صحة

توجه لبدء مساءلة الأطباء عن الأخطاء الطبية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تنشر صحيفة النيويورك تايمز الأميركية مقابلة أجرتها أخيرًا مع دكتور روبيرت ووشتر، أستاذ الطب في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، والزعيم الوطني في مجال سلامة المرضى، حيث قام في الآونة الأخيرة بنشر مقالتين نقديتين حول إستراتيجية الأمان، وحث فيهما الأطباء على البدء في التسليم بأدوارهم في ما يُرتكب من أخطاء طبية، وخلال المقابلة تحدث عن توجه لبدء مساءلة الاطباء عن الاخطاء الطبية بعدما كانت المسؤولية تقع على عاتق نظام الرعاية.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: بينما تتسم العلاقة التي تجمع الطبيب بمريضه، أو حتى أسرته، بشيء من الخصوصية نتيجة لطبيعة المعلومات الحساسة التي يتبادلها الطرفان عن أدق تفاصيل الأوضاع الصحية، ومدى أخطار الإصابة ببعض الأمراض، وسبل معالجتها أو الوقاية منها، وما إلى ذلك من أمور. وفي الوقت الذي سبق وأن خلصت فيه لجنة وطنية أميركية قوامها مجموعة من خبراء الرعاية الصحية، في تقرير قاموا بإعداده قبل عشرة أعوام حول الأخطاء الطبية التي يعاني منها نظام الرعاية الصحية في البلاد ونشره معهد الطب، إلى أن هناك ما يقرب من 98 ألف شخص يلقون حتفهم في المستشفيات كل عام نتيجة لبعض الأخطاء التي كان من الممكن الوقاية منها. لدرجة أن بعضهم ذهب وقتها للقول إن المكوث في المستشفى أكثر خطورة من قيادة طائرة جامبو.
إلا أن بعضًا من خبراء أمن الرعاية الصحية بدأوا يتساءلون أخيرًا حول الافتراض الذي قامت عليه استنتاجات هذا التقرير، والتي جاء في مقدمتها أن نظم الرعاية الصحية فقط، وليس الأطباء، هي من يقع على عاتقها مسؤولية الأخطاء الطبية. وفي هذا الإطار، تنشر صحيفة "النيويورك تايمز" الأميركية مقابلة أجرتها أخيرًًا مع دكتور روبيرت ووشتر، أستاذ الطب في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، والزعيم الوطني في مجال سلامة المرضى، حيث قام في الآونة الأخيرة بنشر مقالتين نقديتين حول إستراتيجية الأمان، وحث فيهما الأطباء على البدء في التسليم بأدوارهم في ما يُرتكب من أخطاء طبية. وفي الحوار التالي، عرض ووشتر لأهم ما أورده في مقالتيه النقديتين:

* قمت في إحدى مقالتيك النقديتين بمنح إستراتيجية أمان المرضى درجة "B -"، أي أفضل من درجة "C + " التي سبق وأن منحتها قبل خمسة أعوام. كيف كان لك أن تصنف سلامة المرضى قبل عشرة أعوام عندما قام معهد الطب بنشر التقرير الآنف ذكره ؟
- لقد قمت حينها بمنح درجة "D -". فآنذاك، غالبًا ما كان يتحقق عنصر السلامة بصورة عشوائية. لكن فترة عشرة أعوام ليست بالفترة الطويلة، وقد أعجبت بشكل غير عادي بالتقدم الذي تم إحرازه حتى الآن.

* في رأيك، ما هي الجزئية المتعلقة بمسألة أمن المرضى التي مازالت بحاجة إلى معالجتها ؟
- كنا نتعامل قبل عشرة أعوام مع أمن المرضى على أنه سلسلة من العيوب التي تشوب نظام الرعاية الصحية، وكنا نعتقد أن معظم الأخطاء ترتكب من قبل أشخاص مختصين لا يفعلون شيئًا أكثر تعقيدًا من مجرد وقوعهم في هفوات من بينها نسيان هواتفهم المحمولة. لكن الأمور بدأت تتبدل خلال السنوات القليلة الماضية، بعد أن بدأ يشعر بعض العاملين منا في مجال الرعاية الصحية بعدم الارتياح إزاء هذا النهج. فعندما تتوافر معايير آمنة بصورة عقلانية، ماذا يكون بوسعك أن تفعل إذا لم يلتزم بها الأشخاص؟ ففي مرحلة ما، سنجد أن المسألة لم تعد "مشكلة أنظمة".

* قمت في إحدى مقالتيك باستخدام نموذج نظافة اليدين لتوضيح وجهة نظرك ؟
- يمثل هذا النموذج أفضل النقاط التي يمكن البدء من خلالها لدراسة الطريقة التي قد نجد من خلالها توازنًا بين "عدم اللوم" والمساءلة. فنحن نعرف أن تلك المشكلة تحديدًا يمكنها أن تكون مرضية، ومميتة في بعض الأحيان، وأن الموضوعات الصحية، مثل توافر موزعات المادة الهلامية التعقيمية، قد عولجت إلى حد كبير. ويمكنني أن أشير هنا كذلك إلى أن معظم المستشفيات ومنظمات الرعاية الصحية بدأت تصعد فكرة المساءلة الفردية، لكن بطرق عشوائية جدًا. كما أن العمل على تعزيز الإجراءات المتعلقة بسلامة وأمان المرضى - وإن تحققت في واقع الأمر على نحو سليم - يستغرق وقتًا وأموالا ً. ورغم الأهمية التي تحظى بها الناحية الأخلاقية وكذلك الروح المهنية، إلا أنهما غير كافيين في ما يتعلق بتلك المسألة.

* هل تعتقد أن إستراتيجية أمن المرضى عملت على تآكل جسور الثقة التي كانت قائمة ذات يوم بين المرضى والأطباء ؟
- أعتقد أنها أدت إلى انخفاض معدلات الثقة في جانب السلامة الذي يبحث عنه المرضى، لكني أعتقد أن ذلك كان ضروريا ً للغاية. والطريقة الوحيدة التي ستمكننا من معالجة تلك المشكلة هي أن نسير على نهج أكثر وضوحًا وشفافية ً. وسوف تسمح لنا تلك الشفافية بتحسين الأوضاع والمساعدة في الوقت ذاته على تعليم بعضنا البعض. أعتقد في واقع الأمر أن معظم الأطباء والممرضين والمديرين، أناس أكفاء، لكنهم بحاجة للعمل بصورة جادة، وبحاجة لمزيد من الوقت لتحسين معدلات الأمان الخاصة بالمرضى.

* هل كان لتآكل جسور الثقة على هذا النحو تأثير ضار على العلاقة بين الطبيب والمريض ؟
- إن الفوضى التي يشهدها الوسط الطبي نتيجة إقدام كل فرد على القيام بمهامه كما يشاء هو أمر بالغ الخطورة، وتلك الأجواء المضطربة هي التي تقف في وجه تلك العلاقة. وعلينا أن نعرف أن بالإمكان تقديم سبل الرعاية الصحية بصورة أفضل، وأكثر أمانًا، وبتكلفة أقل، والعمل في الوقت ذاته على تعزيز جوهر العلاقة بين الطبيب والمريض.

*برأيك، ما هي الأدوار التي يجب على المرضى والأطباء أن يقومون بها في إستراتيجية أمان المرضى ؟
- إن كنت مريضًا، على ّ أن أقوم بما يوصي به جميع الأفراد - بأن يلازمني شخص مقرب مني، وأن أبحث عما يدل على أن المستشفى آمنة، وأن أتأكد من أن الطبيب الذي يشرف على حالتي طبيب معتمد ومدرج على لائحة العاملين هناك. كما تراودني حالة من التناقض الشديد بشأن المسؤولية التي يجب أن تقع على عاتق المرضى في ما يتعلق بعملية السلامة ومنع وقوع الخطأ. فلمَ يتحمل المريض مسؤولية الحصول على أدوية صحيحة أو أن تبتر له قدم سليمة ؟ فعندما أقدم على ركوب طائرة، لا يكون أمامي مجال للاهتمام أو القلق بشأن الآمان وما قد يتم ارتكابه من أخطاء. وبالنسبة للأطباء، فإن بإمكانهم أن يرفعوا من مستوى الأمان الذي قد يحظى به المريض أو قد يقفوا في وجه ذلك. وهنا، أؤكد على الدور الضخم الذي يقع على عاتقنا في ما يتعلق بضرورة خلق المناخ الذي يشعر فيه المرضى بالأريحية في ما يتعلق بإمكانية استفهامهم عن أي شيء يبدو غريبا ً أو خارج نطاق الاهتمام. وعلينا أن نعترف قبل أي شيء بأننا لا نوفر الرعاية بمستوى الجودة والأمان الذي يستحقه مرضانا. كما علينا أن نتخلص من فكرة غطرستنا المهنية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف