صحة

هل يعالج القطب الأميركي علل الصناعة الدوائية في الجزائر؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

في أحدث خطة لحسم مشكلات الصناعة الدوائية في الجزائر، تتأهب الأخيرة لاستقدام تسعة مخابر أميركية بغرض استحداث قطب بيو-تكنولوجي سيتولى بحسب المسؤولين المحليين إنتاج 70% من الطلب على الدواء في الجزائر، فهل الخطوة مجدية فعليا، وما انعكاساتها المحتملة؟ هذا ما بحثته "إيلاف" مع مسؤولين ومتعاملين وخبراء.
______________________________________________________________________

بحسب مراجع رسمية، فإنّ القطب البيو - تكنولوجي الأميركي سيكون الرابع من نوعه دوليا، وسيكون له مقر مركزي في المدينة الجديدة "سيدي عبد الله" (40 كلم غربي الجزائر العاصمة) وآخر فرعي في محافظة قسنطينة (400 كلم شرق). ويشير وزير الصحة الجزائري جمال ولد عباس، إلى أنّ جلب تسعة مخابر أميركية يندرج ضمن مشروع شراكة ستمتد إلى غاية العام 2020، وسيكون القطب البيو تكنولوجي بحسبه "قطب امتياز" لا يكتفي بتغطية

المتطلبات الدوائية للجزائر فحسب، بل يشمل أيضا أفريقيا والشرق الأوسط على غرار القطبين الجهويين اللذين تمّ إنشاؤهما في كل من سنغافورة وايرلندا.
وردا على تشكيكات بعض المعلقين، يشدّد ولد عباس على أنّ النشاط المرتقب للمخابر الأميركية التسعة في الجزائر، أتى بموجب دراسة جرى إعدادها منذ وقت طويل، وبناء على خارطة طريق اشتركت في وضعها نحو ست وزارات بالتنسيق مع ممثلي المخابر المعنية، والأمر لن يقتصر بحسبه على إنتاج الأدوية، بل سينفتح على ورش بحث ونقل التكنولوجيات.

لكن هل سيقضي القطب فعليا على خلل الدواء في الجزائر؟ الجواب يراه جمال ولد عباس مرهونا بإنهاء فوضى الموزعين، في حين يقلّل المتخصص "عبد الحميد بوعلاق" من أثر دخول اللاعب الأميركي على الخط، خصوصا وأنّه ينبغي الانتظار تسع سنوات لقطف ثمار هذه "التجربة"، ويعرب بوعلاق عن اقتناعه بكون خروج الصناعة الدوائية في الجزائر من عنق الزجاجة، مرهونا بتقليم أظافر "مافيا الدواء"، ومن يسميها "مجموعات المصالح" المسؤولة بحسبه عن الاختلالات الحاصلة في منظومة الدواء.

ويرى بوعلاق أنّه من غير المعقول أن تنفق الخزانة العامة ما يربو عن الملياري يورو سنويا على الواردات الدوائية، ومع ذلك تتكرّس الندرة رغم ضخامة النفقات في ظاهرة "غير مفهومة" بحسب جمهور الصيادلة وممثلي نقابات القطاع. من جانبه، يبرز " فيصل عابد" ممثل النقابة الجزائرية لصيادلة الوكالات، وجود نقص وسوء تسيير ألقى بظلاله على إنتاج الدواء محليا، وعبّد الطريق أمام الشركات الأجنبية التي يقتصر نشاطها في الجزائر على استيراد الأدوية وبعد مرور سنتين ترحل بالفوائد دون أن أي استثمار حقيقي، تفعل ما تشاء، رغم وعيد السلطات ووعودها الكثيرة لإنعاش الصناعة المحلية للدواء والاتجاه للتصدير.

بدوره، يركّز مسعود بلعمبري رئيس النقابة الجزائرية لصيادلة الوكالات، على وجود ممارسات سيئة مثل الاحتكار وتنامي حدة المضاربات، والممارسات الملتوية هناك، ما يضرب توازنات قطاع موسوم بـ الاستراتيجي. ويؤكد بلعمبريأنّ تطوير الصناعة الصيدلانية في الجزائر مرهون بتشجيع الانتاج المحلي وكسر احتكار بعض الموزعين، بعدما ظلت سوق الأدوية تتخبط في مشكلات عديدة رغم الخطاب الرسمي الداعم للإنتاج المحلي، ما ترك حجم التغطية المحلية للاحتياجات الدوائية لا يتعدّى حدود الـ23 في المئة.

كما ينتقد نبيل ملاّح رئيس اتحاد منتجي الأدوية، اكتفاء سلطات بلاده بالتفرج على لجوء المستوردين إلى المبالغة في قيمة فاتورة الأدوية، رغم تعارض ذلك مع الأسعار المرجعية الدولية، مشددا على تجنيد كافة الكفاءات ونقل التكنولوجيا، لأنّه يتعين على الجزائر أن تضع حدا لتبعيتها للخارج في مجال الدواء.

بدوره، يتساءل أمين بعداش كيف للحكومة الجزائرية أن تعرقل مواطنيها المنتجين عبر لائحة شروط وتعقيدات لها أول وليس لها آخر، في حين تصمت على شركات أجنبية يقتصر نشاطها في الجزائر على استيراد الأدوية وبعد مرور سنتين ترحل بالفوائد دون أيّ استثمار حقيقي.
ويثير بعداش الناشط في إحدى المجموعات الخاصة، استفهامات إزاء خطط السلطات لإنعاش الصناعة المحلية للدواء والاتجاه للتصدير بحلول سنة 2013، في كلام يرى أنّه بقي "حبرا على ورق".

إلى ذلك، يفيد "بومدين درقاوي" الرئيس المدير العام لمجمّع صيدال المملوك للحكومة، إنّ الأخير يعتزم من خلال مخطط رُصد له غلاف يربو عن 160 مليون يورو، بناء سبع مصانع مختصة بالأدوية وسائر المواد الصيدلانية. وفي سياق تعزيز الاستثمار الدوائي في الجزائر، يحث جمال ولد عباس المستثمرين المحليين والأجانب على الإسهام بفعالية في الاستثمار الوطني لإنتاج الأدوية ونظيراتها الجنسية لتدارك النقائص الموجودة في هذا المجال، بالتوازي مع تشجيع الصيادلة وتحسين هامشهم للربح.

وتقول بيانات رسمية إنّ فاتورة الواردات الجزائرية من الأدوية قد نزلت إلى 1.6 مليار يورو مقابل 1.7 مليار يورو في 2009 و1.8 مليار يورو في 2008، مسجلة انخفاضا بنسبة 5% في العام الأخير وهو أهم انخفاض منذ القرار الحكومي المتخذ في كانون الثاني/ يناير 2009 الذي نصّ على منع استيراد الأدوية المصنوعة محليا.

وتتطلع السلطات عبر ترسانة من القوانين المستحدثة، إلى الارتفاع بالإنتاج المحلي المقدّر رسميا بـ36.86 في المئة من حجم الطلب العام، كما تبدي السلطات اهتماما بترقية منظومة الأدوية الجنيسة التي صار استهلاكها واسعا بين السكان المحليين، علما أنّ نسبة إنتاج هذه الأدوية تجاوزت 41.79 في المئة، وتبلغ نسبة توفرها حاليا بـ36.86 في المئة فحسب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف