صحة

الكشف المُبكِر والدمج الإجتماعيّ يخفّفان من وطأة التّوحد

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

قلق، إرباك وإحباط... مشاعر تساور الكثير من الأهل الذين يلاحظون ظهور سمات التوحد على أطفالهم، فيعزلون أنفسهم وولدهم، ليزيدوا من تفاقم المشكلة بدلاً منالتفكير في الحلول الممكنة لمساعدة المتوحّد على اكتساب مهارات التواصل والتفاعل الإجتماعيّ. تتناول "إيلاف" مشكلة التوحّد الصحيّة التي يجدها كثيرون غامضة، ولا شعاع أمل فيها، فيما هناك مسيرة من التعاون والمشاركة لا بدّ أن تجمع الأهل بطفلهم وصولاً الى مختلف المؤسسات الإجتماعية.

لم تكن نائلة، التي أصبحت أمّاً بعد أشهر قليلة من زواجها، تدرك أنّ طفلها عمر كان متوحّداً. لطالما شعرت أنّ هناك شيئاً غريباً، حيث لا ينظر إلى وجهها أو يتجاوب مع حركاتها، وعند اجتيازه العام الأول ونصف العام الثاني، لم يبدِ عمر أي اهتمام بالتكلّم أو السير ولم ينطق بكلمتي "أمّي" أو "أبي".

قصدت نائلة الطبيب مرّات عدّة، وطمأنها مراراً وتكراراً إلى عدم وجود أي خطورة ودفعها إلى الأمل بأنّ التغيير آتٍ، وسيتكلّم ابنها قريباً.

لكن شعورها كان مختلفاً، فعمر لم يكن كغيره. وبعد أبحاث شخصية كثيرة، إستطاعت نائلة أن تصل الى مرحلة فهم واقع ابنها، حيث وجدت تفسيراً واحداً لكلّ العوارض التي يعانيها: التوحّد.

تشاركت نائلة وزوجها الحزن لفترة سنتين، وحاولا عزل ابنهما من دون أن يدركا أنّ العلاج المُبكر يمكن أن يساعده، حتّى تعرّفا الى زوجين آخرين يعانيان الحالة نفسها فواجهوا الصعوبات سوياً، ووجدوا المؤسسة المناسبة للتعاون معها على صعيد متابعة حالة عمر وعلاجه.

حالة عمر لم تعد استثناء في العالم، كما في المنطقة العربية، فبحسب منظّمة الصحّة العالمية هناك 67 مليون شخص يعانون حالة التوحّد في مجمل الدول، وهي من أكثر الإعاقات سرعة في الإنتشار. وتفيد إحصاءات المنظّمة أنّ عدداً أكبر من الأطفال سوف يتمّ تشخيص إصابتهم بالتوحّد في كلّ عام جديد أكثر من المصابين بأمراض السكري والسرطان والإيدز معاً.

هذه الوقائع والأرقام تشير الى خطورة التوحّد الذي يحدّده "مركز أبحاث التوحّد" في الولايات المتحدة بأنّه "إضطراب في النموّ يظهر عند الولادة أو خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل".

ويشير المركز الى أنّ الأطفال المتوحّدين يبدون بمظهر طبيعيّ جداً، لكن تصرّفاتهم تكون مربكة ومضطربة بما يختلف عن تصرّفات الأطفال الذين يكونون في العمر نفسه.

التجربة اللبنانية لدعم المتوّحدين

450 حالة توحّد هي المُفصَح عنها في لبنان، لكن الرقم مرشّح للإرتفاع سنوياً، حيث بات الكشف عن المتوحّدين أسهل، وزادت التوعية حول هذا الموضوع في أوساط الأهل.

للإضاءة على التجربة اللبنانية في دعم المتوحّدين، كان اللقاء برئيسة "الجمعية اللبنانية للتوحّد" أروى حلاوة، التي هي نفسها والدة لشاب متوحّد، وقد عايشت مختلف الصعوبات التي يمكن أن تتعرّض لها الأم كما الطفل وإكتسبت خبرة واسعة في هذا المجال.

تحدّد حلاوة أولاً العوارض التي يجب أن يتنّبه إليها الأهل أولاً، ومنها عدم التواصل النظريّ والكلاميّ وصعوبة إندماج الطفل في اللعب مع الآخرين والتواصل معهم. فإذا لاحظ الأهل وجود مثل هذه العوارض لا بدّ أن يستشيروا طبيباً ليسمعوا الجواب الشافي لهم، ولا يهملوا الموضوع بالإعتماد على تغيير مستقبليّ مفترض.

أهم ما تشدّد عليه حلاوة أنّ حالة التوحّد ليست نفسية، لذا لا علاقة للأهل ومعاملتهم للطفل بها، إنما هي نتيجة لخلل في الجينات أو الجهاز العصبيّ، إضافة الى العوامل البيئية، لذا يجب ألا يشعر الأهل بالذنب أو المسؤولية تجاه حالة طفلهم، بل عليهم أن يتخطّوا مرحلتي النكران والغضب إلى التعامل مع الأمر الواقع.

أمّا الإكتشاف المُبكر فتجد حلاوة أنّه يساهم في مساعدة المتوحّد كثيراً، خصوصاً أنّ هذه الحالة تأتي بـ3 درجات (خفيف، وسط وشديد)، لذا لا بدّ أن يتطلّع الأهل عند ملاحظة العوارضإلى التشخيص عبر الصور الشعاعية والتحاليل المخبرية وصولاً الى عرض الطفل على فريق متخصّص من الأطباء ضمن اختصاصات مختلفة ليحدّدوا طريقة التدخل الفضلى.

تشكّل "الجمعية اللبنانية للتوحّد" اليوم محطّة رئيسة بالنسبة إلى الأهل الذين يعاني أطفالهم هذه الحالة، حيث يجدون فيها الدعم والمساندة من أهل آخرين ضمن الواقع نفسه.

وتلفت حلاوة الى أنّ الاهل باتوا يكتشفون حالة أطفالهم في عمر مبكر جداً أي في عمر السنة ونصف السنةتقريباً، وهذا ما يساعد الولد على التفاعل مع العلاج. ورغم أنّ الحلّ الكامل للتوحد لم يوجد بعد، يتركّز عمل الجمعية على مساعدة المتوحّدين للشعور بالإستقلالية والتصرّف على هذا الأساس.

إضافة الى ذلك، يكون التّوجه نحو دمج الأطفال في الصفوف العادية، حيث يكون هناك أطفال آخرون لا يعانون أي إضطرابات، وما زالت التجربة في هذا المجال محصورة بمدرستين فقط في لبنان، لكن النتائج جيّدة، خصوصاً أنّ هناك مربيّة مرافقة لكلّ تلميذ، ويتمّ متابعة المتوحّدين فردياً من خلال العلاجات النطقية والنفسية والحركية لتتكامل مع الحصص الدراسية.

وتشدّد حلاوة على ضرورة ألا يتمّ "سلخ الطفل من منزله"، فلا بدّ أن يبقى محاطاً بأسرته، ويكون هناك تنسيق بين الأهل والجمعية التي تحتضن الطفل أيضاً.

تُعتبر التجربة اللبنانية ناجحة في مجال مواجهة حالة التوّحد، وهي في حالة تطوّر دائم لمواكبة الدراسات الحديثة، إلا أنّ حلاوة تلفت أيضاً الى الجهود الكبيرة التي تُبذَل عربياً لتحسين وضع الطفل المتوّحد ودمجه إجتماعياً.

وحتّى لو كان العلاج مفقوداً، فالبرامج الداعمة للمتوحّدين يمكن أن تشكّل نافذة أمل لكلّ الأسر العربية، وربما يكون الشاب اللبنانيّ المتوحّد علي طليس نموذجاً لهذا التقدّم بعدما إستطاع أن يقدّم معرض رسم بنفسه ليبدو كأي فنّان شاب يملك طموحاته الخاصة من دون أن يعوقه التوحّد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
توعية
ليليان -

نحن حقاً بحاجة لمزيد من التوعية حول التوّحد، فالاهل ما زالوا يعتقدون ان لهم علاقة بحالة اولادهم

التوحد مرض العصر
كلارا من لبنان -

لمَ هذه الزيادة الملحوظة في أعداد الاطفال المتوحدين؟؟؟؟ انه موضوع مقلق

اخذ اهالى عشوائيات لـ شقق لا تورث خطر على ابناء
Дорогой Большой -

موظف احذر بـ حقد و حسد غل

اخذ اهالى عشوائيات لـ شقق لا تورث خطر على ابناء
Дорогой Большой -

موظف احذر بـ حقد و حسد غل