تودللر الشجاع يعيش بقلب اصطناعي

يبلغ من العمر 14 شهرًا
تودللر الشجاع يعيش بقلب اصطناعي

ترجمة محمد حامد - إيلاف : من المتوقع أن تجرى عملية زرع قلب لـتودللر أوليه درو هذا العام. وهو الطفل البالغ من العمر 14 شهر، وهو الوحيد في المملكة المتحدة الذي لا زال على قيد الحياة معتمداً على جهاز قلب اصطناعي. وقد تم إيداع تودللر في مستشفى لندنز جريت أوركوند ستريت حيث تم وضعه على جهاز القلب الصناعي (قلب برلين) لمدة تتجاوز 68 يومًا متصلة، وتتمثل المشكلات الصحية التي يعاني منها أوليه في عدم قدرة النصف الأيسر من القلب على ضخ الدم بالشكل الملائم بسبب إصابة عضلات هذا الجزء من القلب بالتمدد بالإضافة على العيب الخلقي الكائن بالصمامات اليسرى التي لا تعمل في حالة الانغلاق بالشكل الملائم. و قد خاض "أوليه" الشجاع غمار رحلة من المعاناة استغرقت سبع ساعات قضاها الطفل بين يدي الجراحين أثناء العملية التي أجريت له بهدف زرع أنبوبين توصلان بين قلبه و جهاز القلب الصناعي (قلب برلين) الذي يعتبر أكبر حجماً من "أوليه" نفسه.

يقوم جهاز(قلب برلين) بوظيفة القلب الأساسية، حيث يعمل على نقل الدم غير المشبع بالأكسجين و يقوم بضخه في اتجاه الرئتين لتحميله بالأكسجين، يلي ذلك عملية ضخ ماثلة من الرئتين إلى باقي أجزاء الجسم. ويقع الجهاز بالكامل خارج الجسم، بينما يتم زرع أنبوبين بالقلب البشري تحت القفص الصدري مباشرةً. جدير بالذكر أن الطفل يعتمد على الجهاز بصفة دائمة و غير مسموح بفصله عنه، و يدل على ذلك أن "أوليه" لم ينفصل عن الجهاز سوى ثلاث مرات خلال الثلاثة أشهر الماضية.

كما يتناوب والدي "أوليه" على رعايته بصفة دائمة بحيث يبقى معه واحداً على الأقل منهما طوال الوقت. و لم تقتصر جهود الوالدين على ذلك، بل تجاوزت ذلك إلى أن قام والده "مارك"، البالغ من العمر 38 عاماً، بالمطالبة بعدم إخضاع ابنه لنظام زرع القلب المطبق في أوروبا، كما تقدم بمقترح يدعو فيه إلى تطبيق خطط الـ"أوبت أوت" و هو نظام يعتبر جميع المتوفين من أبناء أوروبا متبرعين بأعضائهم بعد الوفاة بشكل تلقائي ما لم يكن هناك ما يثبت رسمياً عدم موافقتهم على ذلك .

بهذا الصدد يقول "مارك"، القاطن بـ "إيكستر" في "ديفون"، "إن كل ما نحتاجه هو قلب ننقذ به حياة ابننا، و لا يسعنا في هذه الحالة سوى أن نشارك في لعبة الانتظار التي نحن بها الآن" و أضاف "مارك"... "إننا لا نطالب على الإطلاق بقلب لطفل حي، لأن ذلك في حد ذاته يعتبر مأساة حقيقية تقع في مكان آخر لأناس آخرين. ، بل نقتصر على البحث و رعاية ابننا يوماً بعد يوم آملين في أن يظل على قيد الحياة و بخير".

و يستمر في تعلقيه... "جميع الأعضاء التي تدخل هذا البلد تأتي من أنحاء مختلفة من أوروبا لأن لديهم نظاماً مختلفاً لنقل و زرع الأعضاء يتسم بقدر أكبر من المرونة". و يضيف أيضاً ... "إن معظم الدول أصبحت تعمل طبقاً لمخطط الـ (أوبت أوت) الذي يعتبر جميع الناس متبرعين بأعضائهم بشكل تلقائي بعد الوفاة ما لم يكن هناك ما يمنع ذلك مثل عدم موافقتهم على النقل و التبرع ووجود ما يفيد ذلك".

جدير بالذكر أن "أوليه" قد تم تشخيص حالته باضطراب في حركة عضلات القلب منذ الشهر السابع من عمره، و هو المرض الذي يجعل القلب يصاب بحالة من التمدد و الارتخاء. وعلى الرغم من أن هناك إمكانية كبيرة لإصابة الطفل عن طريق الوراثة، رجح الأطباء أن الإصابة قد ألمت به عن طريق أحد الفيروسات.
و على ذلك لجأ الأطباء في بداية الأمر إلى علاج الحالة بالعقاقير، إلا أنه بحلول شهر سبتمبر بدأ الطفل يعاني من سرعة في التنفس مما أدى إلى وجود صعوبة كبيرة في إطعامه، مما دفع أبواه على الفور إلى التوجه به إلى مستشفى "بريستول" للأطفال، و كان قد أشرف على الموت في الطريق إلى المستشفى، إلا أن الموقف تم استدراكه من خلال وضع لطفل في الرعاية المركزة و توصيله بالأجهزة المساعدة على التنفس و اسطوانات الأكسجين لمدة ثلاثة شهور.
عقب ذلك، تم تحويل "أوليه" إلى الجناح التعليمي بمستشفى "جريت أرموند ستريت"، و في نفس اليوم تقابل والدا الطفل مع الأطباء المعالجون لمناقشة مسألة زرع القلب، حيث قرر الأطباء إنه مصاب بانقباض مزمن في عضلات القلب. و بناءً على التشخيص الجديد الذي توصل إليه الأطباء في الجناح التعليمي، تم توصيل الطفل بجهاز القلب الصناعي، "قلب برلين" الذي يصل سعره إلى 50 ألف دولار أميركي و هو أيضاً ذلك الجهاز الذي أطلق عليه هذا الاسم نسبةً إلى المدينة التي اخترع بها، ومنذ ذلك الحين، الثالث من نوفمبر الماضي، أحرز الطفل تقدماً علاجياً كبيراً.
يذكر أن فكرة الجهاز تقوم على توصيل أحد الأنابيب الخاصة به في البطين الأيسر للحالة و توصيل طرفه الآخر بقلب "برلين"، و الذي يقوم بدور المضخة التي تدفع بالدم إلى الشريان الأورطي و باقي أجزاء الجسم. يذكر أن أم "أوليه"، "إدوينا" البالغة من العمر 36 عاماً و والده "مارك" إنجلاند"، لديهما طفلين، "جاك" 8 سنوات و "أيفي" 6 سنوات وهما مقيمان مع جدتهما، والدة "مارك"، حيث تتولى رعايتهما أثناء إقامة الأبوين في لندن لمتابعة حالة "أوليه".
حول ذلك تقول "إدوينا"، التي تمتهن إحدى الصناعات اليدوية؛ "شخصت حالة أوليه في البداية بالالتهاب الشعبي، و لم يكتف الأطباء خطأ التشخيص قبل عمل الفحص بأشعة إكس على صدره في إكستير و هو الفحص الذي أدى إلى التوصل إلى التشخيص الصحيح للحالة".
و تستمر "إدوينا" قائلة "لقد ظننا في البداية أنه من الممكن أن يتوافر للطفل قدر كبير من الحظ و أن ننجح في احتواء الموقف بالطرق العلاجية التقليدية و العقاقير، إلا أن حالته ازدادت تدهوراً بشكل ملحوظ بحلول شهر سبتمبر و أخذ وزنه في التناقص بسرعة كبيرة"
و أضافت..."إن أطول مدة يمكن للطفل أن يقضيها على هذا الجهاز هي ستة أشهر، و هي الفترة التي يكون فيها الطفل عرضة للإصابة بأنماط كثيرة من العدوى لوجود جسم غريب بين أعضاءه، كما أنه لابد لنا من استبدال ملابسه بصفة يومية"
و في خضم مزيج من مشاعر الترقب و الألم و الحزن تقول "إدوينا"... "أعلم أن التبرع بأعضاء الأطفال لغيرهم ممن يحتاجونها أبعد ما يكون عن تفكير الآباء، و لكني آمل أن نستفيد من نظام الـ (أوبت أوت) المطبق في أنحاء عديدة من أوروبا و هو الحل الذي يجنبنا الوقوف مكتوفي الأيدي على قائمة الانتظار"
"إن الأمر في الوقت الحالي لا يتجاوز كونه لعبة انتظار، فالواقع يقول بأن القلب الذي نحتاجه لإنقاذ أوليه من الممكن أن يتم جلبه من كان في أوروبا، ولسنا وحدنا من ننتظر فجاك و أيفي هما الآخران ينتظران عودة أخوهما الرضيع معافى إلى المنزل"
يذكر أن 81 مواطن بريطاني تم وضعهم على قائمة الانتظار في حاجة إلى عمليات زرع قلب علاوة على الحاجة الماسة لديهم لمتبرعين، و تجدر الإشارة أن 8 من هذه الحالات لم يبلغوا سن الـ (18) بعد.
في إطار ذلك صرح الناطق باسم جمعية زراعة الأعضاء بالمملكة المتحدة بأن "هناك عجز حاد في الأعضاء بما في ذك القلوب". و يضيف... "هناك العديد من الحالات التي تحتاج إلى أعضاء على وجه السرعة لأنهم يحتضرون بسبب تلك الحاجة في جميع أنحاء المملكة المتحدة، و إذا ما أقبل الناس على التبرع بالأعضاء بعد الوفاة فسوف يساهم ذلك في إنقاذ حياة الكثيرين".
يذكر أن جهاز القلب الصناعي "قلب برلين" يتم تشغيله من خلال جهاز كمبيوتر محمول "لاب توب" كما يتم تشغيل المضخات بضغط الهواء. و قد صمم الجهاز ليقوم بدور الجسر الذي تعبر وظائف القلب من خلاله إلى حالة من الاستقرار، و يمكن القول بأن الجهاز يقوم بوظائف القلب بشكل مؤقت حتى تتم عملية زراعة القلب.
وقد تم استخدام هذا الجهاز في بريطانيا لأول مرة منذ عامين، و لا زال يعمل في اثنتين من المستشفيات هناك حتى الآن؛ وهما مستشفى "جريت أرموند ستريت" و مستشفى "نيوكاسلز فريمان".