لقاء إيلاف

قائدة إيرانية: لن تكون المنطقة آمنة لو تعرضنا لهجوم أميركي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف تنشر حديث قائد "كتائب الاستشهاديين" في إيران:
لن تكون المنطقة آمنة لو تعرضنا لهجوم أميركي

احمد امين من طهران: اعلنت السيدة فروز رجائي فر، الحاصلة على شهادة البكالوريوس في هندسة المشتقات النفطية وطالبة الدكتوراه في العلوم السياسية، والقائد العام لاكثر من 50 الف "استشهادي" في ايران، انها ترفض تسمية "الاستشهاديين" بـ "الانتحاريين" والصاق تهمة الارهاب بهم، وقالت "لماذا حينما يقوم قائد طائرة حربية بقتل المدنيين نقول انه طيار حربي، ولكن حينما يقوم شخص، في حرب غير متكافئة، بتفجير نفسه وسط الاعداء ينعت بالارهابي".

وترى السيدة فروز في حديث تنشره "ايلاف" بالترتيب مع جريدة "الراي" الكويتية ان "على دول المنطقة الا تتوقع البقاء آمنة في ما اذا قدمت تسهيلات عسكرية، من معسكرات وقواعد، للقوات الاميركية لمهاجمة المنشآت النووية الايرانية"، واعلنت استعداد افرادها لضرب المصالح الاميركية في مختلف ارجاء العالم "اذا تعرضت ايران لهجوم اميركي". واكدت ان تعاونهم مع الفصائل الاسلامية في لبنان وفلسطين "ثقافي وسياسي"، موضحة ان القوى الاسلامية في هاتين الدولتين "ليست بحاجة للاستشهاديين الايرانيين، فلديها منهم الكثير".

وتعبر عن اعتقادها بان أي محاولة من اميركا لتطبيع العلاقات مع ايران واعادة افتتاح سفارة لها في طهران، انما تصب في المخطط الاميركي الدائم لاطاحة النظام الاسلامي، وهي تشعر بالفخر لكونها كانت من الطلبة الذين شاركوا في العام 1979 باحتلال السفارة الاميركية في طهران، وشددت انها على استعداد لاحتلال السفارة الاميركية متى ما تم افتتاحها مجددا في العاصمة الايرانية. وتتمنى ان تتمكن يوما من زف احد ابنائها الثلاثة للاستشهاد، لكنها لا تدري ان كانت ستنجح في هذه التجربة ام لا.

هذه القضايا وغيرها تحدثت بها فروز رجائي فر لمراسل "الراي"، في اطار حوار اجراه معها في مكتبها المتواضع، الذي هو عبارة عن قبو مستطيل الشكل لا تزيد مساحته على 20 مترا مربعا، كست جدارنه صور للامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله واستشهاديين فلسطينيين.

وفي ما يلي تفاصيل الحوار:

متى تأسس هذا المركز؟
في نوفمبر العام 2002، وقد قام خلال السنوات الاربع الماضية بتوسعة مهامه ونشاطاته مقارنة بالمهام التي اعلن عنها حين التأسيس. والذين ساهموا في تأسيسه كانوا من الفنانيين والكتاب، وعلى أي حال كانوا من مثقفي تيار "حزب الله"، التيار الذي يسمى حاليا بالتيار الاصولي، وكان هدفنا تكريس مبادىء الثورة والاهداف التي سعى الامام الخميني لتحقيقها.

واعترضنا في شدة ابان المجلس البلدي الاول لطهران، قبل اكثر من 4 سنوات، على قراره بتغيير اسم شارع الشهيد خالد الاسلامبولي، ومن المؤسف له ان المجلس البلدي الثاني اتخذ هو الاخر قرارا بتغيير اسم هذا الشارع، استجابة لشروط مصر باعادة العلاقات مع ايران، ونحن ومن اجل التعبير عن رفضنا للقرار قمنا بتأسيس هذا المركز.

ولتكريم شهداء النهضة الاسلامية العالمية، ونحن نعتبر الشهيد خالد الاسلامبولي احد روادها، اقمنا اعتصاما امام المجلس البلدي في طهران، ومن ثم احيينا ذكراه في مقبرة "بهشت زهرا" (جنة الزهراء) واقمنا نصبا تذكاريا له كما وزعنا شعارات تجليل وتكريم له في ارجاء العاصمة.

وبعد مضي فترة قصيرة، اقمنا احتفالا لمناسبة الذكرى السنوية لفتوى قتل المرتد سلمان رشدي، كما قمنا بترتيب حفل تكريمي للشهيد مصطفى مازح الذي كان عازما على اغتيال رشدي في بريطانيا.

من هو مصطفى مازح؟
انه شاب تونسي مؤمن لكن ملامحه كانت ملامحا غربية، وقد نجح في النفوذ الى الفندق نفسه الذي كان يقيم فيه رشدي، لكن انفجر حزامه الناسف على حاجز امني قبل ان يتمكن من الوصول الى هذا المرتد.

هل كان لمازح ارتباط معكم؟
كلا، كلا حينذاك سمعنا فقط عن محاولته، وكان الامر مثيرا للدهشة بالنسبة الينا، ان يقوم شاب تونسي بتنفيذ فتوى الاعدام التي اصدرها الامام الخميني.

منطلقات مركزكم كانت في اطار الانشطة الثقافية وتكريم ذكرى شهداء النهضة الاسلامية، لكنكم ما لبثتم ان تحولتم الى قضية الاستشهاديين؟
الذي اثار دهشتنا في اطار تكريمنا لشهداء النهضة الاسلامية العالمية، هو قيام بعض المناضلين، ولاسيما على الساحة الفلسطينية بتنفيذ عمليات استشهادية ضد الاسرائيليين، وبالنسبة الينا، فان هذا الامر كان رائعا جدا، وكنا ننظر لهذه العمليات بانها تمثل قمة الايمان والشجاعة والبسالة، اذ يقوم شباب فلسطينيون، صبايا وصبيان، بتنفيذ عمليات استشهادية، هدفها الحاق الاذى بالاعداء من خلال تقديم ارواحهم قرابين في هذا المسار.

ونحن حينما بدأنا بتكريم هؤلاء الاستشهاديين، لفت انتباهنا وجود رؤية خاطئة حيال هؤلاء على الصعيد الدولي، واعتبار عملياتهم ارهابية، لذلك قررنا توضيح الابعاد الحقيقية للعمليات الاستشهادية، ودراسة معطياتها وافرازاتها الاجتماعية والفقهية والسياسية وحتى العسكرية، وان نوجد نظرية خاصة بمثل هذه العمليات.

وهل كان لكم اتصال بذوي الاستشهاديين الفلسطينيين... هل قدمتم الدعم المالي لهم ام اكتفيتم بتكريم الشهداء؟
حينما بدأنا بدراسة هذه الظاهرة، وجدنا ان جذورها ترتبط بمقاومة الشعب الايراني خلال حرب الثماني سنوات مع المحتل البعثي، وقد انتقلت هذه الظاهرة من ايران الى لبنان، واستخدم المقاومون اللبنانيون هذا النمط من العمليات لتكبيد المحتل الصهيوني الخسائر الفادحة، ومن لبنان هاجرت ثقافة الاستشهاد الى فلسطين، واثبتت نجاحها في الاراضي المحتلة. ونجحنا بالفعل في اقامة علاقات ثقافية وسياسية بعوائل الاستشهاديين والمجموعات الجهادية.

هل تعتقدين ان من يقدم على تنفيذ عملية استشهادية بحاجة الى نظرياتكم الثقافية والسياسية، ام انه بحاجة الى دعم من شكل آخر؟
ان الحقيقة والحق بمثابة الشمس الساطعة التي تنير العالم، لكن يبقى هناك بعض الغيوم التي تحاول اخفاء هذه الحقيقة، وايجاد امواج زائفة تعمل على منع الرأي العام من ادراك الحقيقة، وان الافراد الاستشهاديين هم اكثر الشهداء مظلومية، فهم يمتازون بقمة الايمان والشجاعة، ومعظمهم اشخاص ناجحون في حياتهم، لكن البعض، وحتى مع الاسف في اوساط المسلمين، يصف عمليات هؤلاء بانها انتحارية، ويفتون بتحريمها، في حين ان هؤلاء ليسوا بالاشخاص الذين سئموا حياتهم او يقاسون من كآبة او هم اناس يائسون او انهم يعانون من مشاكل شخصية ووصلوا الى قناعة بضرورة وضع حد لحياتهم، او انهم افراد غير مؤمنين ويعتبرون الانتحار امرا مباحا، بل هم اناس مؤمنون وان ايمانهم يحتم عليهم عدم النظر لخطوتهم على اساس انها انتحار، ويعون جيدا انهم ملزمون في عالم الاخرة اعطاء جواب على مافعلوه. ثم انهم من الاشخاص الناجحين في حياتهم، مثل السيدة التي كانت محامية وعمرها 29 عاما، وتلك الام البالغة من العمر 22 عاما، وذلك الاب الذي ترك خلفه طفلين وضحى بحياته في سبيل وطنه وشعبه، كانوا جميعا ناجحين في حياتهم، ولديهم هدف سام.

هذه الحقائق نحن نعرفها، ارجو الرد على سؤالي، ما شكل دعمكم لهم؟
هؤلاء ذهبوا وضحوا بحياتهم، ولدينا مقولة انه في كربلاء الامام الحسين فعل امرا حسينيا، وان السيدة زينب (بنت علي بن ابي طالب) يجب ان تؤدي دورا زينبيا، هؤلاء ذهبوا ليستشهدوا، لكنهم ذهبوا مظلومين اذ يتم وصفهم بالارهابيين، وبعض المسلمين والغربيين يعتبر عملهم انتحارا، ومجموعة اخرى تمتلك رؤية اكثر تطرفا تصف عملياتهم بالارهاب، ونحن في الواقع رأينا ان الواجب يحتم علينا ان نوضح للعالم بان عمل هؤلاء ليس ارهابا، ويجب تعريف عملياتهم في اطار قوانين الحروب، والنزاع بين قوتين، النزاع غير المتكافىء، فهل يجوز في حال اختلال ميزان القوى ان نصف الطرف الضعيف الذي لا يمتلك السلاح الكافي بانه ارهابي؟ وهل يمكن ان ننزه الطيار الذي يقصف ويقتل الابرياء من صفة الارهاب ونزعم انه مجرد طيار حربي ادى ما هو ملقى على عاتقه؟

لذلك سعينا لشرح ابعاد هذا الموضوع وتبيين حقائقه، واعتقد اننا نجحنا الى حد كبير في هذا الامر الذي تحول الى مادة جيدة للبحث والدراسة في ايران، وتبدلت نظرة العديد من الايرانيين الذين كانوا يعتبرون هذه العمليات انها انتحارية، واخذت اعداد كبيرة من مواطنينا التعبير عن رغبتها في الوصول الى هذه الدرجة من الكمال الانساني من خلال تنفيذ عمليات استشهادية اثناء المواجهة مع العدو.

وهل تمتلكون فتاوى شرعية تبيح للافراد الاستشهاديين في مجموعاتكم قتل انفسهم؟
ان قتل النفس من دون دليل، ان كان الانسان يقدم على قتل نفسه او قتل آخرين، امر محرم ومن الذنوب الكبيرة، وكانك بقتل نفس واحدة انما تقتل الناس جميعا، لكن هذه القضية لا تنطبق على العمليات الاستشهادية، فهذه العمليات تأتي في اطار الدفاع، وانك تلجأ الى العمليات الاستشهادية حينما يكون بلدك محتلا. وفي بلد مثل فلسطين فان له خصوصياته، لكن افترض بلدا مثل ايران يكون على وشك التعرض لهجوم من قبل قوات اجنبية، فانه لدينا جيش وحرس ثوري وقدرات عسكرية يمكنها مواجهة أي هجوم محتمل والدفاع عن البلاد، لكن قد ينجح العدو قبل ان تستكمل هذه القوات استعدادها وتتهيء للرد، في احتلال مناطق في البلاد. لذلك ان العمليات الاستشهادية ترتبط بالاحتلال، ويصبح لزاما على الشخص ان يضحي بحياته لمواجهة المحتلين.

هل هناك فتاوى صريحة من مراجع التقليد؟
نعم اصدر آية الله فاضل لنكراني فتوى صريحة في هذا الجانب، وكذلك فعل آية الله نوري همداني، ثم ان الامام الخميني الذي اشاد بالشهيد فهميدة، وقال في حقه ان قائدنا هو ذلك الطفل ذي الـ 12 عاما (الفتى محمد حسين فهميدة فجر نفسه تحت دبابة عراقية ما تسبب في عرقلة دخول رتل من الدبابات الى مدينة خرمشهر مطلع الحرب العراقية - الايرانية 1980-1988)، فانما يعني بذلك انه يؤيد مثل هذه العمليات، ولا يعتبر ما اقدم عليه الشهيد فهميدة انتحارا.

فهميدة فجر نفسه مقابل عسكر، قوات عسكرية كلاسيكية بدأت باحتلال بلاده، لكن العمليات التي تحصل في فلسطين ودول اخرى يذهب ضحيتها على الاغلب مدنيون، اطفال ونساء وشيوخ، ليس لهم صلة بالنزاعات العسكرية؟
هذا الامر بيّن الشارع المقدس حدوده ومعالمه، ثم اننا اوضحنا انه يتم اللجوء للعمليات الاستشهادية في فترة الاحتلال ولمواجهة المحتل، وحينذاك كان المحتل العراقي تجاوز على بلادنا بمفرده، أي لم يأت الجندي العراقي مع افراد عائلته بل اتى مع دبابته، ولو اتى مع عائلته واستقروا في هويزة (مدينة حدودية في خوزستان) فما الذي كان على الشهيد فهميدة فعله؟ هل كان يجب ان يراعي حال عائلة المحتل العراقي؟ هل يختلف شأن المحتلين بعضهم عن البعض الاخر؟ فاذا كان هذا المحتل يشعر ان الخطر محدق به وبعائلته جراء تجاوزه على بلاد الغير فعليه الجلاء او اعادة عائلته الى وطنه، اما ما هو حكم الطرف الذي اصبح الدفاع واجبا عليه؟ وان حكم الاسلام ينص على انه اذا حاول العدو أو اللص الافادة من افراد عائلته كدروع بشرية اثناء مهاجمته لبيتك، فانك ولاجل الدفاع عن عرضك ومالك، ملزم بقتل عائلته ومن ثم التفرغ لمقاتلة اللص.

ولو كان اللص محتالا، ولم يأت بعائلته، بل اتخذ عائلتك، عائلة صاحب البيت، عائلة الفرد المسلم، درعا بشريا له، من اجل القيام بسرقة بيتك، فما الذي تفعله؟ هنا الشارع يجيز لك قتل افراد عائلتك فالجنة ستكون مثواهم، ففي حال كهذه غير جائز للانسان التخلي عن عنصر الدفاع، أي انك تذعن للاستسلام لان العدو اتخذ افراد عائلتك رهائن، ويقول الشارع لاضير في ان يتعرض افراد عائلتك للقتل خلال الصراع بين الاسلام والكفر، فان مثواهم هو الجنة، لانهم استشهدوا لاجل الاسلام واثناء الدفاع عن ارض الاسلام، وفي الوقت نفسه تم قتل المحتل أو اللص أو المتجاوز، وانك تكون اديت واجبك في الدفاع.

والدفاع هو واجب على كل مسلم، هو ليس حقا بل واجب شرعي، ومن الممكن اننا نظر للدفاع في اطار القوانين الدولية على اساس انه حق، اما في الاسلام فانه وظيفة وواجب الهي مقدس، ويجب على كل مسلم الدفاع عن أي بلد اسلامي يتعرض لغزو الاعداء، والاسلام لايعترف بالحدود القومية، وحدوده هو الامة الاسلامية وليس الشعوب، وفي خطابنا الفقهي لدينا مفهومان مفهوم دار الحرب ومفهوم دار الاسلام، وهذا الخطاب يؤكد اذا هاجم دار الحرب دار الاسلام فمن واجب المسلمين الدفاع عن دار الاسلام.

في العراق تحلل الجماعات المتطرفة قتل المدنيين خلال مواجهاتها مع المحتلين؟
الوضع في العراق مختلف، فاذا كان احد يريد مواجهة المحتلين، فليس عليه قتل ابناء وطنه.

انك تتحدثين عن جواز قتل افراد العائلة اثناء مواجهة المحتلين، هذا هو منطق المتطرفين و"القاعدة" في العراق؟
حسنا، انظر، في العراق توجد نزاعات طائفية، ويتم تفخيخ مساجد المسلمين، مساجد الشيعة حينا ومساجد السنة حينا آخر، والهدف من هذه العمليات هو تعميق الهوة بين الشيعة والسنة، وهي تنفذ بارادة خارجية هدفها اشعال فتيل الازمة الطائفية بين ابناء الشعب العراقي وجعلها ازمة مستديمة، وهذه الاحداث تختلف. ولكن لو كانت هناك ارادة للتصدي للقوات الاميركية وقتل احد جنودها، من دون وجود نية مسبقة لقتل عراقي، مهما كانت قوميته او طائفته، وقام المهاجم باستعمال اسلحة من شأنها ايقاع اكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف المحتلين، وتسبب هجومه في الوقت نفسه بمقتله ومقتل احد المواطنين، فان القضية تكون مشابهة لما اشرنا اليه آنفا. ومن المؤسف اننا لا نلمس هذه الحال في العراق، وقلما نسمع بان هدف الهجوم هو القوات الاميركية.

احد قادة "القاعدة" في العراق قال ايضا لا بأس بمقتل المدنيين، انهم يذهبون الى الجنة؟
المشكلة التي نعاني منها في العالم الاسلامي، وحركات التحرر الاسلامية، وقضية دفاع هذه الحركات بعضها عن بعض، هو انه تم ايجاد مجموعة مثل القاعدة والطالبان، وقرر لها ان يكون خطابها خطابا دينيا، وان تختفي خلف ستار الدين وتطرح انموذجا، ليس فقط مسلمو ايران اعربوا عن رفضهم له، بل ان مسلمي العالم اجمع اعلنوا عدم القبول به، لانه بعيد كل البعد عن النظرية الاسلامية، وانا اعترف ان بعض الشباب في بعض البلدان وجراء ضعف القادة السياسيين، اخذ يعتبر القاعدة انموذجا للنضال... واقتدوا وتأسوا وتعلقوا عاطفيا بها.

اما كيف كان واقع الامر؟ الواقع ان "القاعدة" لم تدخل في صلب القضايا التي تعتبر من مصاديق خدمة العالم الاسلامي، وانما ولجت في القضايا المثيرة للفتن، ومع ما لديهم من خطاب ديني فليس من المستبعد قيامهم بأي شيء مع ما لديهم من سلوكياتهم الخاصة في ظل الشعار الديني، لكن هذا ليس معيارا ان نتنازل نحن عن الحق (قتل المدنيين خلال المواجهة مع المحتلين) لكون انسانا باطلا يعلن هو الاخر تمسكه بهذا الحق للتمويه على باطله، وربما تنطق القاعدة بهذا الحق، لكنه ليس كلامها انما هو كلام الاسلام، وهم احيانا ينطقون بكلام الاسلام لكن فعالهم بعيدة كل البعد عن الاسلام.

ومن نماذج فعالهم المغايرة للدين، اثارة النزاعات الطائفية بين السنة والشيعة، والتدخل في قضايا لا تعنيهم، ومن خلال مطالعاتي لاحظت ان السيد الظواهري كان يعمل في افغانستان في اطار مواجهة الاحتلال الروسي، ومن ثم زعموا ان العدو الرئيس هو اميركا واعلنوا الحرب عليها، وحين ايقنوا انهم لم يستطيعوا تحقيق شيء، بدأوا مرحلة جديدة وهي مرحلة الحرب على الشيعة، وتأكيدهم على عدم السماح للشيعة بالحكم في العراق.

وفي الحقيقة ان هذا المسير تم تحديد خاتمته منذ البداية، وهو الانحراف عن الاسلام، واننا لو نظرنا لخريطة العالم الاسلامي لرأينا ان في العديد من البلدان هناك سنة وهناك شيعة، والطائفتان تعيشان جنبا الى جنب من دون مشاكل وحساسيات، ومن يحاول اثارة الفتنة بين الطائفتين انما يعمل في واقع الامر على مماهاة السياسات الاميركية في المنطقة، هذه السياسات التي تعتمد عنصر اثارة الفتن والنزاعات بين بلدان وشعوب المنطقة، في حين اننا بصفتنا فصيل فاعل في الجانب الجهادي نتطلع دوما للنهضة الاسلامية العالمية والوحدة بين السنة والشيعة.

انك تعتبرين ما تقوم به "القاعدة" من قتل للمدنيين عملا خاطئا، وما تقومون انتم به من قتل عملا مشروعا، لكم استنباطكم الفقهي ولهم استنباطهم؟ وكنموذج على فهمهم الديني، اسرد لك هذه القصة: وقف رجل من دولة عربية مجاورة للعراق في صبيحة احد ايام الصيف الماضي امام مرقد الامام علي بن ابي طالب في مدينة النجف وقد تزنر بمواد شديدة الانفجار وخاطب الامام بالقول: بعد لحظات سارسل شيعتك الى جهنم، فيما ساتناول انا الغداء على مائدة رسول الله، وقام بتفجير نفسه وقتل واصاب اكثر من 50 مواطنا. هو ايضا لديه رؤية دينية يعتقد بصوابها ويقتل نفسه من اجلها؟

ان القوى الحاكمة حاولت دائما استغلال الجهل في المجتمعات لتثبيت مواقعها والوصول لاهدافها، والا كيف يمكن تفسير اعتقاد مسلم ما بان النبي الاكرم سيستقبله اذا ما قتل مسلما آخر، انها الجهالة بعينها، ولو كان هذا الشخص مثقفا او قارئا للقرآن ويدرك ان الذين مع الرسول هم اشداء على الكفار رحماء بينهم، لما تجرأ وولج في قضية التفرقة بين السنة والشيعة، لان احكام القرآن تصدق على كل الازمنة، وفي الواقع ان ما يحصل هو استغلال اعداء الاسلام لبعض المسلمين ممن تتسم شخصيته بالبساطة وشحة المعرفة، والا فانك يجب ان تكون على ثقة بان ذلك الشاب ليس له أي ذنب حينما ينطق بما اشرت اليه، وانما هو لديه قائد قال له انك حينما تقتل الشيعة فان لك كذا من الاجر والثواب، في حين لو قرأ كتاب "ثم اهتديت" للسيد التونسي محمد التيجاني السماوي، وكيف انه انقلب الى المذهب الشيعي، لتبين له ان رؤيته للشيعة هي رؤية خاطئة.

لذلك يمكن القول ان بعضا من اسباب انتصار السلطويين يتحمل مسؤوليته اناس بسطاء حرموا من تحصيل المعرفة الدينية والثقافية الصحيحة، وهذا ليس بالامر المستغرب، اذ على مدار التاريخ تم استغلال الدين كاداة، وخلال فترة الثورة الاسلامية في ايران كان الشيوعيون يرددون شعار "الدين افيون الشعوب"، وكانوا يرون بام اعينهم الشعارات الدينية التي يرددها ابناء الشعب، لكنهم مع ذلك كانوا يصرون على اتهام الدين بانه افيون الشعوب، وانا لا اعرف أي افيون هذا الذي يدفع الفرد الى التضحية بحياته، والشيوعيون كانوا متمسكين بشعارهم لانهم عرفوا كيف انه تم استغلال الدين على مدى التاريخ.
والذي انوي تأكيده، ان استغلال الدين وجهل المجتمعات وابقاء هذه المجتمعات فقيرة ثقافيا، يكون من افرازاتها هو ذلك الفرد الذي تحدثت انت في شأنه، اما نحن فاننا مجموعة من المثقفين والكتاب والنخب الفكرية في التيار الاصولي، والجميع بعد مطالعاتهم الواسعة توصلوا الى نتيجة واحدة وهي ان الواجب الديني والسبيل الوحيد لمواجهة المحتل في حال اخفاق القوات المسلحة للبلد في مواجهة الالة العسكرية للمحتل، يحتم عليهم سلب الامان من الاعداء وجعلهم لا يذوقون طعم الراحة، ومما لا شك فيه لايوجد ضمير حي في العالم يرفض فكرة الدفاع.

وهل النتائج التي توصلتم اليها تتحرك في اطار الارض الايرانية، ام في كل ارجاء العالم الاسلامي، باعتبار ان المسلمين امة واحدة؟
لدينا امر مستعص يتعلق بهذه القضية، فمن جانب يجب حصول وحدة في العالم الاسلامي وان يتبلور اعتقاد بان مشكلة جاري المسلم هي مشكلتي انا ايضا، اذا جاع فانا يجب ان اشعر بجوعه واذا كان الموضوع جهل وامية فالواجب يحتم عليّ اخراجه من واقعه المظلم، أي يجب ان احب له ما احب لنفسي واكره له ما اكره لنفسي، وهذه هي تعاليم الدين، والاسلام ل ايؤمن بالحدود، لكن متطلبات العصر الحاضر استحدثت بعض القضايا ورسمت بعض الخطوط التي قسمت البلاد الاسلامية الى بلدان، وقامت بتعريف ما يصطلح عليه بداخل وخارج الحدود، ونحن ل انتدخل في شؤون بلد آخر ولا نعتبر ذلك من مهامنا وواجباتنا، وذلك لكون هذه المعادلة هي السائدة.

وانظر الى الاسلام، ففي بعض المنعطفات وحينما كانت احداث ما تسود العالم، اضطر ومن اجل العبور من تلك المنعطفات القبول ببعض الامور، وهذا القبول لم يكن حينذاك على صعيد تعديل متبنياته الفكرية وجعله ضمن اسسه وثوابته الفكرية، بل هو قبول تكتيكي مرحلي لمواجهة الاحداث، ثم ما لبث الاسلام وبعد ان وضع تلك المنعطفات التاريخية خلفه الى الغاء الامور التي قبل بها، وان القضية التي نتحدث في شأنها شبيهة بهذا الامر.

اما الان وبعد مؤتمر يالطا والاحداث التي اعقبت ذلك وما تم في اطار ترسيم الحدود، فان الاسلام غير متمسك بالاخلال بالتطورات العالمية الحاصلة، وتعريض نفسه لتهمة التدخل في شؤون البلدان المختلفة. لكن هناك قضايا تتعلق بالعالم الاسلامي، فعلى سبيل المثال ان الديموقراطية الغربية وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي واضمحلال الايديولوجية الماركسية، اتت لتعرف الاسلام عدوا لها، ونحن لا يمكننا في اطار معتقداتنا الفكرية والايديولوجية، التزام السكوت وعدم الدخول في نزاع مع النظام الفكري الغربي، بل يجب علينا مواجهة هذا النظام، ولا حدود للمواجهة.

واضح من كلامك، ان كتائبكم الاستشهادية ما زالت حتى الساعة هي لاغراض دعائية اكثر من ان تكون عملية؟
هذا صحيح، لكننا نعتقد بان الانجاز الذي حققناه على صعيد تشكيل هذه المجموعات واستقطاب الاعداد الكبيرة من الاستشهاديين واقامة الدورات التوعوية لهم، يعتبر بحد ذاته مستوى من الانجاز، وربما لم نحقق عملا استشهاديا، الا اننا تجاوزنا مرحلة الانطلاق، وحققنا اهمية وجود الاستشهاديين في ايران لاجل الدفاع عن ايران، ووضعهم على اهبة الاستعداد لمواجهة أي تطور يحصل في المنطقة. وقبل ذلك بدأنا مرحلة الاستقطاب وتسجيل اسماء المتطوعين. واليوم اذا طلب النظام الاسلامي منا على سبيل المثال ارسال 500 استشهادي الى فلسطين، فاننا قادرون على ارسال هذا العدد، ولسنا بحاجة لان نبدأ من الصفر.
ولاشك بانه لا يوجد وجدان حي أو ثقافة او فطرة نقية في العالم ترفض مبدأ ان نكون على استعداد دائم للدفاع والذود عن وطننا، وهذا الدفاع قد بدأ بالفعل، وان نجاحنا في ايجاد الكتائب الاستشهادية في العاصمة طهران هو بحد ذاته يعتبر نوعا من انواع الدفاع المبكر والقوة الرادعة.

ارجو ان تتحدثي لنا عن الانطلاقة الاولى لتسجيل اسماء المتطوعين للعمليات الاستشهادية؟
الى جانب النشاط الاعلامي الذي انجزناه على صعيد العمل الاستشهادي، وشرح ايديولوجياته وسياساته بمختلف ابعادها، فان الظروف دفعتنا بالاتجاه الذي قررنا على اثره ايجاد كتائب استشهادية. اما ما هي تلك الظروف؟ اذا تتذكرون انه وبعد سنة على احتلال العراق، وبالتحديد في ابريل العام 2004 قامت القوات الاميركية باحتلال مدينتي النجف وكربلاء المقدستين، وتعرضت قبة الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) للقصف، وخضعت المدينتان لظروف صعبة للغاية آنذاك، وكنا نرغب بعكس غضب الشعب الايراني ازاء ما يحصل في المدينتين، وفي المرحلة الاولى اتسم هذا النشاط بالطابع الاعلامي، وكنا ومن اجل التضامن مع الشعب العراقي والدفاع عن مقدساتنا، بصدد اعلان الدفاع عن الاماكن المقدسة، وبهذه النوايا بدأنا بتسجيل اسماء القوى الشعبية مع الاعلان عن مدى استعداد هذه القوى للدفاع عن كربلاء والنجف. وقد لاقت عمليات التسجيل اقبالا منقطع النظير فاق توقعاتنا، ولاحظنا وجود مثل هذا التوجه في مجتمعنا الا ان احدا لم يكن اولى له اهتماما، وهذا امر طبيعي بالنسبة الى شعبنا، فهو على مدار الساعة ما يكف عن ذكر الامام الحسين او الامام علي، وان اروع صور العاطفة تتجلى في مجالس الامامين علي والحسين، لذلك كيف يمكن لهذا الشعب ان يكون غير مباليا بما يحصل لهذين الامامين بزعم ان هذه القضية هي شأن داخلي عراقي. وقد بدأنا بتسجيل اسماء المتطوعين، ولفت انتباهنا ان القضية التي ننظر اليها في العراق كان شعبنا سبقنا في النظر اليها الى جانب اهتمامه بما يجري في الاراضي الفلسطينية، لذلك قمنا باعداد استمارات تضمنت ثلاثة خيارات، الاول "هل ترغب بالدفاع عن الاماكن المقدسة في العراق"؟ الثاني "هل ترغب بالدفاع عن الاراضي الفلسطينية المغتصبة"؟ والثالث "هل ترغب بتنفيذ فتوى اعدام سلمان رشدي"؟ ولاحظنا ان اكثر من 90 في المئة من الذين تطوعوا لتسجيل اسمائهم اختاروا الخيارات الثلاثة، وطبعا بما اننا كنا ننظر لانفسنا على اساس اننا مركز ثقافي، لذلك لم يكن على بالنا ان نخوض في قضية ارسال استشهاديين، لكن بما ان مسألة الدفاع ليست بحاجة الى ترخيص من الحاكم الشرعي، فان من المحتمل ان يكون هناك افراد يرون في انفسهم الاستعداد اللازم ويبادرون الى تنفيذ العمليات الدفاعية، لكن هذه القضية لم تتحقق في شكل رسمي.

هل تعنين ان اي استشهادي لم يذهب الى العراق لاداء هذا التكليف الشرعي؟
نعرف بعض الاشخاص، لكن هذا الموضوع لا يستحق الحديث عنه كقضية تنطوي على خطوة موثقة او رسمية، وليس باستطاعتي الخوض في هذا الشأن.

لكنك قلت ان الامر يعتبر تكليفا دينيا ليس بحاجة الى موافقة الحاكم الشرعي، الم يجدر بافرادكم الذهاب الى العراق؟

هذا الامر يرتبط بالمتطوعين انفسهم، ونحن بصفتنا مجموعة او رابطة ليس لنا أي صلة بهم اذا ما كانوا ذهبوا او لم يذهبوا، وليس في اجندة التطوع الخاصة بنا برنامج رسمي ينص على اننا ملزمون بالتخطيط لكيفية دخولهم وخروجهم او تنفيذهم للعمليات، ونحن نفضل التركيز على انشطتنا وقد قمنا حتى الان بتسجيل اسماء مايربو على الـ 56 الف متطوع في العاصمة طهران، ولم نوفق في توسعة نشاطنا ليشمل بقية المحافظات لقلة عددنا في المركز، ولحساسية القضية ايضا اذ لم نكن نرغب بفقدان السيطرة على الامر وحصول ربما حالة من الفلتان، ما يعني التسبب بمشاكل للنظام الاسلامي، وقد نجحنا في تشكيل 5 كتائب من الاستشهاديين الذين تلقوا دورات توعوية، وهذه الكتائب على جهوزية تامة.

ما هي ماهية التدريبات العسكرية التي يتلقاها الاستشهاديون؟
سؤالكم ليس صحيحا، فالعمليات الاستشهادية لا تحتاج الى تدريبات عسكرية، وان اكثر افرادنا ادوا خدمة العلم وتلقوا التدريبات العسكرية الكافية، وبعضهم من قادة الحرب وعسكريين متقاعدين وباسيج، ولدى هؤلاء انفسهم الاستعداد اذا لزم الامر ادخال رفاقهم في دورات تدريبية، واننا في المركز لم نخض في هذا المجال ايضا، لان العمليات الاستشهادية ليست بحاجة الى معرفة عسكرية وتدريبات كلاسيكية، فالاستشهادية الفلسطينية التي هي ام لطفلين كانت في ظل الاوضاع الفلسطينية الراهنة تعيش في اطار محدود ولم تتلق دروسا عسكرية، في حين ان معظم الاستشهاديين الايرانيين ادوا خدمة العلم وبامكان كل واحد منهم اعطاء دورة في القضايا العسكرية حتى وان كانت على مستوى بسيط، لكن مع ذلك لا توجد حاجة لمثل هذا الامر، وللعمليات الاستشهادية افراد خاصون يطلق عليهم صفة المهندس، هم الذين يخططون للعملية، وكان الشهيد يحيى عياش من وجهة النظر الاسرائيلية والغربية، مهندسا للعمليات الاستشهادية في الاراضي الفلسطينية، وقد الفوا كتابا حوله اسموه "صيد المهندس"، ذكروا فيه كيف انهم كانوا يطاردونه على مدى 10 سنوات حتى تمكنوا من اغتياله، ومهمة هؤلاء المهندسين التخطيط للعمليات الاستشهادية، وبامكان أي فرد يفتقر للمعرفة العسكرية تنفيذها بيسر.

لكن العمليات الاستشهادية مختلفة الانماط، وبعضها بحاجة الى تدريب مسبق، كتلك التي يقوم الشخص خلالها بالتزنر باحزمة ناسفة موصولة باسلاك ترتبط بصاعق وزر للتفجير؟
كل هذه الامور يقوم بها مهندس العملية، وما على الاستشهادي سوى ضغط الزر. والاهم من التدريبات العسكرية هو الاعداد النفسي واستعداد الشخص لتنفيذ العملية الاستشهادية، أي ان هذا الشخص يجب ان يعرف بانه في صدد تنفيذ عملية انفرادية لاعودة فيها ولا مجال لتقديم الاسناد له وليس هناك من يدافع عنه، واذا تصادم مع قوى الامن ولم ينجح في تأدية مهمته فانه يجب ان يسوي مشاكله بنفسه ويحرص على عدم الايقاع برفاقه، أي يجب ان يكون لديه الاستعداد النفسي والروحي التام، الى جانب الفطنة والاستعداد الذهني حتى يتمكن من تنفيذ المهام المناطة به، وقبل الاستعداد النفسي يجب ان يتحلى باعتقاد ديني قوي، فهذا الانسان الذي يحيا للدنيا يجب عليه مادام حيا ان يعمل بمهامه الدنيوية في شكل صحيح، فان كان كاسبا فعليه ان يكون مخلصا في تحصيل رزقه وان كان طالبا يجب ان يجتهد في تحصيل العلم، وان كان ربة بيت فعليها ان تؤدي مهامها المنزلية في شكل صحيح، أي انك يجب توجيه هذا الانسان الحريص على اداء واجباته الدنيوية في شكل صحيح، نحو الانفصال في الوقت المناسب عن الدنيا والانطلاق نحو الاخرة.

هل تعتقدين ان العمليات الاستشهادية تتناسب مع المرأة والفتاة، بكل مالديها من عاطفة ونعومة؟
ولم لا، خصوصا ان مهام مثل هذه تتسم بالعاطفة الجياشة، فالفتاة الاستشهادية عاطفتها تتجاوز نطاق عائلتها لتستوعب اهل حيّها أو مدينتها او شعبها وليس فقط التفكير بعائلتها وذويها، وانها تصل الى درجة من الايثار لتنفصل عن روابط الدرجة الاولى، أي العائلة، ولترتبط بواقع اوسع هو واقع الشعب والامة، وكما تعرفون ان الدفاع هو واجب على كل امرأة ورجل، ولاتجد في القرآن أي استثناء للمرأة في القضايا الدينية، فمثلا لم يستثني الله المرأة من الصوم لكونها تعبة مثلا أو ضعيفة، او ان لا تحج ويذهب الرجال فقط لاداء هذه الفريضة لكونهم اشد تحملا، وقد اوجب الله الدفاع على المرأة مع ماتمتاز به من عاطفة، وربما تكره المرأة القتال، لكن قد يكون هذا القتال في نفعها، عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم، واذا لم تقتل المرأة او تقتل فلربما تتعرض شخصيتها لاهانة كبيرة ويتم المساس بكرامتها وناموسها، لذلك لايجب على المرأة ولاجل عدم خوض ساحات الوغى، ان تتحمل كل الاخطار المحيقة بها.

مجتمعاتنا تتسم بسيطرة الرجل، هل تعتقدين ان افرادكم على استعداد لتنفيذ عمليات استشهادية بامر مباشر منك، وهل ينصاعون لك؟
انا لست معنية باعطاء الاوامر، اذ ذكرت لكم باننا في قضايانا الفقهية لدينا مفردة عنوانها الضروريات، وحينما تتحقق الضروريات فان الفقيه يحدد معالم الحكم الشرعي، وان تشخيص مصاديق الامر الضروري يبقى على عهدة المقلد، وليس هناك حاجة ليرجع للفقيه ويسأل منه عن قصده، فالفقيه يقول اذا هاجمك عدو فما عليك سوى الدفاع عن نفسك، وربما هنا يأتي جار له وقد اخذ السكر منه مأخذا ويحاول الاعتداء عليه، وهنا يسأل المقلد من الفقيه، هل انت تقصد بالعدو جاري هذا ام على سبيل المثال العدو العراقي أو العدو الاسرائيلي؟ هنا الفقيه غير معني والمقلد هو شخصيا يجب ان يكون قادرا على تشخيص عدوه.

اما في شأن قضية سيطرة الرجل في مجتمعاتنا والتي هي سمة واضحة حتى في بعض المجتمعات الغربية، فاننا هنا وخلال السنوات الاربع الماضية، فان معظم الاصدقاء الذين يعملون معي هم الذين اقترحوا ان اترأس انا هذه المجموعة، وان المسؤولين الحكوميين الذين ارتبطوا معنا بصفتهم الشخصية رحبوا جميعا بهذا الاختيار، والسبب في ذلك انه لا فرق بين الرجل والمرأة في النشاطات الاجتماعية، وانا في المنزل ملزمة اطاعة زوجي نظرا للنظام الذي وضعه الاسلام للعائلة، وحينما نتشارك في نشاط اجتماعي فانني اتباحث معك، وان من يتحدث بشكل صحيح ووفقا لمبادىء واسس الدين فهو المؤهل للقيادة، ولا فرق ان كان رجلا ان امرأة.

ونحن في هذه المجموعة نريد ان نعرض للعالم صورة اخرى من صور الاسلام، ان نبين قدرة المرأة حتى على ادارة مثل هذه المجموعات، وقبول الرجال بهذا الواقع، وان اكثر الافراد الذين اتحدث معهم هم من قوى "حزب الله" في المجتمع، وعملت محررة في العديد من الصحف والى جانب افراد من التيار الاصولي وآخرين يعتبرون من المتطرفين في تيار "حزب الله" وهم يمتلكون رؤية متفتحة، ولم ار ان احدهم يعترض على عملي لكوني امرأة وانهم من الرجال.

معظم ما تحدثتي به هو في اطار التيار الاصولي، اهذا يعني ان الاصلاحيين لايشاطرونكم النمط الفكري نفسه، أي الفكر الاستشهادي؟

اسأل منهم انفسهم، لكن اعتقد انهم سيقبلون بالخطوط العامة لهذا الفكر اذا نظروا اليه بعين الحقيقة والواقع، لان الكثير من الاصلاحيين كانوا في السابق من اشد المريدين للامام الخميني، واذا نظروا لفقه الامام فان قضايا الدفاع تم شرحها بوضوح في هذا الفقه، وقد تحدثت لكم عن كلامه في شأن الشهيد فهميدة، واعتقد انهم حينذاك سوف لن يتعاملوا مع الموضوع باللامبالات، الا اذا كانوا اختاروا مدارس فكرية اخرى، وحصلت هوة بينهم وبين مدرسة الامام.

اذا تعرضت المنشآت النووية لايران لهجوم اميركي او اسرائيلي، هل ستبادرون الى اطلاق عملياتكم الاستشهادية؟
النظام الاسلامي ومن خلال المناورات الاخيرة بيّن انه يمتلك القدرة الكافية للدفاع عن مراكزنا النووية.

القائد الاعلى آية الله علي خامنئي اكد ان مصالح اميركا في العالم ستتعرض للخطر في حال مهاجمة ايران، هل سيكون لكم دور في خارج حدود بلادكم؟
تصريحاته هذه جعلت ايادينا مفتوحة لدراسة مثل هذه الخطوات، واعتقد ان اسرائيل لا يمكن ان تبادر الى ارتكاب أي حماقة ضدنا، وان الرئيس محمود احمدي نجاد قال اخيرا الوقت في مصلحتنا، وهذا ينطوي على مدلولات كبيرة.

ارتداء الاستشهاديين للقناع، هل هو لاسباب امنية ام تقليد للحالة الفلسطينية؟
الفلسطينيون يرتدون اللقناع كي لا تتعرف عليهم اجهزة الامن الاسرائيلية، واليوم ان اجهزة التجسس اصبح بمقدورها تصوير ما في الشارع، ولاجل اعطاء دليل على اننا لسنا منظمة ارهابية سمحت لك بالتقاط الصور، وانني لا اخفي وجهي عن الات التصوير ولا ارتدي القناع لانني اريد ان ابين للعالم باننا نتحدث عن ثقافة دينية عميقة نؤمن بها ونتمسك بها، ولذلك فاننا نرى في الموت سعادة والشهادة امنية لنا، اما بالنسبة للمتطوعين فانه لا يوجد مبرر للكشف عن وجوههم اثناء الاستعراضات، مع الحضور الواسع للمراسلين الاجانب، لكنني بصفتي قائدا للمجموعة اضافة الى المتحدثين عن هذه الكتائب، قرأنا جميعا فاتحتنا، ولكن هذا لايعني ان نعرض رفاقنا الاخرين لمخاطر امنية.

الا تعتقدين ان الازياء التي يرتديها الاستشهاديون، والمواد المنفجرة التي يربطونها على اجسادهم، تجعل العالم يأخذ صورة سيئة عن ايران وانطباعا بانها ترعى الارهاب، في ظرف يواجه النظام الاسلامي ضغوطا من مختلف الاطراف؟
نحن لم نتخذ أي خطوة مغايرة للسياسة الخارجية للنظام، والفت انتباهكم الى ان الجميع لا يمكنهم تقديم الدعم وفي شكل ومستوى واحد للنظام، ومن الممكن ان يخدم بعضنا النظام من خلال توجيه الانتقاد لمسؤول حكومي، وآخر من خلال تأييده لمشروع حكومي، وهذا الامر مرهون بقراءة الجهة نفسها للسبيل المناسب لدعم النظام، وقراءتنا لهذا الدعم هو ان تكون لدينا نظرة بعيدة المدى، وعلى أي حال فاننا قمنا بايجاد هذه الرابطة وادارتها بالشكل الذي لم نتلق حتى الان تقريرا يتحدث عن قيام أي فرد من افرادها بما من شأنه المساس بامن للنظام أو التأثيرعلى سياساته العامة. واذا كان البعض يعتقد باننا نشكل تهديدا للنظام فعليه تقديم الادلة الكافية، نحن نفكر بامن النظام على الصعيد الدولي، وكما اشرت سلفا نحن نعمل كقوة ردع، قوة ردع لمصلحة النظام.

وكما ترون اننا وفي اطار انشطتنا النووية ولاجل بناء الثقة قمنا بتعليق هذه الانشطة التي هي من حقنا، ولم يتحقق أي تقدم في الموضوع لذلك اصبحنا ملزمين على استئناف انشطتنا واعلنا استعدادنا للمفاوضات لكننا في الوقت الحاضر اتبعنا مسارا آخر، ونحن نعتبر انفسنا ايضا مسارا آخر، فاذا اخفقت السياسات السلمية لايران في المنطقة، فاننا نعتبر ان الاستعداد هو حق لنا، واعتقد هذا بحد ذاته يعتبر دعما للنظام.

واذا استشرفت التاريخ المعاصر للمنطقة سترى ان ايران لم تبادر مطلقا للاعتداء على أي من جيرانها، بل احيانا قبلت المناقشة حول حقوقها المسلمة لكي تقنع الاخرين باحقية هذه الحقوق، وان الانشطة النووية وبعض القضايا الحدودية انموذج على ذلك، لكن بعض الدول الصغيرة في المنطقة وقفت في شكل كامل الى جانب صدام (حسين) حين قام بمهاجمة ايران، وان الهجوم نفسه الذي كان في بال صدام كان في بال هذه الدول، بيد انها ولصغرها لم تكن قادرة على التحرش بايران، فقامت بتقديم الغذاء للذئب الذي بدأ ينهش بالشعب الايراني، الا ان ايران وبسعة صدرها لم تنظر الى ما فعلوه.

القواعد الاميركية منتشرة في هذه الدول التي تصفينها بالصغيرة، هل سترسلون الاستشهاديين اليها في حال اقدمت اميركا على توجيه ضربة عسكرية لايران؟

اذا كانت معسكرات هذه الدول منطلقا للقوات الاميركية المهاجمة، فلم يتوقعون ان ينعمون هم بالامن فيما نحرم نحن منه، واذا قدم البعض قاعدة او معسكرا لاميركا للافادة منه في توجيه ضربة لايران فهل من المنطقي ان يتوقع التنعم بالامن؟

هل لكم علاقات مع الفصائل والقوى الاسلامية في فلسطين او لبنان أو العراق؟
الاوضاع في العراق، ونظرا للامور الغامضة التي تلف القوى المقاومة هناك، ليست واضحة تماما لدينا، لذلك لم نخض في قضايا هذا البلد، ولدينا حساسية وعلاقة خاصة بالعراق لكن بما انه ليس لدينا تصورات واضحة فاننا فضلنا عدم الخوض في قضاياه.

لكن "حزب الدعوة" و"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق" كانا لسنوات مديدة في ايران؟
لا بد انكم تعرفون انه توجد مشاكل حتى بين هذين الفصيلين الكبيرين والاصيلين العراقيين، ونظرا لكون تخصصي هو في العلوم السياسية وقضايا الشرق الاوسط، فانه لا يمكنني من خلال النظر لاوضاع العراق، ان احكم على احد الفصيلين بانه على حق والاخر على باطل، وان قضية تشكيل الحكومة العراقية والمشاكل التي حصلت بين القوميات والطوائف جعلت الاوضاع في هذا البلد حساسة ومعقدة، ولهذا السبب لم نلج في قضايا العراق، اما بالنسبة للقضية الفلسطينية فان الصراع فيها يتسم بالوضوح التام، لذلك ان واجبنا واضح ولنا علاقات ثقافية وسياسية وعاطفية وشخصية مع الفصائل الاسلامية.

والدعم المالي؟
نحن لا نمتلك قدرات مالية كبيرة، فنحن تشكل شعبي نكون حققنا انجازا مهما في ما اذا استطعنا توفير حاجاتنا المالية، لكننا في قضية اعادة اعمار لبنان نجحنا في جمع الاموال لهذا الغرض، وقمنا بافتتاح سوق خيرية بعنا فيها منتجات ثقافية لـ "حزب الله"، وقام المواطنون بشراء قمصان ومواد اخرى عليها شعار "حزب الله" بهدف تقديم الدعم للبنان، وقمنا بجمع هذه الاموال لتسليمها الى مكتب حزب الله، وهذا الامر نعتبره واجب علينا.

هل اعلنتم استعدادكم لارسال عناصر لحزب الله او للفصائل الاسلامية في فلسطين؟
اعلنا استعدادنا لارسال عناصر انسانية للمساعدة في تقديم الخدمات.

اعني عناصر استشهادية؟
كلا، نحن لانخوض في شكل رسمي في قضية الاستشهاديين.

الم تفاتحونهم بالامر؟
كلا، ليس في علاقاتنا مع تلك الفصائل مجال لبحث قضايا الاستشهاديين، وانما نحن نناقش قضية اقامة علاقات متينة على صعد أخرى، وهم في الواقع ليسوا بحاجة الى افرادنا، وهذا الامر يجب ان تنتبهوا له، ففي فلسطين يوجد الكثير من الاشخاص المستعدين للتضحية بانفسهم، وفي العراق والمناطق الاخرى كذلك، وانهم يعولون كثيرا على تأييدنا لهم.

علاقاتكم بالحرس الثوري؟
لا علاقة لنا.

البعض يعتقد ان القوارب السريعة وبعض الطائرات الصغيرة التي يمتلكها الحرس الثوري، مخصصة للعمليات الاستشهادية، هل هذا يعني ان لاصلة لكم بهذا الامر؟

اذا كان الحرس الثوري يضم في صفوفه استشهاديين فهذا امر صائب، وواجبه يحتم عليه وجود مثل هذه المجموعات لديه، واذا كان قام باعداد مثل هذه القوات فخير ما فعل. وفي سنوات الحرب كانت ايران تتحدث عن القوارب السريعة الا ان هذا الموضوع لم يتعرض للنقاش الموسع، ونحن لدينا كتيبة للاستشهاديين باسم الشهيد نادر مهدوي، وهو من الاستشهاديين ومن مدينة بوشهر، ونحن نشعر بالفخر لكوننا وضعنا اسمه على هذه الكتيبة.

وبكل تأكيد لا توجد لدينا علاقات ادارية أو سياسية او مالية او أي نوع من العلاقات التي يمكنك ان تتصورها مع الحرس الثوري أو مع أي جهاز حكومي، ولذلك تمكنا من مواصلة انشطتنا في شكل مستقل رغم التغيير الحاصل في الحكومة، ولم يحصل أي تغيير في خطابنا وبرامجنا التنفيذية او المهام التي في اجندتنا، وهذا الامر دليل على استقلاليتنا.

جيرانكم في منطقة الخليج يخشون من تنامي القدرة العسكرية والنووية لايران؟
ما استطيع ان اقوله لهم، انكم في الوقت الذي ما كان عليكم ان تظلموا ايران قمتم بارتكاب الظلم في حقها، وهي لم تعتد على احد، وحتى حينما قام صدام بغزو الكويت، يمكن القول ان ايران كانت الدولة الوحيدة في المنطقة التي مارست ضبط النفس ولم تتخذ أي موقف مساند لصدام، في حين ان العديد من الاصدقاء العرب لصدام وقفوا الى جانبه واعلنوا تأييدهم له وانحازوا الى جبهته، ونحن طالما تعاطينا بوعي وانتباه مع الاحداث، ونعتقد ان عدونا الاساس هو اميركا.
اما على الصعيد الدولي فاننا نؤكد بان العالم الاسلامي يحظى باهتمامنا، ولم يبدر لا عن الشعب ولا عن النظام أي حركة تجعل الاخرين يشعرون بالخطر من جانب ايران، وان ما نطرحه هو موضوع الاخوة ووحدة المجتمعات الاسلامية ووحدة السنة والشيعة، وموضوع ان العالم الاسلامي يقف اليوم امام فتنة عالمية، واننا نستطيع دفع هذه الفتنة فقط من خلال الاتحاد في ما بيننا.

اما بالنسبة الى حصول ايران على الطاقة النووية، فان هذا الام

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف