الإسهال مقارنة بالايدز: يتطلب حلولاً مادية ايضًا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تبين ان الانفاق على مرض كالاسهال عند الاطفال يفوق الانفاق على مرض الايدز ما يتطلب حلولاً جذرية للموضوع، اذ يتسبب الاسهال في وفاة أكثر من مليون طفل سنويًا بينما لا يصل الامر الى هذا العدد مع الايدز، ويتم اليوم إعادة تسليط الضوء على مرض الإسهال وإدراجه على أجندة الصحة العالمية، ويجري العمل حاليًا على توزيع نفقات علاج الامراض الاخرى بعدل بحيث لا يتم التركيز فقط على نفقات علاج الايدز وحده من دون سائر الامراض.
أشرف أبوجلالة من القاهرة: وسط حال من النقاش المحتدم حول ما إن كانت تنفق الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغنية الكثير من الأموال على مرض الإيدز، الذي يتطلب تناول أدوية مدى الحياة، مقارنة بعرض مثل عرض الإسهال الذي يتسبب بقتل نحو مليون ونصف طفل صغير كل عام في الدول النامية ( وهو العدد الذي يفوق عدد الأشخاص الذين يلقون حتفهم نتيجة الإصابة بالإيدز والملاريا والحصباء مجتمعين )، وكذلك عرض الالتهاب الرئوي ( أحد أبرز مسببات الوفاة لدى الأطفال أيضًا)، وهما العَرَضان اللذان يمكن معالجتهما من دون تكلفة، تبرز صحيفة النيويورك تايمز الأميركية في هذا الشأن ما قاله ميكي شوبرا، مدير الصحة في منظمة اليونيسيف، الذي يحاول إعادة تسليط الضوء على مرض الإسهال وإدراجه على أجندة الصحة العالمية :"ينصب التركيز بأكمله على الأمراض الأكثر إغراءً، في الوقت الذي يتم فيه إهمال أمر رئيس مثل هذا".
ويأتي هذا الجدل المحتدم في وقت تُظهِر فيه بيانات حديثة حدوث تقدم كبير في خفض معدلات وفيات الأطفال ومعالجة الأشخاص المصابين بمرض الإيدز. كما تبين الأرقام الإحصائية الجديدة أن المساعدات الخارجية، التي غالبا ما تحقق نتائج مخيبة للآمال، تساعد في إنقاذ حياة الملايين. وفي الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة وغيرها من الدول الثرية التي أضرت من الأزمة المالية العالمية سلسلة من التحديات الرهيبة، توجد منافسة متزايدة بين الدول للحصول على المساعدات الخارجية. وبحسب ما ذكره مجلس الصحة العالمي، فقد اقترح الرئيس أوباما زيادة قدرها 2 % في الإنفاق على الإيدز، وزيادة أخرى قدرها 6 % على النواحي المتعلقة بصحة الطفل والأم، وذلك في الوقت الذي تؤكد فيه الصحيفة أن التفاوت الموجود في الإنفاق الأميركي على الايدز والأمراض التي تفتك بالأطفالما زال كبيراً بصورة صارخة.
وتلفت الصحيفة في سياق حديثها إلى أن عدد الأشخاص الذين لاقوا حتفهم في كل من نيجيريا وإثيوبيا ( أكبر دول القارة الإفريقية من حيث الكثافة السكانية ) نتيجة الإصابة بالإيدز في عام 2007 كان 237 ألف شخص، وهو العدد الذي يقل عن الـ 540 ألف طفل دون الخمسة أعوام الذين توفوا نتيجة لإصابتهم بالالتهاب الرئوي والإسهال هناك. كما لم يأت مبلغ الـ 750 مليون دولار الذي أعلنت الولايات المتحدة عن تخصيصه هذا العام لمواجهة الإيدز في كلتا الدولتين ليكشف عن الفارق الشاسع بينه وبين مبلغ الـ 35 مليون دولار الذي تنفقه هناك على صحة الطفل والأم فحسب، بل جاء ليميط اللثام أيضًا عن أنه يزيد عن مبلغ الـ 646 مليون دولار الذي تنفقه على صحة الطفل والأم بجميع دول العالم.
وهنا، تنقل الصحيفة عن جيريمي شيفمان، العالم السياسي في جامعة سيراكيوز، قوله :" لا شك أن الإيدز مازال يعاني نقصا في التمويل. لكن معدلات وفيات الأطفال وحديثي الولادة والأطفال تعد مأساة هائلة ". بينما ادعى دكتور حزقيال إيمانويل، اختصاصي أخلاقيات الطب، أن المساعدات الدولية التي تقدم للأمور الصحية عبارة عن مساعدات محدودة، وأنها ستنقذ المزيد من الأرواح إذا ما ركزت الزيادات على صحة الأم والأمراض الدنيوية المميتة التي تتسبب في وفاة الأطفال الصغار. في حين ردَّ جيفري ساكس، الخبير الاقتصادي في جامعة كولومبيا، قائلا ً إن المانحين الأثرياءما زالوا ينفقون مبالغ ضئيلة جدًا على الصحة العالمية، ونبذ ما وصفها بالفكرة الخاطئة التي تتحدث عن حاجتنا للاختيار الرهيب والمفجع بين الإيدز أو الالتهاب الرئوي.
كما تشير الصحيفة في السياق ذاته إلى الوعد الذي سبق وأن قطعه الرئيس باراك أوباما على نفسه بزيادة التركيز بشكل أكبر على صحة الأم والطفل. بالإضافة إلى اقتراحه تقديم زيادة نسبتها 53 % خلال العام المقبل في الأموال التي سيتم تخصيصها لمحاربة مرض الملاريا، الذي يشكل واحدًا من أهم مسببات الوفاة لدى الأطفال في إفريقيا، بحسب تقديرات مجلس الصحة العالمي. كما تنوه بتعهده تقديم زيادة كبيرة في الأموال التي يتم إنفاقها على محاربة مرض الإيدز خلال السنوات المقبلة، ما سيضمن في حالة حدوث ذلك، بقاء الإيدز على رأس جدول أولويات الصحة العالمية للولايات المتحدة.
وتنوه الصحيفة في الوقت ذاته أيضًا بأن معدل وفيات الأطفال والأمهات من الحالات المرضية التي يسهل معالجتها أو الوقاية منها ما زال مرتفعًا. فتشير إلى أن الالتهاب الرئوي تسبب بمفرده في قتل 2 مليون طفل دون سن الخامسة، في حين تسبب الإسهال في قتل أكثر من مليون ونصف، من بين 9 ملايين طفل تقريبًا لاقوا حتفهم العام الماضي. وفي هذا الإطار، يقول دكتور أوليفر فونتين، الذي يصف نفسه بأنه الشخص الوحيد الذي يعمل في منظمة الصحة العالمية طوال الوقت على أمراض الإسهال الخاصة بالأطفال، إن مديري وزارات الصحة في الدول الفقيرة عرفوا أن الإسهال من الأسباب الرئيسة وراء تزايد معدلات الوفاة لدى الأطفال، لكنهم يركزون على أمراض أخرى حظيت بمزيد من الاهتمام وعمليات التمويل التي تَرِد من الخارج.
وتختم الصحيفة في النهاية بالإشارة إلى ما ذكره التحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع ( GAVI ) بأن تخصيص زيادة تتراوح ما بين 3 إلى 4 مليارات دولار خلال السنوات المقبلة، من الممكن أن يساعد في منح الأطفال في الدول الفقيرة لقاحات علاجية ضد مرض الالتهاب الرئوي وفيروس الروتا الذي يُسبب نحو ثلث الوفيات التي تنتج عن الإصابة بالإسهال. كما يتفق خبراء الصحة العامة على وجود إمكانية كبرى لخفض معدل وفيات الأطفال التي تنتج عن الإصابة بالإسهال والالتهاب الرئوي بصورة ملحوظة. وتشير الصحيفة في هذا السياق إلى أنه يجرى الآن اختبار طرق جديدة لتوزيع أملاح الإماهة وأقراص الزنك الرخيصة، التي يوصى بها لمعالجة الإسهال.