صحة

يتربى في عزو مسلسل بحث التغذية وأهميتها

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بعض المسلسلات الرمضانية تناولت عادات الأكل
"يتربى في عزو" مسلسل بحث التغذية وأهميتها


د. عماد صبحي: بعد تخمة الوجبات التلفزيونية المكثفة في شهر رمضان الفائت، يبدأ الإنسان في إجترار وتأمل بعض الأحداث والمواضيع التي طرحت في هذه المسلسلات والتي حمل بعضها تسجيلاً لعديد من التصرفات التي نقوم بها في عالمنا العربي دون مناقشة، على الرغم من ضررها البالغ. ولعلني أتوقف أمام مسلسل يتربى في عزو الذي أتصور أنه سيعيش طويلاً في ذاكرة الجماهير العربية، كما سيعيش فيها أيضًا أبطاله وأولهم حمادة عزو شخصيًا، وأمه ماما نونه الحنون الطيبة التي لا تتوقف عن تدليعه والطبطبة عليه، بل وإرضاء كل رغباته إلى حد الدفاع عن نزواته وأخطائه. حمادة عزو شخص سمين جدًا وقد استفاد المؤلف والمخرج من سمنة بطل العمل الممثل الفذ "يحيى الفخراني" فتم توظيفها في أحداث المسلسل الدرامية بحنكة وفاعلية.. ويوضح المسلسل طريقة تناوله الطعام بطريقة غير صحية، إذ كان يرفض الأغذية الصحية مثل السلطة الخضراء، بينما يقبل على الحلويات بكميات كبيرة، مما أصابه بالسمنة وأيضًا بنوبات الغيبوبة السكرية التي أجاد المسلسل تصويرها. كما أن "ماما نونه" سيدة نكاد نعرفها جميعًا في بيوتنا ومجتمعاتنا، وهي شخصية طيبة كل همها في الحياة ارضاء أبنائها واشباع رغباتهم حتى بالطريقة الخطأ.

ويهمنا أن نشير إلى ظاهرة مهمة أوضحها المسلسل وهي ظاهرة جوع "حمادة عزو" الشديدة، على الرغم من أنه يتناول الحلويات بكثرة، وتفسير هذه الظاهرة يكمن في أن تناول الحلويات يؤدي بالجسم الى زيادة افراز الانسولين للتعامل مع السكريات الزائدة، فيفرز دفقة انسولين غير مقننة ولا محددة تتسبب في تخزين كل السكريات التي تناولها الشخص، ومن ثم انخفاض مستوى السكر في الدم مما يشعره بالجوع بسرعة http://www.emadsobhi.com/viewtopic.php?t=7.

وعلى الرغم من أن المسلسل ليس برنامجًا علميًا يشرح طريقة التغذية الصحية السليمة أو عكسها، إلا أنه تعامل بخبرة طيبة في إبراز ظاهرة حنان الأمهات المدمر للأبناء لارضاء رغباتهم في تناول الطعام لدرجة ارتكاب الأم أخطاء قاتلة في حق الابن المصاب بالسمنة والسكر، بل هي أخطاء غذائية ضارة في حق أي انسان يريد أن يتمتع بصحة طيبة.

ويشير المسلسل سواء بقصد أو بغير قصد الى ظاهرة غذائية خطيرة ترتكبها المجتمعات العربية، لعلها سبب استشراء السمنة في عالمنا العربي وبالذات في أجيالنا الجديدة حتى أصبحت وباء العصر الحديث. وهي ظاهرة استخدام عناصر غذائية مكررة ونقية ومستخلصة من أصولها بطريقة تجعلها سما زعافا بدلا من أن تكون غذاء طيبا يفيد الجسم ويجلب الصحة، وذلك بديلا عن تناول الطعام الطبيعي بكل مكوناته وعناصره الغذائية المفيدة.

دعونا نمعن النظر في هذه الظاهرة... ففي أحد الليالي شكا "حمادة عزو" لماما نونه من جوع شديد يمنعه من النوم، فكان أن قامت "ماما نونه" باصطحابه الى المطبخ لكي تعد له وجبة سريعة مكونة من الدقيق الأبيض، والسكر الأبيض، والسمن.. فكان أن جمعت ثلاثة سموم بيضاء في اناء واحد .. دقيق مستخلص من حبوب القمح تاركًا كل مكونات القمح الغذائية الأخرى من ألياف وأجنة االقمح وفيتامينات ومعادن مفيدة جدا للجسم، وسكر مستخلص من الياف كانت ستمنع السكر من الامتصاص السريع في الجسم مما يربك حسابات البنكرياس البطيء الذي لا يعرف كيف يتعامل مع ارتفاع السكر المفاجيء في الدم فلا يجد مناصا من دفع دفقة غير محسوبة من الانسولين تربك كل أجهزة الجسم وتتركه في معاناة مع انخفاض السكر فتقوده الى نوبة أخرى من الجوع، وهكذا دواليك في حلقة مفرغة من التذبذب في مستوى السكر والجوع والأكل ثم الجوع مرة أخري.. فتكون النتيجة السمنة بمضاعفاتها من اصابة بمرض السكر وما يتلوه من أمراض أخرى أهمها ما يصيب القلب وقد يصل الى السرطان. وثالثة الأثافي في استخدام السمن الغني بمادة الكوليسترول الممهدة للاصابة بتصلب الشرايين وما يستتبعه من مرض للقلب أيضًا.

حنان قاتل وطيبة قلب مدمرة، وعناية تشبه عناية الدب بصاحبه عندما أراد أن يهش عنه ذبابة حامت حول رأسه بحجر، فهشم رأس صاحبه.

لا أريد أن أحمل الأمور أكثر مما تحتمل، ولكني وجدت مسلسل "يتربى في عزو" فرصة للاشارة لممارسات غذائية خاطئة للأمهات تجاه أطفالهن بدعوى الحنان وطيبة القلب، ناهيك عن التصرفات التربوية الخاطئة من تبرير وتفسير لتصرفات ضالة وغير سوية للابن ولكن هذا موضوع آخر.

وكطبيب يهتم بالتغذية الصحية والسليمة كنت أتمنى أن تعد ماما نونة عشاء لحمادة مكونًا من قطعة جبن قريش خال الدسم وبعض أنواع الخضار الطازج مثل الخيار أو الخس أو الطماطم مع كسرة خبز، وبعدها تقبله في جبينه قبلة المساء قبل أن يخلد لنوم هانئ.
doctor@emadsobhi.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف