اختصاصي لإيلاف:الغذاء صديق وعدو القلب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
السمنة الزائدة تسبب تصلب الشرايين
إختصاصي ل"إيلاف":الغذاء صديق وعدو القلب
ولفت الباحث في المواد المؤكسدة والمضادة للأكسدة، من الناحية التحليلية وتداخلاتها بالنظم الغذائية والبيولوجية، إلى أن احتمال حدوث تصلب الشرايين ضعيف عند الأفراد الذين يستخدمون الزيوت النباتية بدلا من الحيوانية حتى وإن كان مستوى الكولسترول في الدم مرتفعًا نسبيا عندهم، مؤكدا في السياق ذاته، أن الأغذية الدسمة سواء كانت حيوانية أو نباتية والمعجنات والأغذية المدعمة بالكريمات والنشويات كلها عدوة للقلب بشكل مباشر أو غير مباشر، خاصة عند الأفراد المولعين بتناولها اليومي والمفرط.
وفي ما يلي نص المقابلة:
- ما هي مشاكل أو أمراض القلب ذات الصلة بالتغذية؟
سأقتصر بالحديث عن العلاقة بين نظام التغذية اليومي وأمراض القلب ذات الصلة بذلك، حيث إن أمراض القلب الأخرى المرتبطة بعوامل وراثية والتشويهات التركيبية العضوية أثناء الولادة وبعدها وضعف الصمامات القلبية والخلل في وظائفها وعملها وغير ذلك هي أمراض ليست ذات صلة مباشرة بالتغذية بل إن للتغذية المفرطة وغير المناسبة دورًا في تردي الحالة الصحية العامة للمريض وتسبب إجهادا إضافيا لقلبه.
إن صحة ونشاط القلب ومواصلته فعله الوظيفي كمضخة برستاتيكية لسحب وضخ الدم من والى أعضاء جسم الإنسان المختلفة يرتبط بصورة وثيقة بالتركيب الكيميائي للأوعية الدموية التي يضخ عبرها الدم وكذلك التركيبة العضوية لعضلات وأنسجة القلب نفسه. وحتى تكون الفائدة من الموضوع الحالي شاملة لقطاعات واسعة من القراء من المختصين وغير المختصين سأتناول الموضوع مع بعض التوضيحات والمصطلحات العلمية والتي قد لاتهم كثيرا القارئ غير المختص والبعيد عن علوم الحياة والبيولوجيا. يعرف الكثير من الأفراد وفي كل المجتمعات حتى المتخلفة منها الشيء البسيط أو الواسع عن مرض الكولسترول. وكثير من الأشخاص البسطاء يردد عبارة( والله عندي الكولسترول) دون أن يعلم إن مشكلته الأساسية لا تكمن فقط في الكولسترول بل بالأحماض الدهنية المشبعة والصلبة تحت درجة حرارة الجسم والتي تترسب أو تتصلب في جدران الأوعية الدموية بمساعدة الكولسترول ، ولهذا يرفض الكثير من علماء الطب والتغذية تسمية المشكلة بمرض الكولسترول بل يستخدمون بدل ذلك اصطلاح مرض تصلب الشرايين أو انسداد الأوعية الدموية كتعبير واقعي للحالة المرضية.
إن احتمال حدوث تصلب الشرايين ضعيف عند الأفراد الذين يستخدمون الزيوت النباتية بدلا من الحيوانية حتى وإن كان مستوى الكولسترول في الدم مرتفعًا نسبيا عندهم ، وهنا لابد من الإشارة إلى ضرورة عدم المبالغة بالخوف من الكولسترول وكأنه القاتل المرعب الذي نراه كل يوم في أطباق المائدة وعلينا تجنبه كليا، فتصلب الشرايين عمليه كيماوية تتأثر بمقدار أي بكمية كلا العاملين فيها وهما الكولسترول والأحماض الدهنية المشبعة بالإضافة الى المدة الزمنية التي يداوم فيها الفرد على النمط الغذائي الغني بكلا المكونين .
لقد عاش أجدادنا أعمارا طويلة وبصحة جيدة رغم أن غذاءهم قد شمل المنتجات الحيوانية الغنية بمسببات المرض لكن الكمية المتناولة يوميا لم تكن كافية لتسبب تصلب الأوعية الدموية، حيث كانت لديهم موازنة طبيعية فطرية للغذاء اتسمت بسيادة الخضروات والحبوب والفواكه المختلفة التي وهبها الله للإنسان، أضف إلى ذلك الحركة والنشاط اليومي في العمل ونقاوة البيئة آنذاك .
إن ما يزيد من احتمال الإصابة بمرض تصلب الشرايين وما يسببه من إشكالات جدية للقلب هو السمنة الزائدة والخمول وقلة النشاط الضروري لحرق الدهون الفائضة عن الحاجة الطبيعية لجسم الإنسان وعدم السماح لها بالترسب والتراكم بأشكال مختلفة سواء في الأوردة الدموية ام في أعضاء الجسم الأخرى وأنسجتها.
- هل الزيوت النباتية إذن صديقة للقلب؟
بالارتباط بمرض تصلب الشرايين فالإجابة: نعم ، فهي صديق حميم وضرورية لتجنب الإصابة بالمرض بالإضافة الى أن زيادة كمية الزيوت غير المشبعة على حساب الزيوت المشبعة يساهم في خفض معدلات الكولسترول بالدم
ولكن السؤال الأكثر أهمية هو عن أي زيوت نباتية نتحدث ؟ فاستبدال الشحوم الحيوانية الصلبة بالزيوت النباتية لتفادي تصلب الأوعية الدموية جعل الإنسان عرضة لمخاطر أكثر جدية ناجمة عن سهولة أكسدة الأحماض الدهنية المتعددة الآصرة المزدوجة (دبل بوندز ) والتي تتواجد بنسبة عالية في معظم الزيوت النباتية بفعل العوامل المؤكسدة الطبيعية المتواجدة في الأنسجة المختلفة ومنها أنزيمات اللبوأوكسجنيز التي تحتاج في عملها الأحماض الدهنية المذكورة كمادة مفاعلة لها، فإذا ازداد تركيز المادة المفاعلة زادت فاعلية الأنزيم وأنتج كميات كبيرة من الجذور الحرة ذات القدرة التأكسدية العالية والتي أشرت إلى مخاطرها في حدوث مرض العصر السرطان في الحلقة السابقة، أي إننا نتخلص من داء لنقع بداء أكثر شراسة، وحتى لا أجعل القارئ في تشاؤم وخوف لابد أن أذكر إن لكل مشكلة حلا، وهدفنا من هذه الحوارات هو إرشاد المواطن إلى كيفية الوقاية وتجنب الإصابة بالأمراض وأن نوفر له المعلومات الكافية لبرمجة حياته بطريقة صحيحة تمكنه من أن يكون بعيدا بالقدر الممكن عن الأمراض وتجعله في غنى عن زيارة الأطباء أو على الأقل تقليلها.
هنالك زيوت نباتية مفيدة ينصح باستعمالها لتجنب تصلب الشرايين وفي الوقت نفسهيكون تركيز الأحماض الدهنية المتعددة الآصرة المزدوجة منخفضا فيها مع ارتفاع نسبة الأحماض الدهنية الوحيدة الآصرة المزدوجة (لا تعمل عليها الأنزيمات التي ذكرتها سابقا) ومن بينها زيت الزيتون وزيت بذور العنب وزيوت أخرى، هذه الزيوت تشكل حلا للمشكلتين في آن واحد شرط الترشيد في استهلاكها اليومي و تجنب الإفراط في تناولها.
- ماذا عن السكتة والجلطة القلبية؟
لقد أشرت إلى الأكسدة والجذور الحرة وآثارها ، فبالإضافة الى دورها في احداث الخطوات الأولى لتكوّن الأورام السرطانية فهي العامل المسبب لإحداث تغيرات كبيرة في تركيبة بعض المواد الأساسية المحددة للعمل الوظيفي للقلب وبالتحديد اللبوبروتينات ذات الكثافة الواطئة المتواجدة في الدم والأوعية الدموية الناقلة للدم وتلك التي تغذي عضلات وأنسجة القلب نفسه وهذه البروتينات تحتوي ضمن تركيبها الكولسترول ودهونًا أخرى ومن أهم وظائفها الفسلجيه نقل الكولسترول الى أعضاء الجسم الأخرى حيث تتم عملية تحرير الكولسترول منه داخل حجيرات خاصة في الكبد، ويحتاج اللبوبروتين لدخول هذه الحجيرات إلى شفرة خاصة أو بتعبير أدق مفتاح متواجد على الجزء البروتيني من تركيبته .
إن الأكسدة العالية وافتقار الدم إلى الكمية الكافية من مضادات الأكسدة يجعل هذا النوع من البروتين عرضة للأكسدة، فيتحول إلى بروتين متأكسد غير قادر على دخول الحجيرات للتحلل بسبب تلف الشفرة أو المفتاح كما هو موضح بإحدى الأشكال التوضيحية وبالنتيجة يحصل تراكم لهذا البروتين في الدم وبفعل عوامل أخرى تحدث ترسبات وانسدادات في الأوعية الدموية وتتأثر سلبا الخلايا المناعية وتمر بمرحلة إلتصاقات تؤدي بالنهاية الى تكوين الترسبات الرغوية، وأخيرا الخثره أو الجلطة.
ويوجد في الدم أيضا البوبروتين ذو الكثافة العالية، وعمله كمنقذ أو إسعاف في حالة ترسب الكولسترول في الأوعية الدموية، حيث يقوم بنقلها من هناك إلى الأنسجة الأخرى ولذا فإن وجود البروتين منخفض الكثافة بتراكيز عالية في الدم يعتبر مؤشرا على الخطر القادم أو جرس إنذار لحالة غير طبيعية ستؤثر بسرعة على أداء القلب. بالإضافة إلى كون ذلك معرقلا للعديد من العمليات الحيوية داخل الأوعية الدموية أو أنسجة القلب كما أن وجود اللبوبروتين عالي الكثافة بمعدلات مرتفعة مقابل مستويات منخفضة من اللبوبروتين منخفض الكثافة هو الحالة المرضية المطمأنة لكل من الطبيب والمريض .
إن أكسدة الدهون غير المشبعة يؤدي أيضا الى تكوين بوليمرات ذات كثافة عالية في الأوعية الدموية وخاصة الدقيقة منها ويسهل انسدادها وباجتماع أكثر من عامل من العوامل المذكورة تحدث أمراض القلب ومنها السكتة القلبية والجلطة وغيرهما. إن استخدام الزيوت النباتية بإفراط مع عدم تناول الكميات الكافية من مضادات الأكسدة يعتبر أحد المسببات لأمراض القلب وبشكل خاص عند الأفراد الذين يعانون من ارتفاع في ضغط الدم والسكر ( عاملين مساعدين في أحداث التخثرات الدموية وحدوث الجلطة القلبية).
وننصح بعدم استخدام الزيوت المستعملة في القلي لأكثر من مرة لما تحتويه من مواد مؤكسده خطرة على صحة القلب وبقية أعضاء جسم الإنسان، كما أن المواد الغذائية والمياه الغنية جدا بالحديد تشكل تهديدا حقيقيا للقلب إذا لم يتم الترشيد في تناولها وبموازنة يومية مع الأغذية الأخرى لضمان معادلة الأكسدة العالية التي تسببها الزيادة الكبيرة في الحديد العضوي. إن الأغذية الدسمة سواء كانت حيوانية أو نباتيه والمعجنات والأغذية المدعمة بالكريمات والنشويات كلها عدوة للقلب بشكل مباشر أو غير مباشر خاصة عند الأفراد المولعين بتناولها اليومي والمفرط، وللحفاظ على سلامة القلب يجب تقليلها الى الحد الأدنى في النظام الغذائي اليومي.
- سمعنا عن وجود برنامج أو نظام غذائي صديق للقلب هل بالإمكان إعطاء فكرة عنه؟
بدأ العمل بهذا البرنامج في كندا في بداية ثمانينات القرن الماضي، وانضمت إليه مؤسسات علمية من دول أخرى من بينها المركز الوطني لبحوث الأغذية في بودابست ضمن برتوكول للتعاون العلمي استمر عشرة أعوام لرسم برنامج الغذاء صديق القلب معتمدين على التحليلات الكيماوية لعدد كبير من الأغذية الطازجة والمصنعة .
وكان يقف وراء الاهتمام بهذا البرنامج المعلومات المتزايدة من الدراسات السريرية ونتائج البحوث المختلفة والتي أكدت جميعها أن نسبة الوفيات بسبب أمراض القلب المذكورة باضطراد وقد بلغت حدا يستدعي اتخاذ إجراءات ومعالجات واسعة وجدية ومن بينها رسم برنامج غذائي يساعد المجتمع على الحد من المشكلة بشكل ملموس أطلقت عليه تسميات عديدة وقدم بأشكال متنوعة منها هرم التغذية الصحية وفي هنغاريا سمي ببرنامج القوس قزح (صديق القلب) المتكون من أربعة ألوان تمثل أربعة مستويات مختلفة بسعتها .
المستوى الأعلى وهو الأوسع يحتوي منتجات الحبوب ومشتقاتها والتي يجب أن تكون لها الحصة الأكبر في البرنامج الغذائي اليومي, يليها المستوى الثاني وفيه الفواكه والخضروات وما معمول منها، ثم تأتي منتجات الألبان ,أخيرا اللحوم ومنتجاتها بما في ذلك الأسماك حيث ينصح البرنامج بان تكون حصتها في غذائنا اليومي هي الأقل ،أنظر الشكل التوضيحي لمعرفة أي الأغذية وبأي نسب يحتاجها القلب للعمل بسلامه ولمدة طويلة
لقد وجدت ضرورة التأكيد على استهلاك منتجات الحبوب الغنية بالنخالة كالخبز الأسمر وخبز الشعير والخبز المدعم بالبذور النباتية الأخرى والخضروات ..الخ والتي تحتوي الكمية الكافية للجسم من الزيوت، وكذلك مضادات الأكسدة الطبيعية وبالكمية المعقولة والمطلوبة لمعادلة العوامل المؤكسدة وإزالة آثارها، كما أود في الختام الإشارة إلى أن برنامج صديق القلب لم يستثن اللحوم من التغذية الصحية ولكنه ينصح بتقليلها وضرورة تناولها مع كميات مناسبة من الخضروات والفواكه.