لماذا ما يصح على الفأر لا يصح علينا؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إعداد عبد الاله مجيد: بين حين وآخر تطعالنا الصحف بعناوين مثيرة عن أخبار مذهلة من قبيل عقار جديد أشبه بإكسير الشباب يطيل العمر 10 سنوات أو القهوة لعلاج مرض الزهايمر. تطورات واكتشافات علمية مدهشة باستثناء استدراك بسيط ان الأبحاث التي أوحت بهذه التقارير وعناوينها الأخَّاذة أُجريت على فئران.
يقول الوك جيها في صحيفة الغارديان ان الفأر أكثر المخلوقات خضوعا للتجارب في تاريخ البشرية ويمكن القول بثقة ان كل علاج طبي ـ صيدلاني حديث أو اكتشاف يعيِن على فهم الأمراض أو هندسة الوراثة ارتبط بالاشتغال على فأر في مرحلة من مراحل البحث. فالقوارض تشكل نحو 85 في المئة من مجموع الحيوانات التي تُستخدم في التجارب وغالبيتها العظمى من الفئران تحديدا.
ثمة سبب وجيه لاستخدام الفئران. ويقول سايمون فيستنغ الرئيس التنفيذي لجمعية خيرية تدعم الأبحاث العملية ان الفئران تُستخدم لأنها اصغر حجما ومن أسهل الثدييات لدراستها في المختبر. فهي تتكاثر بسرعة وتصلح لصنوف متعددة من البحث. ويضيف ان اجهزة الجسم البيولوجية الرئيسية تعمل بطريقة واحدة في جميع الثدييات رغم الاختلافات. فالجهاز التناسلي والغدد الصماء والقلب والدورة الدموية والجهاز العصبي المركزي ـ كلها ذات تركيب ووظيفة متشابهة الى حد بعيد. "وتشترك الفئران بأكثر من 90 في المئة من جيناتها مع الانسان" ، بحسب فيستنغ.
مع ذلك لا يمكن لإستخدام الفئران ان يقود العلماء الى كل ما يريدون معرفته. فالنتيجة التي يتوصلون اليها من تجربة على فأر توفر خيطا مثيرا للاهتمام في تحرياتهم ولكن تطبيقها على حيوان أرقى مثل الكلب أو القرد وحده الذي يُسهم في تقريب النتيجة الى محصلة عملية تصح على البشر. وفي حالة اكسير الشباب (عقار سُمي رابامايسين rapamycin ) اشارت التقارير الى ان الحبة المضادة للشيخوخة مصنوعة من مواد كيمياوية متوفرة في جزر "ايستر آيلاند" وانها أطالت عمر فئران بنسبة تصل الى 38 في المئة. ولكن الباحثين حذروا البشر من التفكير في استخدام العقار لإطالة أعمارهم لافتين الى انه يكبح المناعة.
الدراسة المتعلقة بمرض الزهايمر أظهرت ان الكفايين يمكن ان يؤخر تراكم صفائح البروتين التي تُعد سمة المرض المتميزة وهي التي تسبب التلف في الدماغ. وكانت فئران الاختبار أُعطيت ما يعادل خمسة اكواب من القهوة يوميا تحتوي على زهاء 500 مليغرام من الكفايين فسجلت هبوطا بنحو 50 في المئة في مستويات صفائح البروتين في ادمغتها بعد شهرين. ولكن العلماء حذروا من ان الكفايين وإن كان عقارا مأمونا نسبيا فليس هناك حتى الآن ما يشير الى الكميات التي من شأنها ان تعمل بنجاح ضد مرض الزهايمر في البشر. وعلى الحوامل والمصابين بإرتفاع ضغط الدم ان يجتنبوا زيادة ما يتناولونه من كفايين بكل تأكيد.
ثمة اسباب عديدة وراء المشاكل التي تواجه نقل ما يتحقق من نتائج على الفئران الى البشر مباشرة. ولدى البحث في فاعلية عقار ما فان الجرعات التي تُعطى للفئران تكون بعض الاحيان أكثر بكثير مما يجرؤ طبيب على استخدامه مع مريضه حتى بعد اجراء التعديلات اللازمة في معدل الأيض والحجم. ويقول دومنيك ويلز رئيس قسم علم الاعصاب الخلوي والجزيئي في كلية امبريال كوليج البريطانية ان الباحث يُعطي الفئرات جرعة اعلى مما سيعطيه لإنسان لأن همه الرئيسي من التجربة على الحيوان هو التدليل على وجود علاج فعال.
لذا إذا سمعتَ قصة تروي ان فأرا عولج من هذا المرض أو ذاك فعليك ان تنظر الى القصة بتحفظ شديد إزاء ما فيها من مبالغة وتضخيم لأن من المؤكد في غالب الأحيان ان الباحثين لن يُسمح لهم بإستخدام الجرعة نفسها من العقار على الانسان. "وسيتعين إجرا تخفيض كبير لمراعاة جانب السلامة قبل ان نفكر في زيادة الجرعة" ، بحسب ويلز.
تميل الاختبارات التي تستخدم الحيوانات الى التركيز على مسألة واحدة ـ الفاعلية أو السمِّية على سبيل المثال. ولكن تطوير عقار بحيث يكون صالحا للبشر يتطلب السيطرة على الآثار الجانبية وقد يستغرق التصدي لهذه المهمة سنوات ، بحسب صحيفة "الغارديان".