أضواء مكثفة جديدة على أسرار مرض السرطان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تم الاسترشاد في بحوث السرطان طيلة العقد المنقضي برؤية مشتركة متعلقة بالطريقة التي تتطور من خلالها خلية واحدة إلى ورم خبيث. فتبين أنه عبر سلسلة من الطفرات العشوائية، يتم الدفَع بالجينات التي تشجع على الانقسام الخلوي إلى مسنن مضاعفة السرعة، بينما يُفصَل الاتصال عن تلك الجينات التي تُرسِل عادةً إشارات تقييد النمو.
ومع توقف المسرع، وقطع خطوط الفرامل، يكون للخلية وسلالتها مطلق الحرية في التكاثر بشكل سريع. وتتراكم المزيد من الطفرات، وهو الأمر الذي يسمح للخلايا السرطانية بأن تتملص من الضمانات الأخرى، وأن تغزو الأنسجة المجاورة وتنتشر. ولا يزال يُعتَمَد على تلك المبادئ الأساسية ( باعتبارها نموذج سائد ) في مجال الأبحاث التي تجرى على السرطان. لكن اكتشافات حديثة تسببت في تعقيد الصورة بتفاصيل جديدة متشابكة. وفي هذا السياق، نقلت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية عن دكتور بيير باولو باندولفي، أستاذ الطب وعلم الأمراض في كلية الطب بجامعة هارفارد، قوله :" لقد ركزنا اهتمامنا بصورة هاجسية على 2% فقط من الجينوم".
وفي الاجتماع السنوي للرابطة الأميركية لبحوث السرطان، الذي أقيم الربيع الماضي في أورلاندو، وصف باندولفي "بُعداً بيولوجياً جديداً" تشارك به الإشارات القادمة من كلا جانبي الجينوم في التوازن الدقيق بين السلوك الخليوي العادي وبين الخبث. ومن خلال تطلعهم لما هو أبعد من الجينوم، انتبه باحثو الأمراض السرطانية أيضاً إلى حقيقة أن حوالي 90 % من خلايا ترميز البروتينات بأجسادنا عبارة عن ميكروبات. وأننا نتطور معها في علاقة تكافلية، وهو ما أثار تساؤل حول هوية الجهة التي تسكن الأخرى. وقال جيرمي نيكولسون، رئيس قسم الكيمياء البيولوجية ورئيس قسم الجراحة والسرطان في امبريالي كوليدج بلندن " تزايدت أعدادنا بصورة كبيرة. ويمكن القول إن 99 % من الجينات الوظيفية بالجسم عبارة عن جراثيم".
وفي أورلاندو، تحدث نيكولسون وباحثون آخرون عن الطريقة التي قد تشارك من خلالها الجينات الموجودة في هذا الـ "مايكروبيوم" ( microbiome ) - وهي رسائل متبادلة مع الجينات بداخل الخلايا البشرية - في حدوث سرطانات القولون والمعدة والمريء وغيرهم من الأعضاء. وبحسب العقيدة المركزية لعلم الأحياء الجزيئي، فإن المعلومات التي يتم وضعها في شكل رموز بالحمض النووي للجينوم يتم نسخها بواسطة الحمض النووي الريبي (RNA)، ثم تُنقَل إلى هياكل تحت خلوية يطلق عليها ريبوسومات، حيث يتم استخدام التعليمات في تجميع البروتينات.
وباستتارها وراء الكواليس، سبق لقصاصات يطلق عليها " الأحماض النووية الريبية الدقيقة microRNAs" أن بدت بهيئة تقل قليلاً عن الضجيج الجزيئي. لكنها بدأت تظهر بأهمية متزايدة في النظريات التي تتناول مرض السرطان. وبارتباطه بالحمض النووي الريبي لأحد الجينات، يمكن للحمض النووي الريبي الدقيق أن يمنع وصول التعليمات لأهدافها، وقد يتمكن أيضاً من تعديل الإشارات بطرق أخرى.
وفي هذا السياق، أودرت الصحيفة عن أطباء قولهم إنهم يتوقعون في مدة أقصاها 20 عاماً أن يتم تعيين وفهم الدائرة الخاصة بإحدى الخلايا السرطانية تماماً كما هي الحال بالنسبة للترانزستورات المثبتة على رقاقة كمبيوتر، وهو ما سيجعل علم أحياء السرطان أشبه بالكيمياء أو الفيزياء - تلك العلوم التي تحكمها قواعد دقيقة ويمكن التنبؤ بها.
وعاود دكتور نيكولسون ليقول :" إن الإشارات التي تبعثها تلك الميكروبات معقدة بشكل كبير. فهي تبعث بإشارات أيضية لبعضها البعض - كما أنها ترسل باستمرار مواد كيميائية تقوم بتحفيز عملياتنا البيولوجية. وهذا أمر مدهش حقاً". وقالت الصحيفة إنه في الوقت الذي تتآمر فيه الخلايا المختلفة، فإنها ربما تقوم أيضاً بتداول للمعلومات مع خلايا متواجدة في عوالم أخرى، كالكائنات الدقيقة الموجودة في الفم، والجلد، والجهاز التنفسي، والجهاز البولي التناسلي، والمعدة، والجهاز الهضمي.
التعليقات
read it
nezar -hi