صحة

قراءة فى تاريخ الشذوذ الجنسي - الفصل الثالث

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

موقف الأديان والمجتمعات من المثلية الجنسية

"لاتضاجع ذكراً مضاجعة إمرأة إنه رجس" ...سفر اللاويين

إدانة واضحة وصريحة من الكتاب المقدس، ولكن هل هذه الإدانة الصريحة وضعت حداً لهذا السلوك المركب المعقد الذى يطلقون عليه الشذوذ الجنسى أو الجنسية المثلية (اللفظ الذي يفضله علماء النفس لأنه لا يحمل إدانة مسبقة)؟؟؟؟؟.
أعتقد أن الإجابة هى النفى، فبرغم ذلك التحذير المقدس ما زال الشذوذ الجنسى له تاريخ فى الماضى وحضور فى الحاضر ورغبة فى صياغة المستقبل.
بلغ الشذوذ الجنسى قمة إزدهاره على أيدى الإغريق، يقول أفلاطون فى محاورته المناظرة "الجدير بالذكر أن الإغريق كانوا يعتبرون عشق الرجال الغلمان وساماً يضعه هؤلاء الرجال على صدورهم كما كانوا يحتقرون الرجل الذى يفشل فى إجتذاب الغلمان إليه".
ذكرنا فى العرض السابق لتاريخ الجنس كيف كانت العلاقة بين هذا الرجل وذلك الغلام أكثر من علاقة جنسية بحتة بل كانت روحية وأخلاقية أيضاً!.
هنا يتحقق قول الشاعر الألمانى جوته الذى قال "إن عشق الرجال للغلمان قديم قدم الإنسان"، ويؤيده فى ذلك د.رمسيس عوض فى كتابه "الشذوذ والإبداع" والذى يقول إن تاريخ أول سجل أدبى لظاهرة الشذوذ يرجع إلى أكثر من أربعة الآف وخمسمائة عام حين تناولته إحدى البرديات المصرية القديمة.
بالعودة إلى الأساطير الإغريقية القديمة سنعرف أن جلال وقدسية أبطالهم لم تنتقص منه ممارساتهم الشاذة، فمثلاً يحدثنا الشاعر هوميروس فى الإياذة عن الحب الذى يحمله البطل أخيل للغلام "باتروكلوس"، وفى أساطير الإغريق أن رب الرباب "زيوس" هو الذى إغتصب الفتى الوسيم "جانيميد"، ويحدثنا أفلاطون عن عشق سقراط للغلام "اليسباديس"، ويذكر ديوجنيس أن سقراط عندما كان غلاماً كان معشوقاً لمعلمه.
الجدير بالذكر أن الإغريق لم يعبروا عن عشقهم للغلمان فى إنتاجهم الشعرى والنثرى فقط بل فى الرسم والفنون التشكيلية كما يشير د.رمسيس عوض فى كتابه قائلاً "إن الرسام الإغريقى كان لا يرى فى الجمال الأنثوى أى جمال إلا إذا كان شبيهاً بجمال الغلمان".
لا ينتهى الكلام عن الإغريق والشذوذ بدون أن نذكر كتاب "العشاق" الذى ينسب لأفلاطون وموضوعه المقارنة بين عشق الذكور للإناث وعشق الذكور للذكور، إن الكتاب عبارة عن مناظرة بين رجلين أحدهما يدافع عن حب الرجل للمرأة والآخر يدافع عن حب الرجال للغلمان، ويقوم "ليسنيوس" بدور الحكم بينهما وينتهى إلى رأى يلخص موقف الإغريق فى عبارة قصيرة فهو يقر بأن الزواج شئ لا غنى عنه فى حين أن عشق الغلمان هو دلالة الحكمة ولهذا نراه يحبذ قصر ممارسته على صفوة المجتمع وحكمائه، وبما أن الشئ بالشئ يذكر فإن هذه المحاورة تذكرنا بمحاورات أخرى حديثة نوعاً ما، وهى المحاورات التى كتبها "أندريه جيد" فى عام 1907 وأطلق عليها "كوريدون" ودعا فيها إلى إباحة "الشذوذ الجنسى" الذى كان يفضله شخصياً، و"كوريدون" هذا هو الشاذ جنسياً الذى يدافع عن رأيه ضد الراوى ويعدد العباقرة الذين كانوا يمارسون الشذوذ وفى مقدمتهم" أوسكار وايلد" و"والت ويتمان"، ونقتبس فى هذا المجال جملاً قصيرة من تلك المحاورات من مرافعة الدفاع التى قالها كوريدون:
middot; البشر يحكمون وفقاً للتقاليد عندما يذهبون إلى أن العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى هى وحدها العلاقة الطبيعية.
middot; الذكر ضرورى لتلقيح الأنثى، ولكن هذا لا يعنى أن الأنثى ضرورية لإشباع رغبات الذكر.
middot; جسم الرجل يفوق جسم المرأة من الناحية الجمالية البحتة.
middot; الطبيعة تسمح بالشذوذ ولكن القوانين الإجتماعية تتواطأ مع المرأة فى تحريمه.
middot; الحب عند الذكور يمكنه أن يعرف الإيثار والتضحية بالنفس بل بالطهارة أيضاً.
(ملاحظة: إعتمدنا على دراسة مطولة عن أندريه جيد قدمتها مجلة القاهرة 1996).

إذا كان هذا هو وضع الشذوذ الجنسى عند الإغريق فما هى مكانته عند الرومان؟
كان الرومان يسمحون بزواج رجلين أو إمرأتين، وكان هذا مقبولاً ولكن فى الطبقات الأرستقراطية، ويؤكد بوزويل فى كتابه "المسيحية والتسامح الإجتماعى والشذوذ" على أن "نيرون" نفسه كان يتزوج الرجال.
يؤكد الكتاب أيضاً على أن المسيحية فى بداياتها لم تكن تدين هذا السلوك بنفس الدرجة التى وصلت إليها بعد ذلك، وكانت قمة الهجوم المسيحى على الشذوذ على يد القديس "أوغسطين" و"توماس الأكوينى" اللذين أكدا على أن أى لقاء جنسى ليس غرضه الحمل فهو لقاء آثم، ووضعت الكنيسة الشاذ جنسياً بين شقى الرحى، إما أن يعلن توبته أو يعذب ويحرق بالخازوق!، وفى العصور الوسطى كانت إتهامات الشذوذ الجنسى بداية لإتهامات الهرطقة والزندقة، وبدأت الإعترافات تؤخذ كوثائق إدانة لإثبات هذه الهرطقة .
أما الشذوذ الجنسى فى التاريخ الإسلامى فموضوع يطول شرحه .....


khmontasser2001@yahoo.com

الفصل الاول

الفصل الثاني

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف