صحة

من يحمي المريض اللبناني من الخطأ الطبي؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بين قانون الآداب الطبية والقانون والمستشفى
من يحمي المريض اللبناني من الخطأ الطبي؟

ريما زهار من بيروت: لم يحدث الامر مع شخص غريب عني حتى تراودني الشكوك، بل جرى مع اقرب الناس الي، عملية من ابسط العمليات يجريها مبتدئ في الطب، الا وهي الماء الزرقاء، اجراها احد اهم اطباء لبنان لكنها باءت بالفشل.
انزلقت العدسة من مكانها لكن الطبيب تجاهل الامر ولم يخبر المريضة بالموضوع، ربما خوفًا من انفضاح اسمه ومكانته.
هذه الحادثة تذكرني بحوادث اخرى جرت في لبنان منذ سنوات، منها عن سيدة تحولت حياتها الى مأساة طوال 10 اعوام، بدأت هذه القصة عام 1986 وبطلتها امال نقولا من سكان سن الفيل كانت تعمل في اللانجري في فندق البرنتانيا، في تلك السنة اصبحت حاملًا للمرة الخامسة ، ظروف زوجها المادية وكونه عاطلًا عن العمل دفعتها الى الاجهاض، توجهت الى احد الاطباء في احد المستشفيات حيث اجرى لها عملية الاجهاض، من ثم عادت الى منزلها لتعاود عملها بعد 4 ايام.
كان من الممكن ان تتنهي القصة عند هذا الحد، لكن بعد نحو عشرين يومًا من اجراء العملية، احست آمال بوجع في بطنها، استشارت طبيبًا آخر، افادها بانها تتعرض لالتهابات قوية، وعلق لها المصل لمدة 9 ايام، شعرت فيها انها تخسر وزنًا كثيرًا واحست بضجيج في رأسها، باختصار لم يفعل المصل فعله، مما دفعها الى ان تقصد احد المستشفيات حيث اجروا لها حقنة وعادت الى المنزل بعد تسعة ايام.
لكن الالم ازداد لم تعد تحتمله خصوصًا هذا الشعور بان هناك شيئًا ما في بطنها لا يستكين.
وبعد الفحوصات اتضح ان الجنين لا يزال في الانبوب وقد خسرت آمال نحو ليترين ونصف من دمها.
اجريت لها عملية الاجهاض من جديد على يد الطبيب وبسبب غلطة اخرى نسي المنشفة المستعملة في العملية في بطنها!

قصص اخرى

قصص اخرى فيها عذابات كثيرة تدخل ضمن اطار الاخطاء الطبية الرائجة في لبنان ولا قانون يردعها، خصوصًا وان قانون الآداب الطبية يمر مرور الكرام على هذا الموضوع فضلًا عن ان المستشفيات وقبل اجراء العملية تجعل المريض يوقع على وثيقة بانه يتحمل بنفسه مسؤوليتها.
هذا القانون الذي اقر في 22 شباط( فبراير) 1994 في عهد الرئيس اللبناني الياس الهراوي ينص في فصله الثاني "واجبات الاطباء نحو المرضى" فيعتبر في المادة السابعة والعشرين: على الطبيب خلال معالجة المريض أن يعامله بانسانية ورفق واستقامة، وان يحيطه بالعناية والاهتمام، واذا قبل الطبيب معالجة مريض، يلزم بتأمين استمرار معالجته سواء بنفسه ام بالتعاون مع شخص مؤهل وذلك بكل دقة وضمير حي ووفقًا لاحدث المعطيات العلمية التي ينبغي ان يتابع تطورها، ويحظر على الطبيب، ان يتوخى خلال ممارسته اي مصلحة سوى مصلحة المريض، او ان يستغل باي حال معلوماته لتحقيق اغراض خاصة...".
اما المادة الثامنة والعشرون فتنص على انه لا يلتزم الطبيب بموجب نتيجة معالجة المريض بل بموجب تأمين افضل معالجة مناسبة له.
في ضوء ذلك، يترتب على الطبيب الواجبات الآتية:
على الطبيب ان يضع دائمًا التشخيص والعلاج بالتعاون اذا لزم الامر، مع اشخاص معاونين مؤهلين ووفقًا للوضع الحالي للطب ودونما ممارسة تعسفية.
بعد اعطائه وتحديده العلاج الواجب اتباعه يسهر الطبيب على متابعة التنفيذ.
وهناك مادة تتحدث عن حق القاضي او الشرطة القضائية القيام بتفتيش عيادة طبيب او قسم طبي ووضع اليد على مستندات طبية وبحضوره وبحضور احد اعضاء مجلس النقابة، ولا يحق عندئذ للطبيب ان يعارض اجراءات التفتيش.

الأخطاء الطبية بين الطب والقانون:

* الخطأ الطبي مسؤولية جزائية ومدنية
(La Responsabilite Medicale)إن الفعل الخاطئ يكون سببًا للملاحقة الجزائية والمدنية أيضا
(مجلة الحقوق والشريعة - ص 157 - عدد 2 سنة 1981) .

* المسؤولية المدنية نوعان:

- مسؤولية تعاقدية: وتنشأ عن عدم الوفاء بالتزام مصدر العقد واعتبار عدم الوفاء خطأ تعاقديًا وتسري عليه المسؤولية التعاقدية.
- مسؤولية تقصيرية: تتجسد بموجبات الطبيب في إطار العقد التي هي موجبات السعي وليس موجبات النتيجة. أي تأتي العناية بتطبيق قواعد العلم وأصول الفن حتى ولو لم تتحقق الغاية المتوخاة. وان الطبيب يلتزم إزاء مريضه ببذل العناية الطبية له على الصورة التي تشترطها أصول مهنته ومقتضيات فنه.(محكمة استئناف بيروت المدنية - الغرفة الثالثة - قرار رقم 910 أساس رقم 101 تاريخ 18/5/1967 الرئيس النقيب - والمستشاران معوشي وحداد).
وان الطبيب الذي يعالج المريض والمصاب لا يلتزم بتأمين الشفاء له كاملًا ومتمًا في ما يجريه من فحص أو عملية إنما يأخذ على عاتقه بذل العناية الواجبة مراعيًا في عمله القواعد الطبية الحديثة المستقرة في مجال اختصاصه فلا يخرج عما ينبغي أن يلتزمه أوسط الأطباء كفاءة وخبرة في المجال ذاته إن وجد في مثل وضعه (محكمة استئناف بيروت المدنية الغرفة الثامنة - قرار رقم 313/71 - النشرة القضائية لعام 197- ص 971 - 977 )ق.
* صعوبة إثبات مخالفة قواعد النقابة من قبل الطبيب بسبب اختلاف النظريات الطبية جعلت الفقه والاجتهاد يتجهان إلى ترتيب المسؤولية على أسس تخرج عن إطار العقد المدني استنادًا إلى التبعة الناشئة عن الجرم أو شبه الجرم المنصوص عليها في المادة 122 و123/ م وع.
مادة 122/م وع: كل عمل من أحد الناس ينجم عنه ضرر غير مشروع بمصلحة الغير يجبر فاعله إذا كان مميزًا له التعويض.
تبصره كما يسأل عن الضرر الناشئ مادة 123/م وع: يسأل المرء عن الشر الناجم عن إهماله أو عدم
عن فعل يرتكبه.
* توسع دائرة التبعة بحيث لم تعد قائمة على فعل مقصود بل أيضًا على عدم الفعل كما في الإهمال وقلة الاحتراز.
* نتيجة صعوبة تركيز التبعة على أساس الخطأ المثبت والناتج من الجهاز والآلة. أتى القانون بنظرة جديدة إلى المسؤولية في المادة 131/ م وع (التبعة الناشئة عن الجوامد حيث يسأل مالك الجوامد عن الأضرار التي تحدثها تلك الجوامد وهي بغير حاجة إلى ثبوت واثبات) هذا في ما يتعلق بالتبعية المتمثلة بالتعويض المالي.
المسؤولية أو التبعة الجزائية:
هذه التبعة ملقاة إجمالًا على المرء ولا سيما الطبيب:
المادة 189: "تعد الجريمة مقصودة وان تجاوزت النتيجة قصد الفاعل إذا كان قد توقع حصولها فقبل بالمخاطرة "
المادة 191: " تكون الجريمة غير مقصودة سواء لم يتوقع الفاعل نتيجة فعله أو عدم فعله المخطئين وكان في استطاعته أو من واجبه أن يتوقعها وسواء توقعها فحسب إن بامكانه اجتنابها "
المادة 190: " يكون الخطأ إذا نجم الفعل الضار عن الإهمال أو قلة الاحتراز أو عدم مراعاة الشرائع والأنظمة "
(والمقصود هنا بالأنظمة تلك التي وضعها له العلم والفن في الحقل الطبي).
المادة 564: " من تسبب بموت احد عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة عوقب بالحبس "
المادة 567: " ومن بمواجهة شخص في حالة الخطر بسبب حادث طارئ أو بسبب صحي وكان بوسعه إغاثته أو إسعافه بفعل شخصي أو بطلب النجدة دون أن يعرض نفسه أو غيره للخطر وامتنع بمحض إرادته عن ذلك عوقب بالحبس من شهر إلى سنة "
- الطبيب وبحكم شهادته وبحكم واجب اطلاعه المستمر على تطور العلم الطبي والتقنيات الطبية مسؤول جزائيًا سواء كان الفعل غير مقصود ومحفوفًا بالمخاطر التي توقع حصولها فقبل بالمخاطرة وسواء لم يتوقع نتيجة فعله أو عدم فعله وكان باستطاعته أو من واجبه أن يتوقعها وكذلك في حال عدم إغاثة الشخص وإسعافه بالسرعة القصوى عندما يكون في الأمر خطر حال (جريمة الامتناع).
وهنا ميدان الخطأ على ثلاثة أنواع:
- الفعل الذي يقوم به الطبيب بوعي وإدراك وعن حسن نية وبقصد الشفاء وهو يتوقع حصول ضرر ما وقد قبل بالمخاطرة بقصد الشفاء ومن اجل مصلحة المريض غير أن المحاولة فشلت وتضرر المريض أو مات (فالمساءلة هنا جزائيًا بعقاب وتعويض).
- إن لم يتوقع الطبيب نتيجة فعله فأقدم عليه ولكن كان في استطاعته أو من واجبه أن يتوقع.
يسأل جزائيًا متى كان من واجبه أن لا يجهل الضرر.
- الطبيب الذي يمتنع عن إسعاف شخص عندما تكون حالته خطرة وتنذر بالموت يسأل جزائيًا.

* الإثبات:

- مبدأ الإثبات على المريض
- هناك استقرار قضائي تحقق في بعض المجالات الطبية واستثناء على إلقائه على سبيل المثال
- الطبيب مسؤول عن أضرار بالآلة دون حاجة إلى إثبات الخطأ
- الطبيب الاختصاصي في الجراحة التجميلية مسؤول عن الضرر الناتج من فعله أو عن إهماله بدون حاجة إلى إثبات الخطأ أو الإهمال على اعتبار أن القانون ادخل العلاقة بين هذا الاختصاصي وزبائنه في دائرة العقود ذات الموجبات الرامية إلى إنجاز نتيجة محددة خلافًا للنظرية العامة السائدة فإن الطبيب ملزم بالعناية والعناية فقط
- الطبيب مسؤول عن جهله بمعطيات العلم والفن والتكنولوجيا في عصره وفي ما عدا ذلك فالاجتهاد القضائي يتجه بخطى ثابتة من ميدان المسؤولية المدنية العقدية إلى المسؤولية المدنية والجزائية بعيداً عن دائرة حسن النية أو سوء النية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف