لقاء إيلاف

التويجري: علم الادارة يعاني من ازمة حقيقية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

حوار مع محمد بن ابراهيم التويجري

ارسيت علم الادارة الحديثة في الوطن العربي ولا ادعي بطولة
للاسف لا يوجد مدير عربي يتمتع بالمواصفات القياسية.
علم الادارة يعاني من ازمة حقيقية ولا بد من مخرج.
الادارة تبدأ من القدرة على الابتكار والإبداع والتجديد.
مشكلتنا الاساسية اننا ندعي الخبرة ونحن عكس ذلك تماماً.
الدول العربية في ذيل الدول المهتمة بعلم الادارة...ولكن.
لم نصل بعد الى الحد المرضي في اعضاء الجمعيات التابعة للمنظمة

محمد الشرقاوي من القاهرة: حينما يتحدث الدكتور محمد بن ابراهيم التويجري (السعودي الجنسية) مدير المنظمة العربية للتنمية الادارية فان من شان حديثة ان يحرك المياة لراكدة في قطاع الادارة ليس فقط على المستوى المحلي بل والاقليمي والعالمي ايضا استطاع بثقافته ان يلم شمل الادارة العربية والغربية في اطار واحد وينقل العلم الاداري الحديث بهدف خلق نموذج للمدير العربي الناجح يحتذى به. "ايلاف" التقت التويجري بمقر المنظمة بالقاهرة وحاورته لترصد من خلال حوارة الوضع الحالي للمدير العربي وما وصل اليه هذا العلم في العالم العربي وفرص الاستفادة منه ، فالتويجري يعلم جيدا متى يتحدث ومتى يصمت وايضا متى يجيب برد الدبلوماسيين وببساطته المعهودة والذي اكد فيها انه لا يدعي بطولة فيما تم....السطور التالية ترصد حوارنا معه.

*المنظمة العربية للتنمية الإدارية والتى تاسست منذ سبعينيات القرن الماضي تحتاج لالقاء الضوء من جانبكم؟
- نعم لقد أنشئت المنظمة العربية للتنمية الإدارية سنة 1969، كإحدى المنظمات المتخصصة المنبثقة عن جامعة الدول العربية، لتتولى مسئوليــــة التنمية الإدارية في المنطقة العربية ، وطبقاً لاتفاقية إنشائها تتحدد رسالة المنظمة في الإسهام في تحقيق التنمية الإدارية في الأقطار العربية بما يخدم قضايا التنمية الشاملة.
وفي اطار سعيها لتحقيق هذه الرسالة توجه المنظمة جهودها، كما تقدم برامجها وخدماتها لحكومات الدول العربية الأعضاء، وعددها 20 دولة حيث يتسع نطاق خدمات المنظمة كذلك ليشمل المؤسسات العامة والخاصة المعنية بالتنمية الإدارية في الدول العربية.
وتعمل المنظمة كقناة يتم بواسطتها ومن خلالها متابعة ورصد الأفكار والاتجاهات العالمية الحديثة في الممارسات الإدارية والتطوير الإداري وإتاحتها لدول المنطقة ومنها: العمل على تقدم العلوم الإدارية فى الدول العربية ، وتنسيق و تشجيع الدراسات الإدارية فى الدول العربية و زيادة تبادل الخبرات و المختصين فيما بينها ، العمل على تنمية التعاون و التبادل بين الخبرات العربية و العالمية فى مجالات إدارة التنمية من أجل زيادة كفاءة و فعالية الإدارة العربية، تقليص الفجوة بين نظم و أساليب الإدارة و الممارسات الإدارية السائدة فى الدول العربية لتيسير جهود التنمية الاقتصادية ذاتيا و التكامل الاقتصادى فيما بينها ، النهوض بمستوى عمليات الترجمة الإدارية الهادفة و توحيد المصطلحات الإدارية المستخدمة فى العالم العربى

* من وجهة نظرك هل ترى ان هناك قيمه مضافه استطاعت المنظمة تحقيقها خلال الفترة الماضية وهل تعتقد ان الاهتمام بمجال العلوم الادارية اصبح ضروري وامر لا بد منه؟
- نعم لقد شهد الربع الأخير من القرن العشرين تغيرات وتحولات هائلة في النظم الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والسياسية، امتدت آثارها لتمس كافة جوانب الحياة ، المنظمة العربية للتنمية رغم أن الدول المتقدمة تُعتبر المحرك والمصدر الرئيسي لهذه التغيرات والتحولات، إلا أن الدول الناميـة ومنها بالطبع الدول العربية تجد نفسها في وضع يحتم عليها ضرورة مواكبة هذه التغيرات والتحولات، بل والمشاركة الفعالة في صياغتها كلما أمكن وبالقدر الممكن ، حيث تتمثل التحولات العظمى التي يشهدها العالم فيما يعرف بظاهرة العولمةGlobalization وما تضمنته من ظهور التكتلات الاقتصادية الإقليمية، وشدة التنافسية في إطار قوى السوِق وحرية التجارة، واتساع دائرة تجزئة وانتشار وتشابك عمليات الإنتاج والتوزيع، وتحديد معايير عالمية للجودة، وسيادة دور القطاع الخاص ليحل محل الدولة في جهود التنمية (وانتشار ظاهرة الخصخصة)، والتقدم الهائل في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات وانتشار شبكات الاتصال العالمية (الانترنت) التي تربط كافة أرجاء المعمورة داخل صندوق صغير لا يتجاوز شاشة الكمبيوتر الشخصي.
وهناك تغيرات وتحولات عظمى يشهدها عالم القرن الحادي والعشرين منها تشعب وانتشار هذه التحولات لتشمل كافة مجالات المعرفة الإنسانية، وكذلك المعدل المتسارع الذي تحدث به هذه التغيرات والتحولات بشكل غير مسبوق في تاريخ البشرية ، وتأتي في مقدمة هذه التحولات والتغيرات الاختراعات والابتكارات التي تأتي بها نظم التكنولوجيا الفائقة والعقول البشرية الذكية التي تتصدرها وتقودها في سباق مع الزمن، حيث أبدى بعض العلماء الاجتماعيين تخوفهم من أنه ربما يأتي اليوم الذي تتكاثر وتتسارع فيه معدلات التغير والتجديد في أساليب التكنولوجيا المختلفة بحيث يصبح من الصعب إن لم يكن من غير الممكن على هذه الحكومات والمؤسسات والشركات، كما نعرفها اليوم، التواؤم معها بالسرعة اللازمة، الأمر الذي يحمل معه دلالات خطيرة على القدرات والإمكانيات البشرية الذهنية والجسمانية والنفسية التي تتطلبها إدارة المنظمات بكافة أنواعها، بل وعلى شكل وتكوين نماذج هذه الحكومات والمؤسسات والشركات كما عرفها عالم القرن العشرين. هذا في الواقع أحد التحديات العظيمة التي تواجهه إدارة حكومات ومؤسسات وشركات القرن الجديد.

* أين نحن من كل هذه التحولات والتحديات العظمى؟ ولأي مدى يمكن للإدارة العربية أن تعد نفسها وتطور من إمكانياتها لكي تواكب متطلبات العصر بشكل يساعد على تحقيق أهداف التنمية في المنطقة العربية؟
- الادارة تستطيع تحقيق كل هذا واكثر ايضا فأساس نجاح إدارة الحكومات والمؤسسات والشركات يتحول من الميزة النسبية إلى الميزة التنافسية والتي تعتمد بالدرجة الأولى على القدرة على الابتكار والإبداع والتجديد، والتي تعتمد بدورها على وجود العقول البشرية الذكية حيث تطور الفكر الإداري العالمي من النظر إلى العنصر البشري باعتباره مجرد أيدي عاملة في بداية القرن العشرين، إلى الاهتمام بالعقول البشرية باعتبارها مصدر المعرفة التي أصبحت محور ارتكاز العمل الإداري في بداية القرن الحادي والعشرين (فيمـا يعـرف الآن بإدارة المعرفة Knowledge-based management). وليس من المستبعد أن تتحول إدارة الموارد البشرية التي جرى تشكيلها ووضع الإطار العام لها في الربع الأخير من القرن العشرين لتصبح إدارة العقول البشرية في العقود الأولى المتتالية من القرن الحادي والعشرين.
من هذا المنطلق كان لزامًا على المنظمة العربية للتنمية الإدارية أن تتعامل مع كل هذه التحولات الرئيسية والتحديات الكبيرة وتقدم عنها تصورًا فكريًا مدعومًا بإجراءات عملية واستراتيجيات سهلة التطبيق تتناغم مع البيئة العربية وتستهدف بناء وتنمية القدرات المعرفية والمهارات عن طريق الإعداد المتميز للعقول البشرية لتفعيل طاقات رأس المال البشري.

* خمس سنوات او ما يزيد قليلاً هي عمر الدكتور محمد التويجري في منصب مدير عام المنظمة العربية للتنمية الادارية.. فماذا قدمت فيها؟
- خمس سنوات استطعت خلالها ارساء علم الادارة الحديثة في الوطن العربي من خلال المؤتمرات وورش العمل التي تعقدها المنظمة في مصر وباقي الدول العربية ويتم فيها تويجه الدعوة لاكبر عدد ممكن من الخبراء العرب فحاولت تطوير الادارة العربية بما ينعكس على تطور العالم العربي وتركزت خدمات المنظمة خلال فترة رئاستي لها في عدة جوانب منها تقديم الخدمات التدريبية لمساعدة المنظمات والمؤسسات في تحديد الاحتياجات التدريبية الفعلية لتفعيل العملية التدريبية وتوجيه وترشيد الاستثمار لتحقيق اهداف المنظمات، تقديم الخدمات الاستشارية عن طريق اعداد خطط العمل الاستراتيجية واعداد الهياكل التنظيمية ووضع نظم تقييم الاداء وتطوير نظم الحوافز وتأهيل الشركات العربية للحصول على شهادات مطابقة للمواصفات العالمية سواء ايزو 9000 أو ايزو 14500، كما ان المحور الثالث لعمل المنظمة هو محور البحوث والدراسات حيث اعدت المنظمة 485 بحثاً ودراسة في قضايا التنمية الادارية في مصر وكافة الاقطار العربية و 77 عدداً من المجلة العربية للادارة تتيح للممارسين والباحثين التعرف على تطور التنمية الادارية و 142 نشرة دورية توزع داخل وخارج مصر.

* وهل استطاعت المنظمة رأب الفجوة الادارية الموجودة في الدول العربية؟
- مشكلتنا الاساسية اننا ندعي الخبرة ونحن عكس ذلك تماماً وهذا امر صعب في ادارة شيء والنجاح فيه فندوات المنظمة التي تعقدها دورياً تساعد على سد بعض الثغرات من خلال تركيزها في مناقشتها مع القيادات من خلال دراسة وسائل التطوير ورفع المستوى الاداري والتحول الى الرقمنة واستخدام التكنولوجيا حيث سيتم الاعلان بداية العام المقبل على تحول منظمتنا الى اول منظمة عربية رقمية تستخدم تكنولوجيا المعلومات وتستغني عن الورق لان المنظمة اصبحت متخصصة في برامج الاصلاح الاداري وبرامج لمديري معاهد الادارة العامة وبرامج لقيادات الصف الثاني.
كما أننا نحتاج إلى تطبيق المفهوم الحديث للإدارة بما يتماشا مع مجريات العصر والأحداث فليس غريبا ان يتحدث العالم من حولنا لغة مشتركة وهي لغة التقنية والانترنت ومازالت 90 % من مؤسساتنا العربية متخلفة تقنيا وتعتمد على الأوراق - ولا ادعي بطولة في كون منظمتنا الإدارية من المنظمات الرقمية ليس هذا فقط لكنها تضم أيضا مكتبة رقمية تساعد الباحث العربي في الوصول إلى كافة البيانات والمعلومات والدراسات التي يحتاجها وكل هذا يؤثر على سير العمل للأفضل.

* هل يدفعنا هذا الى سؤال ان المنظمة تعزف منفردة في هذا المجال؟ ام انها تتكامل مع الكيانات الموجودة؟
- يمكن ان نقول ذلك خاصة اذا علمنا ان شغلنا وطريقة عملنا وجودتها هو اسلوب العمل الاساسي خلال عام 2005 والاهم من ذلك هو اننا نحافظ على مصداقيتنا دائماً ويظهر ذلك من خلال زيادة عدد المشاركين في مؤتمراتنا، اما عن التكامل فنحن نتكامل بالفعل مع الكيانات الموجودة ولا نتنافس معها فنحاول التكامل مع المراكز التجارية وغير التجارية ايضاً حتى نستطيع تقديم الصورة الافضل فنحن نتعاون مع معاهد ومدارس التنمية الادارية ولدينا اجتماع سنوي معهم ونلتقي دائماً مع القيادات الادارية في مؤتمرات التدريب والاستشارات وهذا ما يميزنا عن الاخرين.

* ماذا عن الوضع العربي في مجال الادارة واين نحن من الدول المتقدمة؟
- لا اخفي عليك قولاً ان الدول العربية تأتي في ذيل القائمة ومازلنا في اخر الركب ونحن متخلفون في الادارة لعدة اسباب من بينها اننا بدأنا متأخرين فمنذ 30 عاماً فقط بد،ا نعي كلمة ادارة على العكس من الدول الاخرى التي بدأتها منذ زمن بعيد بالاضافة لاختلاف الفكر بين النقل والتطبيق وعدم نجاحه فالادارة سلوك حينما ننقل السلوك الغربي للدول العربية لا يكتب لها النجاح ونحاول صياغة علاقة بين الفكر الاسلامي والادارة العربية من خلال الموسوعة العربية للادارة فالامة العربية تعيش حالة من الانفصام في الشخصية فهي لا تطبق مفاهيم الادارة الاسلامية في العمل او الادارة الغربية وفي العام المقبل نهدف الى ارساء التراث الاسلامي في علم الادارة.

* هناك عشر جمعيات إدارية تابعة لمنظمتكم - هل تعتقد ان هناك تعارض بينها وبين المنظمة في طريقة العمل - وهل وصلت إلى الحد المرضي من الأعضاء؟
- سؤال جيد....ودعني أؤكد عليك ان وجود هذه الجمعيات تأتي في دور المكمل لدور المنظمة ولا تنافسنا بأي حال من الأحوال نريد نشر تمهين الإدارة في اغلب الدول العربية لان المهنة أصبحت الآن في مهب الريح ، أما بالنسبة لموضوع الأعضاء فهو غير مرضي واقل من الأرقام الطموحة التي وضعناها في البداية حيث كنا نستهدف 500 عضوا في كل جمعية إلا أن العدد الموجود حاليا يصل إلى مائة عضو فقط وهناك آليات لزيادة الأعداد خلال الفترة المقبلة وستسمع عتها في القريب.

* إدارة الأزمات باتت قطاع مهم فكيف ترى سبل التعامل معها وهل تستطيع الإدارة حل هذه المشاكل؟
- نعم قادرة حينما تذهب للغرب خاصة إلى أميركا تسمع مفهوم الإدارة الأميركية وليس الحكومة الأميركية في الدول العربية العكس ليس هناك إدارة ولكن هناك حكومة وهذا يدعني أن اؤؤكد أن هناك أزمة حقيقية تعيشها الإدارة في اغلب البلدان العربية فالنظرة للإدارة ما زالت قاصرة ولا احد ينظر الى المدى البعيد خاصة في ظل الخلط الموجود بين مفهوم القائد والمدير وكان العمل الادارى بات مهنة خالية لمن لا مهنة له.

* وكيف ترى سمات المدير العربي؟
- حقيقة لا يوجد مدير عربي يسير على المواصفات العالمية وكلها اجتهادات شخصية فهناك جامعات وكليات عالمية متخصصة فقط في علوم الإدارة - فعلم الإدارة مثلة مثل باقي العلوم الأخرى كالطب والهندسة وغيرها ولن يستطيع احد من خارج المهنة ممارستها مثل الأطباء هل يعقل ان يمارس مهنة الطب خريج كلية أخرى هذا مستحيل وهذا مرجعه إلى بيئة العمل الموجودة حيث يحاول المدير العربي من التغيير من نفسه الا أن بيئة العمل المحيطة ترفض هذا التغيير ويبقى الوضع كما هو عليه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف