صحة

حقن المواد الإشعاعية الدوائية في الدماغ

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


طلال سلامة من روما: لجأ العلماء في جامعة "أوديني" (Udine) شمال شرق ايطاليا الى تقنية جديدة، طُبقت الى اليوم على ستة مرضى، وتتمحور حول حقن المواد الإشعاعية الدوائية مباشرة في الدماغ، في التجويف الذي كان الورم السرطاني مستوطناً به قبل استئصاله. وقريباً سيتم دمج تقنية العلاج الإشعاعي الجديدة هذه بالعلاج الكيميائي. كما تبرز كبرى منافعها في مضاعفة معدل بقاء مرضى السرطان على قيد الحياة. وتكمن التقنية في إدخال بالون صغير في الفراغ(التجويف) الناتج عن استئصال الورم السرطاني بواسطة مبضع الجراح. بعد ذلك، يجري تعبئة البالون الصغير بسائل مشع. في الحقيقة، السائل المشع ليس إلا مادة إشعاعية دوائية يصدر عنها نفس كمية الإشعاعات العلاجية المستعملة عادة في العلاج بالأشعة. وعلى عكس الطريقة التقليدية، ينشر السائل المشع مفعوله العلاجي داخل الدماغ، وفي قطر مداه سنتمتر واحد يحيط بمنطقة السرطان المستأصل. يذكر أن الولايات المتحدة الأميركية وافقت على استعمال هذه التقنية التي استفاد منها، لغاية اليوم، ألفا مريض تقريباً.

وبأوروبا، ايطاليا هي ثاني بلد يعتنق تقنية حقن المواد الإشعاعية الدوائية في الدماغ بعد ألمانيا. في سياق متصل، يصرح "ميران سكراب"، مدير قسم جراحة الأعصاب في مستشفى جامعة "أوديني"، بأن نجاح تطبيق التقنية ملفت جداً وثمة مستشفيات أخرى بإيطاليا تتسارع في اعتناقها. ويشتهر البروفيسور "سكراب" خارج ايطاليا كونه يعشق خوض الإجراءات الجراحية المعقدة لاستئصال الأورام الخبيثة التي يستعصي على زملائه إنجازها بنجاح. ودوماً، يعتمد البروفيسور الإيطالي على صور الكمبيوتر الحية للإبحار في عمق دماغ المريض والوصول الى تلك المناطق التي يصعب على المبضع معالجتها بسهولة. واعتباراً من اليوم، سيشكل المبضع الجراحي والإبحار عن طريق الكمبيوتر وإفراز السائل المشع في الدماغ حلقة متكاملة لمعالجة ورم الغراء العصبي أو الدبقي (Glioma)، وهو أحد أكثر أورام الدماغ شيوعاً لدى البالغين.

تطبيق التقنية من الناحية الجراحية

إن تطبيق التقنية جراحياً، بالنسبة الى جراح ماهر، سهلة للغاية. فهناك قسطرة (Catheter) ينتهي طرفها ببالون مزدوج الغلاف، يتراوح قطره ما بين 2.3 و4 سنتمتر. ويفتح الجراح ثقباً صغيراً في جمجمة المريض ثم يُدخل أنبوب القسطرة الرفيع، الذي يمر تحت جلد الرأس، ليصل هكذا إلى ذلك التجويف الذي ملأه الورم السرطاني(قبل استئصاله) من خلال توجيه القسطرة بدقة الكمبيوتر. وتحتوي نهاية القسطرة على البالون الأسطواني. أما بداية القسطرة فتحوي صماماً يُحقن من خلاله السائل المشع(اليود المشع المعروف أيضاً باسم اليود 125) في الدماغ.

وبعد أسبوع أو أسبوعين على وضع القسطرة داخل الدماغ، يستعمل الجراح إبرة لحقن "اليود 125" في البالون الأسطواني وتعبئته، عبر صمام القسطرة. هذا وتدوم مدة العلاج الإشعاعي، عبر هذه التقنية، من ثلاثة(الحد الأدنى) الى سبعة أيام(الحد الأقصى). ثم يتم إزالة البالون والقسطرة معاً.


خطوة أخرى الى الأمام

وتتعلق المرحلة التجريبية القادمة لهذه التقنية بتطبيق نظام جديد، أقرت به السلطات الصحية الإيطالية العام، مستعمل في العلاج الكيميائي لتسليم الدواء مباشرة الى منطقة الورم بالدماغ، يدعى (Gliadel Wafer). ويعتمد هذا النظام على إيصال 6 الى 8 رقاقات هشة ومتناهية الصغر، قابلة للانحلال بيولوجياً وتحوي الدواءBCNU (Carmustine) المضاد للسرطان، الى جدران التجويف الدماغي(الذي تركه استئصال الورم) كي تغطيها بالكامل.

من جانبهم، يأمل العلماء الإيطاليون في دمج المواد الإشعاعية الدوائية بنظام (Gliadel Wafer) للعلاج الكيميائي بهدف توحيد أو تحسين الآثار العلاجية الناجمة عنهما. ومن المرتقب أن يؤول صهر هذين النظامين الى إطالة عمر المريض بمعدل سنتين إضافيتين، على الأقل، في أعقاب خضوعه للعملية الجراحية. فمنفعة حقن المواد الإشعاعية والكيميائية سوية تصل الى ذروتها ويقتصر نشاطها حصرياً على منطقة بالدماغ تحيط بتجويف الورم المستأصل وقطرها 2 سنتمتر فقط. فيما تتراجع درجة سمية العلاج الى حدها الأدنى.

ومن شأن التقنية الجديد تحسين نمط حياة مرضى أورام الدماغ كونها توجه الأطباء والجراحون الى حلول فعالة أكثر فأكثر، من جهة، وأقل ضرراً بخلايا الدماغ السليمة، من جهة أخرى.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف