مشاهدون: الفضائيات العربية غثاء كغثاء السيل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
اكدوا ان برامج بعضها تشيع ثقافة الابتذال
خالد طه من الدوحة: يتميز عصرنا الحالي بانه عصر السماوات المفتوحة والقرية الكونية الواحدة نتيجة اكتشاف تكنولوجيا الاتصال وما اعقبها من بث مباشر وقنوات فضائية تملا سماءنا الدنيا. بطبيعة الحال هناك من الفضائيات ماهو مفيد ونافع عن طريق تقديم الاعلام الهادف ومنها ما هو سخيف وتافه بل وغارق في السخافة وهو ما سماها البعض بالفضائحيات ومن الغريب جدا ان نجد قنوات عربية متنوعة تنطلق من بلدان عربية وعبر اقمار عربية مثل (عربسات ونايل سات ) وتحمل مضامين يستحي المرء ان يلتفت اليها مثل قنوات عرض الازياء والغناء الغث وما اكثرها وقنوات الافلام وقنوات التسلية وقنوات الرياضة وقنوات الاطفال وقنوات الاخبار والقنوات المتنوعة والقنوات الحكومية الموجهة.
بعض المراقبين توقعوا ان تسهم القنوات الفضائية العربية في رفع وتيرة الوعي ونشر المعرفة والثقافة وتقديم الاخبا رالصادقة واحترام عقلية المشاهد والانطلاق من اسر القنوات الحكومية الموجهة التي مكثت عقود طويلة تقوم بتنويم الراي العام العربي ولكن تاتي الرياح بما لا تشتهي السفن فكانت النتيجة عكس ما توقعه هذا الفريق فقامت دول عربية باطلاق قنواتها الارضية فضائيا بنفس السياسة الاخبارية والبرامجية فكان الاحجام من قبل المشاهد عن هذه القنوات هو الحل والارتماء في احضان القنوات الاخرى خاصة الاخبارية.
وكما يقول الدكتور احمد عبدالملك استاذ الاعلام في كتابه "الفضائيات" الصادر في عام 2000: في الوقت الذي توقعنا أن تسهم فيه الفضائيات العربية كسر قاعدة أحادية المعلومات والأخبار التي تتدفق في كل لحظة من دول العالم الصناعي إلى دول العالم الثالث ولكن شيئًا من ذلك لم يحدث على أرض الواقع، بل مع وجود الفضائيات العربية - باستثناء بعضها - فإن المراقب كان يأمل أن تتم معالجة هذا الخلل.
وعزا عبدالملك هذا الفشل من قبل الفضائيات العربية إلى أن الغرب الصناعي ما زال يحتكر الوكالات الإخبارية الأربع الكبرى لبث الأخبار العالمية، وما زال يحتكر مؤسستين أو ثلاثا للصورة الخبرية مع عدم وجود شبكة أخبار عربية فاعلة تمتلك مقومات النجاح لتزويد المحطات العربية بالأخبار المطلوبة، وعدم سرعة تحرك أطقم الشبكات العربية إلى مواقع الحدث، وإدهاش المشاهدين بدقة التغطية وآنيتها. وشدد عبدالملك على ان هناك حاجة ماسة لتواصل ثقافي عربي يرسخ دعائم الوحدة العربية التي نسعى إليها بعدما شهدنا ما آلت إليه دول أوروبا من توجه نحو الوحدة والاندماج.
ونظراً لأهمية هذا التواصل كان للفضائيات دور كبير في هذا التواصل، لها من نقاط القوة ما لا تملكها المحطات المحلية، حيث إن هذه الفضائيات تستطيع أن تلغي حواجز الرقابة وعرقلة وصول الكتاب أو المجلة إلى الأطراف الأخرى في العالم العربي، وتستطيع وبسهولة بناء ثقافة جيدة لدى المشاهد العربي وتعويضه عن فقدانه عادة القراءة، وشيوع الأمية الثقافية بين الجماهير العربية التي بهرها الإعلام الغربي والأغنية الراقصة ومباريات كرة القدم، ومما يسهل عملية البناء هذه من قبل الفضائيات وجود القواسم الثقافية المشتركة في الدول العربية. ولعل أهمها الجذور الموحدة للثقافة العربية، ووحدة اللغة بين الشعوب العربية، والمصادر المشتركة للحركة الثقافية. ولكن كثيراً من هذه الفضائيات فهمت هذا البناء في أضيق صورة واقتصرت في دورها هذا على مقابلات الفنانين والمطربين العرب دون غيرهم. وعلى مسابقات ثقافية ضحلة ساذجة ومكررة.
واليوم ومع ظهور الفضائيات العربية - الحكومية والأهلية - نجد لزاماً علينا إيجاد رأي عام ليس داخل الوطن العربي، بل في بقية دول العالم يرتكز على إبراز قضايانا العربية، وبصورة مقنعة وواضحة عبر إيصال المعلومة الخبرية بالصوت والصورة إلى الوكالات العالمية، وذلك من أجل مواجهة الانحياز الواضح لوكالات الأنباء العالمية ضد دول العالم الثالث، بهدف إيجاد توازن إخباري يحول دون نقل صور الكوارث والانقلابات من دول العالم الثالث، مقابل الصور الجميلة والحضارية من الدول الصناعية
يؤكد بعض جمهور القنوات الفضائية ممن التقتهم "إيلاف" بان القنوات المفيدة نادرة اذا ما قورنت بقنوات الابتذال يقول عبدالرحمن عبده انني اشعر بالخجل والحزن من بعض القنوات المنطلقة من بلاد العرب وما تحمله من برامج ساذجة وتافهة بل اصبحت مسرحا لرسائل الموبايل ( اس ام اس ) بين العشاق وهي كثر واستطرد قائلا/ استغرب حينما اقلب جهاز الريموت واجد شبابا يقومون بعمليات الشات ( الدردشة ) عبر القنوات الفضائية وبعضهم يطلق الفاظا غير مؤدبة اطلاقا وعلى الهواء مباشرة عبر الماسيجات وانا اقول لهؤلاء اذا بليتم فاستتروا واضاف : كذلك انني محتار لهذا الكم الهائل من القنوات الغنائية العربية التي تقدم اغاني هابطة (فيديو كلب) ليل نهار تخيلو في الحرب الاخيرة بين حزب الله واليهود كان اهالينا يموتون في لبنان ليل نهار وهذه القنوات مستمرة في اشاعة الاغاني الفاسدة والخنا والرقص والمجون دون حياء من الله او من اهالي الضحايا وتساءل اين خوف الله ؟ واختتم حديثة بتوجيه نداء للقائمين على امر تلك القنوات قائلا/ ايها القائمون على امر هذه القنوات قليلا من حياء..( قليلا من حياء فالشر في عنفوانه ) واتقوا الله في امتكم.
ويؤكد مراد محمود ان معظم القنوات الفضائية تقدم غزوا فكريا للشباب وتعمل على قتل الاوقات خاصة في رمضان حيث تتبارى في برامج غير مفيدة مشيرا الى ان قناة الجزيرة هي القناة العربية الوحيدة الهادفة. ويشير محمد حسون الى انه لا يتابع برامج الفضائيات برمتها ما عدا القنوات الرياضية ويلفت يوسف طه الى ان 70% من الفضائيات العربية غير هادفة فيما تقدمه و20% من تلك القنوات موجهة اعلاميا وتتمثل في القنوات الحكومية و10% تقدم برامج هادفة لمشاهديها وفي طليعتها الجزيرة ثم العربية كقنوات اخبارية ثم اقرا والشارقة والمجد كقنوات عامة.
ويرى نبيل شبيب إن مضمون بعض الفضائيات العربية المنشأ، الأجنبية اللغة، ضحلٌ بمختلف المقاييس، فحتى الجانب "الثقافي والفني" الذي يُعطى حيّزا أكبر من ساعات البث يقع الاختيار عليه بأذواق يستحيل أن تستهوي المُشاهد الغربي ليتابعه، ناهيك عن اتباع أسلوب الترجمة المكتوبة للحوار في "أفلام قديمة".واضاف على أنّ الضحالة ظاهرة أيضا على مستوى المضمون السياسي الإعلامي من ساعات البث، وهنا يغلب على اختيار الأخبار وصياغتها والتعليق - النادر - عليها حرص مكشوف على عدم المساس بقوّة بالمواقف الرسمية الغربية؛ وهو ما يثير التساؤل: ما الغرض من البث إذن؟ ما الفائدة من تكرار تلك المواقف تجاه المشاهد الغربي من "العامة" وبإخراج أضعف مما يتابعه هو نفسه في وسائل إعلامه؟.
أما القليل النادر الذي يبلغ مستوى "إنتاج إعلامي" فيخرج عن هذا الإطار تحت تأثير الأحداث أحيانا، كما هو الحال بعد اشتعال الأرض الفلسطينية بالإجرام الإسرائيلي، فيأتي بأسلوب لا ينطوي على "مداخل التأثير الوجدانية والمنطقية الفعالة" للوصول إلى المشاهد الغربي - هذا على افتراض متابعته لتلك الفضائيات - ولا يوجد شكّ في أنها لا تجد حتى الحدّ الأدنى من المتابعة، ناهيك عن نسبة مئوية ما تبرّر إنفاق ما يُنفق عليها من أموال وجهود.
وتقول فداء الجندي تابعت في إحدى الأمسيات بعض ما يشاهده الاطفال على شاشة التلفاز من أفلام الصور المتحركة. وكان الفيلم المعروض (على إحدى المحطات الفضائية) حلقة من سلسلة عنوانها (المكتشفون)، وقد أعيد بث السلسلة في عدة محطات أخرى، تتحدث بأسلوب بسيط قريب من أفهام وعقول الأطفال، وبطريقة مشوقة لطيفة، وبلغة عربية سليمة (بعد الدبلجة طبعًا)، عن أهم المخترعين والمكتشفين الذين ساهموا في تقدم الحضارة الإنسانية، وعن اكتشافاتهم واختراعاتهم؛ فأعجبني ذلك أشد الإعجاب، وسررت لما يقدمه التلفزيون لأولادي من معلومات مفيدة. غير أن إعجابي انقلب سخطًا، وسروري انقلب غمًّا، عندما لاحظت كيف يتم تشويه التاريخ، وكيف يقذف في رؤوس أبنائنا من الأكاذيب التاريخية ما ينفرهم من حضارتهم، ويبعدهم عن أمجاد تاريخهم، ويرسخ في أذهانهم أن أهل الغرب هم وحدهم أصحاب الحضارات والاكتشافات، وأن التاريخ العربي الإسلامي هو تاريخ التخلف والظلمات.