لقاء إيلاف

مصباح: للمخ افرازات كيمياوية لتقوية الحب

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

حوار مع د. عبد الهادي مصباح أستاذ المناعة والتحاليل الطبية وزميل الأكاديمية الأمريكية للمناعة (1/2):

الحب والضحك والجنس لاستمرار الحياة

سلوى اللوباني من القاهرة: كان لـ"إيلاف" حوار مع د. عبد الهادي مصباح أستاذ المناعة والتحاليل الطبية وزميل الأكاديمية الأمريكية للمناعة، دار مجمل الحوار حول أسباب السعادة أو مفاتيحها على حد تعبيره.. وأن أهم حدثين يؤثران على سعادة الإنسان لفترة طويلة هما فقد شريك الحياة وفقد الوظيفة، إضافة الى التفسير الكيميائي للحب، والانجذاب نحو اشخاص محددين، وكيفية استخدام الضحك للعلاج، وما هي الابحاث الحديثة التي اجريت حول الضحك والسعادة، اما بالنسبة للجنس فوضح لماذا يعتبر ضعف الثقافة الجنسية شقاء الزوجين.. وتناول الحوار مرض انفلونزا الطيور ومرض الايدز فله العديد من الأبحاث المنشورة فى المجلات العلمية الأمريكية والمصرية، وشارك في تنظيم ورئاسة العديد من جلسات المؤتمرات العلمية فى مجال المناعة ومكافحة مرض الإيدز والاكتشاف المبكر للأورام والبيولوجيا الجزيئية والاستنساخ، وشارك في وضع البرنامج التعليمي للإيدز الذي تم وضعه بواسطة مجموعة "ألفا" ALPHA لتدريب الأطباء على مستوى القارة الأفريقية، ونذكر هنا بأنه حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة "عين شمس" عام 1979، وعلى دكتوراة فى المناعة والميكروبيولوجي من جامعة "تمبل" فى فيلادلفيا بالولايات المتحدة عام 1989، تم اختياره كعضو دولي من الشخصيات البارزة بواسطة موسوعة Who Is Who الدولية كواحد من الشخصيات العلمية المؤثرة فى مجاله عام 1997، عضو فى العديد من الاكاديميات والجمعيات الطبية العالمية، وله 14 مؤلفاً في مجال الاستنساخ والايدز والجينات والذكاء والعبقرية والضحك والسعادة وغيرها من الموضوعات، إضافة الى العديد من المقالات فى مختلف المجلات والجرائد المصرية والعربية وله العديد من البرامج التليفزيونية الحوارية والندوات التى كان ضيفا عليها، وبرنامج يومي في إذاعة صوت العرب فى شهر رمضان بعنوان "علم الإنسان ما لم يعلم".

* ذكرت في كتابك "الحب والضحك والمناعة وانفلونزا الطيور" بانه يمكن للحب والضحك والجنس والنوم أن تزيد من مناعة الانسان في حالة ممارستها بطريقة صحيحة وسليمة، ماذا تقصد بالطريقة السليمة والصحيحة؟
- في الحقيقة إن كل شئ في الحياة ينبغي أن يتم بشئ من الوسطية لأن كل ما زاد عن حده أو قل انقلب إلى ضده، والحب والضحك والجنس ثلاثة أشياء لا يمكن للحياة أن تستمر بدونهم، ولكن هناك من الحب ما هو مدمر ومرهق للأعصاب، خاصة إذا كان من نوعية الحب المبني على حب التملك، وليس الثقة والتفاهم المشترك، وهناك من الضحك ما يجعل الإنسان يبدو في صورة المهرج، مما يفقده احترامه وسط الناس، وهناك من الجنس غير المرشد، وتعدد شركاء الفراش ما يمكن أن ينقل أكثر من 40 نوعاً من العدوى والأمراض، لذا فالبحث عن هذه الأشياء، ومحاولة ممارستها بشئ من الوسطية، وفي إطار الحلال، يعيد للإنسان التوازن العصبي والهرموني والمناعي داخل جسمه.

بالرغم من حملات التوعية الخاصة بمرض الايدز إلا إن انتشاره يكثر وأصبح خطراً يهدد العالم؟
-أنا سعيد بهذا السؤال لأنه يعطيني الفرصة لكي أذكر الناس بأن اليوم العالمي لمكافحة الإيدز في أول ديسمبر من كل عام، وأعتقد أن السبب وراء انتشار عدوى الإيدز أنه مرض ينتقل عن طريق سلوك بشري غير سوي، مثل الاتصال الجنسي -سواء العادي أو الشاذ- إذا كان أحد الطرفين يحمل العدوى، والمشاركة في الحقن خاصة بين مدمني المخدرات، وكذلك من خلال تلوث الآلات الحادة مثل آلات ثقب الأذن والوشم وغيرها، وأيضاً من خلال الإهمال من جانب الأطباء أو الممرضات أو الفنيين في فحص الدم ومشتقاته قبل نقله من شخص إلى آخر، والحقيقة إن هناك شخص ما في مكان ما حول العالم يلتقط عدوى الفيروس كل ست ثواني، ومعظمهم في القارة الأفريقية وفي دول جنوب شرق آسيا، نظراً للأمية والجهل والعادات والتقاليد المتوارثة منذ قديم الأزل ونقص الإمكانيات سواء العلاجية أو الإعلامية أو الدوائية.

*لماذا تعتبر أن ضعف الثقافة الجنسية هي سر شقاء الزوجين فقط؟ فهناك عوامل أخرى قد تسبب الشقاء.
-نعم توجد عوامل أخرى لعدم التفاهم والشقاء في الحياة الزوجية، ولكن العلاقة الحميمة بين الزوجين والتي أطلق عليها المولى عز وجل لفظ "ميثاقاً غليظاً " تعد من أساسيات وأعمدة العلاقة الزوجية، لأن التكوين البيولوجي لخلق الإنسان وفطرته يحتاج بشدة إلى أن تكون هذه العلاقة سوية، ولعل الأسباب الأخرى التي ربما تكون ظاهرياً هي سبب الخلاف بين الزوجين تكون في أصلها نتيجة عدم التفاهم والاقتناع في هذه الناحية.

*في دراسة اجريت على 900 امرأة في ولاية تكساس، وضحت أن خمسة أنشطة يومية تسعد هؤلاء النساء هي بالترتيب الجنس، العلاقات الاجتماعية، الاسترخاء، الصلاة، التأمل والاكل، وجاء بعد ذلك مشاهدة التلفزيون وممارسة الرياضة، وذكرت "الغريب أن رعاية اطفالهن والطبيخ جاء في ذيل القائمة"، ولماذا الاستغراب.. فقد لفتت نظري عبارتك!!
- سبب الاستغراب أن رعاية الأبناء على الرغم من مشقتها وتعبها، فهي وبحسب التكوين العاطفي والفسيولوجي والهرموني للمرأة من المفترض أن تكون مصدر السعادة الأولى، وأنا هنا بالطبع أتكلم عن الأبناء الأسوياء، والتربية الصحيحة التي تعطيها الأم من وقتها وجهدها ورعايتها، لكي تجني ثمرتها وتشعر بلذتها وسعادتها، وفي استطلاع للرأي قامت مجلة "تايم" في شهر يناير الماضي عن أهم الأشياء التي تجعلك في قمة السعادة، جاء ترتيب سعادة الأبناء والأحفاد في المرتبة الأولى على عكس الدراسة السابقة، وهو ما يتماشى مع المنطق والغريزة بالفعل وذلك بنسبة 35 %، ثم جاء بعد ذلك في الترتيب الدين والإيمان بنسبة 17 %، وجاء الشريك سواء الزوج أو الزوجة في مرحلة متأخرة كسبب من أسباب السعادة بنسبة 9 %.

*وضح لنا كيف يمكن ان يكون الضحك علاجاً للأورام كما تقول في كتابك؟
- أصبح من المؤكد والثابت علمياً أن الحالة النفسية لمريض الأورام أو السرطان من أهم مقومات شفائه ونجاح علاجه، وأن إرادة الشفاء بداخله هي العامل الأساسي الذي يحفز الجهاز المناعي بداخله لكي يتصدى ويقضي على هذا المرض اللعين، فإحساس مريض السرطان بالهزيمة واليأس من شفائه يؤثر بالسلب على الجهاز العصبي المركزي وخاصة منطقة ما تحت المهاد، التي ترسل وتستقبل إشارات دائمة إلى الجهاز المناعي عن طريق أسطول من الهرمونات التي تسمى بهرمونات الانفعال والتوتر، فتؤثر بالسلب على أسلحة المناعة الأساسية التي تقاوم السرطان من مجموعة السيتوكاينز، وإنترليوكين -2، وإنترفيون، وعامل تليف الأورام TNF، وهناك الآن بالفعل فرع أعتقد أنه سوف يكون من أهم تخصصات الطب يسمى Psychoneuroimmunology ، يشمل تأثير كل من الحالة النفسية والعصبية للمريض وعلاقتها بكل من جهازي المناعة والغدد الصماء في الجسم البشري، وهناك الآن نوعاً من العلاج المكمل يسمى العلاج بالمرح أو بالضحك humor therapy، حيث أن الضحك والمرح من وسائل تخفيف التوتر العصبي والقلق.

*ما هي أهم الابحاث الحديثة التي أجريت في هذا المجال؟
- بحث أجرته د."باربرا أندرسون" أستاذ علم النفس بجامعة ولاية أوهايو الأمريكية على 115من السيدات المصابات بسرطان الثدي في المرحلتين الثانية والثالثة، حيث تعاملت مع نصف هذه المجموعة من خلال العلاج النفسي Psychotherapy الذي يساعد المريض على الاسترخاء والإقلال من التوتر، والتكيف مع الانفعال من خلال وسائل متعددة مثل التأمل والاسترجاع الحيوي واليوجا والعلاج بالضحك والمرح، بينما تركت النصف الآخر ليتلقى علاجه بالأسلوب العادي دون تدخل لتحسين حالته النفسية.

*وكيف كانت نتائج البحث؟
- أثبتت أن المجموعة التي كانت حالتها النفيسة أفضل من خلال العلاج النفسي كانت نسبة هرمونات الانفعال عندها - وخاصة الكورتيزول - أقل بمقداره 25 % عن التي لم يتم التدخل لدعمها نفسياً، وذلك بعد 4-8 شهور من إجراء الجراحة، ومن المعروف أن هرمونات الانفعال لها تأثير مثبط على الجهاز المناعي، ليس هذا فحسب بل إن الأجسام المضادة التي تقاوم الخلايا السرطانية مثل الأجسام المضادة لمادة "الميوسين" التي تزيد مع تدهور وتقدم الورم السرطاني، قد زادت بنسبة 25 % عند النساء المستريحات نفسياً، وعلى الرغم من انخفاض نسبة هذه الأجسام المضادة في كل من المجموعتين أثناء استخدام العلاج الكيماوي، إلا أن المجموعة التي كانت تتلقى الدعم النفسي والمعنوي استعادت مستواها في خلال 8 - 12 شهر بعد الجراحة مما يعطيها مقاومة أكبر للورم، بينما لم تستعد المجموعة الأخرى مستوى هذه الأجسام المضادة في جسمها، مما ينذر بعواقب وأعراض أشد بالنسبة للورم السرطاني.

*إذا كان الحب كيمياء فلماذا أحياناً يتغير بعد فترة أو يتبدل؟
- التفسير الكيميائي للحب يعتمد على أن كل عواطف الإنسان وانفعالاته إنما تحدث نتيجة لعمليات كيميائية تحدث نتيجة لمنبه معين، فمن خلال نظرة عين.. أو لمسة حانية من نوع خاص تشعر بها اليد .. أومن خلال كل ذلك مجتمعاً من حواس أخرى، تحدث للإنسان تغيرات كيميائية معينة تجعله يعيش وقتاً سعيداً، ويشعر بإحساس الحب الجميل، وتبدأ هذه التغيرات الكيميائية من المخ عندما تصل المنبهات من حواس الجسم المختلفة، ثم تنتقل من خلال الأعصاب والقنوات العصبية لتصل إلى أعضاء الجسم المختلفة من خلال الدم، فدقات القلب السريعة وإحمرار الوجه والعرق والإضطراب وبرودة الأطراف، وغير ذلك مما يحدث عندما يرى الحبيب حبيبته، إنما هي في الحقيقة نتيجة لإفراز كيمياويات معينة نتيجة للحالة النفسية التي تنتاب المحب مثل نورإبينفرين ودوبامين .. وبعض الأمفيتامينات المنشطة، ومن هنا جاء الإعتقاد بأن القلب هو مكان الحب أو السبب فيه، وغنت المطربة العظيمة "سعاد محمد" أغنية تسأل فيها... القلب ولا العين .. مين السبب في الحب؟ إلا أن حقيقة الأمر والإجابة الصحيحة هي المخ، فالعين إنما هي سبب، وما يحدث للقلب إنما هو نتيجة، لأن القلب عبارة عن مضخة تضخ الدم إلى كل أعضاء الجسم، ودقاته السريعة والمتوترة ما هي إلا رد فعل لهذه الكيماويات التى يفرزها المخ، أما الإبتسامة أو السعادة الغامرة التى تجعل الإنسان يستريح عند لقاء الحبيب .. فإن كيمياء المخ أيضاً هى المسئولة عن ذلك .. فهى نتاج مادة تسمى فينيل إيثيل أمين PEA وهى من المواد المنشطة من أبناء عمومة الأمفيتامينات.

*وما هو تفسير انك عندما تقابل شخصاً تشعر بالانجذاب إليه؟
- يكون هذا الإعجاب هو الشرارة التى تطلق تلك المادة التي ذكرتها سابقاً، فتعطينا حالة السعادة والإنطلاق والنشاط، إلا أن هذه المواد لايستمر إفرازها بنفس المعدلات العالية التى تفرز في بداية الحب، وبالتالي فإن بعض العلماء يقولون إن الحب الرومانسي أو الحب الجارف الملتهب إنما هو حب قصير العمر، والسبب في ذلك أن هذه المادة ( فينيل إيثيل أمين PEA) مثلها مثل بقية الأمفيتامينات يبني الجسم ضدها نوع من المقاومة مثلما يحدث فى حالات الإدمان، فبعد أن كان المزاج يتأثر بجرعة معينة، نجد أنه مع مرور الوقت يحتاج الجسم إلى جرعة أكبر لكي يحصل على نفس التاثير، والشائع أنه بعد مرور ثلاث أو أربع سنوات من الحب الرومانسي يصاب الإنسان بالملل، نتيجة نقص تأثير هذه المادة على المخ وإحتياجه لكمية أكبر منها، ولذلك يوصى العلماء بضرورة أن يحاول الحبيبان تجديد أواصر العلاقة والحب كلما شعرا بسحابة هذا الملل تظلل حياتهما، وذلك حتى يحفزا المخ على إنتاج هذه المواد الكيميائية بالكميات المطلوبة لعودة الحرارة إلى علاقة الحب وحرارته السابقة، ولعل حديث الرسول يوضح هذا بقوله "إذا أحب أحدكم أخاه فليقل له إني أحبك فذلك يزيد الحب بينهما" فالإحساس وحده ليس بكاف، ولكن لابد من الإفصاح عن العواطف لتجديد أواصر هذا الحب بين الحبيبين.

*هل ترى أن الحب يختلف من شعب لآخر سواء كان كيميائياً أو فيزيائياً أو بيولوجياً؟
- الحب في حد ذاته لا يختلف أياً كان سببه أو تفسيره من شعب لآخر، ولكن الذي يختلف هو وسائل التعبير عن هذا الحب وممارسته، وهو ما يمثل إما استمراراً لهذا الحب أو وأد وقتل له مع مرور الزمن والأيام.

*ما هو التحليل العلمي الذي يفسر إحساسنا عندما نقابل أشخاصاً لأول مرة ونشعر معهم بالراحة بينما نشعر بانقباض غير مبرر عندما نجلس مع أشخاص آخرين؟
- الحقيقة أن سر هذه القوة الخفية غير المرئية في العلاقات بين البشرقد تكون أحياناً جاذبة، وأحيانا أخرى طاردة، تماماً مثل المغناطيس الذي تتنافر أقطابه المتشابهة، وتتجاذب أطرافه المختلفة، وما هي عوامل الجذب والتنافر بين البشر؟ وكيف يمكن إستغلالها بشكل إيجابي في حياتنا؟ فالتفسير الفيزيائي للحب والتجاذب بين البشر يشير إلى أن الحب يحدث نتيجة لتغير في الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من أجسامنا، حيث أن كل إنسان لديه قوة كهربية داخلية نستطيع أن نرصدها من خلال رسم القلب، ورسم المخ والعضلات، وكذلك قوة مغناطيسية مستمدة من وجودنا على هذه الأرض التي يعد جوفها أكبر مغناطيس في هذا الكون، حتى أن هناك بعض الخبراء في الطب البديل- خاصة في فرنسا- يتبنون نظرية علاج الأمراض بالمغناطيس من هذا المنطلق.

يتبع

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف