتجزأ من التقاليد الافغانية، لذا فلا عجب ان يتشجع المزارعون على زراعته في الاصل.

وفي اطار البرنامج فان المزارعين في المناطق الجبيلة من اقليم نانغارهار شرق افغانستان يزرعون الان الورد الجوري ويقطرونه من اجل استخراج زيت الورد منه. وعبر هذا العمل يضمن المزارعين وعائلاتهم مورد رزق ثابت وطويل الامد وقانوني، ولا يعودوا مرتبطين بزراعة الخشخاش وانتاج الافيون لعصابات المخدرات. فزيت الورد يعتبر من المكونات المهمة لصناعة مواد التجميل الطبيعية ومستحضرات طبية.

ومنذ بدءالمشروع عام 2004 استوردت مؤسسة مكافحة الفقر الالمانية كميات كبيرة من شتلات الورد الجوري زرعت في مناطق ترتفع ما بين 1000 و1500 مترا ايضا على محيط مدينة جلال اباد ومناطق دار النور واخين ونزيان. فالمناطق المحيطة بننغارهار جبيلة وتتوفر فيها شروط مثالية لزراعة الورد الجوري، فهذا النوع من الورود يحتاج الى شمس بشكل مكثف خلال فترة النمو وليالي باردة منعشة من اجل تكوين عطره ورائحته. كما يجب قطف الزهرة في الصباح الباكر،عندها يكون ما تحتويه من الاتير( سائل طيار)على اعلى مستوى، بعدها يجب تقطريها بسرعة وخلال ساعات قليلة، فتتحول كميات كبيرة من الورد الجوري الى زيت لا تدخله مواد كيمائية اخرى، وكميات اخرى تصبح ماء ورد كما تجفف كميات اخرى منه لاغراض مختلفة.

ومن اجل استخراج كلغ واحد من زيت الورد الجوري يحتاج المزارع لتقطير ما لا يقل عن 3500 كلغ من هذا الورد، ويصل ثمن الكلغ الواحد من الزيت في الاسواق العالمية الى 5000 يورو تقريبا.

وبعد ان كان عدد المزارعين للورد الجوري مع بدأ المشروع لا يتعدى اصابع اليد، فانه يصل اليوم بعد النجاح التي حققه البرنامج الى 730 مزارعا يزرعون مساحة تتعدى ال120 هكتارا ويؤمنون احتياجات 5000 عائلة.

ويعترف نوربرت بوركر بانه والقائمين على المشروع اصطدموا بمشاكل في بداية الامر، لان المزارعين كان متشككين بمدى نجاح استبدال الخشخاش بالورد الجوري، الا انهم اليوم يعتبرون زراعة الورد من الامور العادية التي توفر دخلا جيدا لهم، واولا محصول من الورد الجوري جنوه كان عام 2006 ووصل الى 8 اطنان ليرتفع في عام 2010 الى مائة طنا، فارتفع بذلك حجم كمية زيت الورد المنتج من 1،5 كلغ الى اكثر من 30 كلغ.

ومنذ عام 2006 فان مصانع التجميل تذكر على منتجاتها ان الزيت المستخدم هو من ورد الجوري المزروع في ننغارهار مما اعطى المنطقة شهرة عالمية، وهذا الشهرة جعلت المؤسسة الالمانية تزود المزارعين بمعدات تقطير حديثة وهي غالبا من مادة النحاس، ما جعل ورد ناغارهار يضاهي في جودته الورد الجوري التركي والايراني والهنغاري.

وبعد النجاح الذي حققه مشروع" ورد في نانغارهار " يريد المزارعون والعاملون فيه اخذ المبادرة وتحمل كامل اعباء المشروع وتحويله الى مؤسسة انتاجية افغانية صرفة، وتصدير منتجاتهم الى المستوردين الذين يشترون زيت الورد منهم حاليا، ولهذا الهدف فقد تأسست بالفعل كما يقول نوربرت بوركر مؤسسة اطلق عليها اسم " رونا" اي Rosen for Nangarharوتم تسجيلها رسميا، وحتى نهاية العام الجاري سوف تكون مؤسسة اقتصادية محلية مستقلة، لتبدأ بالتصدير، واليوم فان الطلب يزداد بشكل كبير على المواد الخام الطبيعية وبالاخص الورد الجوري ما يضمن مداخيل منتظمة لمزارعين هناك.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف