صحة

عندما يصبح النوم مفقودًا

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

د. سمير محمود: لم أكن أصدق أن الدبابة البشرية، المصرى الخارق سيد محمد أحمد عبد الله، بكل ما اوتى من قوة كانت حديث فضائيات العالم لشهور، لا يستطيع أن يظفر كغيره من البشر، بسويعات نوم قليلة، وفقا للناموس الربانى ، بعد أن أرهقه السهر واعيته الساعات الطوال من الأرق!
هذه سيدة.. وتحت تأثير الحرمان من النوم.. وضعت الأطباق المتسخة فى غسالة الملابس بدلاً من غسالة الأطباق ثم أدارت الغسالة لتفاجئ بصوت مرعب يؤكد لها ولنا أن مقولة النوم سلطان بحاجة إلى مراجعة!
وأخرى أصابتها صدمة عصبية حين حاولت إيقاظ طفلها فاكتشفت أنه مات نائماً!
السطور التالية تتابع التجارب البشرية المريرة فى عالم اليقظة والنوم.. عالم الأحلام والكوابيس.. وتأخذنا لرحلة فى عربات قطار النوم بين محطات الأرق.. والفزع الليلى والمشى والكلام أثناء النوم وكذلك الشخير، ثم تتوقف بنا عند آخر محطات القطار، وهى محطة توقف التنفس والموت المفاجئ أثناء النوم.
تشير الإحصائيات العالمية إلى أن 24% من الرجال و14% من النساء يعانون مرض اضطرابات النوم وأن أكثر من 70 مليون أمريكى يعانون الأرق وأن 18 مليون مصاب بانقطاع التنفس أثناء النوم و12 مليوناً متأثرون بمرض الساق التى لا تهدأ ونحو ربع مليون أمريكى متأثرون بالخدار أو نوبات الشلل أثناء النوم وأن القلق والأرق وحده يكلف الأمريكان نحو 30 مليار دولار خسائر ناتجة عن حوادث السيارات أو الغياب من العمل وقلة التركيز.

عالم لا ينام
ظل النوم فترة مفقودة فى حياة الإنسان لحقبة طويلة من الزمان حتى تنبه ناثينال كلايتمان NATHANIEL KLEITMAN الجد الأصلى لأبحاث النوم، لخطورة هذه الفترة وقدم فى عام 1939 كتابه المهم "اليقظة والنوم" الذى أعيدت مراجعته فى 1963 ثم واصل تلميذه وليام ديمنت WILLIAM DEMENT بجامعة ستانفورد جهود البحث فى هذا المجال وقدم كتابه الشهير "الوعد بالنوم " لمناقشة فكرة النوم المستحيل والراحة المفقودة فى النوم، مؤكداً اهتمام العالم كله بفرع جديد من فروع الطب وهو طب النوم والذى كشف عبر مختبرات النوم أن أمراض النوم الملقب بشقيق الموت تطارد الأحياء وأنها وصلت لأكثر من 86 مرضاً أبسطها الشخير الذى يؤدى لخلافات زوجية وحالات طلاق وأخطرها الموت أثناء النوم خاصة لدى الأطفال حديثى الولادة وكبار السن.
النوم نوعان.. كما يؤكد الدكتور محمود عبدالرحمن حمودة أستاذ الأمراض النفسية والعصبية بطب الأزهر.. أحدهما مصحوب بحركة العين السريعة والأحلام ويبدأ بعد ساعة ونصف الساعة من النوم ويعقبه النوع الثانى وهو غير مصحوب بحركة عين سريعة ويشتمل على أربع مراحل تتميز الثالثة والرابعة منها ببطء النشاط الكهربى للدماغ، وفيها يحدث النوم بطىء الموجات الذى يتجدد فيه نشاط الخلايا وتنخفض مدة هذا النوم تدريجياً لتصل من 20 إلى 50% من إجمالى وقت النوم.
ويؤكد الدكتور حمودة أن التمثيل الغذائى "الأبيض" ف خلايا المخ يكون فى أعلى معدلاته خلال فترة النوم المصحوب بحركة العين السريعة والتى تشهد أيضاً زيادة تدفق الدم للمخ.
ويضيف أنه لا صحة لما يتردد بشأن علاقة النوم بطول الأعمار، ويبدو أن الشاعر الفارسى عمر الخيام كان محقاً حين قال فى رباعياته الخالدة:
فما أطال النوم عمراً
وما قصر فى الأعمار طول السهر
إلا أنه من الثابت ان فترة النوم تطول إلى 22 ساعة لدى الأطفال حديثى الولادة وتقل لأربع ساعات عند المسنين والشيوخ، أما الشخص الذى يعانى طول فترات نومه فهو مصاب. والكلام للدكتور حمودة.. بنقص فى هرمونات الغدة النخامية أو خلل أو ورم بها يخل بوظائفها وقد يؤثر على نواحى أخرى مثل الإنجاب والقدرة الجنسية وانقطاع الدورة الشهرية لدى السيدات.
ويشير الدكتور حمودة إلى أن أغلب النوم يتم فى الثلث الأخير من الليل، ويكون من النوع المصحوب بحركة العين السريعة، ومن الأعجاز حقاً أن يقوم رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الليل فى الثلث الأخير من الليل، ويوصى به أيضاً ويوجه المولى عز وجل إليه فى أياته "والمستغفرين بالأسحار" فوقت السحر هو الثلث الأخير، وهذا القيام للصلاة والاستغفار بقى الإنسان كثير من أمراض النوم وأغلب حالات حدوث جلطات القلب وارتفاع ضغط الدم وما يصحبه من نزيف بالمخ، كما يقول رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: "عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ومرضاة لربكم ومدرأة للداء عن البدن"
لكن ترى هل يمكننا أن تستغنى عن النوم؟
سؤال حير العالم.. خاصة أولئك المهوسون بالشهرة وتحطيم الأرقام القياسية وهواة الإعلام والأضواء؟

التعذيب باليقظة!
أكدت وقائع التاريخ أن الحرمان من النوم كان أحد أساليب التعذيب التى تتبع ضد المساجين وأسرى الحروب لإجبارهم على الاعتراف والإدلاء بمعلومات، وكتب عالم النفس السويسرى هرمان هوبر وايدمان لفظ التعذيب باليقطة TORMENTUM VIGILAE الذى شاع عند الرومان وكذلك التعذيب بالأرق TORTURA INSOMNIAE فى العصور الوسطى إلا أن العلماء يتحدثون عن الحرمان من النوم كنوع من العلاج لمرضى الاكتئاب.
وقد رصد علماء النفس بعض المشاكل الناجمة عن الحرمان من النوم مثل تعطل وظائف الدماغ (التفكير، الاستنتاج، فقدان الذاكرة، والتركيز) والعصبية الزائدة وقلة الاستجابة للمؤثرات الصوتية والبصرية، واختلال وظائف الأعصاب الحركية مثل الإصابة بالرعشة وعدم توافق الحركات وغبش فى الرؤية وبطء فى الكلام مع التلعثم والهياج.. وهو ما يؤكد أن النوم ميزان العقل الذى يجب ألا يترك ليختل ويؤدى لانهيار الإنسان.

اغتصاب النوم
لكن هل يمكن أن نغتصب النوم؟
الدكتور يحيى الرخاوى أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة طرح السؤال وأجاب عنه فقال: أن ثمة حوار يمكن أن يقوم بين الشخص ونومه فيتحايل عليه ويطلب رضاه ويسرقه ويستسلم له، ويقاومه ويخاف عليه ولكنه إذا وصل الأمر إلى درجة الاغتصاب فإن النوم قد يعاند وندخل فى حلقة مفزعة وكثيراً ما أقوم بإغراء الذين يحلمون بالنوم بالتحايل عليه بكتاب أو جريدة يتصفحها فى السرير، هنا يغلبه النوم وأكون قد حققت ما أهدف إليه لنؤكد أن النوم يغتصب اليقظة وليس نحن الذين نغتصب النوم.

لا أنام!
وكثيراً ما يتردد فى وسائل الإعلام أن فلاناً لم ينم منذ سنوات أو شهور وهو ما يجعل هذه الحالات من الخوارق التى تجذب انتباه الجماهير إلا أن للعلماء رأى آخر فى الموضوع حيث أنه فى عام 1965 عزم راندى جاردنر RANDY GARDNER وهو طالب جامعى فى كاليفورنيا فى السابعة عشرة من عمره أن يسجل رقماً عالمياً فى اليقظة فأخضعه الباحث المتخصص فى النوم وليام ديمنت وزملاؤه للملاحظة فى مختبر النوم فظل راندى متيقظاً لمدة 264 ساعة و12 دقيقة أى حوالى 11 يوماً بعدها استسلم راندى لنوم عميق فى مختبر النوم بمستشفى البحرية فى سان دييجو ونام 14 ساعة و40 دقيقة ولما أفاق كان قد استرد عافيته.
التجربة السابقة تجعلنا نتساءل هل يمكن أن ندرب أنفسنا على الاستغناء عن النوم؟
بعض الناس يرون فى النوم إضاعة للوقت والعمر فهم يرون أن اليوم لا يزيد فى طوله عن أربع وعشرين ساعة وأنه لا يتاح لهم من الوقت ما يكفيهم للقيام بكل ما ينبغى لهم القيام به أو بكل ما يحبون القيام به. أفلا يكون رائعاً إذن لو أنه أمكن الاستفادة من هذا الثلث الضائع المهدور من حياتنا فى أنشطة أخرى!
هكذا تساءل البعض وأكد العلماء إمكانية تخفيض ساعات النوم إرادياً ساعة أو ساعتين لكنهم أكدوا استحالة الاستغناء عن النوم تماماً.
السؤال الأكثر أهمية فى موضوع النوم هل هناك علاقة بين أمراضنا النفسية وعادات نومنا؟
الإجابة لدى الدكتور محمود حمودة أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر حيث يقول:
لا يوجد مرض نفسى أو عقلى إلا وله تأثير على النوم. حيث توجد مراكز فى المخ تسمى التكوين الشبكى تتلقى المؤثرات من العين والأذن ومن كل الحواس التى من وظيفتها أن تجعل المخ فى حالة يقظة، وفى حالة القلق النفسى يحدث تنشيط زائد فى التكوين الشبكى فينشط المخ ومن ثم يستحيل على الإنسان أن ينام. كذلك يؤدى الاكتئاب إلى اضطراب فى النوم وحدوث يقظة فى الليل والسبب فى ذلك من الناحية الفسيولوجية يرجع إلى وصول الكورتيزون إلى أقصى مدى له مما يؤدى إلى حدوث اليقظة للمريض النائم فيستيقظ وكأنه لم ينم، كما أنه يظهر فى أسوأ حالة مزاجية له. عكس الاكتئاب يوجد مرض الهوس أو النشاط الزائد. فالمريض يتحرك بنشاط لأكثر من 22 ساعة فى اليوم ولا يحتاج إلا لساعتين نوم فقط بعدها يشعر وكأنه نام اليوم كله.
ويضيف الدكتور حمودة ان المريض بالفصام يعانى نوم طوال النهار ويقظة طوال الليل وتصبح الأمور لديه معكوسة نتيجة حساسية مفرطة لديه فى جهازه العصبى وكلها أمراض نفسية لها انعكاسات على النوم.
ومن أشهر من يعانون الأرق الكاتب الكبير أنيس منصور من الوسط الإعلامى.. والفنانة إلهام شاهين من الوسط الفنى وعبارة لا أنام يرددها كل السياسيين!

صراعات
وتظهر مشاكل الإنسان الحياتية اليومية أثناء نومه.. والكلام للدكتور حمودة وكأنه محاصر بين طرفين يكاد ينشطر لنصفين فهو لا يستطيع حل الصراع أثناء اليقظة أو الواقع فيصل صراعه إلى عالم النوم والأحلام.. فيتحدث وهو يحلم ويتحرك وربما يقوم من نومه يهبط للشارع ويقود السيارة ويقابل الناس ثم يعود إلى النوم مرة أخرى وعندما يستيقظ فى الصباح الباكر لا يتذكر شيئاً مما حدث وهو ما نطلق عليه المشى أثناء النوم.
قاطعت الدكتور حمودة متسائلاً هل يمكن ارتكاب جريمة أثناء النوم؟
فأجاب: ارتكاب جريمة أثناء النوم أمر نادر الحدوث ومن الصعب إثباته وبعض الناس يلجأون إلى ادعاء ذلك دفاعاً عن المجرمين.. وحتى ولو تم إثبات ارتكاب الجريمة تحت تأثير المنوم فإن الجانى يعاقب عقاباً كاملاً ولا يعفى من العقاب سوى المرضى العقليين.

فزع ليلى
يربط الدكتور حمودة بين النوم والغذاء والأحلام فيشير إلى مادة السليرمين الموجودة فى المخ والتى عندما تزيد تنشط قدرة الإنسان على الأحلام، ويتذكر الإنسان هذه الأحلام التى غالباً ما تكون من النوع المزعج، ومادة السيلرمين موجودة فى الجمبرى والشيكولاتة وكبدة الفراخ والموز والألبان والسردين وبعض البقول.
أما حالات الصراخ والفزع الليلى التى يعانيها البعض فى أثناء فهى تأكيد جديد أن النوم عالم خاص مثل عالم اليقظة.. فى عالم النوم ملىء بالانفعالات إلى الدرجة التى دفعت بعض الفلاسفة إلى السؤال: أين الحقيقة فى حياتنا.. هل تلك التى نعيشها أثناء اليقظة أم أثناء النوم؟
ويضيف الدكتور محمود حمودة الفزع الليلى لدى الأطفال بأنها حالات يستيقظ فيها الطفل فجأة يصرخ وعينه زائغة.. ينظر بخوف وكأنه يتابع حيوان يهاجمه.. وضربات قلبه سريعة ويتبلل عرقاً ولا يستجيب إلى أى محاولة لتهدئته من جانب والديه.. ثم فجأة يعود للنوم مرة أخرى ويستيقظ فى الصباح ولا يتذكر أى شىء مما حدث ليلاً، وهذا معناه وجود مشكلة كبيرة فى حياة هذا الطفل يعبر عنها من خلال الأحلام المفزعة، وهذا معناه أن الأحلام وسيلة تعبير عن المعاناة النفسية للإنسان، والأحلام المزعجة لدى الأطفال توصف بالرعب أو الفزع وعند الكبار توصف بأنها كوابيس. والأحلام عموماً ضرورة نفسية للإنسان أياً كان شكلها ولو حرم منها تعرض للإصابة بالأمراض النفسية.

المشى أثناء النوم
شيجيرو أومى مدير المكتب الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية أكد أن 10% من أطفال العالم يعانون المشى فى أثناء النوم وهناك نوعان من المشى أثناء النوم، نوع أولى نتيجة خلل فى آلية النوم وهذا مرض منتشر وظاهرة تحدث فى 10 إلى 15% من الأطفال. ويكون المريض نائماً ويقوم ببعض الحركات البسيطة ثم يعود للنوم ولا يتذكر شيئاً مما حدث. أما النوع الثانوى فيحدث فى أى سن وهو نوع من الاضطرابات الهيستيرية نتيجة لضغوط نفسية معينة فيحاول الهروب من هذه المشكلة بالمشى أثناء النوم.

خناق النوم
الدراسات الغربية تشير إلى أن هناك واحد من كل أربعة أشخاص يعانون الشخير ويعتبر الرجال أكثر تعرضاً للشخير من النساء وتزداد حدة هذه المشكلة مع تقدم العمر وزيادة المجهود العضلى.
وتشير الإحصائيات العالمية إلى أن نصف الرجال فوق سن الـ50 عاماً يحدثون شخيراً ولكن الخطر الحقيقى ينبع من انقطاع التنفس فى أثناء النوم. وهنا يؤكد الدكتور أحمد سالم باهمام أستاذ الأمراض الصدرية واضطرابات النوم المساعد بجامعة الملك سعود أن مرض "خناق النوم" من المشكلات الصحية الخطيرة التى تصيب أعداداً كبيراً من الأشخاص خصوصاً البدينين منهم وبالرغم من شيوع هذه المشكلة إلى أن 5% من الحالات يتم تشخيصها، ومن أعراضه الشخير المستمر حيث أنه بعد الاستغراق فى النوم ينغلق مجرى الهواء فى الحنجرة تدريجياً حتى يقفل تماماً. ثم تقل نسبة ثانى أكسيد الكربون إلى درجة حرجة جداً، مما يؤدى إلى تنبيه مركز النوم واليقظة فى المخ فيصحو المريض مذعوراً وكأنه مخنوق تماماً ويسعل ثم يستأنف تنفسه الطبيعى ويعاود النوم مرة أخرى.

شقيق الموت
ويصف الدكتور محمد عوض تاج الدين وزير الصحة والسكان السابق وأستاذ الأمراض الصدرية الخلل التنفسى أثناء النوم أو الشخير فيشير إلى أنه ينتج عن اهتزاز الجزء الرخو من جدار البلعوم وهو عرض رئيسى لتوقف التنفس فى أثناء النوم. أخطر الأمراض الصدرية التى اكتشفت فى القرن العشرين. كما أنه مؤشراَ عن انسداد جزئى فى الجهاز التنفسى بسبب اضطراب تيار الهواء عند التنفس، والخلل التنفسى، أما يكون بسيطاً أو متوسطاً أو شديداً وهو عبارة عن توقف التنفس فى أثناء النوم من 5 إلى 10 مرات كل ساعة نوم، وهى مشكلة تواجه الجهاز التنفسى والقلب والتمثيل الغذائى على حد سواء. ويضيف ان الخلل التنفسى يرتبط بمراحل النوم حيث يتناقص مستوى التنفس مع نوم الإنسان إلى أن يحدث التوقف التام فى التنفس وهنا تكمن الخطورة.
ويؤكد تاج الدين أن زيادة الوزن وتناول الأدوية المهدئة والكحوليات والتدخين من مسببات الخلل التنفسى إضافة إلى اللحمية واللوزتين واعوجاج الحاجز الأنفى وبعض المشكلات الأخرى فى الجهاز التنفسى العدوى، كما يرتبط توقف التنفس فى أثناء النوم باضطراب فى الجهاز العصبى.
الدراسات نفسها أوضحت أن أغلب حالات توقف التنفس فى أثناء النوم تحدث حينما يكون المريض نائماً على ظهره لهذا اقترح العلماء ربط كرة تنس صغيرة برباط بسيط فى العمود الفقرى بحيث يتألم المريض كلما نام على ظهره.. بفعل الكرة.. وبالتالى يعدل وضعه لينام على أحد جانبيه.
ونفتح هنا أقواس لنذهب بعيداً إلى تايلاند والفلبين وبعض البلدان الآسيوية التى تعانى ارتفاع نسبة الوفيات التى تحدث نتيجة لتوقف التنفس فى أثناء النوم، حيث يصفون الموت فى أثناء النوم بأنه الرعب الذى يزحف فى عتمة الليل ليخطف أرواح الصغار والكبار دونما تمييز.. وهو المرض الذى يسمى فى تايلاند "لاى تاى" والذى تسبب فى وفاة أكثر من 5 آلاف تايلاندى بين عامى 1981 و1997، وفى الفلبين يطلق عليه اسم "بانجونجوت" أو الكابوس دليلاً على خطورته كمرض يرعب كل الأسيويين فى الوقت الراهن، ولأسباب شخصت فى بعضها بأنها وراثية وفى أحيان أخرى ربط البعض بينها وبين العوامل والظروف البيئية.

هبوط عضلة القلب
ونتيجة لحدوث خلل فى التنفس وحدوث نقص فى الأكسجين الداخل إلى الرئة يحدث النقص أو الزيادة فى ضربات القلب وربما تتوقف عضلة القلب تماماً، وهنا يقول جراح القلب المصرى العالمى الدكتور مجدى يعقوب: نعرف أن القلب.. إلى جانب الغدد.. هو العضو الوحيد الذى لا ينام وإلا فارق الإنسان الحياة وما يحدث أثناء النوم أن عدد ضربات القلب يقل.. وسرعة تدفق الدم وضخه للقلبب تنخفض، والمعروف أن عمل عضلة القلب يتراوح بين 70 دقة فى بعض أوقات النهار و45 فى بعض أوقات الليل، أما التنفس فهو 16 دورة فى الدقيقة فى المتوسط، 18 نهاراً، 12 ليلاً، وهذا يكشف حقيقة وجود إيقاع يومى للأعضاء والأنسجة، وأود أن أؤكد أن هناك عدة أمراض خطيرة قد تنجم عن عدم وصول الدم المؤكسد إلى القلب مثل (الجلطات) وارتفاع ضغط الدم وزيادة عدد كرات الدم الحمراء وهو يؤدى إلى هبوط عضلة القلب مما يؤدى إلى الموت المفاجئ.. وكل هذه الأمراض تعتبر من مضاعفات الخلل التنفسى سواء فى اليقظة أو أثناء النوم، وقد ساعد تطور علوم الدماغ على تجاوز مخاطرها، كما ساعد انتشار مختبرات النوم فى العالم على دقة تشخيص الاضطرابات والأمراض.

فى معمل النوم!!
الدكتور طارق أسعد أستاذ ورئيس وحدة القياسات الفسيولوجية ومعمل النوم بمركز الطب النفسى بجامعة عين شمس يتحدث عن قياس اضطرابات النوم وعلاجها فيقول:
يتم التشخيص بواسطة جهاز متصل بالكمبيوتر وبمخ الإنسان حيث يتم عمل التوصيلات اللازمة بالرأس والموجة ليقوم الجهاز بعمل رسم المخ وحركات العين ورسم العضلات وحركات القدم وحركات الصدر ورسم القلب ومعدل انسياب الهواء فى الفم والأنف وحركات التنفس الصدرية والبطنية وصوت الشخير والضغط داخل المرىء.
ويؤكد خبير معمل النوم أن هذا الجهاز يمكننا من معرفة لحظة حدوث الخلل التنفسى والجهد فى أثناء التنفس وكذلك حركات التنفس البطيئة.
وبمعرفة نتيجة تحليل النوم نكتشف ما إذا كان المريض نائماً على جانبه أو ظهره وهذا يفيد فى التوصل إلى فهم بعض الاضطرابات مثل الشخير وتوقف التنفس فى أثناء النوم والوضع الذى كان عليه المريض أثناء توقف التنفس مع التأكيد أنه لا يوجد وضع محدد للنوم لأنها عادات بحسب كل حالة.
ويؤكد الدكتور طارق أن إنقاص الوزن بالنسبة للبدناء هو أول خطوة على طريق العلاج الطبى حيث يحدث اتساع فى الشعب الهوائية بما يحسن من وظائفها إضافة إلى أدوية علاج انسداد الأنف مثل البخاخات، وأدوية تنشيط مراكز التنفس فى المخ وطرق العلاج الحديثة بالأكسجين عبر أجهزة تكثيف للأكسجين التى تستخدم لمرضى اضطرابات النوم فتحسن التنفس وتوسع الشعب الهوائية وتستخدم فى أثناء النوم فقط وهى بديل عملى عن أنابيب الأكسجين.
أما العلاج الجراحى فهو متعدد وأحدثه الاستخدام الآمن لليزر لإزالة غضاريف الأنف وتصحيح اعوجاج الحاجز الأنفى وضيق البلعوم واللهاة الطويلة واسترجاع وضع التنفس الطبيعى للمرضى الحالمين بالنوم.. ذلك الحلم المستحيل فى عالم لا ينام!


DRSAMIR33@YAHOO.COM

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
روعة
د . شاكر من المانيا -

لاول مرة فى حياتى اقرأ موضوع متخصص واجده متكاملا وبلا اخطاء معلوماتية طبية ربما كاتبه طبيب متخصص لذا اطال الاعلام ان يفتح مجال الكتابة فى المواد المتخصصة للمتخصصين فقط للكاتب ولايلاف كل التحية

روعة
د . شاكر من المانيا -

لاول مرة فى حياتى اقرأ موضوع متخصص واجده متكاملا وبلا اخطاء معلوماتية طبية ربما كاتبه طبيب متخصص لذا اطال الاعلام ان يفتح مجال الكتابة فى المواد المتخصصة للمتخصصين فقط للكاتب ولايلاف كل التحية