دواء يمحو التعب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
طلال سلامة من روما: بات عدم النوم لمدة 48 ساعة ودون الإحساس بآثار التعب مسألة ممكنة وواقعية. وهاهو الحل يدق أبواب كل من يشعر بأن النوم إضاعة للوقت خاصة المديرين ورجال الأعمال الذين يريدون قضاء نهار طويل بدون نهاية كي يستطيعون إنهاء كافة واجباتهم الاجتماعية ووظائفهم في العمل. واليوم، يكفي تناول حبة دواء واحدة مسماة "مودافينيل" (Modafinil) تستطيع قطع وقت الحاجة الى النوم بنسبة 50 في المئة.
وفي عام 1998، شهد هذا الدواء ولادته في الولايات المتحدة الأميركية، وأضحى من غير الممكن استبداله أو الاستغناء عنه بالنسبة للعديد من الأميركيين. وإذا تمعنا قليلاً في الأرباح نجد بأن مبيعات الدواء قفزت من 25 مليون دولار، في عام 1999، صعوداً الى 575 مليون دولار في العام الفائت. وظاهرة تفشي الدواء لافتة للأنظار، خاصة في أوساط مختلف الجهات الطبية، كما أن بعض الخبراء بدؤوا احتسابه كرمز لنمط حياة جديدة تعد بتغيير عادة "النوم" تماماً كما فعلته في السابق حبة منع الحمل، أثناء ممارسة الجنس وفي الصباح التالي. وطوال عقود من الزمن، نظٌم البشر حياتهم حول نظرية "النوم" لكن، وفي مستقبل قريب جداً، سنغيٌر جميعنا وللمرة الأولى في حياتنا طريقة النوم ومدتها توافقاً مع نمط حياتنا الشخصي. علاوة على ذلك، سنصبح قادرين على إطفاء النوم بصورة كيميائية صيدلانية في غضون 10 الى 20 سنة مقبلة ما سيجعلنا قادرين على الصحو لمدة 22 ساعة متواصلة والنوم لساعتين فقط. في سياق متصل، ينوه الاختصاصيون في شركة "سيفالون" (Cephalon) التي تنتج الدواء "مودافينيل" بأن كل ذلك سيتم دون آثار جانبية أو مع صداع خفيف في الرأس كحد أقصى.
ويكمن مفعول الدواء السحري في كونه مضاد فعال للنوم وينجح في تغذية الجسم بنفس شعور الإحساس بالراحة الذي نتمتع به عادة من طريق 7.5 الى 8 ساعات متواصلة من النوم. وتختلف حبة "مودافينيل" كل الاختلاف عن المواد الأخرى المستعملة كي تبقينا في حالة اليقظة، مثل مادتي الكافيين والأنفيتامين، لأنها تعطي الجسم إحساساً طبيعياً يدب في النفس النشاط وعدم الحاجة للنوم من دون تسبيب الاختلاف المفاجئ في الحالة الجسدية والعقلية التي تحدثها بقية المواد.
وعادة يحتاج المرء الى 16 ساعة من النوم في حال بقي يقظاً لمدة 48 ساعة، أو يومين، لكن مع دواء "مودافينيل" تتقلص هذه الساعات من 16 الى 8 ساعات فقط. ومنذ عام 2003، يستعمل الطيارون في القوات الجوية الأميركية هذا الدواء لمكافحة التعب أثناء مهماتهم المؤقتة أو الدائمة خارج الأراضي الأميركية، لا سيما في أفغانستان والعراق. ويقسم العلماء النوم الى خمس مراحل. وتحوي ساعات النوم النموذجية عدة دورات، في مراحلها الأعمق، التي تلعب دور العامل الأكثر مساعدة على إعادة الوعي.
في هذا الصدد، عبرت "ايميا" (Emea)، الوكالة الأوروبية لتقييم الأدوية، عن تحفظها على استعمال الدواء لأنه يؤثر مباشرة على الجهاز العصبي المركزي والمهاد البصري "هيبوتلاموس" من جهة، ويصدر الدوبامين(ناقلات عصبية) ويمنع وقف إفراز (Noradrenaline)، وهي مادة طبيعية تنتجها خلايا الأعصاب، من جهة أخرى، وهو ما قد يؤول الى إحداث مفعول جانبي عصبي طويل الأجل.
وتضيف الوكالة أن كل من يتعاطى الدواء يشعر بتحسن ملحوظ في مزاجه ما قد يكون أمراً خطراً. لذا، من المستحسن استعمال الدواء تحت رقابة طبية أو في الحالات المرضية المستعصية مثل الزهايمر والخُدار(حالة مرضية تتميز بنوبات نوم عميق قصيرة). في النهاية، تخشى الوكالة الأوروبية أن يصبح الدواء في متناول الشباب ما يجعلهم يفضلونه عن النوم الطبيعي الذي يعد الأكثر سلامة لتلك الفئة العمرية.