الإهمال الطبي يهدد حياة الأسرى الفلسطينيين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خلف خلف من رام الله: تؤكد التقارير الصادرة عن المؤسسات الحقوقية أن الحالة الصحية وسياسية الإهمال الطبي متفشية في السجون الإسرائيلية التي يقبع فيها ما يزيد عن 10 ألاف أسير فلسطيني، وهو ما يهدد حياة المئات منهم، واتهم عبد الناصر عوني فروانة، الباحث الفلسطيني المتخصص بقضايا الأسرى، ومدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية ومن ورائها سلطات الاحتلال بإتباع سياسة الإهمال الطبي بهدف مضاعفة معاناة الأسرى وقتلهم عمداً ببطء.
وقال فروانة في تقرير له تلقت "ايلاف" نسخة منه: "إن استشهاد الأسير شادي سعايدة نتيجة الإهمال الطبي في سجن نفحة نهاية شهر تموز الماضي رفع عدد من استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي منذ العام 1967 وحتى صباح اليوم إلى ( 45 ) أسيراً، بالإضافة إلى المئات ممن استشهدوا نتيجة لذلك بعد خروجهم من السجن أمثال مراد أبو ساكوت، الذي خرج من المعتقل إلى مستشفيات الأردن وتوفي هناك، والأسير السوري هايل أبو زيد".
وأضاف فراونة، أن باستشهاد سعايدة و جمال السراحين وماهر دندن خلال هذا العام ومن قبلهم العشرات أمثال اسحق مراغة وراسم حلاوة وعلى الجعفري وأنيس دولة وعمر القاسم ويوسف العرعير وغيرهم يتطلب فتح ملف الأسرى المرضى عموماً الذين يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة ومعرضون للموت في كل لحظة، وعددهم يتجاوز الألف.
وأكد أن غالبية المعتقلين يواجهون مشاكل صحية، نظراً لتردى ظروف احتجازهم، وتعرضهم لسوء المعاملة، والإرهاق النفسي والعصبي، والإكتظاظ والإزدحام، وافتقار تلك السجون والمعتقلات لمقومات الحياة السليمة من كافة النواحي، كالنقص في الماء الساخن ونقص في مواد التنظيف والتعقيم، مما يحول دون إمكانية تصديهم للأمراض والحشرات. وتطرق إلى سوء التغذية كماً ونوعاً وقلة العناصر الغذائية الأساسية، والتي تؤدي لفقر الدم و"الدوخة" لدى العديد من الأسرى.
وبين أن قلة توفير المواد المحتوية على الكالسيوم داخل المعتقلات الإسرائيلية يسبب هشاشة العظام خاصة لمن أمضوا فترات طويلة، مشيراً إلى أن افتقار السجون لفرشات صحية يسبب آلاماً في الظهر والعمود الفقري.
ونوه إلى أن تعرض الأسرى للضغوط النفسية الكبيرة يؤدي لارتفاع ضغط الدم لديهم وإصابتهم بمرض السكري، ومضاعفاتها، وأن الأمر قد يتطور عند بعض الحالات إلى حصول جلطات في القلب والدماغ.
وأوضح فروانة أن كافة السجون والمعتقلات الإسرائيلية تفتقر للعيادات المناسبة، والموجودة ما هي إلا عيادات شكلية تفتقر إلى الأدوية المناسبة، ولأجهزة التنفس والبخاخات لمرضى الربو وإلتهابات القصبة الهوائية المزمنة.
وأكد أن هذه العيادات تفتقد إلى الأجهزة الطبية المساعدة لذوي الإحتياجات الخاصة كالأطراف الصناعية لفاقدي الأطراف، والنظارات الطبية. وقال: "المقلق عدم وجود غرف أو عنابر لعزل المرضى المصابين بأمراض معدية، كالتهابات الأمعاء الفيروسية الحادة المعدية، وكذلك بعض الأمراض الجلدية مثل الجرب، مما يهدد بانتشار المرض بسرعة بين الأسرى، نظراً للازدحام الشديد داخل المعتقلات كما تفتقر ما تسمى العيادات لأطباء مختصين".
وأشار إلى أن ما يعقد الأمر هو أن الطبيب جزء من المؤسسة الأمنية ويكون في خدمة السجان، ويتعامل مع الأسير على أنه عدو وليس إنسان مريض، وبدلاً من معالجته يسعى إلى تعذيبه ومضاعفة معاناته، ولا يجد الأسير المريض فرقاً ما بين معاملة السجان والطبيب.
وأضاف، الطبيب في السجن مجرد من الإنسانية التي من المفترض أن يتميز بها عن غيره، والأخطر بأنهم في أحياناً كثيرة يستغلون المرض والجرح للضغط على الأسير للإدلاء بالاعترافات، أو بهدف ابتزازه أو لمساومته على التعامل معهم.
وأوضح أن هذه مستمدة من سمات السجانين، الذين يعتبرون كل أسير عدو لدود لهم مهما كان وضعه الصحي حتى وان كان مشلولاً أو يعاني من مرض السرطان كحالة الأسير سالم الشاعر، الذي يعاني من مرض السرطان وأوضاعه تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
وقال، الأطباء يجيزون لأنفسهم ممارسة كل الأساليب الدموية واللاإنسانية، ويسعون دائماً لإبتكار أبشع الأساليب لإلحاق الألم والأذى بالأسرى وهذه هي سمات سائدة في السجون الإسرائيلية. وأكد فروانة أن إدارة السجون تهمل عمداً الأسرى المرضى وتماطل في تقديم العلاج اللازم لهم أو نقلهم لما يسمى مستشفى الرملة وإجراء العمليات الجراحية اللازمة لهم، كما ترفض إدخال الأدوية اللازمة لهم عن طريق الأهل، وأحياناً تسمح بذلك لكنها تحتجز العلاج لحين فقدانه لصلاحيته.
وأشار إلى أن نقل الأسرى المرضى إلى مستشفى سجن الرملة لتلقي العلاج، يتم عبر سيارات شحن كبيرة، ويكون الأسير مقيد الأيدي والأرجل وبظروف صعبة، كما يزج الأسير في زنانين لبضعة أيام، مما يفاقم من معاناة الأسير المريض. وذكر أنه في أغلب الأحيان يكون المريض في المستشفى مقيداً بالسرير بسلاسل حديدية، وأحياناً تجرى للأسرى عمليات جراحية وهم بهذا الشكل وبلا مخدر.
ووصف مستشفى الرملة بأنه سجن ولا يمت بمقومات أي مستشفى بصلة، لأن الأطباء الموجودين فيه لا يختلفون عن نظرائهم في بقية السجون. وأكد الباحث فروانة أن ما يساعد إدارة مصلحة السجون على التمادي، هو غياب الملاحقة والمساءلة، مما يتطلب التحرك سريعاً قبل فوات الأوان، والضغط على المؤسسات الدولية الحقوقية والإنسانية، وبخاصة اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإرسال مندوبيها إلى زيارة السجون للإطلاع عن كثب على تلك الأوضاع.
وقال: "من المفيد والضروري أن تتبنى مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية هذا الموضوع وترفعه للمؤسسات الدولية، متسائلاً: إذا لم تقم هذه المؤسسات بدورها تجاه الأسرى المرضى، فأين ومتى ستقوم بدورها المنشود.
واعتبر فروانة استشهاد الأسير سعايدة بمثابة رسالة للجميع تعكس خطورة الوضع الصحي الذي يحياه الأسرى، وبالتالي يجب أن تتوحد الجهود وتستنهض الإمكانيات والقدرات وأن يكون على قدر عالي من تحمل المسؤولية الوطنية والإنسانية تجاههم، واختتم بالقول، إذا ما بقيت تلك الأوضاع على حالها، فإننا مقبلون على استقبال المزيد من الأسرى على توابيت الموت، الأمر الذي لم يقبله الشعب الفلسطيني.