أميركا تعتم على تفاصيل الانفلونزا العلمية خوفاً من الإرهاب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
في التجارب التي أجريت في الولايات المتحدة وهولندا، تمكن العلماء من تركيب نوع سهل الانتقال من انفلونزا الطيور الذي لا ينتشر عادة من شخص لآخر، لكن هذه الخطوة كانت غير سليمة، إذ أن الفيروس الذي تم تركيبه ينتقل بسهولة ويمكن أن يؤدي إلى انتشاره في جميع أنحاء العالم. وتمت تجربة الفيروس الجديد على القوارض، التي تعتبر نموذجاً جيداً للتنبؤ بمدى تأثير فيروسات الانفلونزا في الناس وتبين أنه خطير وسهل الانتشار.
الفيروس A (H5N1)يسبب انفلونزا الطيور، التي نادراً ما تصيب الناس، لكن يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع نسبة الوفيات بشكل غير عادي. ومنذ اكتشاف الفيروس للمرة الاولى في عام 1997، أصيب حوالي 600 شخص بانفلونزا الطيور، لقي أكثر من نصفهم حتفهم. أثار هذا الفيروس قلق العلماء الذين خشوا من أنه إذا تم تطوير قدرته على الانتقال بسهولة من شخص إلى آخر، فإنه يمكن أن يخلق واحداً من أعنف الأوبئة وأكثرها فتكاً.
طلب المجلس الاستشاري الوطني للعلوم من أجل السلامة البيولوجية، الذي يشرف عليه المعهد الوطني للصحة، من مجلتين طبيتين "العلوم" و"الطبيعة"، عدم نشر تفاصيل معينة من التقارير التي تتناول البحوث الطبية. وقال المجلس انه ينبغي نشر النتائج والخلاصات، لكن بدون "التفاصيل والمعطيات التجريبية التي من شأنها أن تمكّن البعض من تكرار التجارب".
وأشارت صحيفة الـ "نيويورك تايمز" إلى أن المجلس لا يستطيع أن يفرض رقابة على المواد التي تنشرها المجلات العلمية. لكن محرر العلوم، بروس البيرتس، قال إن المجلة بصدد اتخاذ هذه التوصيات على محمل الجد وستحجب ربما بعض المعلومات - لكن فقط إذا كانت الحكومة ستضمن إنشاء نظام لتوفير المعلومات المفقودة إلى العلماء في جميع أنحاء العالم الذين يحتاجون إليها.
وقال البيرتس "هذه ليست رقابة، انها محاولة لتجنب الرقابة غير الملائمة. الأوساط العلمية تحاول ممارسة مهامها ومسؤولياتها"، مشيراً إلى أن هناك سبب مشروع للقلق حول وقوع تقنيات الباحثين في الأيدي الخطأ. وأضاف: "هذا الاكتشاف يوضح انه من الأسهل بكثير أن يتطور هذا الفيروس إلى حالة خطيرة للغاية حيث يمكن أن تنتقل من أي شخص مصاب عبر الهواء عن طريق السعال أو العطس".
منذ تشديد الامن بعد الهجمات 11 أيلول(سبتمبر) الإرهابية عام 2001، أشار العلماء إلى أن التطور العلمي يحتم الحاجة إلى الأمان وفرض الرقابة على تبادل المعلومات. واليوم، يبدو أن هذه الحاجة باتت ملحة. يشار إلى أن الدراسات على الفيروس التي أجراها، مركز ايراسموس الطبي في روتردام - هولندا، وجامعة ويسكونسن ماديسون، تم التكفل بتكاليفها من قبل المعهد الوطني للصحة. وهدف هذا البحث إلى محاولة معرفة ما هي التغييرات الوراثية التي قد تسهل نقل الفيروس.
بهذه الطريقة، يستطيع العلماء معرفة التغيرات التي تطرأ على الفيروس بشكل طبيعي، في ما يمكن أن يكون إشارة تحذير من قدرته على التطور إلى وباء فتاك، معربين عن أملهم في أن تؤدي الأبحاث إلى التوصل لعلاجات أفضل. وقال الدكتور انطوني فوسي مدير المعهد القومي للحساسية والأمراض المعدية، إن الأبحاث تتناول مسائل هامة في مجال الصحة العامة، لكنه أضاف "أنا متأكد من أنه سيكون هناك بعض الناس الذين سيعارضون إجراء هذه التجارب".
وقال الدكتور فوسي إن الفريق العلمي الذي عمل على التجارب، أوصى بأن تقوم هيئة الأمن البيولوجي بتقييم النتائج التي تم التوصل إليها، لكن الباحثين لديهم تحفظات على توصية المجلس الوطني، إلا أنهم سينظرون في إمكانية الإلتزام بها. وقال ديفيد فرانز، عالم الأحياء الذي ترأس سابقاً المختبر البيولوجي التابع لجيش الدفاع في فورت ديتريك بولاية ميريلاند، إن القرار بفرض الرقابة على بعض المعلومات العلمية يبدو "معقولاً جداً".
"ما يقلقني هو ان لا نعطي الهواة - أو الإرهابيين - المعلومات التي قد يستخدموها للتسبب بالكثير من الأذى"، مضيفاً "انها دعوة للاستيقاظ، فنحن بحاجة للتأكد من أن العلماء الذين يتمتعون بالخبرة والمسؤولية يستطيعون الوصول إلى المعلومات التي يحتاجون اليها لحمايتنا من الأمراض التي قد نواجهها".
وقالت ايمي باترسون، مديرة مكتب الأنشطة الحيوية في المعاهد الوطنية للصحة في بيثيسدا بولاية ماريلاند، إن هذه التوصيات هي الأولى من نوعها، مشيرة إلى أن مجلس الإدارة استعرضت البيانات في السابق لكن لم يعط توجيهات في كيفية التعامل مع النتائج والمعلومات بأي شكل من الأشكال.
وأقر الخبراء نظراً إلى أن بعض المعلومات قد سبق أن قدمت علناً في الاجتماعات العلمية ، والتي تم إرسالها إلى غيرهم من الباحثين، أنه قد لا يكون من الممكن الحفاظ على سرية هذه التفاصيل التي قد تكون خطرة. وأضاف الدكتور فوسي: "اعتقد انه من الضروري أن نتحلى بثقافة المسؤولية في التعامل مع المعلومات المهمة".