منصور النقيدان: لست فقاعة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تحدث عن هجرته والتشابهبين صدام حسين والهيئة:
منصور النقيدان: أحاول أن أثبت أنني لست فقاعة
*تحدث عن وعظ يصف غناء فيروزبالنهيق ! وكيمياء الكتاب المعقدة..!
وفيما يلي نص الحوار
من الرياض الى دبي، ماذا تغير في حياة النقيدان وماذا غاب هناك وعثرت عليه هنا؟
حسناً أنا منذ فترة وأنا أتخبط، أبحث عن توليفة تمزج بين الحرية الشخصية وتلبي أشواق الروح، يعني توليفة مشوبة بنزعة روحية وترتكز على رؤية علمانية للدين ودوره في المجتمع. صحيح إنها لا تجد تربة خصبة في هذه البقعة من العالم، ولن تجد لها أتباعاً، لأنها لاتتناسب والمزاج الاجتماعي والتركيبة العقلية للأفراد.
طيب خليني أضرب لك أمثلة تكشف المأساة، هل خطر بذهنك يوماً أن تغمض عينيك وتسرح بخيالك لتجمع كل حالة وما يناقضها، مسلم يخشى سخط الله من تأخير الصلاة عن وقتها، هو نفسه الذي يقوم بكتابة تقرير كاذب في زميل له في عمله لا ينتمي إلى مذهبه فيفقد وظيفته أو يسجن ظلماً. يفعل ذلك وهو مطمئن البال.
عضو الهيئة الذي يذل زوجين بشكل مهين أمام الناس خوفاً على المجتمع من أن تكون علاقتهما غير شرعية، يعني حفظاً لأعراض الأمة هو نفسه الذي يعاشر باسم الزواج بنية الطلاق في أسبوع واحد وبألفين ريال فقط خمس نسوة من حجات مكة المعدمات والتكرونيات البائسات وغيرهن، هو يفعل ذلك مؤمناً في قرارة نفسه أن أبناء المذهب الشيعي أبناء زنا لأن فقهاءهم يجيزون نكاح المتعة. باسم الحفاظ على ثوابت دينه يهلك نفوساً ويذل قلوباً مرهفة.
تلك المرأة وزوجها اللذان تسيل دموعهما على ما يجري في العراق على أتباع مذهبهم، وعلى المآسي في فلسطين، هما اللذان يتعاملان مع خادمتهما المسلمة بكل أنواع القسوة والوحشية، وهما اللذان يشمتان بمن مات أو أصيب في تسونامي أو كاترينا. الدين والثقافة التي تصوغ أتباعها بهذه الرؤية هي الأفيون الحقيقي. هذا هو "التمعيز".
هناك مجموعة من البشر تسطو على الجمال الذي خلقه الله وتحدث تشويهاً في نظامه، وتنتهك نواميسه في كونه، شخصياً أعتقد أن كل شريعة عرفتها الحضارات الإنسانية ساهمت بشكل مباشر في إحداث هذا الخلل، وإن كانت الغرائز الإنسانية دائما تجد منفذا لها ومتنفساً، يسهم في استمرار التوائم، تماما كما حينما تفصل بين الرجال والنساء بالشكل الذي نراه في السعودية وطالبان وأماكن أخرى بنسب متفاوتة.
لقد توصلت إلى حقيقة ملخصها أن قصص الحب الخالدة والمتعثرة التي وئدت في مهدها، تلك الأساطير التي عرفتها وتعيشها كل لحظة ثقافات وحضارات متعددة أسهمت بدفق عاطفي أسهم في توازن عالم النفوس البشرية، تلك القصص التي تجاوزت محرمات وتقاليد وعادات، وأن الفنان وعازف القيثارة أكثر إيماناً بالله من شيخ في مسجد يلقن الكراهية، ويحك جبهته في الأرض حتى تذهب معالم حواجبه، أو يتلو آيات القرآن بصوت ذئب موحش، وأن الراح تمنحك إنساناً مرهف الإحساس ناعم القلب، وحينما تحوله إلى بائس مثير للمتاعب فهو في كل الأحوال أحب إلى الله من ابن لادن، ومشايخ العقارات.
لكن هذه الهيئة كما يقال حالت دون وقوع بعض الجرائم؟
الهيئة نتاج نظام وثقافة وفكر ديني يحميها، نظام سياسي ديني ومؤسسة دينية ذات سيطرة روحية على المجتمع بشكل يفوق التصور ، و يمنحها الحصانة المعنوية والتجدد مع كل ضربة قد تتعرض لها، في مجتمع يشعر الرجل فيه أن النظر إلى زوجته من قبل الغريب تعد على محارمه وتطاول على شرفه ، وأن حديث ابنته في الهاتف مع زميل لها مثلاً في الجامعة، أو تناول كأس قهوة معه في مقهى مفتوح عار قد يلحق كارثة كبرى، وتنعكس آثاره السلبية ليس على مستقبلها الاجتماعي بل حتى على أخواتها، مثل هذا المجتمع من الطبيعي أن يتواءم مع وجود الحسبة، صحيح أن بعضهم لا يعجبه أن يمارس الاحتساب عليه ويعلمه الفضيلة شخص كان يعرفه منذ مراهقته في الحي يتحرش بالأحداث، أو يعاشر "المعزا"، ويتعرض للصبايا في عودتهن من المدرسة، لهذا أخطاء أعضاء الهيئة تحدث ردة فعل معاكسة حتى عند المتعاطفين معهم والمؤيدين لوظيفتهم في المجتمع ، لأنها مؤسسة تماس مع أخص خصوصيات الأفراد، وبما أنها تطرح نفسها على أنها تحمي شرف المجتمع فبالتأكيد ستكون أخطاؤها هي بهذا المستوى من الحساسية، ولهذا يحتفظ الناس بمواقف معادية لها أكثر من الشرطة والمباحث، ويتعاملون مع أخطاء الأمن بشكل أكثر تسامحاً.
لماذا بلد مثل الإمارات العربية المتحدة ليس فيه هيئة للحسبة نسبة جرائم الاغتصاب والخطف فيه أقل بعشرات من بلد الشريعة والنقاء؟ ولماذا سرقة السيارت والسرقة تحت تهديد السلاح في دبي التي يعتقد دعاة الفضيلة أنها ماخور هي أقل من الرياض بل من مكة المكرمة؟
صدام حسين كان حائلا دون الكثير من الكوارث في العراق، وحتى النظام الشيوعي حال دون وقوع كوارث كثيرة في الاتحاد السوفيتي. جنكيز خان كان الياسق الذي شرعه يحوي مجموعة من العقوبات منحت التتر تماسكاً اجتماعياً داخلياً ونظاماً قيمياً مكنهم من غزو العالم في لحظة تاريخية معينة.
اليس هذا الهجوم هو لمجرد تصفية حسابات لمن هو على ما كنت عليه قبل سنوات؟
اعتقد أن وجود هيئة بهذا المستوى تحوي عقليات من الجهلة المتوحشين المتعطشين لايذاء الناس وفوق ذلك يحملون عقيدة دينية متطرفة، هؤلاء وصمة عار على السعودية. كدولة دينية بإمكان السعودية أن توجد هيئة أفضل بمراحل من مستوى الحاليين ولتعرف مستوى الهيئة الحالي انظر من يقف على رأس قيادتها. هل تعتقد أن الحكم في ماليزيا لو فكر بإيجاد مؤسسة للحسبة، هل ستكون بشعة بمستوى هيئات السعودية مثلاً؟ ابحث عن المزاج الاجتماعي والنظام السياسي.
بعيدا عن الهيئة هل تنوي الاستقرار مابقي لك من عمر خارج السعودية ؟
لا أعلم ولم أخطط لشيء مدروس، الأفق أمامي مفتوح.
هناك من يقول ان خروجك انت وعبدالله بن بجاد للامارات والذايدي للندن هو نتاج تدخل شخصيات كبيرة سعت لاخراجكم من البلد لتريحون وتستريحون؟
"تراها الشارقة"، ليست باريس ولا أمستردام، انتقالي هو شيء مرتب بيني وبين زوجتي قبل زواجنا، فضلاً عن أنه كان "حلما" لي، وصلت الأمور لمرحلة لا تطاق من المضايقات، كان لابد معه الابتعاد ولو لفترة وهذا ما تم باختصار. الأمير سلمان بن عبدالعزيز له فضل لا أنساه، كان واسطة خير لتسهيل انتقال عملي اما عبدالله ومشاري فلا أعلم ان خرجا بمحض ارادتهما ام ان هناك من سهل خروجهما.
علاقتك مع الامير سلمان وتقديرك له هل تحضر في ذهنك عندما تبتغي الكتابة في امر سياسي وانتقاده فتكون سبباً للتراجع؟
هناك مقالات كثيرة كتبتها نشرت، بعضها للآسف لم تنشر، التوقيت عامل مؤثر في نشر المقال من عدمه، أحياناً تنشر الصحيفة مقالا لك لم تتوقع أن يجد طريقه إلى المطبعة، حين كتبته وأرسلته منتظرا النشر كنت كالذي يرجم بالغيب ويتعلق بالأماني ، ولكن الصحيفة تنشره، في أوقات أخرى تكتب ما تعتقده منخفض السقف في الجرأة والحساسية، وتكون الإجابة أنه يتجاوز السقف المسموح. أو لأي سبب من الأسباب، مقالي الاخير عن ما حدث في معرض الكتاب كان من الصعب ان ينشر في وقت آخر نظرا لجرأته الكبيرة. حسب ما أعتقد.
الا تعتقد أن نشر المقال وتمريره رغم ما فيه من جرأة على حد زعمك عائد لمناصرتك السديري وموافقة ما طرحته اهواءه؟
نعم ما يمنع ؟ كان ما تعرض له تركي السديري يسيء إلينا جميعاً. لقد أهين وشتم من قبل اشخاص يعتقدون أن سطوتهم ونفوذهم الاجتماعي يمنحهم الحق في إهانته، والتعدي عليه من دون محاسبة. السديري ليس مثالاً منزهاً، لكنه رغم عيوبه التي أراها ويراها بعض ممن يختلفون معه من الصحفيين فضلا عن المطاوعة ، أفضل عشرات المرات من اولئك . وغير ذلك تركي وعدد من القيادات الصحفية في السعودية تحملوا الكثير من المضايقات، ودفعوا مرات ثمن جرأتهم وهامش الحرية الذي يمنحونه لكتابهم أو لصحفييهم.
في موضوع آخر هناك من يرى انك "فقاعة صابون" وانك لا تطرح ما يستحق هذه الضجة وانك نتاج مرحلة ما بعد الحادي عشر من أيلول(سبتمبر) التي قارب زخمها على الانتهاء وها انت في طريقك للتلاشي بدليل اخر مقالاتك في الرياض، لم يعد يتجاوز الردود عليها خمسة بعد ان كانت عشرات؟
يجوز! أحاول أن أثبت أنني لست فقاعة. لكنني أكتب قبل سبتمبر بثلاث سنوات، تلك المرحلة هي التي رسخت اسمي ككاتب في عدد من الصحف .. الحياة ، مجلة المجلة ،الوطن . وبعد سبتمبر في إيلاف على النت، والوطن والرياض . قلة الردود على مقالاتي في موقع الرياض فلا علم لدي عن سياستهم التحريرية. هل ما يصلها من ردود تنشره أو ان التفاعل أصبح قليلا، أم أن أكثر الردود يحجب بسبب تنافيها مع انظمة النشر, غير هذا فربما بالفعل مقالاتي لم تعد تجذب القراء.
هل تشعر في داخلك بان مقالتك لم يعد لها رواج؟
إن كان شيء من ذلك فإنما لتناولي قضايا ليست ذا جاذبية او بريق او لتناولي لقضايا باردة وهو بالفعل ما بدأت اشعر به في بعض الاحيان، وأحياناً قلة القراءة وعدم إثراء المقال بمصادر تمنح المقال قوة ومصداقية أعلى، تماماً كما يكتب مشاري الذايدي وخالد الدخيل، وهما من الكتاب الذين أقرأ لهم باستمرار، الكتاب الحقيقيون ليسوا فقط هم المثيرون. أتساءل أحياناً لماذا كتاب رائعون يستحقون القراءة والمتابعة لايحظون بجزء مما يحظى به كتاب أقل منهم مستوى فكراً وأسلوباً وجرأة وعمقاً؟ يبدو أنها كيمياء معقدة.
او ربما لان ما نلت عليه شهرتك من تجاوز على الثوابت وما هو متآلف عليه هو السبب بعد ان خلت مقالاتك الاخيرة من ذلك النوع من الكتابة.
المقال الاخير عن معرض الكتاب اعتقد انه جريء وفي نفس نسق المقالات السابقة. وربما انحسار الضجة عن مقالتي عائد لتوقفي سنتين عن الكتابة.
والسبب في التوقف؟
ليس هناك سبب واضح ولكن أظن أن مقالي عن ابن تيمية في سبتمبر 2003، أغضب بعض المشايخ الذين مارسوا ضغوطهم على الصحيفة واستعانوا بأشخاص نافذين في السلطة. أعتقد أنه كان بالإمكان تجاوز هذا التوقيف، وهو ما حصل فعلاً حيث نشرت مقالاً بعده في الرياض، ولكن المقال الذي نشرته بعدها بأيام في جريدة النيويورك تايمز أواخر تشرين الثاني (نوفمبر)، إثر حكم الجلد الذي أصدره قاض بحقي قضى على الآمال بالعودة. كما أنني كنت نفسياً متعباً جداً، ومنهكاً، كما أنني عشت بعض الأيام العصيبة، كان الأمر يحتاج فترة طويلة من التوقف. حتى أكون مهيئاً للكتابة وفق المسموح. كنت موظفاً في الجريدة ولم أكن مستعداً لأن اخسر وظيفتي بجرعة اكبر.
الم تحاول ان تجد لك مكاناً تنشر فيه ما تؤمن به؟
الاماكن كثيرة وحتى الان تأتي لي عروض للنشر آخرها من صحيفتين خليجيتين واعتذرت.
ولماذا الاعتذار وهناك من سيمنحك الفرصة لكتابة ما تشاء دون مضايقة؟
الاعتذار نابع من التزام مع جريدة الرياض ، فصحيفة قدمت لي راتباً لمدة سنتين دون كتابة اي مقال اعتقد ان الالتزام لها أمر واجب . وليس تفضلاً.
في صحيفة الرياض هل انت موظف او كاتب؟
انا موظف في الصحيفة. والإيقاف الذي تعرضت له انعكس علي فاصابني الخمول فغبت عن المشاركة عن بقية تحرير الصحيفة. انا مدين للرياض وسوف اظل وفيا لها.
لكنك خرقت الوفاء بكتابتك مقال قبل اشهر عن "تسونامي" في صحيفة الاتحاد الامارتية في الوقت الذي تنتظر صحيفتك مشاركتك.؟
هذا صحيح وقد اعتبرت هذا المقال هو النهاية مع الجريدة ، وقد اتبعته بمقالين في صحيفة الاتحاد منذ شهر مايو الماضي كل شهر على الاقل يجب ان اقدم مقالين للرياض لكن لم اكتب سوى ثلاث مقالات منذ فترة طويلة. الى جانب مقالات لم تنشر لتنافيها مع سياسة الصحيفة.
ولماذا لا توطن نفسك وتتواءم مع سياسية الصحيفة وتكتب في حدود المسموح به؟
احاول واسعى لذلك وقد كتبت في شهر مقالتين واعتقد انه شي جيد الى جانب ان الكاتب الحصيف عليه التحرك ضمن ما هو مسموح به من حرية حتى لايغيب عن متابعية، وهذا ماسعيت له واعتقد ان مقالي الاخير وان رايته عاديا فهو في تقديري كان عالي الجرعة.
بسبب اصطفافك مع رئيس تحرير الصحيفة؟
اعتقد ان الاعلام السعودي بكل مساوئه وبكل الاثقال الملقاة على كاهلة من ضغوط من تعاميم وزراتي الإعلام والداخلية أفضل من ان يتولاه احد من اولئك الذين قادوا الشغب والغوغاء في معرض الكتاب.
لكن الاترى ان هناك اقصاء بحق هولاء الملتحين على حد زعمك؟
غير صحيح
بل صحيح بدليل غيابهم عن ادارات التحرير في جميع الصحف السعودية؟
إن كنت تقصد مشايخ . يعني شيخ يخطب الجمعة ثم يركب سيارته الداتسون ومعه ثمانية عشر من طلابه محشورين "بالغمارة" والصندوق ويتجه إلى مكتبه في جريدة يرأس تحريرها والأتباع معه ودهن العود "يعطعط" بردهات الصحيفة . مشايخ يتولون رئاسة تحرير صحف فهذا مستبعد حتى من قبلهم ، لأسباب دينية تمنعهم . وأما إن كنت تقصد أشخاصاً ذوي ميول إسلامية فهذا موجود وإن كانوا لا يقدمون أنفسهم كمشايخ أو مطاوعة . رئيس التحرير الذي تتصل به وتسأل عنه فيقولون إنه يصلي السنة الراتبة في المسجد. هذا إسلامي؟ أما واحد من الناس ما يفرق بين كتابة المقال وخطبة الجمعة فهذا إشكال.
مقال يبدأ بخطبة الحاجة ثم بتكفير تركي الحمد والنقيدان ثم يختمه بالصلاة على الرسول فهذا ما هو بمقال. المخيف أن الذين كتبت عنهم في مقال الرياض الأخير كان احد القادة لذلك الشغب متعاطفاً مع القاعدة وقبض عليه صبيحة اليوم التالي لعلاقته بأشخاص متورطين في تفجيرات بقيق.
واين المشكلة ان تطعم مقالك ببعض الاحاديث والايات؟
اعتقد لو كنت رئيس تحرير تحترم نفسك لـن تنشر مقالا يبدأ بخطبة و ينتهي بذكر النبي . هذه موعظة و ليست مقالا . و ان كنت رئيس تحرير ناجح لن تسمح لكاتب يجعل مـن نفسه رقيبا على زميل له آخر يخالفه توجهاته ويحاول بشتى السبل إقصاءه ، ويقلب الجريدة وصفحاتها مركز هيئة ومحكمة تفتيش. بل ان هناك من الكتاب من يدعو لحز رقاب من يخالفونهم. وفي النهاية هناك كتاب ذوو ميول إسلامية ينشرون في صحف عديدة وهم ليسوا قلائل.وفهمي هويدي كاتب يصنف إسلامياً ، من هو الذي لا يتمنى ان يكتب بالمستوى الذي يتمتع به؟
ولكن هولاء عندما وجدوا الفرصة كالعودة لم يفتتحوا مقالاتهم بما تبدأ به خطب الجمعة عادة؟
وهو ينشر وله عمود صحافي اسبوعي.
والقرني ايضا لم يكثر من عبارات الحمد والثناء في مقالاته؟
انا اتحدث عن اولئك المتطرفين ويجب ان نفرق بين الاسلامين وان كتبوا كتابات متهاوية يغلب عليها النفس الوعظي الارشادي وبين المتطرفين. انا في تقديري ان هولاء الاسلاميين الذين يبتغون المشاركة في الصحافة بحجة اعطاء الفرص بالتساوي هم اكثر الناس اقصاء لوقدر لهم قيادة وسيلة اعلامية وهم الان لهم مواقع على الانترنت ومطبوعات لاينشر فيها اسلاميون يخالفونهم في تفاصيل فقهية بسيطة فما بالك لو كان على غير ملتهم او كان الكاتب او الصحافي في الاتجاه الاخر من توجههم . ما رأيك بالمستوى الإعلامي لقناة المجد الفضائية؟ قابلها بقناة إقرأ وبقناة الرسالة الجديدة، وبقناة المنار. وقارن مجلة الأسرة بمجلة البيان.
الإسلاميون ليسوا لوناً واحدا.
هل تعتقد ان العودة والقرني غير متطرفين؟
العودة ليس ابن لادن والقرني ليس ابا مصعب الزرقاوي.
لو نبتعد عن العودة والقرني هل أنت علماني؟
نعم انا علماني وأؤمن إيمانا لا يخالطه شك انها الحل الوحيد ، كما هو اليوم ماثل امامنا في أوروبا واميركا، ولكن هذا شيء والواقع والتعامل معه شيء آخر، مساحة الآمال في انتشار العلمانية في بلادنا تتآكل اليوم ، وأكثر دعاتها ومفكريها والمروجين لمفاهيمها، هم في تناقص ونكوص، الجميع اليوم يعيش هوس التأسلم.
تصف نفسك بالعلماني وجميع ما تكتبه لا يخلو من استشهادات دينية اليس هذا تناقضا بين ما تؤمن به وتطرحه؟
في مثل هذه البيئة والأجواء لابد أن تكتب بطريقة تسمح لك بالنشر وبالتأثير ايضاً ، ومع هذا فأنا أعتمد في كتاباتي في الصحف السعودية الحد الأدنى من الثقافة الدينية التي ألجأ إليها كوسيلة لتمرير فكرة، معتمدا الحد الأعلى من الدنيوية، أنا درست الشريعة وأعرف طريقة الكتابة فيها وأحاول أن أقارب فيما أكتبه ، أحياناً اشعر أنني أتناقض مع نفسي ومع قناعاتي الحقيقية وأحياناً أقول لا بأس، فلأن يهدي الله بك رجلا واحدا من الظلام والتطرف خير لك من قصر الإليزيه . نحن معذبون ، وبيئتنا وثقافتنا ومجتمعاتنا لا نستطيع الفكاك منها ولا الانسلاخ . همومنا من همومها وأحلامنا أحلامها، نحن نحاول أن نساهم بقدر ما نستطيع .رغم إنني اؤمن تماماً أننا قلة جداً، وغرباء و قليلون ولكن طوبى للغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس.
ألا ترى ان العلمانية في طريقها لبلادك؟
لا, وان وصلت سيكون مقتلها تحت بوابة الثميري . رغم انتقادي الدائم للوهابية وهي انه ما من فضل علينا نحن السعوديين أبناء وسط الجزيرة العربية، كما كان لاثنين هما محمد بن عبدالوهاب، والآخر المؤسس الحقيقي الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، هولاء أشبه بالاباء المؤسسين للولايات المتحدة, الآن هل بإمكان الدولة السعودية ان تستمر دولة مسلمة بصيغة أكثر حداثة وعصرية. الجواب نعم, لكن المشكلة انه لا يوجد اشخاص يدركون ان بامكانهم ان يكونوا مسلمين متصالحين مع العالم بدون ان يكون لدينا ذلك الفهم المتطرف للدين.
وهل تعتقد ان الحل للفكاك من هذه الايديولوجيا هو اللجوء للولايات المتحدة كما كتبت في نيويورك تايمز عندما قلت نحن العرب والسعوديون بحاجة اليكم؟
لم احدد الولايات المتحدة بل قلت العالم وهذا صحيح. رياح الاصلاح التي هبت على المنطقة لم تكن لتاتي لولا الضغوط الأميركية، ولكنها قد تتلاشى في أي لحظة تتوارى فيها العصا الأميركية، وقد تعود إلى اسوأ مما كانت عليه، لو أن أميركا لم تقد قاطرة الضغوط لما تغير شيء ، ولكنها ضغوط مرتبطة بمصالحها مع دول المنطقة، نحن لونقيس مستوى الحرية التي نتمتع بها اليوم رغم ضآلتها فهي أفضل مما كان عليه الوضع قبل عشر سنوات. في المقال المذكور قلت نحن بحاجة إلى أن يقف العالم لمساعدتنا على تجاوز ما نعيشه من تطرف وثقافة راسخة أنتجت فكراً متشدداً ودموياً. ماحصل في الحادي عشر من سبتمبر كان افضل هدية قدمت للعالم العربي وبخاصة لنا السعوديين.لقد كشفت كل شيء.
هناك من يرى ان هذا المقال هو تأليب العالم على السعودية خاصة بعد الضغوط الكبيرة على عليها بعد احداث سبتمبر؟
لم يكن تأليباً كان صرخة . شعرت أنني وحيد أمامهم بعد ان استفردوا بي و اعني القضاء والمتطرفين الذين هددوني بالقتل و اذوني بالشتائم. ولم تنجح معهم محاولة الردع من خلال تقديم شكاوى لم تجد للاسف اذان صاغية.
مقال نيويورك تايمز كان اشبه بأنه خطوة تجاه المعارضة هل يوما فكرت بهذا الخيار؟
انا لست معارضاً ولست حيواناً سياسياً ولا اعرف كيف اعارض انا رجل ادين بالولاء لبلدي.
لكنه مقال نيويورك تايمز يضج بالمعارضة؟
باستثناء الإشارة إلى الملك فهد ومرضه، وأن السعودية تحتاج إلى زعيم كالملك فيصل أو كعبدالعزيز، فالمقال كان مقبولاً، وعندما سألوني رجال المخابرات كيف تكتب هذا المقال؟ وكان ما ساءهم من المقال الحديث عن الوهابية فقط . قلت كتبت أجرأ منه في الرياض وكان مقالي "الحادي عشر من سبتمبر صورتنا الحقيقية" أكثر منه جرأة. وأنت تعرف والقارئ يعلم انه عندما تكتب في مطبوعة محسوبة على الجهة التي تنتمي لها ومهما تكتب لا يؤثر ولا يغضب لأنك داخل البيت ، على عكس ان تكتب في وسيلة تعتبر مستقلة اومعادية وان كتبت فيها ما هو مزعج يكون وقعه أكبر. ولذلك عندما سألوني لما لم تكتب في صحف كالنهار او السفير قلت اردتها ان تكون "فضيحة". النقد غير المعارضة بالمفهوم السياسي الدقيق . كما علينا أن نتعلم أن المعارضة ليست عيباً و لاعاراً ولا خيانة، أعظم الديمقراطيات تحوي معارضة سياسية تدين بالولاء لبلدها وتقف على النقيض من برنامج الحكومة، وهذا بديهي، ولديها تصور تام وبرنامج للحكم والإصلاح ، فنظام بلد ما او حكومة ما ليس هو الأرض والكيان، الحكومة شيء غير الأمة، المؤسف عندنا أن معارضتنا إما تكفيريون ودمويون وإما شيء آخر لاتعرف كيف تفسره . في الأخير المعارضة قوة للنظام.المعارضة وليس القاعدة.
دعنا نذهب لنقطة اخرى تركت جريدة الوطن لعدم تلاءمهما مع معايير الحرية التي تريدها هل تعتقد ان الرياض بها من الحرية ماهو اعلى من الوطن؟
سؤالك غير دقيق الوطن هي التي تركتني بعد أن طردتني.
وأسباب الطرد؟
خلاف شخصي مع رئيس تحريرها في ذلك الوقت فهد الحارثي.
وماهو سبب الخلاف؟
هو خلاف شخصي بسبب مقالة لم أنشرها في صفحة نقاش كانت تمتدحه ، هو أحزنه فعلي هذا واتصل بي وكان الحديث بيننا ساخناً ، تصاعد الخلاف ، وشكوته إلى الامير خالد الفيصل بعد خطاب طردي، الأمير فعل ما بوسعه، كان الحارثي هو رئيس التحرير المكلف ورئيس مجلس الإدارة.كان لابد أن أمضي.
الاتعتقد ان هذا الشهرة التي حققتها هي شهرة لم تكن بحجمك كما يقول البعض فانت مجرد كاتب مقالة ولا يوجد لك نتاج ثقافي عبر كتب تباع وتصف في المكتبات؟
يجوز ..انا اشعر بالعجز التام والخيبة في ذلك . أحياناً أعزي نفسي بأن هناك من لم يقم بالتأليف إلا في الأربعينات. مشكلتي الكسل ، وأن الإحباط يسري إلي سريعاً.
عندما تؤلف كتاباً هل سيكون على غرار كتب القصيمي ويحوي ما سيعتبره البعض الحاداً او يكون ضمن سطورهما اسقاطات دينية؟
القصيمي شي مختلف تماما. ذات مرة كتبت مقالاً أسأتله في مقال نشرته في صحيفة الرياض وهذا ربما ناتج لعدم قراءتي لجميع ما كتبه.القصيمي أشبه بالأنبياء إنه احد الأشخاص القلائل في التاريخ، ينفثون الروح في أجيال تنهل من معين أفكارهم وتستلهم من مواقفهم وتجاربهم، القصيمي من اولئك الذين تتحول عذاباتهم التي يصوغونها سحراً من البيان وقصيداً يلامس شغاف القلوب ويجتث من الجذور ركاماً من القناعات والثوابت والأساطير، بعضهم يشبهه بنيتشه. بخصوصي أحب أن أؤكد على أمر مهم أنني لست ملحداً، أنا مؤمن بالله .ولكن فهمي للدين مختلف شيئاً ما عن الفهم السائد.
هل من الممكن لمنصور الداعية يوما, العلماني حاليا ان يعود يوما لمنصور السابق رجل يكثر من حمد ربه وتسبيحه والدعوة لإحياء فريضة الجهاد الغائبة؟
في الدين يقول الواحد منا: نسأل الله الثبات ، وربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ،.أقول لك يوماً ما أخبرني أحدهم أنه كان ينفر من صوت فيروز الملائكي، ويصاب بقشعريرة عند سماعها حتى أنه سمع واعظاً يصف غناءها بالنهيق ! ويأنس لصوت إمام مسجدهم المتواضع جداً والموغل في العادية، أحياناً العقيدة تشوه لديك حتى أدوات الحس، فتسبب اضطراباً في مقاييسك. من يعتقد انه يتغير من ذاته لذاته هو واهم. لكننا بين قناعتنا العميقة اللحظة هذه وبين مستقبلنا المجهول في امتداد الزمان المليء، نحاول أن نتلمس دائماً أهداب الحقيقة، بالمناسبة هل تعلم انني على هذا الفكر منذ 1997، وهو شيء مطمئن جداً، لأنني مررت بفترات عصيبة ومضايقات وأذى بلغت حتى التكفير وإصدار فتاوى مرتين بهذا الخصوص، والمطالبة بتطبيق قطع السيف في رقبتي. ولم يكن لي معين أو داعم سوى قلة من الأصدقاء القلائل والذين لا يمكن ان أنسى أبداً فضلهم، مشاري وعبدالله بجاد وعلي العميم ، وتركي السديري ، وتركي الدخيل ، وعبدالعزيز الخميس والغذامي ، كل هؤلاء وقفوا معي في أحلك الظروف التي تنوعت أحياناً ما بين ضغوط دينية واجتماعية وسياسية. الإنسان يامساعد متى ما وجد الحرية وجد حسن الاختيار اعود. هنا ترى في اسواق دبي أولئك الذين يهينون في الرياض فتاة لمجرد وضعها شنطتها فوق كتفها في الرياض أو لأنها تلبس عباءة مخصرة، أو لأنها كشفت وجهها، تراهم هنا يسيرون مع نسائهم وبجانبهم اجمل النساء شبه عاريات ولا احد يجرؤ على المساس بهن.
لا تقصد من آرائك الحادة الشهرة كما قال سلمان العودة ؟
انا ما طلعت فتوى وقلت الجهاد في العراق واجب، ودعوت اهل العراق في مقال لي في الجزيرة السعودية أقول لهم: قدم إليكم أبناؤنا مجاهدين فأكرموا وفادتهم. وعندما خرج ابني تلبية لندائي بغرض الجهاد بدأت بالصياح واشغال المسؤولين أخرجوا طائرة وابحثوا عنه في الصحراء. وبعد ذلك يخرج أمام الملأ وينكر ان ولده خرج بقصد الجهاد ، من هو الان الذي يبتغي الشهرة ويلهث على الحضور الإعلامي والشهرة، أنا لم أقم بكتابة رسالة على الرئيس جاك شيراك أدعوه إلى إعادة النظر في قضية منع الحجاب في المدارس ، لأن ذلك تضمنه الديمقراطية وحرية الحقوق المكفولة، وأنا لا أؤمن بهذه الحقوق، كما أنني لم أقم بكتابة بيان إلى مثقفين ومفكرين أميركيين، يدعو إلى التعايش السلمي فلا يمضي أسبوعان حتى أسرب بياناً مضمونه : أنني أتراجع فيه وأعلن توبتي . من يريد الشهرة هو رجل يفتي بوجهين ، يقول أمام خاصته غير ما يعلن عنه عبر الفضاء. هذا معايد القريتين اللي يبي يحط في كل مكان رجل.
وعائض القرني لم طالب بمحاكمتك؟
تفاجأت بعد خروجي في برنامج اضاءات مع تركي الدخيل في الخامس عشر من سبتمبر عام 2004 بعائض بعدها بأسبوعين في قناة في الجزيرة يطالب بمحاكمتي بعد ان قلت ان المؤمنين عندي سواء مسلمهم او بوذيهم ويهوداً او مسيحيين.اذكر الشيخ عائض أن القضاء الذي يطالبه بمحاكمتي هو نفسه القضاء الذي أصدر بحقه عام 1990 صكاً شرعياً يتعلق بقضية اخلاقية لاعتدائه على طفل، في قصة مشهورة، أعتقد ان مثل هولاء هم الاجدر بأن يراجعوا أنفسهم عندما ينتقدون الآخرين وعليهم العودة لذواتهم ومراجعة أخطائهم.
وما هي حكايتك مع محسن العواجي؟
كل ما أرجوه لمحسن ان تساعده الايام المقبلة ليكون اكثر نضجاً.