نمو الأطفال سؤال التطور الحضاري أم الرعاية الصحية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ان عملية النمو العقلي عند الأطفال ومراحل تكوين المعرفة والتي تنعكس من ثم في السلوك الاجتماعي لديهم، يرتبط بالعديد من العوامل منها ما له علاقة بالتركيبة البيولوجية والنمو الجسدي، ومنها ما له علاقة بالمحيط ومرتبط بالبيئة الاجتماعية والتفاعل مع الوسط الحضاري الذي يحيط بالأفراد .
_________________________________________________________________
يتكوّن المحيط المجتمعيمن جملة معقدّة من تقاطعات تربوية عديدة والطفل يتلقى منها جميعها ويتعلم ، بدءا من العائلة والأسرة، ثم المدرسة مرورا بوسائل الاعلام ، اضافة الى الاقارب والاصحاب والنوادي وغيرها من المؤسسات التربوية التي تؤثرفي تكوين القيم المجتمعية عنده .
فهل أطفال اليوم انضج مقارنة بأطفال الأمس وهل ساهم في ذلك التطور التكنولوجي والحضاري أم تزايد الرعاية الصحية وتطور الطب ؟ سؤال طرحناه على متخصصين في هذا المجال .
ففي حوارنا مع أخصائية طب الأطفال Dr. Rachel Prete راشيل بريتي في فلوريدا أشارت الى ان الرعاية الصحية السليمة بالأم الحامل من شأنها أن تنتج أطفالا أسوياء وبصحة جيدة وبالتالي فإن الرعاية الطبية تطورت بشكل هائل خلال العقود الأخيرة ما قلل من نسبة وفيات حديثي الولادة مشيرة إلى أن نسبة وفيات الأطفال الناجمة عن سوء الرعاية والتغذية تكاد تكون معدومة في الدول المتطورة وقالت : "من دون شك يحظى أطفال اليوم بعناية أفضل ورعاية صحية أجود من أطفال الأمس ما يجعل نموهم سليما " غير أنها نفت ان تكون أحجامهم أكبر لارتباط الطول بالعوامل الوراثية ولكنها أكدت أن العامل الوراثي لا يحقق كامل نموه ما لم تتوفر له تغذية سليمة والرعاية الطبية اللازمة كما أن النقص في بعض المكونات الغذائية من شأنه أن يحد من النمو العقلي والعصبي وتراجع الذكاء الذي بدوره يؤدي إلى التأخر الدراسي فيما بعد .
أما مسؤولة الخدمة الاجتماعية في مركز أورلاندو للصحة هازر سميث hather smith فترى أن الأفعال الحضارية والتطور المصاحب لها في مجتمع ما سوف تنعكس على كافة شرائح المجتمع وبالتأكيد على شريحة الأطفال ، فالنمو الحضاري المتسارع اليوم والانفتاح الذي تشهده البشرية أتاح للأطفال فرصة تواصل اكبر مع صور متنوعة من الحضارات وأشكال متعددة من القيم الاجتماعية، فنحن بسبب العولمة نجد نموا اجتماعيا أسرع عند الأطفال اليوم مقارنة مع الجيل السابق"
أما سوزان كريم أخصائية في علم النفس الاجتماعي فتلقي الضوء على دور وسائل الإعلام وتشير إلى أن وسائل الاتصال في عصر التقنية من شأنها أن توصل للطفل كمية هائلة من الصور ومن القيم في وقت قياسي ،فالفضائيات على سبيل المثال تقدم صورة نمطية عن الرجل وصورة اخرى عن المرأة،وصورة عن البطل ... ومن البديهي فإن الاطفال يتطلعون الى من هم اكبر منهم ويحاولون ان يتماهوا معهم ، هذا من جهة ومن جهة اخرى فإن الأطفال احيانا يرغبون في إعطاء قيمة لأنفسهم من خلال تقليدهم سلوك من هم اكبر منهم سنًّا،كما أن للأهل دورا احيانا في كيفية التعاطي مع ابنائهم ، فوجود طفل وحيد بشكل متواصل في مجتمع الراشدين سيؤدي بالتأكيد الى اكتسابه خبرات من هم اكبر منه سنًّا .
أما نيكولاس سيستارو أخصائي في الإرشاد النفسي والتربوي فيرى أن للانترنت تأثيرا كبيرا على نمو الأطفال والسلوك التربوي لاسيما لجهة اكتساب المعلومة وان أطفال اليوم في عمر السابعة يستطيعون عبر البحث في غوغل الوصول إلى المعلومات والصور التي يريدونها كما أنهم يتقنون اللعب الالكتروني والذي يتطلب مهارات عقلية عالية غير أن القلق ينصب حول المهارات الجسدية التي تتراجع لصالح المهارات الفكرية مشيرا إلى بعض السلبيات التي يسببها الجلوس الطويل أمام الأجهزة الالكترونية ومنها ضعف النظر وانحناء العمود الفقري والتهاب أوتار الأصابع الناجم عن تكرار الضغط والحركة نفسها لوقت طويل .
وبالعودة إلى العديد من الدراسات فانه لا يمكن الجزم بان أطفال اليوم هم أكبر سنا من سابقيهم خصوصًا من ناحية النمو الجسدي والعقلي ولكن من المؤكد ان النمو التربوي الاجتماعي يتسارع اليوم بتسارع وتيرة النمو الحضاري و التفاعلات الحاصلة المرافقة له.